قمة «الأمل».. الهاوية المستمرة!؟

نظام مارديني

لن نتوقع الـمعجزات من قمة موريتانيا التي لا تزال تعيش على تخوم القرن الثامن عشر، رغم مواقفها «النبيلة» تجاه فلسطين وسورية والعراق والقضايا العربية الأخرى، ولـن يتبارى أحد للرهان على ما سيصدر عنها من مواقف وبيانات، فلـم تكن القمة الأولى لتبني عليها الشعوب العربية الكثير من التوقعات، بل كانت السابعة والعشرين، وهي تأتي تماماً على مستوى التوقعات الشعبية فلـن تنجح في أن تخيّب آمال أي من مواطني تلك الدول أكثر. فشلها متوقع، وشللها لـم يكن مفاجئاً، ومهزلتها التي تسوقها لنا وسائل الإعلام تجعلنا نخجل من كوننا أبناء هذا العالم العربي وأن من شاهدناهم هم قادته.

يطرح المراقبون والمعنيون عشرات التعليلات لفشل القمم العربية وفي جمع عالم العروبة حول قضية واحدة كالقضية الفلسطينية وبث الوفاق بينهم بدلاً من الفرقة والاختلاف، فمن قائل إن السبب هو الخارج المتربص بالعرب وثرواتهم والخائف من إمكاناتهم فيعمل على التحريض بينهم، وآخر يرى أن مصالح الأنظمة العربية الضيقة هي بيت الداء، فكل منها يكيد للآخر أملاً في اتساع سلطانه ونفوذه على من يجاوره، وهناك من يقول غير ذلك من التعليلات التي تكاد لا تحصر.

وبهذا المعنى فإن القمم العربية لا تستحق الشتيمة، لأنها الشتيمة بحد ذاتها، مجسّدة بالفشل منذ تأسيس بريطانيا المشبوه لما يُسمى بالجامعة العربية، أواسط أربعينيات القرن الماضي عندما كانت مصر تدار من مكتب الاستخبارات البريطاني في القاهرة، ولكونها شتيمة لأنها فشلت تماماً في معالجة قضايا العالم العربي كافة، ولم تخرج في 26 قمة باستثناء قمتها الـ 13 التي عُقدت في بغداد عام 1978، إثر جنوح السادات بارتكابه الخيانة العظمى بحق فلسطين حين زار الكيان الصهيوني المغتصب.. وها هي تلك الخيانة تفتح أبوابها أمام بعض الخونة السوريين والخليجيين، ولعل آخرهم كانت زيارة ضابط الاستخبارات السعودي السابق اللواء أنور عشقي المستشار السابق للأمير بندر بن سلطان للكيان الصهيوني.

قمة بغداد تلك التي عقدت في الثاني من تشرين الثاني 1978، بناء على طلب العراق إثر توقيع مصر اتفاقيات كامب ديفيد، صدرت عنها قرارات مهمّة تصدت للاختراق الصهيوني ـ الأميركي الذي شكل بداية مسار نحو الهاوية التي يتخبّط في قعرها العرب.

بالتأكيد، إن فشل القمة هو ترسيخ لفشل مضاعف، أقطابه النظام الرسمي من جهة، والحركة الشعبية ومؤسسات المجتمع الـمدني العربية، من جهة أخرى.

توماس مان الذي كتب «موت في البندقية» وحيث الطاعون يقتل الهواء، قال إن الجرذان ضيوف شرف على نيتشه وهيغل وعلى بيتهوفن. الجرذان التي تأكل الفلسفة، وترقص جنائزياً على ضفاف البحيرات، لا تستسيغ مذاق قرارات، وتوصيات، القمم العربية التي غالباً ما تذهب الى صناديق القمامة فهل نامت جرذان نواكشوط، كما الشتيمة، في أسرّة القادة العرب؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى