صغيرتك!

أكتب الآن، لكنّني لا أعلم إن كانت كلماتي ستُلامسك كالسابق. بيد أني متأكدة من تأثير عبق المشاعر الذي لا يزال يجتاح كيانك عندما نلتقي.

في الحقيقة، لم تكن أنا من جمّعت هذه الأحرف النارية وكتبت، بل «صغيرتك» هي من صفّت هذه الكلمات بحبّ وعناية. فالذنب ذنبك إذ أجلستها على عرش مشاعرك في مملكة أحلامك وأفكارك.

لقد تبدّل حال «صغيرتك» الشقية. لقد كبرت. فأيقنت أنه من واجبها أن ترمي دميتها المفضّلة بيدها. رمتها… والدمع في مقلتيها يروي حنيناً كبيراً. فاسترجعت «الفصل الأول… الفصل الأجمل من الحكاية».

والدمع ليس دمع حزنٍ…لا! إنه تكرار لذكرى طيّبة صفّيت من الشوائب.

من المرجّح أن تكون «صغيرتك» مريضة بداء الحنين، محوّلةً بذلك الحاضر إلى ماضٍ. هي يتيمة من دونك. اعتادت أن يحملها أحد بحبّ وحنان ليضعها في مهدها، أن تُروى بقبلات دافئة ونظرات ملؤها الشغف والفرح. ففي كلّ لحظة من حياتها، أنت موجود في نبضها ورعشاتها وفكرها. أين؟ وكيف؟ الجواب سهل جدّاً! عندما ترى عصفورين معاً، عندما تخاطب الأفق الوردي، عندما تمرّ إلى جانب الياسمين، عندما ترى رجلاً ملتحياً، عندما تحتضن طفلاً بريئاً، عندما تقف أمام قمة جبل وتتأمل الثلج البرّاق، عندما تسمع أغنية، عندما تصغي إلى لحنٍ موسيقيٍّ أيّاً كان، عندما تضع عطرها، عندما تستحمّ، عندما تعمل، عندما تنظر إلى نفسها في المرآة… فهي، صدقاً، لم تعد جميلة كالسابق واختفت لمعة عينيها. إنها تموت اشتياقاً لدرجة أنها قد ترزح أمام عرشك لتحظى بالسحر والعطف والجمال، ولتسرق قضمة من حلوى الخدّين السكّريين ولترتشف من زَبدِ الشفتين.

باختصار… أنت المركب الذي يشقّ عباب البحار، وأنا فتاة «صغيرة» واقفة على الرمل الحارق، أهرع من دون تفكير نحو المركب، وأوشك أن أغرق.

منى يمّين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى