سلامة: لبنان ليس جنّة ضريبية ومن مصلحته الالتزام بالقوانين المالية الدولية زمكحل: سندافع بشجاعة عن اقتصادنا في وجه الأيادي الخفية التي تريد تدميره

بمناسبة مرور 30 سنة على تأسيسه، نظّم تجمع رجال الأعمال اللبنانيين برئاسة الدكتور فؤاد زمكحل غداء حوارياً مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حضور شخصيات سياسية وديبلوماسية واقتصادية ومصرفية وإعلاميين.

أستهلّ اللقاء بكلمة لزمكحل الذي أشار إلى «أنّ رجل الأعمال اللبناني يتمتّع باستمرار بإرادة شديدة للتطوّر مهما كانت الصعوبات للمكافحة من أجل البقاء والمثابرة، ولإيجاد الفرص المخفية وراء الأزمات … وهو الأسرع في التكيّف مع جميع الظروف، حيث أنّ سرعة التكيّف لديه هي واحدة من أقوى مزاياه الرئيسية وهو يعرف جيداً كيفية عكس السيناريوات لصالحه وسيعرف دائماً كيفية تحويل المخاطر إلى فرص».

وقال: «منذ تأسيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين قبل 30 عاماً، ورجل الأعمال اللبناني يحارب ويواجه أنواع عديدة من الصعوبات لكنه يبقى ويستمرّ «ويتعايش» من جديد مرة ثانية وثالثة». وسأل: «ألم يحن الوقت لمرة واحدة لكي نعيش بدلاً من أن نحاول البقاء على قيد الحياة باستمرار و«نتعايش»؟ ألم يحن الوقت لنتمتّع بنجاحاتنا وبالتطور الذي حققناه وبإنجازاتنا؟ أمكتوب علينا السعي للبقاء على قيد الحياة والتعياش عوض أن نعيش في سلام وكرامة»؟

أضاف زمكحل: «منذ تأسيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين قبل 30 عاماً، ونحن ندرك بابتسامة حزينة أنّ الأسباب والأهداف التي دفعت إلى إنشاء هذا التجمع لا تزال قائمة اليوم وحتى أنها ازدادت. بالفعل، فإنّ المشاكل التي كان يواجهها رجال الأعمال قبل 30 عاماً لا تزال هي نفسها، أو بالأحرى تفاقمت. وما تزال المشاريع والصيغ المقترحة منذ 30 عاماً، والتصريحات أو المواقف المتّخذة قبل 30 عاماً صالحة لغاية اليوم، اذ يكفي فقط تغيير التاريخ، وسوف تكون هذه المشاريع والمواقف والمطالب جاهزة للاستخدام مرة أخرى كما هي، والأهم من ذلك كله ربما أنه حتى الأشخاص التي كانت موجَّهة إليهم هذه التصريحات هم الأشخاص نفسهم الذين يستمعون إلى مطالبنا اليوم وربما سيعطوننا الإجابات المراوغة نفسها بالديبلوماسية المعتادة. فهل ينبغي علينا أن نضحك أم أن نبكي؟ … لكنّ ردّنا واضح وحازم: لن تضعف أبداً عزيمتنا ولن يضعف حماسنا، وسنستمر بالمكافحة جسداً وروحاً، أو بالأحرى سندافع عن أنفسنا وعن شركاتنا وسنقف بشجاعة بوجه الأيادي الخفية التي تريد تدمير اقتصادنا وبلدنا. نحن لم نتوقف أبداً عن تقديم مشاريع قوانين في محاولة لتحسين بيئة الأعمال. يحتفل أيضاً مشروع ضمان الشيخوخة الذي أعدّه التجمع في عام 1993 بعيده الـ 25. كما اقترحنا مؤخراً مشروع الشركات المساهمة المبسّطة، وكذلك مشروع الأسهم التفضيلية لشركات القطاع الخاص، ومشروع الضمانات العينية ومشروع الإفلاسات الجديد إلخ…»

وتحدث رئيس التجمع عن مذكرات التفاهم مع رجال الأعمال اللبنانيين في المكسيك، وفي فرنسا HALFA وفي البحر الأبيض المتوسط IPEMED وفي دول عربية، بالإضافة إلى المساعي التي بذلت من أجل انضمام لبنان إلى السوق المشتركة «ميركوسور» وتحالف المحيط الهادئ في أميركا اللاتينية، ومنظمة التجارة العالمية، مؤكداً أنّ الأولوية هي الانفتاح باتجاه رجال الأعمال اللبنانيين في جميع أنحاء العالم. كما تطرّق إلى زيارات قامت بها وفود من التجمع إلى الدول العربية وأفريقيا وأوروبا وأميركا اللاتينية، خاصة أنّ وفد التجمع كان من بين أول من زاروا إيران بعد رفع العقوبات.

تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم

وأعلن زمكحل في ختام خطابه عن إنشاء «تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم RDCL Word «. ثم توجه إلى سلامة قائلاً: «تعلّمنا منذ البداية ومنكم بوجه خاص، وجوب فصل الاقتصاد دائماً عن السياسة، والابتعاد عن الرمال المتحركة والهروب من مزالق السياسة الضيقة، ولكن للأسف اختبرنا بوضوح أننا عندما نهرب من السياسة المحلية، تلحق بنا السياسة الإقليمية وعندما ننجح بالابتعاد عن السياسة الإقليمية، تأخذنا السياسة الدولية بين مخالبها. بصفتنا رجال أعمال لبنانيين، نحن نحسد بلاداً مجاورة معيّنة وكنا نرغب أن يكون لدينا مثلهم حلفاء اقتصاديون وحلفاء ورعاة ماليون لمساعدتنا، وحمايتنا اقتصادياً ومالياً والوقوف إلى جانبنا في فترات الأزمات والصعوبات والضغوط المحلية والإقليمية والدولية. كنا دائماً إلى جانبكم، وها نحن اليوم إلى جانبكم بفخر وسنظلّ كذلك في المستقبل بكلّ وفاء في أي مركز تشغلونه، لبناء جبهة اقتصادية قوية ومتحدة ومتضامنة لمواجهة كلّ العواصف أو بالأحرى كوارث التسونامي التي تهزّ بلدنا واقتصادنا».

السياسة النقدية وتحفيز الاقتصاد

ثمّ ألقى سلامة كلمة استهلّها بتهنئة تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين على النجاحات التي حققها عبر السنوات الماضية وقال: «مصرف لبنان مستمرّ بالسياسة النقدية التي اعتمدها بالتعاون مع المصارف لتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل للأجيال. كلّ البنوك المركزية العالمية تقوم بمبادرات غير تقليدية، كلّ مؤسسة تبعاً للوضع لديها، وكلّ هذه التحفيزات ساعدت على تحقيق نمو في الاقتصاد اللبناني قد يصل إلى 2 في المئة، ناتجة عن تحفيزات البنك المركزي».

وأوضح سلامة «أنّ القروض المستعملة من البنك المركزي والتي استفادت المصارف من أعفائها من الاحتياطي الإلزامي والتي استفاد منها المواطن اللبناني وصلت إلى 9 مليار دولار، ويبقى 685 مليون دولار لم تستهلك وستستنفذ، وإذا لزم الأمر مستعدّون لزيادتها، ويبقى لنا الاستقرار بسعر صرف الليرة اللبنانية والاستقرار بمستوى الفوائد، والبرامج التحفيزية التي تقوم بها وتطلقها طالما تهدّد سلامة الليرة ولم تهدّد الاستقرار المصرفي نحن مستمرون بها. وقد قمنا ببعض المبادرات أخيراً لزيادة احتياطات البنك المركزي من العملات الأجنبية. هناك بعض التدابير قمنا بها مع بعض المصارف زادت الموجودات إلى 750 مليون دولار، كما أننا نعمل مع وزارة المالية لاستبدال سندات بالليرة اللبنانية بسندات بالدولار الأميركي تصدرها الدولة اللبنانية بقيمة ملياري دولار، أيّ مما يؤمّن للبنك المركزي بحدود مليارين و700 مليون دولار أميركي، وقد تصل إلى 3 مليارات مما يطمئن على القدرة للاستمرار وتحفيز الاقتصاد والحفاظ على الليرة اللبنانية».

وأشار إلى «أنّ القطاع المصرفي جيّد ومتين ويتمتّع برسملة ولديه الإمكانات اللازمة تفوق رسملة العديد من الدول وفق معايير «بازل 3». والسياسة التي اعتمدناها عدم قبول إفلاس أيّ مصرف هي سياسة ناجحة ساعدت في نمو الودائع إلى 4 و5 في المئة هذه السنة، وهذه الزيادة جاءت بعد أن استوعبنا انخفاض أسعار النفط وتأثيره».

النظام المالي العالمي

وأضاف سلامة: «يهمّ مصرف لبنان أن يبقى لبنان منخرطاً في النظام المالي. أخيراً مؤسسة «الغافي» في جمعيتها العمومية التي عقدتها هذه السنة أعلنت أنّ لبنان يستوفي كلّ الشروط المطلوبة في ما يتعلّق بمكافحة تبييض الأموال وليس هناك أية ممارسة لها علاقة بهذا الموضوع. لبنان ليس جنّة ضريبية وليس على اللائحة السوداء، وأصبح منخرطاً في المنتدى العالمي. لا نتوهّم من تطبيق قانون فاتكا والمبدأ الأساسي هو أن يدفع الإنسان ضرائبه حيث يتواجد».

وختم سلامة: «المبدأ واضح باحترام قوانين الدول التي نتعامل معها، ومنها قانون الأخير في الولايات المتحدة الأميركية. إنّ لبنان ملتزم لأنّ مصلحته تقتضي ذلك، وصدر قرار رسمي عن المجلس المركزي طلبنا بموجبه من المصارف الالتزام بهذا القانون، ولجنة الرقابة أصدرت المراسيم التطبيقية اللازمة. صحيح أنّ الأمور دقيقة، ولكن يمكن طمأنتكم أنّ الأسس التي نشيد ستؤمّن الأفضل ونتطلّع إلى المستقبل بتفاؤل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى