البلشون الجميل

عادة الصمت أفقدتني أديباً لامعاً .

بالكلام تتدفّق

فينفتح الأفق رونقاً

سماوات قصيّة تعجز عنه

رحتُ أصغي إليكَ

كلّ عبارة تشكّلني

ربيعاً

قمراً بين فضتين

أسافر مع الريح عبقاً

أرتقي الزقورات

لهفةً، لهفة

وأشتعل شمساً في بلادٍ أتلو فيها

أناشيد البياض المسافر

في جناحيك الرائقين

بأصابع روحي ألامس قباب الجوامع

وأجراس المحار على شواطئ القلب

أتمدّد فيضاً

كحلاً في عينين ناعستين

يستهويني الصمت

يغزل علاقتي مع الكون

حين أعلنه أكثر

أعرف أكثر

أكتشف أنّ الحبّ يأتي معجزةً

أترقّبها صلاةً

تهبط بين راحتيّ

قلتَ: «أنا نبيٌّ صغيرٌ»!

ورحتُ أُعِدّ رسالةً تليق بالطريق

أدعو الضالين في الهوى

والهائمين في الجنون

كنتَ تتكلم

وكنتُ أُعيدُ صوغ الأشياء

أُلوّنُ الأفق الأسود منذ أبعد عتمة

أنفخ الريش في السماء

وأنفاسي تغدو صوىً من حريق

تنزفُني القصائد

حبري يجسّد أفكاري الهائمات

تُرامِحُ فضاءَك المفتوح

واشتعالَ النبض في الوريد

صرتُ وإياك ناسِكيْن

في صومعةٍ

نطلّ منها على العالم

نمنح كلّ من نراه

خبزاً، سمكاً، زيتاً، ووصايا

نلمّ الفرح من انفجار الوجوه

والرقصة من الأقدام

ومن الأكتاف أعشاشَ اليمام

آه كم كنّا رائعَيْن

أيها البلشون الجميل!

تتراعف رقصاً محموماً

فأغزل المشهد من صمتٍ

وحلمٍ

ورنين

كلّ قصيدةٍ كنتَ مطلعها

كلّ غيمةٍ أرّثتَ مطرَها

وضجّ الكلام فيكَ

ضاق الصبر فيكَ

«أكرهُ صمتكِ»

أيّها النبيّ الصغير!

تمهّل، سكوتي سيضيء

يأتلق في العتمة كالخزام

غادرني مداك

والقصائد الحلوة ارتمت

على حواف دفترٍ مبهور

طويتُها بوجع بحيرات

صلبت طائرها

وظَلّ غناؤه

يسيل على نافذتي

على الحروف

يولم الوقت

لعطش الروح.

نجاح ابراهيم

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى