تفجير تركي سعودي في طرطوس وجبلة يستبق حرب حلب ويحصد العشرات الشمال يستعدّ لانتخاباته مفتقداً تيار المستقبل… ونصرالله لمعادلات ذكرى التحرير

كتب المحرّر السياسي

اهتزّ الساحل السوري بتفجيرات انتحارية عدّة استهدفت المدنيين بدم بارد، ترجمة لقرار حرب اتخذته أنقرة والرياض بدم بارد أيضاً، فيما واشنطن تراقب عن بُعد ما سيحصده حلفاؤها الذين قرّروا خوض حرب الاستنزاف التي فوّضتها إليهم وهي تختبر آخر منتجات مصانعها مع قدرة مَن شكلت منهم قوات سورية الديمقراطية ليكونوا نواة سورية الجديدة التي ترغب برؤيتها، وحشدت لهم ما يلزم ليظهروا قوتهم في مواجهة روّجت لها بينهم وبين «داعش» في الرقة، وهي تأمل أن ينجح الأتراك والسعوديون ومعهم كلّ جماعات تنظيم «القاعدة»، بمن فيهم «داعش» و»النصرة» و»جيش الإسلام» و»أحرار الشام» في تحويل المواجهة المرتقبة على جبهات الشمال السوري إلى حرب استنزاف لا منتصر فيها ولا مهزوم، لتتقدّم نحو موسكو مجدّداً لتعديل أحكام التفاهم الذي فرضته موازين قوى مغايرة.

مصادر متابعة لتفجيرات طرطوس وجبلة تؤكد أنها حاصل عمل استخباري جنّدت له مقدّرات وتسهيلات تتكامل فيها التنظيمات الإرهابية التي يتغيّر اسمها وعنوانها وفقاً لمقتضى العملية، بحيث تنفذ المجموعات نفسها عمليات لحساب غرفة عمليات واحدة في أضنة يشترك فيها ضباط سعوديون وأتراك، ويتغيّر البيان الذي يعلن المسؤولية وتنسب له العملية وفقاً لمقتضيات الحرب والسياسة.

المصادر قالت إنّ التفجيرات هي حرب استباقية لحرب حلب تستهدف رفع معنويات الجماعات المسلحة والنيل من معنويات الجيش السوري الذي تشكل المنطقة المستهدفة خزانه البشري، كما تستهدف العمليات توجيه رسائل سياسية داخل سورية وخارجها، عنوانها مقدرة هذه الجماعات على إلحاق المزيد من الأذى بمن يحتضن الحرب التي يخوضها الجيش السوري في الشمال بوجه المشروع التركي السعودي وأدواته التي تتخذ عناوين سورية، وروسيا ليست بعيدة عن الرسائل المستهدفة لاحتضان الساحل قواعدها الرئيسية.

المصادر توقعت أن تسرع هذه العمليات بإيقاع حرب حلب وأريافها وتجعل للحركة الروسية الداعمة للجيش السوري والمقرّرة بدءاً من الغد، بُعداً نوعياً يستعيد ما عُرف بعاصفة السوخوي قبل شهرين، بينما يستعدّ الجيش السوري وحلفاؤه لمواجهات حاسمة مع جبهة النصرة والجماعات الملتحقة بها ومن ورائهم جميعاً الدعم التركي السعودي، بعدما ضربت أنقرة والرياض ومن معهما عرض الحائط ببيان فيينا الذي تبنّى التفاهم الروسي الأميركي بالدعوة لكلّ الجماعات المنضوية في العملية السياسية بفكّ كلّ تشابك بينها وبين جبهة النصرة، ووقفت واشنطن تتفرّج وتتهرّب من واجبها بإعلان اعتبار مَن يتموضع مع النصرة شريكاً لها على لوائح الإرهاب.

المواجهة التي تحدّث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، واصفاً بحصيلتها ما هو متوقع بالصيف الحار والحار جداً، ستكون ومعها موازين ومعادلات التحرير والردع مواضيع خطابه في عيد التحرير والمقاومة غداً، بينما يتجه لبنان لقراءة متمعّنة بنتائج انتخابات البلديات في جنوب لبنان ويستعدّ لجولة الشمال نهاية الأسبوع، حيث يجمع المراقبون أنّ التوقعات ستكون الأصعب في الشمال قياساً بسائر المحافظات، حيث يفتقد الناخبون والمرشحون لقوة الدفع المحورية في هذه الانتخابات التي كان يشكلها تيار المستقبل بعدما تشظّت قيادته وتشتّتت قواه وضاعت مرجعيته حتى في التحالفات التي ينخرط فيها، فصار يتحدّث الحلفاء الذين كانوا يسعون لاعتراف المستقبل بهم كحلفاء مقبولين عن أنهم هذه المرة يحملون المستقبل على لوائحهم أكثر مما يحملهم.

نصرالله يُطلّ في عيد التحرير

ألقى المشهد الانتخابي في الجنوب والنبطية الأحد الماضي، بثقله على الساحة المحلية وبقيت النتائج ونسب التصويت موضع قراءة سياسية، أبرزها تجديد أهالي الجنوب تمسّكهم بخيار المقاومة تزامناً مع الذكرى السنوية السادسة عشرة لعيد المقاومة والتحرير، الذي سيشكّل مناسبة لإطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في المهرجان المركزي الذي يُقيمه حزب الله الأربعاء الخامسة والنصف عصراً، في النبي شيت.

وأعلن نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق نجاح جميع اللوائح الائتلافية بين حزب الله وحركة أمل في معظم المدن والقرى الجنوبية التي جرت فيها انتخابات بلدية واختيارية، مؤكدًا أن «مشاركة حزب الله في الدفاع عن لبنان والمقاومة في سورية لا تشغله إطلاقًا عن واجباته في تنمية القرى والبلدات». وخلال مؤتمر صحافي في النبطية، أشار إلى أن «التحالف بين حزب الله وحركة أمل هو الأكثر تعبيرًا عن إرادة أهلنا وقرانا ومدننا»، وأوضح الشيخ قاووق أن «التحالف والتفاهم مع حركة أمل في 158 بلدة وقرية فاز منها 43 بالتزكية».

رسالة بري إلى الجنوبيين…

وتقدّم رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى أهل الجنوب بالشكر «على غيرتهم وتأكيد انحيازهم ووفائهم لخط التنمية والمقاومة وتسجيلهم أعلى نسبة للانتخابات سيما في منطقة الزهراني، خصوصاً زهرتها مغدوشة المحروسة بسيدة المنطرة من عين الحاسدين والتي جسّدت الانتماء إلى محيطها وصلابتها وتمسكها بصيغة العيش المشترك».

وأضاف بري أن «الجنوب أثبت أنه وحدة بشرية جغرافية تنتمي إلى تاريخها وشهدائها وماضيها وحاضرها ومستقبلها بمواجهة محاولات جعلها كيانات خاصة، وهو الأمر الذي برز جلياً في الانتخابات البلدية والنيابية لجزين التي بدورها سجلت خرقاً رقمياً نيابياً يؤكد انتفاضتها، هذا بالإضافة للخرق البلدي الواعد للموعود».

أبو زيد نائباً في البرلمان

أما الانتخابات النيابية في جزين، فأوصلت المرشح أمل أبو زيد إلى الندوة البرلمانية، إذ نال بحسب أرقام وزارة الداخلية 14653 صوتاً مقابل 7759 لإبراهيم عازار و3162 صوتاً لصلاح جبران و399 صوتاً لباتريك رزق الله.

آل حلو أسقطوا حرفوش

وفي جزين أيضاً، أظهرت النتائج الأولية فوز خليل حرفوش برئاسة البلدية قبل أن تنقلب الموازين يوم أمس، بعد أن صدر عن هيئة لجنة الانتخابات في سراي جزين قرار بإلغاء 23 ورقة من الأصوات في عين مجدلين بناء للطعن الذي تقدم به إبراهيم سمير عازار حول النتائج البلدية في جزين. وأحيلت النتائج إلى وزارة الداخلية بعد الاعتراض على بعض اللوائح وباتت القضية في عهدة مجلس شورى الدولة.

وقالت مصادر في التيار الوطني الحر معنية بالملف الانتخابي في جزين لـ«البناء» إن «رئيس البلدية السابق خليل حرفوش تعرّض وثلاثة أعضاء من لائحته لحملة تشطيب واسعة من عائلة حلو إحدى أكبر عائلات جزين ما سبّب خسارتهم»، موضحة أن «هذه العائلة تنتمي إلى التيار الوطني الحر، لكن لحسابات عائلية تفردت بموقفها بعد اعتراضها على ترشيح حرفوش لولاية ثانية وطلبها ترشيح أحد من العائلة لرئاسة البلدية، إلا أن قيادة التيار رفضت ذلك بسبب كفاءة حرفوش وإنتاجيته العالية خلال السنوات الست الماضية وخبرته ونجاحه في تطوير المنطقة ونجاحه في اتحاد بلديات المنطقة، فضلاً عن فوزه بالمرتبة الأولى في استطلاعات الرأي التي أجراها التيار قبل الانتخابات».

وأشارت المصادر إلى أن «هذه العائلة عملت على تحشيد أبنائها وتحريضهم على حرفوش، وعملت على توزيع أوراق للائحة التيار الوطني الحر لا تتضمن حرفوش وثلاثة مرشحين معه وإضافة أربعة مرشحين من اللائحة المنافسة»، ولفتت إلى أنه «لو صبّت أصوات هذه العائلة لكل لائحة التيار لنجحت بكامل أعضائها».

عازار رفض التفاهم

وأوضحت المصادر إلى أن «سياسة التيار منذ كانون الثاني الماضي على الصعيد البلدي هي التفاهم مع حزب القوات ومحاولة للتفاهم مع كل الأحزاب المسيحية، حول مستقبل المسيحيين والمشاركة الفعلية، والسبب الذي دفعنا للتحالف مع القوات والأحزاب المسيحية في الانتخابات البلدية هو توحيد الصف المسيحي في كل الوطن، وليس في جزين فقط وهذا ما حصل في زحلة التي كانت شبيهة بمعركة جزين». وكشفت أن التيار حاول التفاهم مع عازار، لكن الأخير رفض ما عرض عليه».

وعن حصول المرشح النيابي إبراهيم عازار المنافس لأبو زيد على 7 آلاف صوت، قالت المصادر إنه «رغم حصول عازار على معظم أصواته من مدينة جزين، لكن الاقتراع له خارج المدينة كان ضعيفاً فضلاً عن شرائه أصواتاً قبل الانتخابات حيث شهدت جزين حركة مشبوهة قبل أسبوع لمناصري عازار».

.. وانقسام كتائبي

وعلمت «البناء» أن «حزب الكتائب انقسم في انتخابات جزين فالمسؤول الإقليمي في الكتائب شارك في احتفال إعلان لائحة التيار، لكن في الانتخابات صوّت الكتائبيون للائحة المنافسة»، ونفت المصادر تدخل حركة أمل أو رئيس المجلس النيابي نبيه بري رسمياً في دعم إحدى اللوائح».

قزي لـ «البناء»: مناخ التوطين موجود لدى الغرب

على صعيد آخر، لا يزال ملف توطين النازحين السوريين يأخذ الحيّز الأهم داخلياً بعد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وحضر هذا الملف في لقاء وزير العمل سجعان قزي والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ. وأشار قزي لـ «البناء» إلى أن «كاغ أبلغتنا أن بان كي مون سيؤكد مجدداً في أول مناسبة أن الأمم المتحدة لا تؤيد توطين السوريين في لبنان وستقوم بجهدٍ استثنائي لنقل عدد من النازحين السوريين في لبنان إلى دول أخرى لتؤمن لهم حياة لائقة». ولفت قزي إلى أن «تقرير كي مون هو تقرير إداري وللنقاش في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وعلى رغم أنه لا يزال تقريراً ولم يصبح قراراً، لكنه يعكس المناخ الموجود في أروقة الأمم المتحدة وتحديداً مناخ الدول الأساسية الفاعلة في لبنان وسورية والشرق الأوسط».

وأوضح قزي أن «التقرير لم يأت من العدم، فمناخ التوطين موجود عند البعثات العربية والغربية الممثلة في الأمم المتحدة»، مضيفاً أن «كاغ لا تعمل على توطين السوريين، فهي تقوم بأقصى جهود لمساعدة لبنان وتبعث بتقارير إلى الأمم المتحدة في نيويورك، مضمونها بأن لبنان غير قادر على تحمل العبء الهائل للنازحين السوريين على أراضيه».

سلام: لبنان ليس بلداً للتوطين

وجدّد رئيس الحكومة تمام سلام رفض لبنان توطين السوريين أو تجنيسهم. وفي كلمته في افتتاح أعمال «القمة العالمية الإنسانية» المنعقدة في اسطنبول، توجّه سلام إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قائلاً «نؤكد أن بلدنا كان وسيبقى مفتوح القلب والذراعين لاستضافة إخوانه السوريين في عثرتهم، رغم ضعف إمكاناته والمخاطر الكبيرة على موارده واستقراره وأمنه، لكننا مرة جديدة، نعلن تمسكنا بقاعدة ثابتة، مكرّسة في نص الدستور اللبناني وبحكم الإجماع الوطني اللبناني، ويجب أن يسمعها العالم أجمع، أن لبنان ليس بلداً لتوطين الآخرين على أرضه».

..وجلسة للجان المشتركة

على صعيد آخر، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري اللجان المشتركة أمس، إلى جلسة العاشرة والنصف من قبل ظهر الخميس المقبل، لدرس اقتراح القانون الرامي إلى تعديل قانون الانتخاب واعتماد صيغة النظام المختلط بين الأكثري والنسبي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى