«أسئلة السحاب» قصائد عفوية لزكريا مصاص

م. خ

تشمل المجموعة الشعرية «أسئلة السحاب» للشاعر السوري زكريا مصاص، مواضيع وطنية وإنسانية وعاطفية واجتماعية، عبّر عنها بقصائد اقتصرت على أسلوبَي الشطرين والتفعيلة.

في قصيدة «يا بلادي»، يعبّر الشاعر مصاص عن ألمه من جرّاء ما يعيشه الشعب السوري بسبب الحرب الإرهابية التي تُشنّ على سورية، وذلك وفق عاطفة إنسانية تعكس واقع الإنسان، الذي يرفض ما يتعرض إليه الوطن فيقول:

ليس للشهد مذاق بفمي

إن يكن أهلي بلا مأوى مريح

كيف أحيا في بلاد جنّتي

وسقوف تحتها روح جريح

كم تئنّ النفس لا تلقى صدى

وبعيداً عنهم وطني يصيح.

أما في الغزل، فتظهر الطبيعة جليّة في مكوّنات النصّ الشعري الذي قدّمه كلوحة فنية تشكيلية، تدلّ على أفق واسع وخيال مجنّح، استعار كثيراً من الجماليات لتكوين أسلوب تعبيري يدلّ على موهبة شعرية متطوّرة ومتحوّلة. يقول في قصيدة «طيف»:

ينساب نبضي مثل ساقية

مرّت على جيد الربى وردا

يدنو الدجى منّي على جزر

أن يفزع القنديل والوجدا

ويعود طيفك دوح ذاكرتي

ويزخ شعراً ماطراً جدا.

ويرى الشاعر مصاص أن للحبّ دوراً كبيراً في التحريض على الكتابة، وهو الذي يجعل حديقة الشعر مورقة ومليئة بالبهاء والجمال، وما يسرّ الإنسان وفق تعريف تجلّى فيه معنى الحبّ بأسبابه ومكوّناته. فيقول في قصيدة «لولاك»:

لولاك ما أزهرت أفنان أبياتي

ولا ترقرق فجري في الدجى

العاتي كنت الحياة على إسراء بهجتها

والحبّ كنت وما زلت الهوى الآت

فهل أردّ جمالاً ملء باصرتي

وأنت كلّ جمال في سماواتي.

وثمّة شكل شعريّ آخر كان النصف المكوّن للمجموعة الذي جاء على أنغام تفعيلات متنوّعة عند الشاعر مصاص، ولا يقلّ في مستواه الفنّي عن شعر الشطرين، طالما حرص على وجود الأسس الفنية والبنيوية للقصيدة بما يجب أن تحتويه من عواطف وجماليات. كقوله في قصيدة «كان قلبي»:

كان قلبي حينها

يحلم بالجوزاء تأتي

تمسح السهد بكفيها

وتدعوه قليلاً

كي ينام بأمان

كان كان

في يد الحبّ فؤاد

لوّح الحزن له

طوّح النأي به

وإلى أقصى العذابات رماه الوجد

أدمى وصله.

ويصوّر الشاعر مصاص ما خلّفته الحرب على سورية وما تركته من أسى وألم بعدما فتكت بأنيابها بأجمل ما كان يعيشه الشعب السوري، ليسجّل للتاريخ ما يجب أن يقوم به الشاعر بأمانة إذا احتاج إليه الوطن. فيقول في قصيدة «آه يا نوح»:

طاردتنا الحرب

ألقتنا كأحجار الروابي

والوهاد

فرّقتنا في دروب

لم نكن نعرفها قبل

ولم نعهد بيوتاً غير

بيت الحبّ في ظلّ الحبيب

غرّبتنا الحرب

لم يرقد لنا جفن هنا.

الشاعر زكريا مصاص في كتابه الصادر عن اتحاد الكتّاب العرب يرسم بالكلمات عبر أسلوب عفويّ قريب من المتلقّي، نظراً إلى اعتماده على الدلالات البسيطة والمكوّنة لما يقنع الإنسان بأطيافه الثقافية والاجتماعية المتنوّعة، مع الحفاظ على المستوى الفنّي في بنيته الحقيقية.

يشار إلى أن الشاعر مصاص من مواليد حلب عام 1964 حاصل على إجازة في اللغة الفرنسية وآدابها من جامعة حلب، وعلى دبلوم التأهيل في الترجمة والتعريب. يعمل مدرّساً للغة الفرنسية في ثانويات حلب، وهو عضو في «جمعية العاديات»، وفي نادي التمثيل العربي للآداب والفنون في حلب، وله عدد من المجموعات الشعرية منها «السفر إلى المدى الآخر»، كما ترجم مجموعتين شعريتين من الفرنسية إلى العربية، وشارك في عددٍ من المهرجانات الأدبية والأمسيات الشعرية. حاصل على عدد من الجوائز منها «جائزة عكاظ»، «جائزة الباسل»، «جائزة نقابة المعلّمين»، و«جائزة فرع حلب لاتحاد الكتّاب العرب».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى