وجوه العار والذلّ… مشعل ومعلوف!

هاني الحلبي

من نافل القول إنّ استغاثة الشهيد الطفل الفلسطيني عبدالله تيسير عيسى في حلب، كانت صوتاً إلهياً بلسان طفل ضعيف، مريض ما زالت إبر الأدوية موصولة بشرايينه، لتثبت الحجة الدامغة أنّ مسوخ الإرهاب سقطوا غير مأسوف عليهم من وجدان البشرية الأخلاقي والإنساني والروحي كلياً ولغير رجعة.

لا جبينَ يندى لأجلك، يا عبدالله، في مَن غسلت أوهام التكفير عقولهم وأيبست قلوبهم! ولا رمش يرمش فيهم ونشيج دمك، يا عبدالله، ينفر في الوجوه والعيون والعدسات علّ بينهم مَن يصرخ فيهم: وافتاه!

لكنْ، كيف نأمل النخوة من الأنذال، ونرجو البطولة في المرتزقة!

والمرتزقة ليسوا مسلحين فقط، بسلاح ناري، بل هم قادة سياسيون، فذلكت لهم قصص كاريزما لتدبج لهم هالة سحر وترويج منذ نشأوا لتسرّع تسلقهم سلالم السياسة أو الإعلام أو المقاولة بالمقاومة!

وجهان أفصح ما نطق بهما لسان العار هذا الأسبوع، كما كشفت صفحات مسجّلة بأسمائهم في «تويتر» و«فيسبوك»، ولم يتمّ نفي مقنع لما تمّ تداوله وما تضمّنته. وجهان هما خالد مشعل وكارول معلوف!

خالد مشعل: مقاول بالمقاومة

بحسب تغريدة لصفحة منسوبة لخالد مشعل، في موقع «تويتر»، دوّن فيها أنه فخور في مَا يُنسب إليه من تأييد للسلطان أردوغان. فإن كان أردوغان هو السلطان، فإنه فخور أن يكون في عداد حريمه وجواريه!

ولا ندري كيف يمكن لـ «مقاوم» فلسطيني أن يتناسى عزة فلسطين ومكانتها المقدّسة في عالم المقاومة، بكونها معياراً وقطباً، وإليها تُنسب القيم وبها تُقاس الإنجازات والسياسات، ليفخر أن يكون حريماً للسلطان وجارية في قصره المنيف؟

وكفى بأيّ إنسان أن يكون مقاوماً، إذا كان فلسطينياً حقيقياً، شهيداً حياً للحقّ الذي لا يترك من الأعوان إلا القليلين ومن الأصحاب إلا الندرة ومن الأهل إلا البقية المعدودة. فما قيمة السلطان لتكون لجاريته ولحريمه قيمة، أكان أردوغان أم غيره؟

بل ما هو تراث السلاطين أجمعين، أكان مملوكياً أم سلجوقياً أم زنكياً أم عثمانياً أم إخوانياً مستعاداً في أنقرة، غير مآثر الحريم وموبقات الجواري، حتى استُبيحت الأمم والقيم والأديان شرّ استباحة، ففرغت من أيّ مضمون جدير بالحياة وبالفخر؟

ولا يقتصر هذا الفراغ الأخلاقي على مشعل، كما تمّ نشره أيضاً، بل كذلك القيادي مشير المصري بالأمس، يُتحف الصحافة الفلسطينية بتصريح مبخرة، إذ يفخر أن يسيل دمه لأجل أردوغان ولحماية السلطة التركية، وكأنّ فلسطين قد تمّ إنصافها وساد العدل شعبها وئاماً وسلاماً!

والعجب العُجاب، كيف لقياديّي الصف الأول والثاني في حركة حماس، هذه الانفعالية في التأييد وهذه الخفة في المواقف، وكأنّ تركيا استعادت تراب فلسطين من النهر إلى البحر وبوّأت قادة حماس سلاطين إخوانيين على «الولاية الجنوبية» المحرّرة من السلطنة! ومشهور عجز تركيا عن تحصيل اعتذار صهيوني على استخدام الجيش «الإسرائيلي» القوة المفرطة ضدّ المتضامنين الأتراك في حملة فكّ الحصار عن غزة، بل تنازلت في شروطها مع كيان العدو لتسرّع توقيع الاتفاق الأمني الاستراتيجي الشهر الماضي، في بلورة محور الخاسرين في الخريف العربي ومحاولة استجماع أوراق قوة تحفظ بعض الأنقاض؟

كارول معلوف… المجاهدة

تصرّ الإعلامية اللبنانية كارول معلوف على أنّ الطفل الفلسطيني الشهيد عبدالله عيسى، الذي تمّ ذبحه في مخيم حندرات في حلب، جندي سوري، عمره 19 عاماً، وأنه يحمل أمر مهمّة في المخابرات الجوية، وأصيب بإعاقة نمو بسبب إصابته بمرض التلاسيميا وهو صغير.

ورغم إثبات التزوير الذي فبركته «النصراوية» معلوف، لكن لا يمكن التغاضي والتسامح عن حشد التبريرات لفعل الذبح. وكأنه ضيافة استقبال. فإنْ كان عبدالله أسيراً فأسره ليس سبباً لذبحه، وإنْ كان عمره 19 عاماً، أيّ تخطّى حدّ الطفولة المحدّد عالمياً بـ 18 عاماً، فلا يعني أنّ كلّ مَن تخطّى سنّ الطفولة وتمّ أسره وجب ذبحه!

وكذلك، لا يمكن القبول بأن يكون مصير الأسير هو الذبح، بمجرد كونه في الجيش السوري!

الأسوأ من هذا كله، تتفاخر الإرهابية كارول معلوف، بحبها الجمّ لجبهة «النصرة»، وبأنّ هذا الحب ليس سراً، ولم تكلف نفسها أن تستنكر في حدّ أدنى أو تدين في حدّ أعلى، وترفض سفح الدم ولو نفاقاً، لتبقى ورقة توت تستر عورة الإعلام اللبناني!

وأنتم يا وزير الإعلام في حكومة المصلحة الوطنية، ماذا فاعلون؟ كيف تحفظون مصلحة لبنان وبنيه وقيمه: بالمواجهة لتنقذوا ما تبقى من قيمنا، أم بتغافل النعامة الذي استباح روحنا ونافق طيلة سنوات أنه ينأى بنفسه عن النار، فهل نأت النار وكلابها لهبَها وسعيرَهم عنا؟ وها هي تشرع في اجتياح كلّ شيء في روما! فهل يعتبر نيرون؟

ماذا تبقى من قيم لبنان، ماذا تبقّى من ميثاق الشرف الإعلامي؟

باحث وناشر موقع حرمون

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى