ونصر 25 أيار

عبدالله خالد

شكلت هزيمة الخامس من حزيران 1967 تتويجاً لمرحلة الانحدار العربي التي بدأت مع الانفصال الأسود الذي أجهض أول تجربة وحدوية في تاريخ العرب المعاصر تجسّدت بالجمهورية العربية المتحدة التي ضمّت مصر وسورية وجعلت الكيان الصهيوني أسير فكي الكماشة العربية التي تريد تحرير تراب فلسطين من رجس الغاصب الصهيوني الذي احتلّ فلسطين في إطار تطبيق مخططات سايكس بيكو ووعد بلفور التي أراد الاستعمار البريطاني الفرنسي الهيمنة من خلالها على الأرض العربية وثرواتها ومنع وحدتها.

وإذا كان الانفصال وهزيمة حزيران قد أنعشا قوى الانعزال والرجعية وأدوات الغرب الاستعماري إلا أنهما دفعا قوى الحرية والتقدّم والعروبة إلى بدء مرحلة جديدة استذكرت فيها بطولات عبد الكريم الخطابي وعمر المختار والقسام والحسيني. وبدأت مرحلة جديدة من المقاومة من خلال المقاومة الفلسطينية التي استقطبت المناضلين من أقطار عربية إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين أعطوا مقاومة الاحتلال الصهيوني بعداً قومياً ترافق مع استعداد مصري سوري لبدء معركة التحرير التي تجسّدت بحرب تشرين المجيدة التي أكدت قدرة المقاتل العربي على تحطيم أسطورة الجيش الصهيوني الذي «لا يُقهر»، وخرافة عدم قدرة المقاتل العربي على التعامل مع السلاح الحديث. إلا أنّ الرئيس السادات وبتواطؤ مع الإدارة الأميركية حرَفها من حرب تحرير إلى حرب تحريك حين انسحب تاركاً الجيش السوري وحيداً في مواجهة الصهاينة.

وكان من الطبيعي في ظلّ تلك المستجدات أن يتقدّم خيار المقاومة الشعبية وأن تتعزّز المقاومة الفلسطينية وأن تبرز إلى الساحة المقاومة الوطنية اللبنانية، وبعد ذلك المقاومة الإسلامية، خصوصاً بعد الاجتياح الصهيوني لجنوب لبنان عام 1978 وعام 1982 وتتابعت فصوله عام 1993 و 1996.

لقد تبدّل المشهد كلياً بعد أن أثبتت المقاومة جدارتها في حمل راية التحرير وبدء مسيرة تحجيم ولجم العدوان الصهيوني مستندة إلى دعم سوري غير محدود، وإيراني بعد انتصار الثورة الإسلامية، وهذا ما أجبر الصهاينة على الانسحاب في الليل تاركين أسلحتهم في أرض المعركة.

هكذا أصبح 25 أيار عيداً وطنياً قومياً بعد أن أجبر الصهاينة على الهرب، وبذلك تمّ تسجيل أول هزيمة فعلية للكيان الصهيوني وحماته ليتأكد الجميع أنّ المقاومة الشعبية وحدها قادرة على تحرير التراب العربي مستندة إلى المؤمنين بخيار المقاومة.

لقد أحدث نصر الخامس والعشرين من أيار عام 2000 زلزالاً في الكيان الصهيوني تردّدت أصداؤه في الغرب وتحديداً في واشنطن التي وجدت أنّ الدور الوظيفي للكيان الصهيوني في المنطقة بدأ يتصدّع وأنّ حزب الله أصبح يشكل تهديداً جدياً لمخطط الهيمنة على المنطقة العربية وثرواتها وأنه لا بدّ من تحرك سريع لاستكمال تنفيذ المخطط الأميركي عبر إعادة تشكيلها وفرض خريطة الشرق الأوسط الجديد. وهكذا دفعت الإدارة الأميركية الكيان الصهيوني للقيام بعدوان تموز 2006 بهدف تصفية المقاومة كخطوة على طريق تدمير سورية ومن ومحاصرة إيران. إلا أنّ ذلك العدوان فشل واضطر الصهاينة للمطالبة بوقف إطلاق النار لتسجل المقاومة ومعها سورية وحزب الله وإيران نصراً جديداً لا قدرة للغرب على احتماله، خصوصاً بعد صمود غزة عام 2008.

مع اكتشاف الإدارة الأميركية أنّ سورية تشكل الحلقة المركزية في محور المقاومة، كان لا بدّ من أن يصبح تدميرها وإسقاط الرئيس بشار الأسد مهمة أساسية للمخطط الأميركي. وهكذا بدأت الحرب الكونية عليها. ومرة أخرى فشل مخططها بعد صمود سورية الأسطوري ليتأكد أنّ العروبة المقاومة هما الطريق الوحيد لإسقاط المخطط الأميركي الصهيوني وتحرير الأرض العربية المحتلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى