انعكاسات فشل الانقلاب التركي على سورية

حميدي العبدالله

واضح أنّ الفصائل المسلحة التي تقاتل الجيش السوري كانت فرحة جداً بفشل الانقلاب، وإحكام حزب العدالة والتنمية قبضته على السلطة. ولا يأتي من فراغ هذا الإحساس، ذلك أنّ تركيا حزب العدالة والتنمية قدّمت للجماعات المسلحة وعلى رأسها الجماعات المصنّفة دولياً جماعات إرهابية، دعماً غير محدود، سواء بالسلاح، أو تسهيل التحاق الإرهابيين من كلّ أنحاء العالم بهذه الجماعات، وكانت الجماعات المسلحة تخشى أن يقود نجاح الانقلاب إلى وقف هذا الدعم، وهذا سيكون في غير مصلحة الجماعات المسلحة. فشل الانقلاب أعطى دفعاً معنوياً جديداً لهذه الجماعات المسلحة، ولكن هل إحكام حزب العدالة والتنمية قبضته على الحكم في تركيا سيقود إلى إحداث تغيير كبير في السياسة التركية إزاء سورية باتجاه وضع ما لوّح به أكثر من مرة الرئيس التركي لجهة التدخل العسكري المباشر في سورية موضع التطبيق، ورفع مستوى دعمه للجماعات المسلحة؟ التقديرات متضاربة في سياق الإجابة على هذا السؤال.

البعض يعتقد أنّ حكومة حزب العدالة والتنمية تخلصت من بعض معرقلي خططها لزيادة دعمها للجماعات المسلحة، سواء أولئك الذين يتواجدون في الجيش أو على مستوى أجهزة حكومية أخرى. اليوم كلّ أجهزة الدولة باتت تتبع وتتلقى الأوامر من الحكومة والرئيس التركي، ولم تعد هناك جهات قادرة على عرقلة أيّ توجهات ترغبها وتريدها الحكومة التركية، كما أنها لم تعد بحاجة إلى اعتماد السرية في إيصال الدعم للمسلحين في سورية.

لكن البعض الآخر، يعتقد أنّ تركيا التي بدأت علاقاتها تتدهور مع الغرب، والتي تواجه تحديات داخلية أقوى من السابق بعد الانقلاب، وفي ضوء وقوف أحزاب المعارضة التي تعارض تدخل تركيا في سورية ضدّ الانقلاب، والوضع الاقتصادي المتأزّم أصلاً والذي سوف يتأزّم أكثر بعد الانقلاب، يفرض على حكومة حزب العدالة والتنمية، على الأقلّ على مدى الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة، اعتماد سياسات أقلّ تورّطاً وأقلّ كلفة من زيادة منسوب التدخل في سورية والاصطدام مع الجيش السوري وحلفائه، بمعزل عن المآل الذي ستسلكه الأوضاع في تركيا على مدى أبعد، فإنّ الوقت الحالي يمنح الجيش السوري وحلفاءه فرصة لخلق واقع ميداني لا يمكن الانقلاب عليه، ولا سيما في محافظة حلب، وبهذا المعنى نجاح الانقلاب وفشله خلق هذه الفرصة، لأنّ المسؤولين في تركيا سوف ينغمسون في ترتيب أوضاعهم الداخلية وهذا سوف يستغرق بعض الوقت.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى