مشعل.. ومباركة التطبيع!

نظام مارديني

ظريف كان خالد مشعل وهو يوجّه شكره، لمَن؟ لتركيا وقطر ، طالباً مساعدتها في الضغط على الكيان الصهيوني، عشية تطبيع العلاقات بين أنقرة و«تل أبيب»، الذي سيتضمن بطبيعة الحال تقييد نشاط حركة حماس في الأراضي التركية، ولا زلنا نتذكر كيف اشترط العدو على حكومة أردوغان في العام 2015 بطرد القيادي في حركة حماس صالح العاروري من تركيا، حتى أن المعلّق العسكري في صحيفة «هآرتس» نقل عن مصادر «استخبارية» صهيونية قولها، إن تركيا طلبت من قيادة حركة حماس المتواجدة في تركيا تقليص نشاطاتها العسكرية ضد «إسرائيل». وكان زئيف إلكين الوزير السابق في حكومة نتنياهو، أكثر توضيحاً حينما قال «الاتفاق المتوقع.. يعطينا ما طالبنا به، تقييد شديد لنشاط حماس في تركيا»، في حين أن الضغوط التي تعرّضت لها سورية لطرد قيادات حماس لم تؤثر على دمشق، وكان ما كان من عدوان غربي، تركي، وخليجي، على الدولة السورية، ويا للسخرية بمشاركة وتآمر من حماس ذاتها!

ويأتي التطبيع السياسي الآن بين أنقرة و«تل أبيب» العلاقات الاقتصادية اتخذت منحى عكسيًّا، فقد ارتفع معدلُ التبادل التجاري بين البلدين من 2.6 مليار دولار عام 2009 إلى ما يتجاوز 5.6 مليارات دولار عام 2014 ، بعد مفاوضات اتسمت بالسرية استمرت لجولات ووضعت خطوطها في العام الماضي 2015 بعد الاعتذار الشكلي من قبل الكيان الصهيوني لتركيا عن مقتل مواطنين أتراك في سفينة مرمرة في أيار من العام 2010، وتم الإعلان عن التطبيع مؤخرًا في العاصمة السويسرية زيورخ .

ومن الطبيعي النظر إلى ارتدادات هذا الاتفاق على كل من العراق وسورية ومصر، لكونه يجسّد، من ناحية، الطموح التركي لإيجاد موطأ قدم في قطاع غزة، على نحو قد يُفضي إلى تحدٍّ أمني مركّب لبغداد ودمشق والقاهرة، وذلك بالنظر لعلاقات أنقرة التقليدية بالتنظيمات الإرهابية، ولاعتبارات تتعلّق بدور حركة حماس السلبي في هذه العواصم. وليس غريباً هنا أن تعتبر حركة الإخوان المسلمين في مصر هذا التطبيع شأناً داخلياً للدول التي تحركها المصالح!

والكيان الصهيوني بدوره اعتبر أن أهمية «ذوبان الجليد» بين الجانبين تتعلق باستعادة علاقات متعددة المستويات لا يغيب عنها الشق الأمني، وذلك في مواجهة عددٍ من القوى الإقليمية في مقدمتها العاصمة الإيرانية طهران. وقد تساءل الصحافي التركي مصطفی كورداش مدیر هیئة تحریر صحیفة «غازته» عن الدور الذي تلعبه السعودية في هذا الإثناء؟ فهل تقوم بدور السمسرة للصهاینة أم هي «كضبع یبحث عن حصته»؟ وختم هل رأیتم كیف عمل أردوغان على تزوير الحقائق، وكيف ركعنا لـ «إسرائیل» من خلال هذا التطبيع؟

أردوغان كان أبلغ قيادة حركة «حماس» أنه فعل كل ما في وسعه لرفع الحصار، أو حتى تخفيفه، لكن «إسرائيل» تمسكت بموقفها الرافض، وأنه مضطر للمضي قدمًا في تطبيع العلاقات انطلاقًا من المصالح التركية في هذا الصدد.

هنية الذي قبّل يد كبير دعاة الفتنة القرضاوي، يعيش غيبوبته الأزلية، ويترك مشعل يهذي بالشكر لأنقرة والدوحة، كما لو أنه يرقص رقصته الأخيرة.

لـ «راقص المستنقعات» مشعل نقول: اعمل لفلسطين كثيراً وقلّل من التدين المذهبي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى