وعد المشنوق لا يزال دَيْناً عليه!

فدى دبوس

أمام حضرة الموت لا يسعنا سوى ان نقف صامتين عاجزين عن الإتيان بأيّ فعل، فكيف نتصرّف والموت هو سيّد المواقف؟!

اليوم وبعد مرور سنة على استشهاد البطلين لا تزال الحرقة على شبّان وطننا ذاتها، ولا يزال الألم على خسارة شابّين بعمر الربيع نفسه وربّما أكثر بكثير. في مثل هذا اليوم امتلأت صفحات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعيّ بصور الشابّين الشهيدين عادل سعادة ومحمد المولى. وضجّت المواقع الإلكترونية بخبر استشهادهما أو بالأحرى قتلهما بسبب الإهمال والتقصير.

في ذلك الوقت، توعّد الجميع بالأخذ بالثأر، وتوعّدوا أيضاً بأن ينال المسؤولون عن هذه الجريمة عقابهم، ولكن كعادته الشعب اللبناني يثور عند حصول الكارثة وينطفئ بعدها. ويا ليت يثور يوماً قبل وقوع الكارثة، لكنّا تفادينا العديد من الويلات التي تعصر الفؤاد .

اليوم كُرِّم الشهيدان تكريما شعبيّا ورسميّا، وأطلق اسماهما على ثُكنة الباشورة، وباتت مكللة بالورود وصور الشهيدين، وما عادت ثُكنة الباشورة باسمها المعتاد، فقد أمست اليوم ثكنة الشهيدين عادل سعادة ومحمد المولى. جميل هذا التكريم ولربما أطفأ النيران التي لا تزال في أوجها عند ذوي الشهيدين، لكن هل يكفي مثل هذا التكريم؟ هل بهذه الطريقة يكون الجناة قد نالوا عقابهم؟

منذ عام تقريباً توعّد وزير الداخلية والبلديات بأن ينال المسؤولون عن هذا التقصير عقابهم، والعقاب كان بإقالة المسؤولين من مناصبهم فقط، لكن هل يعادل الموت الإقالة في أيامنا هذه؟

المضحك المبكي أنه وبعد مرور عام كامل على استشهاد البطلين اللذين افتديا بروحيهما أرواح زملائهما، وظلّا أبطالاً حتى اللحظة الأخيرة، لم يذكرهما أحد ممن توعّد بالأخذ بثأرهما يوماً ما. المضحك المبكي أن العديد من الناشطين لم يتذكروا حتى أن اليوم كان يوماً أسود في تاريخ الدفاع المدني، يوماً فقد فيه فوج الإطفاء شابّين من خيرة شبابه.

لكن ربّما لم نعد نستغرب إذ لم تعد مواقع التواصل اليوم كما كانت منذ عام تقريبا. ومن الملاحظ أن الناشطين ما عادوا يهتمّون لمثل هذه الأحداث وما عادوا يتذكّرون شيئاً، وباتت اهتماماتهم مختلفة عمّا سبق.

لكن لا يلام هؤلاء الناشطون ولا سواهم من عامّة الشعب، خاصّة أن المسؤولين عن هذه الجريمة يقبعون في منازلهم ولا يتأثّرون. كيف نلوم شعباً يعاني يومياً من الأزمات في دولة لا تحافظ على أبسط حقوق مواطنيها؟ كيف نلوم الناشطين على نكثهم بالوعد ووعد المشنوق لا يزال ديناً عليه؟ ولربما سيبقى ديناً خاصة في دولة اعتادت على الاستدانة؟

كيف وكيف وكيف؟ وفي النهاية، لا نجد أيّ إجابة، ولا يسعنا سوى الشكر على الكرم المبالغ من المسؤولين بإطلاق اسمَيْ الشهيدين على الثكنة. ولا يسعنا سوى طلب الرحمة للشهداء، وليس للشهيدين عادل سعادة ومحمد المولى فحسب، بل لشهداء لبنان جميعاً، الذين استشهدوا دفاعاً عن أرض الوطن والذين يستشهدون يومياً دفاعاً عن لقمة العيش…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى