الإرهاب… بين التحصيل السياسي والاستدراك العسكري

فاديا مطر

أكثر من 130 شهيداً وعشرات الجرحى بتفجيرات ضربت مدينتي طرطوس وجبلة في ريف اللاذقية، وقد جاء في بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، أول أمس الاثنين، أنّ الحكومة السورية تدين التفجيرات الإرهابية في مدن جبلة، وطرطوس، والقامشلي، والاعتداءات الإرهابية بقذائف صاروخية في بعض مناطق حلب، ونبل، والزهراء، ودرعا، والتي أدت إلى استشهاد وجرح العشرات، فالأعمال الإرهابية التي تنفذها المجموعات الإرهابية المسلحة المدعومة إقليمياً ودولياً لم تستهدف فقط المواقع والمنشآت الحيوية على الأرض السورية بل طالت حتى المناطق المدنية المأهولة والآمنة والتي لم تدخل حيّز الاشتباك حتى الآن في أحد فصول الحرب على سورية، وهي تهدف إلى زيادة الإرهاب والترهيب للمناطق الآمنة بُغية إحداث تخلخل أمني فيها لكسب بعض أوراق الضغط الشعبي لتحصيل مزايا تساعد تلك المجموعات ومشغليها على تحسين الوضع التفاوضي في دوائر طاولات الحوار السياسي الدولي.

فالأوراق التفاوضية يحسمها الميدان وقدرة التأثير في الاستراتيجية الطبوغرافية والديمغرافية التي لعبت دوراً في هذا الاستهداف الإرهابي الذي طال مدناً ساحلية آمنة وعكّر صفو صيفها الآمن، لكن ما تزال بعض الاستفهامات والتساؤلات تفرض نفسها بقوة لجهة الزمان والمكان، فلا بد من التوقف عند التزامن في الانفجارات السبعة التي ضربت المدينتين وهو ما يؤكد التنسيق الكبير في تنفيذ الأعمال الإرهابية التي تأتي استجابة للدعوات التي أطلقها الإرهابي عبد الله المحيسني بضرب المناطق الآمنة في سورية وبالتالي قوة التفجيرات تأتي من الإشارات الثلاث التي تطلقها التفجيرات. الأولى مكان التنفيذ باستهداف مدينتين آمنتين بعيدتين عن الأعمال الإرهابية خلال السنوات الماضية. وثانية الاشارات انتقاء الأهداف بدقة لإيقاع أكبر حجم من الدمار العمراني والبشري بارتقاع أكبر عدد ممكن من الشهداء فاق الـ 75 شهيد وثالثة الاشارات البعد الزماني الذي يتمثل بالتزامن مع إطلاق واشنطن بالتعاون مع القوى الكردية ما أسمته معركة الرقة واستعداد موسكو لبدء عملياتها ضد جبهة النصرة وبالتالي تأتي التفجيرات لدفع موسكو ودمشق لإعادة حساباتها في مقبلات الأيام، فربما هي بدائل الخطة ب التي أعلنت بعض الجهات الغربية الالتزام الضمني لواشنطن فيها لتعزيز وضع حلفاء واشنطن الإقليميين وقدرتهم على المتابعة والسير رغم الانكسارات الكبيرة التي كبدها إياهم الجيش العربي السوري على الأرض السورية، والخسارات الاستراتيجية على المدى القريب والمتوسط في ميادين القتال حامية تنتشر في رقع رفضت سياسة الدول الغرب ـ رجعية والتي يضطلع فيها الكيان الصهيوني ببصمات واضحة رفع آثارها الإعلان الروسي عن احتمال استمرار الضربات الجوية الروسية وما فرضه سيد المقاومة في ذكرى تأبين الشهيد القائد ذو الفقار في رسالته المتلفزة في 21 أيار الحالي والتي أشار فيها إلى عنوان خطوط المساس بالمجاهدين من حزب الله، وطريقة الرد التي وصفها سماحته بـ الفورية والقاسية والتي يمكن أن تكون خارج مزارع شبعا . فهي معادلة جديدة لفرض قدرة توازن استراتيجي جديد يحدد ملامح المرحلة المقبلة مع الكيان الصهيوني والمجموعات التكفيرية التي تتخذ منه رداء. فهل ظاهر ما ترسخه الهدنة في سورية يتناسب طرداً مع تزاحم التصعيد العسكري الميداني للأطراف كافة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى