«إسرائيل»… حكومة للبلطجية والزعران

راسم عبيدات ـ القدس المحتلة

مع دخول البلطجي «ليبرمان» زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» الحكومة الإسرائيلية، تصبح هي الحكومة الأكثر يمينية وتطرّفاً في «إسرائيل»، والتي تعبّر عن وجهها بشكل سافر وحقيقي، فهي الآن تمثل تمثيلاً حقيقياً كلّ البلطجية والزعران من نتنياهو صاحب مقولة لا مكان لإقامة دولة فلسطينية غرب النهر، والقدس ستبقى موحّدة وتحت «السيادة الإسرائيلية»، إلى نفتالي بينت زعيم «البيت اليهودي» والداعي إلى فرض القانون الإسرائيلي على مناطق سي في الضفة الغربية والتي تشكل 60 من مساحتها وأركان حزبه المتطرفة والعنصرية ما يسمّى بوزيرة العدل الصهيونية ايليت شاكيد صاحبة المشاريع والقوانين العنصرية مثل قانون محاكمة الأطفال الفلسطينيين دون سن الرابعة عشرة وتكبير وتغليظ العقوبات عليهم لمدد تصل إلى عشرين عاماً، بالإضافة إلى تشريع القتل خارج القانون لراشقي الحجارة والزجاجات الحارقة من الأطفال والفتيان الفلسطينيين، واوري أرئيل وزير الزراعة الذي وقف على رأس اقتحامات المسجد الأقصى، وأكثر الدعاة لتهويد النقب ضمن مشروع «برافر» العنصري والمتطرفة الليكودية وزيرة ما يسمّى بالثقافة والرياضة ميري ريغيف التي نقلت مقرّ وزارتها إلى القدس الشرقية وصاحبة مشروع القانون العنصري بحق المؤسسات العربية الثقافية في الداخل الفلسطيني -48- ، قانون ما يسمّى بالولاء لدولة الاحتلال ورموزها لكل مؤسسة عربية ثقافية تريد أن تتلقى دعماً من وزارة الثقافة الإسرائيلية أو المؤسسات المرتبطة بها مثل «مفعال هبايس» وغيرها.

يُضاف إلى تلك الجوقة آرييه درعي زعيم حزب «شاس» الديني، صاحب التاريخ الطويل في اللصوصية والعداء لكلّ ما هو فلسطيني.

الآن بانضمام ليبرمان، وهو صاحب سجل طويل في السرقات والبلطجة، وربما هو أقرب منه إلى زعيم مافيا منه إلى زعيم سياسي، فهو من دعا إلى تحويل غزة إلى ملعب كرة قدم، وقصف سدّ أسوان، وهو اليوم مَن يدعو إلى فرض قانون الإعدام على الأسرى الفلسطينيين، وهو صاحب نظرية التبادل السكاني ونقاء الدولة اليهودية، وهو مَن يشاطر بانيت دعوته بطرد وترحيل أهلنا وشعبنا في الداخل الفلسطيني – 48 ، وهو أيضاً من يتوعّد «حماس» والمقاومة في غزة بردود قاسية وتصفيات وتدمير شامل في حال أي عمل مقاوم ينفذ من القطاع ضد دولة الاحتلال.

بدخول ليبرمان هذا الوكر من البلطجية والزعران، تكون الصورة واضحة ومكتملة، حيث كل الزعران والأفاكين والبلطجية ممثلين فيها، ولكن رغم كلّ هذا الوضوح نجد أن هناك مَن هم في الساحتين الفلسطينية والعربية مصابون بعمى الألوان وفقدان الإرادة والكرامة، واستمراء الذلّ والهوان، فلعلّ الجميع يتذكّر كيف ردّ شارون على ما يسمّى بمبادرة السلام العربية التي طرحها الملك السعودي الراحل خالد بن عبد العزيز عندما كان أميراً في القمة العربية في بيروت آب/2002، حيث اجتاحت دباباته الضفة الغربية وحوصر مقرّ الرئيس الشهيد أبي عمار في المقاطعة برام الله، ولم يسمح له بمهاتفة القمة العربية، ولم يجرؤ أيّ زعيم عربي على الاتصال به، ومنذ ذلك التاريخ والمبادرة العربية يجري رفضها من قبل «إسرائيل»، والعرب يؤكدون تمسكهم بها ويرحّلونها من قمة إلى أخرى مع الهبوط بسقفها كي تقبل بها «إسرائيل»، ولكنها تقول لهم مبادرتكم لا تساوي الحبر الذي كتبت به.

واليوم كان يجري الحديث عن مبادرة «سلام» جديدة سيقودها الرئيس المصري السيسي، جرى التحضير والتنسيق لها بين كيري ونتنياهو ومسؤول الرباعية الدولية السابق توني بلير والسعودية والعديد من البلدان العربية الأخرى، حيث وجه الرئيس السيسي خطاباً دعا فيه الإسرائيليين إلى اغتنام الفرصة التاريخية وتحقيق «السلام» مع الفلسطينيين، ودعا الفلسطينيين إلى إنهاء الانقسام والتوحّد، وبالمقابل أميركا والعديد من الدول العربية دعت وتدخّلت من أجل توسيع الحكومة الإسرائيلية، ولهذه الغاية جرت لقاءات بين نتنياهو واسحق هيرتسوغ زعيم اليسار الصهيوني، وأبعد من ذلك فالتقارير والمعلومات التي ترشح تقول إنّ السيسي الذي كنا نراهن عليه أن يستلهم ويستعيد تراث عبد الناصر ويقود مصر نحو استعادة دورها ومكانتها العربية والإقليمية والدولية، فإذا به يستلهم ويستعيد إنتاج تاريخ السادات ودوره، حيث يخطط لزيارة البرلمان الإسرائيلي «الكنيست» وإلقاء خطاب فوق منصته.

المهمّ، فإن نتنياهو الذي يتمسك بالاستراتيجي الذي جاء على أساسه إلى الحكم، ألا وهو الاستيطان، يرى أنّ مثل هذا المشروع السياسي، وضمّ هيرتسوغ وما يسمّى باليسار الإسرائيلي إلى الحكومة الإسرائيلية، سيشكل خطراً على مشروعه السياسي القائم على تأبيد وشرعنة الاحتلال مقابل تحسين شروط وظروف حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال بتمويل من الصناديق العربية والأوروبية. وهو يعتقد أنّ الظرف الحالي مؤاتٍ له ولكلّ المؤمنين بنظريته ورؤيته من أقطاب اليمين الصهيوني لتحقيق ذلك، حيث الحالة الفلسطينية الضعيفة والمنقسمة على ذاتها، والحالة العربية الداخلة في حروب التدمير الذاتي، والحروب المذهبية والطائفية، والمنشغلة بهمومها القطرية والذاتية، والإرادة الدولية المشتبكة أقطابها الرئيسية روسيا وأميركا من أوكرانيا حتى اليمن، والمعطلة إرادتها وغير قادرة على فرض حل سياسي على «إسرائيل».

نتنياهو ضمّ ليبرمان إلى حكومته، وليبرمان هذا الذي سيستخدمه نتنياهو كـ «فزاعة» وحائط سدّ أمام أية ضغوط أو مشاريع سياسية دولية أو عربية، قد تفرض عليه من اجل تحقيق تسوية مع الفلسطينيين أو تقديم تنازلات، كما هي المبادرة الفرنسية أو أية مبادرة دولية أخرى، حيث سيتذرّع ويتحجّج بأنّ أية ضغوط عليه، قد تؤدّي إلى سقوط حكومته، كما هي العادة المتبعة.

ليبرمان سيدعو إلى سنّ المزيد من القوانين والتشريعات العنصرية التي تستهدف شعبنا العربي في الداخل 48 والقدس، وستزداد وتائر وعمليات التطهير العرقي بحقهم، وكذلك مشاريع التهويد والأسرلة، وكذلك القمع والتنكيل بحق شعبنا في الضفة الغربية، وستشتدّ وطأة الحصار والهجوم على قطاع غزة، وسيستمرّ نتنياهو في إدارة الصراع لا حله، والمضيّ في خططه ومشاريعه التهويدية. وهو يرى بأنّ لديه فرصاً كبيرة جداً لتحقيق تعاون وتنسيق وسلام وعلاقات طبيعية مع العديد من البلدان العربية أو التي يسمّيها «الدول العربية السنية»، بعد أن نجح في حرف الصراع وتحويله من صراع عربي ــــ إسرائيلي إلى صراع عربي ــــ فارسي.

نتنياهو ماضٍ في خططه ومشاريعه، والعرب ماضون في الخنوع والاستجداء، وما داموا يعانون من عقدة «الارتعاش» السياسي المستديم، فسيستمرّ نتنياهو وكيري وغيرهما بالضغط عليهم وابتزازهم، وإجبارهم على تقديم التنازلات دون أن يتخلى لا نتنياهو ولا ليبرمان عن ثوابتهم قيد أنملة.

Quds.45 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى