مئة يوم على إعدام آل سعود الشيخ النمر

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

مئة يوم مرّت على إعدام الشيخ المجاهد نمر باقر النمر. الإعدام الذي يكشف السياسة البوليسية للنظام السعودي والترهيب الذي يمارسه ضدّ المواطنين، مانعاً إياهم من المطالبة بأيّ تغيير أو إصلاح أو نقد الأوضاع الداخلية، ولو كانت جزئية وبسيطة.

الشيخ النمر ظلّ مواظباً على رفع الصوت ضدّ الفاسدين والمحتكرين ولصوص السياسة والأمن، ولم يَخَفْ يوماً من أن يُعتَقل أو يُقتَل، بل كان موطّناً على لقاء الله نفسَه، عالماً أنّ أفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر، ولذلك كان لا يتعب من الدعوة إلى إحقاق الحق وإصلاح الفساد وصولاً إلى دولة تحكمها قواعد العدل والمنطق والقانون. وقامت كلّ مقارباته السياسية وخطبه العامة التي كان يلقيها في المساجد على قضية العدل والمساواة والحرية والإنصاف في إطار الحق الكفول لأيّ إنسان. ولم يكن يتكلّم من منطلق فئوي بل من حق طبيعي لتستقيم الحياة حول رؤى سياسية وطنية توحيدية، وليصبح المشهد العام مشهد تعاون وقانون وقيم تتجاوز الكثير من العقد التاريخية والفقهية.

لكن الإحساس بالغبن والحرمان والظلم سيدفع أيّ إنسان إلى التحرك والجَهر بالحق وإن عَزّ. والإحساس بأنّ السلطة لا تستجيب لنداء العقل ولحوار سيعزز من منطق المواجهة السياسية إلى أبعد حدّ. والواضح أنّ النظام السعودي لم يكترث للمطالب الإنسانية التي رفعها الشيخ النمر، ولا اهتمّ لأيّ تحرّك يسعى لإخراج الناس المضطهَدين من موقع العزلة والتهميش، فزجَّ بالمئات من المتظاهرين في السجون لئلا يُخدش شعور مَلِك أو أمير يستقي نفوذه من القمع وبحور من الدماء، وهكذا أُخذ الشيخ النمر إلى المعتقل عنوة في هبوط مروّع للحياة السياسية ولقيمة الإنسان في وطنه، قبل أن يصدر قرار قتله في تحدّ صارخ لكلّ المناشدات التي طالبت تطبيق حكم الإسلام العادل. لكن ما أُريد تطبيقه هو حكم الطغاة الذين لا يحتملون سماع كلمة نقد ولا يقبلون بنصيحة والشيخ النمر الذي دأب على المطالبة بالإصلاح حتى النفس الأخير من حياته لم يكن دافعه الطمع في نصيب من مكاسب صغيرة أو كبيرة، بل كان همّه متصلاً بكلّ ما فيه من سلام وخير للناس جميعاً. لكن النظام السعودي أراد تسجيل كلّ ما يصدر عن الشيخ النمر على أساس بعده المذهبي أو صلته بإيران. فما علاقة المذهب بتحسين أوضاع المعيشة والحق بالتوظيف والعمل في مؤسسات الدولة وتنمية المناطق المحرومة. أليس هذا حق لكلّ مواطن في وطنه؟ ثم ما علاقة إيران حين يطالب الشيخ النمر بالمساواة وحين يدعو إلى أن ينظر المسؤولون بعين الإنصاف إلى حالة الحرمان والفقر التي تطال شرائح واسعة من أبناء منطقته؟

الأكيد أنّ السلطات السعودية المأزومة لا تحتمل رأياً آخر، ولا تريد إنساناً يتكلّم عن الفساد والعيوب التي نخرت عظام ملك لا ريب أنّه زائل كما كلّ الأشياء التي لها أمد معين وأجل محدّد. الآية القرآنية تقول: كلّ مَن عليها فان ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام . فهل مِنْ مُتَّعِظ!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى