ميقاتي حصان طرابلس الرابح… والأميركيون في بيروت للحرب المصرفية لارسن يَعِد مصرفياً كبيراً برئاسة حكومة سورية الجديدة مقابل قيادة العقوبات

كتب المحرر السياسي

انتقلت التناقضات في الحسابات بين أنقرة وواشنطن حول دور الأكراد، وخصوصاً المقربين من حزب العمال الكردستاني في سورية، وخصوصاً قرب الحدود التركية إلى العلن مع كلام تركي رسمي عن نفاق أميركي مرفوض، وتمسّك أميركي مقابل بالحرب على داعش بقيادة كردية ومشاركة أميركية علنية، بعدما يئست واشنطن من قبول تركيا والسعودية بالانخراط في مشروع تسلّم الجغرافيا السورية الخاضعة لسيطرة داعش، تحت عنوان الحرب على الإرهاب، بدلاً من العناد على دفع جماعاتهما للتموضع مع جبهة النصرة وحصر معاركهما بمقاتلة الجيش السوري، والسعي لإسقاط الرئيس بشار الأسد وهي أهداف لا يخفي الأميركيون يقينهم بأنها باتت مستحيلة التحقق، وأن وضعها كأولويات يضيع الفرص المتاحة ويهدر المقدّرات ويصبّ الماء في طاحونة استفراد سورية وروسيا وحلفائهما بعنوان الحرب على الإرهاب، بينما يمكن لمسابقتهما في هذه الحرب تحسين الوضع التفاوضي، ولاحقاً توسيع الحصة في تكوين الدولة السورية.

على خلفية هذا التلاسن التركي الأميركي تواصل واشنطن حرب الرقة التي تراوح مكانها دون تقدّم يذكر، بينما يحافظ الجيش السوري وحلفاؤه على وتيرة منتظمة للتقدم في جبهات أرياف حلب وغوطة دمشق، وتظهر أنقرة والرياض في خلفية مشهد الإرهاب الذي يستهدف سورية، خصوصاً مع التفجيرات الإرهابية التي طالت الساحل السوري بتخطيط من غرفة عمليات مشتركة في أضنة يتشارك فيها السعوديون والأتراك مع كل جماعات تنظيم القاعدة، فيما أعلن سفير سورية الدائم في الأمم المتحدة ورئيس وفدها المفاوض في جنيف الدكتور بشار الجعفري، أن البعثة السورية في نيويورك قد سلّمت لمعاون الأمين العام للأم المتحدة ما يكفي من معلومات ووقائع تكشف هوية منفذي التفجيرات.

في وجه آخر من وجوه التداخل بين الحرب في سورية والحرب على المقاومة، تحت مسمّى العقوبات المالية الأميركية على حزب الله، يزور المسؤولون الأميركيون بيروت لتفقد مسارات حربهم وإصدار تعليماتهم للمشاركين فيها، خصوصاً بعدما سبقت مصارف لبنانية حدود الطلبات الأميركية، فيما كشفت معلومات مصدرها نيويورك أن الناظر الأممي تيري رود لارسن للقرار 1559 الذي غادر هذا المنصب لحساب معاون الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان لمواصلة الحرب الدبلوماسية للقرار ضد المقاومة تحت عنوان حل الميليشيات، سيتفرغ لمهمة إعادة إعمار سورية بتكليف من معاون الأمين العام فيلتمان، والمهمة وفقاً للمعلومات تقوم على كيفية تفخيخ سورية اقتصادياً وسياسياً تحت عنوان التسوية وإعادة الإعمار، وأنه في هذا السياق بمعونة أصدقاء لبنانيين مشتركين قد التقى مراراً بمصرفي لبناني كبير، لا يزال يحمل الجنسية السورية، وتفاهما بمباركة فيلتمان على ترشيح هذا المصرفي السوري اللبناني لرئاسة حكومة إعمار سورية، مقابل توليه قيادة الحرب المالية على حزب الله والبيئة الحاضنة للمقاومة، وهذا ما به بدأت مصارف لبنانية، وفي طليعتها المجموعة المصرفية التي يقودها.

لبنانياً، تتجه الأنظار شمالاً لمتابعة آخر حلقات الانتخابات البلدية، وخصوصاً عاصمة الشمال طرابلس، حيث يبدو الرئيس نجيب ميقاتي حصان السباق الرئيسي وتبدو اللائحة الائتلافية التي طالما قادها تيار المستقبل تحت قيادته، بينما يخوض الوزير أشرف ريفي والنائب مصباح الأحدب معارك أرقام بوجه الرئيس سعد الحريري.

هل يكتفي غلايزر بالصيغة التطبيقية؟

واصل نائب وزير الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب دانيال غلايزر على المسؤولين لمتابعة موضوع قانون العقوبات الأميركية. واجتمع برئيس الحكومة تمام سلام يرافقه القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان السفير ريتشارد جونز، كما التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وعقد غلايزر اجتماعاً مع جمعية المصارف برئاسة جوزف طربيه ركز على التدابير التي اتخذها البنك المركزي في سياق الالتزام الصحيح والعادل بقانون العقوبات الأميركية. وشدد غلايزر في لقاءاته على ضرورة الالتزام بتطبيق القانون الصادر عن الكونغرس لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، ويشمل عقوبات على حزب الله ومَن يساهمون في تغذيته مالياً على حدّ قوله، كما لفت انتباه السلطات اللبنانية إلى ضرورة عدم التساهل مع أي إجراءات قد تساهم أيضاً في تمويل داعش.

وتأتي أهمية زيارة غلايزر إلى لبنان أنها أول زيارة لمسؤول بهذا المستوى معني مباشرة بالملف، بعد صدور المراسيم وبعد زيارات الوفود اللبنانية النيابية والوزارية إلى واشنطن، وبعد السجال الذي حصل بين حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف من جهة وحزب الله من جهة. ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنه على «ضوء لقاءاته يمكن رسم خريطة طريق لكل المشهد المرتبط بهذه العقوبات وتفاعلاتها الداخلية». ورجحت المصادر أن تسير الأمور بخطى هادئة وموزونة.

واشارت مصادر متابعة للقاءات التي عقدها أن «زيارة غلايزر هي للاستطلاع والرصد والتحقق كيف يطبق لبنان قانون العقوبات الأميركي. ولفتت المصادر إلى ان لبنان امام احتمالين الأول: أن يكتفي غلايزر بالصيغة التطبيقية التي اعتمدها لبنان والتي صدرت عن هيئة التحقيق الخاصة. والثاني: أن يرى في القرار ثغرات تتطلب أن ينقلها إلى الخزانة الأميركية لسدّها».

وأكدت مصدر مطلعة على لقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووفد حزب الله الوزير حسين الحاج حسن والنائب علي فياض والنائب السابق أمين شري أن التعميم الذي صدر يوم الخميس يعاني من مشكلتين: الأولى تتعلق بمهلة الثلاثين يوماً القصيرة، من منطلق أن مراجعات كثيرة قد تأتي وتغرق هيئة التحقيق الخاصة من دون أن تتمكّن الأخيرة من الإجابة على جميع الملاحظات والمراجعات، عندها يمكن للمصرف أن يتصرّف دون انتظار الجواب. المشكلة الثانية تتمثل في المفعول الرجعي الذي حدّده التعميم في الثالث من أيار في حين انه يجب أن يغطي كل الحالات السابقة لأن BLOM BANK أخذ إجراءاته قبل شهر أيار، عندما كان الكونغرس يناقش القانون.

وعلمت «البناء» أن «وعوداً تلقاها حزب الله من الحاكم المركزي بأن تعالج هذه النقاط، لكن التعميم صدر بهذه الطريقة»، مشيرة إلى أن ما صدر هو إبلاغ لأنه صادر عن هيئة التحقيق الخاصة وهو أقل قيمة من التعميم الذي يصدر عن المصرف المركزي.

بري لهوكوشتاين: لبنان لن يتنازل عن حقوقه

ولم يحجب العقوبات الأميركية على حزب الله الاهتمام عن زيارة منسق شؤون الطاقة الدولية آموس ولقائه المسؤولين السياسيين. وقالت مصادر مواكبة للملف لـ«البناء» إن «الوفد الأميركي برئاسة هوكوشتاين هو الوفد الأميركي الثالث الذي يزور لبنان جاء على غرار الوفود السابقة لطرح مبادرات تصبّ في مصلحة الكيان الصهيوني وإنهاء النزاع بين لبنان وإسرائيل على تحديد المنطقة الاقتصادية التي تبلغ مساحتها 850 كيلومتراً مربعاً لمصلحة إسرائيل»، موضحة «أن توقيت زيارة هوكوشتاين بمثابة إعلان نيات أميركية لخدمة المصالح الإسرائيلية في المنطقة».

وعلمت «البناء» «أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أكد أمام المسؤول الأميركي أن لبنان لن يتنازل عن حقوقه في المنطقة الاقتصادية وركز على وساطة الأمم المتحدة في هذا الملف».

واستبعدت المصادر أي تقدم في هذا الملف بل سيبقى في دائرة الجمود في ظل الوضع الملتهب في المنطقة الذي يمنع أي جهة داخلية أو خارجية أن تضع يدها على نفط حوض البحر الأبيض المتوسط لا سيما أن الولايات المتحدة تعتبره بمثابة آبار احتياطية لها واستثماره يجب أن يمر عبرها وبموافقة حليفتها إسرائيل».

ولفتت المصادر إلى «أن النفط في لبنان يكتسب راهناً أهمية جديدة ذات طابع دولي، لأن النفط البحري له امتداد بري إلى القاع وبعلبك مروراً بالآبار المكتشفة منذ أسابيع في القصير امتداداً إلى الشاطئ السوري – فدير الزور والقامشلي»، ولفتت إلى «أن أحد الأهداف الرئيسية للحرب السورية وضع الولايات المتحدة يدها على النفط في المنطقة إن كان بشركاتها مباشرة أو عبر شركات أوروبية تخضع لها».

معركة تحديد الأحجام في طرابلس

على صعيد الانتخابات البلدية في الشمال، قالت مصادر طرابلسية مطلعة لـ «البناء» «إن لائحة «لِطرابلس»، هي الأقوى حضوراً والوازنة سياسياً ومالياً وستحصد أغلبية المقاعد البلدية، أما لائحة قرار طرابلس المدعومة من الوزير أشرف ريفي فتتألف من مجتمع مدني ومن مقربين من ريفي».

وأشارت المصادر إلى أن الرئيس نجيب ميقاتي اعتمد طريقة الرئيس سعد الحريري التقليدية ذاتها، التي تجعله الأقوى انتخابياً باعتماد ماكينة من آلاف الشباب والشابات يكفي أن يصوتوا هم وعائلاتهم للائحة بمعدل عشرة أصوات لكل مندوب حتى يتحقق الفوز لأغلب أعضاء اللائحة.

وإذ أوضحت «أن الانتخابات في طرابلس تحولت إلى معركة تحديد أوزان وأحجام القوى السياسية ومن يمتلك قرار المدينة وليست معركة إنمائية». اعتبرت المصادر نفسها «أن ريفي لا يملك وزناً شعبياً وسياسياً كبيراً في طرابلس كما يصوّر، وهو يواجه وحيداً القوى الكبرى في المدينة، فلديه أزمة مع المستقبل ويخوض معركة مع الحريري».

إغراءات لـ«ـ2022»

وأضافت المصادر «أن اللائحة المدعومة من النائب السابق مصباح الأحدب ضعيفة ولا فرصة لديها للخرق بأحد المقاعد، لكنها اللائحة الوحيدة التي قدّمت برنامجاً إنمائياً للمدينة، أما لائحة «طرابلس 2022» تضم مجموعة من الشباب الجامعي المثقف والمتعلم ويحملون شهادات في جميع الاختصاصات ولديهم رؤية علمية وطموحة للنهوض بطرابلس وتعرّضوا لإغراءات من جميع القوى الطرابلسية لا سيما من ميقاتي والأحدب للانضواء في لائحتيهما، لكنهم رفضوا وقرروا الترشح بلائحة مستقلة».

المستقبل يستقوي بميقاتي

وأكدت المصادر تراجع شعبية تيار المستقبل في طرابلس والانتخابات البلدية ستثبت ذلك، وكما حصل في بيروت اضطر الحريري مكرهاً للتحالف مع القوى الأخرى لتجنب الهزيمة فعل الأمر نفسه في طرابلس، فخلافه مع ريفي دفعه للاستقواء بميقاتي والتظلل بمظلته الانتخابية، أما ريفي بحسب المصادر، فيدعم معن كرامي ضد الوزير فيصل كرامي المتحالف مع ميقاتي والمستقبل.

وأوضحت المصادر أن «الجماعات الإسلامية المتطرفة لا وجود لها في المدينة بل استخدمت في مراحل سابقة من قبل المستقبل، ولاحقاً من ريفي، للتجييش المذهبي في معاركهما السياسية، حيث اقتنع حزب التحرير بعضو اختياري في أحد أحياء المدينة، بينما تعمل بعض الجهات على استمالة أصوات جبل محسن».

أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فالتقى في معراب وفد لائحة «أهل القبيات»، وأكد في المناسبة أن «المعركة عنوانها الأساسي الانتقال بالقبيات من الزبائنية إلى الإنماء». في المقابل أشار النائب هادي حبيش إلى «أنّ هناك من يحوّل المعركة البلدية في القبيات إلى معركة سياسية، وهذا يعبّر عن ضعفه في إدارته»، مؤكداً ألا علاقة لتيار المستقبل بهذه المعركة. واعتبر حبيش أنّ «من الخطأ تصوير المعركة في القبيات وكأننا ضد التوافق المسيحي ».

أما في تنورين، فتدور معركة حاسمة بين لائحة تنورين بتجمعنا المدعومة من التيار الوطني الحر والقوات ويرأسها العميد المتقاعد أيوب حرب، ولائحة قرار تنورين المدعومة من تيار المستقبل وتيار المردة وحزب الكتائب ووزير الاتّصالات بطرس حرب ويرأسها بهاء حرب. واعتبر الوزير حرب من تنورين أمس «أن ما نشهده في هذه الانتخابات نشوء تحالفات هجينة بين القوى والأحزاب السياسية المعطلة للانتخابات الرئاسية، أو الساكتة عنها، للقضاء على ما تبقى من أصوات حرة مستقلة متمسكة بالنظام الديمقراطي وبدور المؤسسات المنبثقة من إرادة الشعب اللبناني».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى