لحود: اغتيال بدر الدين يُثبت تحالف التكفيريين و«إسرائيل»… والمحكمة الدولية أداة فتنة

حاورته روزانا رمّال – تحرير محمد حمية

أكد الرئيس العماد إميل لحود «أنّ إسرائيل اغتالت الشهيد مصطفى بدر الدين لأنه يحارب كلّ أشكال الحركات التكفيرية في سورية وهذا يؤكد ما كنا نقوله في السابق بأنّ إسرائيل والتكفيريين حلفاء وأنهما يعملان للهدف نفسه»، مبدياً أسفه لأنّ «المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري حاولت حرف الحقيقة واتهام سورية، ولاحقاً حزب الله، واستُعملت أداة للفتنة». ولفت إلى «أنّ إسرائيل تحاول استدراج حزب الله وسورية إلى الحرب لعرقلة كلّ الحلول السياسية في سورية».

وأشار الرئيس لحود إلى أنّ «الرئيس الأميركي الحالي يفكر اليوم بالإرث قبل نهاية ولايته ومنها الاتفاق النووي مع إيران والتوصل إلى سلام في الشرق الأوسط، لكنّ ذلك أدى إلى امتعاض إسرائيل والسعودية وتركيا الذين يحاولون خلط الأوراق وإسقاط التفاهمات والحؤول دون أي سلام في سورية وبقاء النظام المقاوم فيها».

وجزم الرئيس لحود بأنّ «خط المقاومة سينتصر في النهاية بسبب التضحيات الكبيرة التي يقدمها حزب الله وكلّ الأحزاب المقاومة الأخرى، ومنها الحزب السوري القومي الاجتماعي، ووجود جيش عقائدي وقائد مقاوم قوي كالرئيس بشار الأسد في سورية ووجود كلّ دول العالم التي تخاف أن يصل إليها الإرهاب وعلى رأسهم روسيا».

وشدّد لحود على أننا «لن نستطيع الخروج من الأزمة في لبنان إلا بقانون انتخاب عادل على، أساس النسبية ولبنان دائرة واحدة والصوت التفضيلي، لأنه يأتي بمجلس نوابه وطنيون ويشكلون ضمانة لوحدة لبنان وسلمه الأهلي»، منبهاً إلى «أنّ إسرائيل لن تسكت عن هزيمتها في سورية وسترتدّ إلى لبنان الذي أصبح أرضاً خصبة للفتنة بوجود الأصوليين».

وتطرق لحود إلى الشأن السوري، محذراً من فدرلة سورية. وقال: «كان المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا معاوناً لناظر القرار 1559 تيري رود لارسن والأمم المتحدة تأتمر بأوامر أميركا والآن يريدون هدنة في حلب لتحييدها وإبقاء الرقة خارج سيطرة الدولة وهذا نوع من الفيدرالية التي لن يقبلها الشعب السوري ولا الرئيس الأسد ولا إيران».

وأوضح أنّ «التدخل الروسي في سورية أعطى دفعاً لكلّ القوى التي تحارب الإرهاب»، جازماً بأنّ «أميركا لا تريد القضاء على داعش، بل تعمل لإبقاء هذا التنظيم موجوداً، كفزاعة للعالم ولدول المنطقة لصالح إسرائيل لاستعماله لتحقيق مصالحها».

وأعرب لحود عن اعتقاده بأنّ «سورية تسير على الطريق الصحيح، لكنه رجّح أن تمتد الحرب لسنتين «لأنّ الوقت يضيق على الإدارة الأميركية الحالية بإنهاء الحرب في سورية، بسبب الانتخابات وعطلة الصيف، فضلاً عن ضغوط تركيا والسعودية وقطر وإسرائيل على الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يريد أن يضيف على سجله إحلال السلام في الشرق الأوسط، لكنّ هذه الضغوط دفعته نحو مزيد من الدعم لداعش والنصرة من خلال تزويدهما بمضادات للطائرات».

وختم الرئيس لحود بطمأنة الشعبين اللبناني والسوري بأننا «كما انتصرنا على إسرائيل في التحرير عام 2000 وفي حرب تموز عام 2006، سننتصر وسنهزم التكفيريين وإسرائيل في سورية وستسقط المؤامرة عليها لأنها صاحبة الحقّ وستُكمل مع المقاومة المسيرة وسنأخذ حقوقنا بقوتنا».

وفي ما يلي نص الحوار كاملاً

كيف تقرأ اغتيال المسؤول في حزب الله الشهيد القائد مصطفى بدر الدين؟

لا أستغرب أن تقوم «إسرائيل» باغتيال الشهيد مصطفى بدر الدين لأنها أساس كلّ المصائب في لبنان والمنطقة، وللأسف فإنّ اللبنانيين لا يحسبون لها حساباً. «إسرائيل» اغتالت بدر الدين لأنه يحارب كلّ أشكال الحركات التكفيرية في سورية، وهذا يؤكد أنّ «إسرائيل» هي حليفة التكفيريين وما كنا نقوله في السابق بأنّها والتكفيريين حلفاء ثبتت صحته اليوم من خلال، فهما يعملان للهدف نفسه. وللأسف، حاولت المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري حرف الحقيقة واتّهام حزب الله، لكنّ من يجابه التكفيري لا يقتل الحريري ولا غيره غدراً، وكلّ ما كنا نقوله في السابق بأنّ «اسرائيل» وراء كلّ مشاكل لبنان ثبتت صحته.

عندما اغتيل الرئيس الحريري سُئلت من إحدى وسائل الإعلام حول اتهامي والرئيس السوري بشار الأسد باغتياله، فأجبت بأنّ من قتله هو المستفيد أي أعداء لبنان وعنيتُ «إسرائيل» والتكفيريين لأنّ ما تريده «إسرائيل» في الشرق الأوسط تمليه على الولايات المتحدة التي تُملي، بدورها، على بعض الغرب وللأسف على بعض الدول العربية التي تدفع الأموال للتكفيريين لتنفيذ عملياتهم الإرهابية.

اغتيال الشهيد بدر الدين سيُظهر للعالم، وللمحكمة الدولية، أنّ كلّ ما قالوه في السابق كان كذباً وأداة للفتنة. القضية هي حرب كونية على المقاومة، ولأنّ بعض العرب، خصوصاً لبنان وسورية، وقفوا في وجه «إسرائيل» وألحقوا بها الهزائم، كان المخطط بضرب قوة لبنان المتمثلة بجيشه وشعبة ومقاومته، واغتيال بدر الدين يأتي في هذا السياق.

هل يمكن ربط هذا الاغتيال الذي يحمل بصمات «إسرائيلية» لجهة التوقيت بمفاوضات جنيف السورية لاستدراج المقاومة إلى الحرب العسكرية؟

بالتأكيد، «إسرائيل» تحاول استدراج حزب الله وسورية إلى الحرب لعرقلة كلّ الحلول السياسية في سورية، لأنّ «إسرائيل» تتلقى منذ تأسيس دولتها المزعومة الدعم الأميركي لكنّ مصيبتها اليوم أنّ الرئيس الأميركي الحالي يفكر بالإرث وبما سيسجّله التاريخ عنه قبل نهاية ولايته ومنها الاتفاق النووي مع إيران والتوصل إلى سلام في الشرق الأوسط، لكنّ ذلك أدى إلى امتعاض «إسرائيل» والسعودية وتركيا. «إسرائيل» هي رأس الحربة في خلط الأوراق وإسقاط التفاهمات والحؤول دون أي سلام في سورية وبقاء النظام المقاوم فيها، وبدأت الحرب تُشنّ باسم «الديمقراطية» في الشرق الأوسط المُخطط لها منذ 2003 والآن تحصل تحت شعار «الربيع العربي» لضرب المقاومة لكنها باقية ولن تنجح «إسرائيل» في ذلك، رغم كلّ ما تقوم به، وخط المقاومة سينتصر في النهاية بسبب التضحيات الكبيرة التي يقدمها حزب الله وكلّ الأحزاب المقاومة الأخرى، ومنها الحزب السوري القومي الاجتماعي، من جهة، ووجود جيش عقائدي وقائد مقاوم قوي كالرئيس الأسد في سورية ووجود كلّ دول العالم التي تخاف أن يصل إليها الإرهاب من «البريكس» وروسيا، من جهة ثانية. كلّ هذه العوامل ستُسقط أهداف «إسرائيل» وكلّ الاحتلالات والاغتيالات والفساد الذي عمّموه في لبنان بطلب من «إسرائيل» إلى أميركا للسعودية لشراء ضمائر العرب، لكنّ الانتصار سيكون لصاحب الحقّ أي للمقاومة.

تصادف اليوم ذكرى تحرير الجزء الأكبر من الجنوب اللبناني من الاحتلال، وأنتم تمثلون العصر الذهبي للبنان ولمحور المقاومة. في رأيكم، هل سقطت متلازمة الانسجام السياسي والأمني منذ رحيلكم عن الرئاسة؟ وهل هو مخطط غربي؟

بالتأكيد، فكلّ ما يحدث في سورية وراءه «إسرائيل»، وكلّ الكلام عن ربيع عربي وديمقراطية في الشرق الأوسط وثورات ونشر الديمقراطية في سورية، هو خداع وكذب. ما يحصل في سورية حدث في لبنان على صعيد أصغر، آنذاك شُنّ الهجوم على لبنان، فقط لأنّ السياسة كانت منسجمة مع المقاومة. عندما كنت رئيساً للجمهورية قمت بواجبابي ووجدت رجالاً مستعدين للاستشهاد في سبيل تحرير أرضهم والدفاع عنها وعندما قرّر المواطنون العودة إلى قراهم، دعمتُهم كقائد للجيش. عندما تسلمت قيادة الجيش لم أكن أعرف مسؤولاً سورياً ولا إيرانياً وقمت بواجبي وعندما قررنا توحيد الجيش ووجهنا من قبل الطبقة السياسية، هناك من رفض لكننا، في النهاية، وحدنا الجيش بكلّ الأولوية، ومنذ وصلت إلى قيادة الجيش وبعدها إلى رئاسة الجمهورية كان الهدف رأس المقاومة وقد صدر القرار من الخارج عام 1993 بضربها، بموافقة من جميع السياسيين في لبنان، وعام 1996 عندما شعروا بأنّ المقاومة صمدت وقوية ذهبوا إلى الخارج لدعمها. خلال عهدي كان هناك انسجام كامل بين الدولة والمقاومة وحصل التحرير وبعده تعرضتُ لضغوط من الدول الغربية وسفرائها في لبنان لسحب سلاح المقاومة، طالما تمّ الانسحاب، وقد رفضتُ ذلك وقلت لهم إنّ الطائرات والبوارج «الإسرائيلية» تخرق السيادة اللبنانية بشكل يومي ولا تزال شبعا وكفرشوبا محتلتين والأهم هو حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين، بحسب القرار 194، ومنذ ذلك الوقت بدأوا يعدّون الأيام لكي أخرج من الرئاسة، وعملوا على تطبيق القرار 1559، وبعد التمديد لي وقبل اغتيال الحريري زارني ناظر القرار تيري رود لارسن وقال لي إنه طالما حصل التمديد فإنّ القرار 1559 أصبح وراءنا لكنني أطلب منك ويسأل الرئيس جاك شيراك إذا كان رفيق الحريري سيعود رئيساً للوزارة أم لا. فأجبت: إذا نال الأكثرية النيابية بالتأكيد سيعود وهذا ما يقوله الدستور. فطلب مني أن أُقنع الرئيس الأسد بذلك فقلت له: لا أتحدث معه في قضايا داخلية، التقي معه حول دعم المقاومة والمبادئ ولا أطلب أي شيء داخلي من السوريين. فذهب إلى الأسد وقال له الكلام نفسه بالنسبة إلى عودة الحريري، وبعد اغتياله سُئلت عن الجهة التي اغتالته فأجبت بأنها «إسرائيل» والتكفيريون، فلم يصدقوا والآن يظهر حجم العلاقة بين الطرفين وكيف يعالَج الجرحى من «النصرة» في الجولان.

بعد اجتياح عام 1982 عمّموا ثقافة الفساد في الحقائب ونشروا الطائفية والمذهبية وهنا مقتل لبنان. منذ الطائف دعمنا المقاومة وانتصرنا عام 2000 وعندما شعروا بأنّ المقاومة قوية، اخترعوا طريقة أخرى للقضاء عليه فكان اغتيال الحريري لإشعال الحرب الأهلية وبدأ إغراء المسؤولين بالأموال.

بالعودة إلى متلازمة الانسجام بين الجيش والمقاومة، وتحديداً تجربة الرئيس السابق ميشال سليمان التي لم تكن محببة لدى المقاومة وجمهورها، هل يمكن أن نقول اليوم إنّ هذا العصر الذي كنت فيه انتهى، أم أنّ بالإمكان المراهنة على تغيير في القوى الإقليمية، لا سيما صعود الحضور الإيراني؟ وهل يحتم الوضع وجود رئيس جمهورية قوي وتعود المتلازمة؟ وما هي هوية هذا الرئيس وسياسته؟

بعد اغتيال الحريري تغير كلّ شيء، معظم الأطراف السياسية والأمم المتحدة وحتى قائد الجيش حينها ميشال سليمان الذي كان ينادي بالثلاثية الذهبية، انتقل إلى ضفة أخرى وهذا سبب انتخابه رئيساً للجمهورية، وعندما وصل سار بالوعود التي قطعها، لا سيما الوقوف على الحياد في المواجهة مع «إسرائيل» وإنهاء التلازم بين السياسة والمقاومة، ولاحقاً بإعلان بعبدا والنأي بالنفس عن الأزمة السورية وعن مكافحة الإرهاب، وهذا الإعلان جلب الويلات على لبنان والدليل دخول مليون ونصف المليون نازح إلى لبنان، بهويات مختلفة وبحجة اللجوء، وهذا كان مؤامرة. عندما عجز «الإسرائيلي» عن القضاء على المقاومة بالقوة، ذهب إلى نشر الفساد في لبنان ودفع رواتب لمعظم المسؤولين، ولا يزال ذلك يحصل حتى الآن. حاربنا الفساد وعجزنا عن القضاء عليه والسبب هو قانون الانتخاب. الانتصار في سورية لا يعني وصول رئيس جمهورية وطني في اليوم التالي. لا نستطيع ردع «إسرائيل» إلا بإقرار قانون انتخاب وطني عادل وعندها لن ينادي المسؤول السياسي بالمذهبية للوصول إلى المجلس، لأنّ إقرار قانون كهذا والعدد نفسه والتوزيع نفسه على المذاهب يفرض انتخاب جميع النواب من كلّ اللبنانيين ووفقاً للنسبية التي تمثل كلّ شرائح الشعب وعلى أساس الصوت التفضيلي، حينها أي فتنة تحاول «إسرائيل» إشعالها يتهم النواب «إسرائيل» مباشرة، بدلاً من اتهام بعضهم البعض كما فعلوا عام 2005 باتهام حزب الله باغتيال الحريري لكنهم فشلوا بفضل وعي المقاومة والشعب، وبعدها يأتي انتخاب رئيس للجمهورية ونكون منتصرين في سورية. «إسرائيل» تريد إشعال الفتنة في لبنان والأصوليون من النازحين سيفتعلون حرباً أهلية، حينها سيكون هناك خوف على لبنان وحينها لن تستطيع المقاومة قتال «إسرائيل». لذلك أعتبر أنّ قانون الانتحاب هو أهم من انتخاب رئيس الجمهورية والمسؤولون يعرفون ذلك لكنّ أغلبهم لا يستطيعون بسبب الرواتب التي يتقاضونها. مفتاح الحلّ هو قانون الانتخاب والانسجام بين المقاومة والدولة وحينها تُحلّ كلّ القضايا والأزمات.

رفعتَ أهمية قانون الانتخاب إلى مصاف أعلى من الرئاسة، لكنّ هناك توجُّهاً في الانتخابات البلدية نحو تحالفات مُبطّنة بين بعض القوى ويبدو أنّ محور المقاومة لا يعمل بطريقة غالب ومغلوب. هل ترون أنّ هذه التحالفات ستنسحب على الانتخابات النيابية؟

ـ انتصرنا في حرب تموز على العدو «الإسرائيلي»، لكننا خسرنا لاحقاً في السياسة من خلال التحالف الرباعي الذي رفضته آنذاك. حتى لو جاء أقوى رئيس ومع قوة المقاومة والانتصار في سورية، لن نستطيع الخروج من الأزمة في لبنان إلا بقانون انتخاب، لأنّ المجلس الطائفي يقفُ في وجه الرئيس. بالتحالف الرباعي أخذوا الأكثرية النيابية تحت ضغط التهديد بالفتنة المذهبية، ثم وافق فريق المقاومة على رئيس الوزراء الذي كان يريد ترجمة القرار 1701 بسحب سلاح المقاومة ورفضت ذلك واختلفت معه، كذلك في سورية هناك رجال والرئيس الأسد تعلم من التجربة اللبنانية وكلّ الهجوم عليه سببه دعمه للمقاومة ولو كانت سياسته كما سياسة دول الخليج لوافقوا على بقائه في الحكم إلى أبد الآبدين والآن يريدون رأسه ويعلنون ويصرّون على رحيله لكنّه لن يرحل لأنّ رحيله يعني رحيل النظام العلماني في سورية وبالتالي سنرى الشيشانيين في قلب موسكو وقلنا ذلك منذ البداية. كما أنهم يريدون الآن هدنة في حلب لتحييدها وإبقاء الرقة خارج سيطرة الدولة وهذا نوع من الفيدرالية التي لن يقبلها الشعب السوري ولا الرئيس الأسد ولا إيران لأنّ ما يحصل اليوم حصل في لبنان، وسيحصل في لبنان كما يحصل في ليبيا اليوم ولن تسكت «إسرائيل» عن هزيمتها في سورية وسترتدّ إلى لبنان الذي أصبح أرضاً خصبة بوجود الأصوليين.

تحدثتَ عن دمج الألوية في الجيش، هل تخاف أن تسير موجة تفتيت الجيوش العربية والتي تقول التقارير إنها مخطط وتطال الجيش اللبناني، أم أنه كقيادة وعسكر متين وممانع إلى حدّ كبير بمعزل عن دعم المقاومة؟ هل تخشون ذلك في ظلّ محاولة التكفيريين اختراق الجيوش؟

طالما أنّ سورية صامدة لا خوف على الجيش، وقلت منذ خمس سنوات إنّ روسيا ستدخلُ على خط الأزمة السورية. سورية ستنتصر ولن تنجح الفيدرالية التي تقضي على لبنان. الضمانة في سورية وفي لبنان ليست انتخاب رئيس جمهورية وليست في وحدة الجيش فقط، بل بقانون انتخاب وإلا سينتهي لبنان وينتهي الجيش ويصبح مثل ليبيا. القانون العادل هو النسبي ولبنان دائرة واحدة والحديث عن قوانين انتخاب على أساس نصف أكثري ونصف نسبي أو 18 دائرة لا يفيد.

يقول المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي مستورا أنّ لا حلّ إلا الحلّ اللبناني الذي وصفه بالمُدهش. الى أي مدى سيتحقق ذلك في سورية؟

في عهدنا حصل الحلّ وكان مدهشاً وليس الآن. لقد تغلبنا على «إسرائيل» وكانت السياسة تواتكب المقاومة لكن لاحقاً جاءت سياسة الناي بالنفس. الخارج يريد حكماً في سورية يحارب المقاومة ويتكون من مذهبيات وطوائف وقوميات، كما في لبنان وإذا طُبّق ذلك في سورية تنتهي وتسقط بلا حرب. دي ميستورا معاون لتيري رود لارسن والأمم المتحدة تأتمر بأوامر أميركا. قانون الانتخاب على أساس محافظتين والنسبية موجود في الطائف الذي رفض الحريري تطبيقه والخطأ الذي حصل هو توسيع المحافظتين إلى أربع محافظات لتصبح بعدها أقضية. لقد ألغوا النسبية لمصلحة السياسيين، كما أنّ الطائفية تطبق فقط في مجسل الشيوخ ووظائف الفئة الأولى لا في كلّ شيء. دي ميستورا يقول شيئاً ويعني شيئاً آخر. يريدون من سورية مواجهة المقاومة في المنطقة.

يشهد لبنان اليوم مصالحة كبرى بين فريقين مسيحيين. هل يمكن لهذا التحالف أن يؤسّس لمستقبل جدي لمصلحة المسيحيين ويكون أحد أبرز مخارج الحلول، أم أنه فقط تحالف تكتيكي؟

التقارب حصل عند المسلمين أيضاً في التحالف الرباعي الذي كان خطأ، والآن هذا التحالف المسيحي مبني على المصالح ومرتبط بترشيح رئيس تيار المرده الوزير سليمان فرنجية للرئاسة، وإلا لماذا لم يفعل رئيس «القوات» سمير جعجع ذلك سابقاً؟ المصلحة تتجلى أيضاً في البلديات لذلك هذه المصالحة هي بعيدة عن المبادئ وليست لمصلحة لبنان، والحلّ بطاولة حوار تضمُّ جميع الأطراف وبإقرار قانون انتخاب يفرز نواباً على صعيد الوطن ينتخبون رئيساً للجمهورية، أو تعديل الدستور لانتخاب الرئيس من الشعب ويبقى مارونياً لكنّه يُنتخب من الشعب.

لأول مرة بعد التدخل الأميركي يحصل تدخل خارجي روسي لمكافحة الإرهاب. هل أسّس هذا التدخل لمرحلة جديدة في المنطقة؟

توقعت ذلك منذ خمس سنوات، التدخل كان لمصلحة روسيا بعد شعورها بأنّ الدعم الديبلوماسي غير كافٍ، وهذا التدخل الروسي يجب أن يُعطي دفعاً لكلّ القوى التي تحارب الإرهاب، فأميركا لا تريد القضاء على «داعش»، بل هي تعمل لإبقاء هذا التنظيم موجوداً كفزاعة للعالم ولدول المنطقة لصالح «إسرائيل»، لاستعماله لتحقيق مصالحها. وبالتالي علينا أن نقضي عليه بقوتنا ولا يمكن استرجاع الحقّ في ظلّ أشرس عدو وهو «إسرائيل» إلا بالقوة وهذا ما حصل في تحرير الجنوب، وهذا ما سيحصل في سورية، وليس بالمفاوضات والتسويات وإشراك «النصرة» و«داعش». سورية تسيرُ على الطريق الصحيح وكنا نأمل أن تنتهي الحرب عليها قبل هذا الصيف لكن يبدو أنّها ستُمدّد لسنتين وطالما لم يُحسم الأمر في سورية، سيبقى لبنان في دائرة الخطر والإنقاذ، كما أسلفت، بقانون انتخاب ولاحقاً بانتخاب رئيس.

إذاً تستبعد الحلّ في سورية، لا سيما في ظلّ وجود ثنائية الحلّ الوزيران كيري لافروف، وهل تغيّر الديبلوماسية الأميركية سيدخلنا في مأزق جديد في سورية والمنطقة؟

الوقت يضيق على الإدارة الأميركية الحالية بإنهاء الحرب في سورية بسبب الانتخابات الأميركية وعطلة الصيف وفي ضغوط من تركيا والسعودية وقطر الذين التقت مصالحهم ودخل «الإسرائيلي» على الخط على أوباما الذي يريد أن يضيف على سجله إحلال سلام في الشرق الأوسط، لكن في المقابل هناك دعم مطلق لـ«داعش» و«النصرة» من خلال تزويدهما بمضادات للطائرات بإذن «إسرائيلي» وأميركي.

تحدثتَ عن مخاوف من تدخل «إسرائيلي» في لبنان. هل هناك فرصة للاعتداء العسكري على لبنان وأن يكون ساحة لـ«إسرائيل» لدخول المفاوضات في المنطقة؟

لا أظنّ ذلك، لأنّ «إسرائيل» تتعلم من أخطائها فهي ليست كالعرب، ولن تدخل في حرب عسكرية مباشرة وقد تعلمت من هزيمة تموز، بل ستلجأ إلى إشعال حرب أهلية في لبنان وهي الآن تتفرج بفرح على ما يجري في سورية وكلّ العالم العربي حيث الحروب الأهلية، لن تنتصر «إسرائيل» في الحرب العسكرية بسبب وجود المقاومة التي تستطيع أن تدفعها ثمن أي حرب. «إسرائيل» تنتظر أن تربح في سورية وتراهن على الفيدرالية لكنّ النظام في سورية لن يوافق، وإيران أيضاً لكنّ الخوف من المصالح الدولية.

تعيش السعودية اليوم في ظلّ حكم جديد وتشهد خلافاً بين الأمراء، وهي تخوض حرباً في اليمن. كيف ترون السعودية بين الماضي والحاضر وما تأثير ذلك على الشرق الأوسط؟

هناك قضايا داخلية وخلافات في السعودية باتت معروفة وتترجم بالمزايدات بين الأمراء وحرب اليمن في هذا السياق، لكن لم تتغير السعودية عن السابق، منذ الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان تغيرت العقلية العربية بسبب الهيمنة والحروب التي شنتها «إسرائيل» وانتشر الخوف بين معظم الحكام العرب ورضخوا لـ«إسرائيل».

الضغط على حزب الله من السعودية وصل إلى حدود كبيرة في المحافل الدولية والعربية، لا سيما وضعه على لائحة الإرهاب، إلى أي مدى سيؤثر ذلك على الداخل اللبناني؟

ـ السعودية تريد رأس المقاومة منذ العام 1982 والدليل أنّ الطائف الذي رعته السعودية جاء بتركيبة طائفية والسوري كان الشرطي ولم يتغير الوضع حتى الآن.

غيّر توقيع إيران الاتفاق النووي مع الغرب مصير المنطقة وفتح أفقاً بين أميركا وإيران، إلى أي مدى يمكن أن تكون إيران لاعباً هاماً في الساحة اللبنانية؟ وإلى أي مدى ستعود الصيغة الإيرانية – السعودية في لبنان كما كانت الصيغة السورية – السعودية؟

إيران صمدت ولديها الحقّ انتصرت واضطرت أميركا للتفاهم معها ولكي تسجل في التاريح إنجازاً، لكنّ السعودية واللوبي الصهيوني يرفضان وسيحاولان الضغط على الرئيس الأميركي الجديد لنكث الاتفاق. القضية لم تنته والتقارب الإيراني – السعودي لن يحلّ القضايا والأزمات في المنطقة بل الصراع مستمر طالما «إسرائيل» موجودة على حدودنا. الصهيونية العالمية ترسم خارطة تعمل على تحقيقها ولن تريد السلام بل تحضر لحروب من خلال زرع الفتن كما حصل في سورية ومصر وما يسمّى الربيع العربي الذي تقف وراءه «إسرائيل». عام 2003 جاء وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى لبنان لفرض الشروط وزارني وطرح نزع سلاح المقاومة والتخلص منها وإخراج الجيش السوري من لبنان ووضع الجيش اللبناني على الحدود والسلام مع «إسرائيل» ونشر الديمقراطية في الشرق الأوسط والبداية من لبنان. فأجبته بأنّ المقاومة حرّرت الأرض وعندما يحلّ السلام الحقيقي نرسل الجيش إلى الحدود والجيش السوري تقلص وينتشر فقط في البقاع وسيخرج بالاتفاق بين لبنان وسورية ودخل بناء على طلب لبنان. أما في ما خصّ الديمقراطية فأول جامعة للحقوق في العالم كانت في بيروت. فأجابني: نقلتُ لك وجهة نظرة إدارتي.

هل تودّون توجيه رسالة ما إلى اللبنانيين والسوريين في هذه الذكرى؟

كما انتصرنا وأنجزنا التحرير عام 2000 وواجهنا عدوان تموز عام 2006، سورية اليوم ستنتصر على التكفيريين وعلى «إسرائيل» وستسقط المؤامرة عليها لأنها صاحبة الحقّ وستكمل المسيرة مع المقاومة وسنأخذ حقوقنا بقوتنا.

ينشر الحوار على البثّ المباشر لقناة توب نيوز – يوتيوب مباشر الساعة 8 مساء بتوقيت بيروت.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى