دي ميستورا يستعدّ لجنيف بعد منتصف آب… والميدان يقرّر الحضور والمواضيع الجيش السوري: تمشيط حلب من خطوط الليرمون والكاستيلو… وفتح باب التسويات

كتب المحرّر السياسي

في جنيف تتواصل المشاورات بين الموفدين الروسي والأميركي مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وفريقه المعاون، لتحديد الآليات التي تلاقي في مجال الهدنة والعملية السياسية، مضمون وعناوين التفاهم الروسي الأميركي، التي يختصرها استبعاد عناصر الخلاف حول الرئاسة السورية إلى ما بعد الانتصار على الإرهاب، وتوافر شروط تسمح بالاحتكام للسوريين في صناديق الاقتراع، بمشاركة مراقبين دوليين يمنحون الانتخابات ونتائجها صدقية وشرعية، لا تتيحان الطعن بها من أيّ جهة سورية أو إقليمية ودولية، ويرتضي الجميع نتائج هذا الاحتكام، ويتعاملون مع الرئاسة والمؤسسات التي تنتجها الانتخابات، ولو أعادت تعويم النظام ذاته الذي يترأسه الرئيس السوري، ومؤسساته، أو أدخلت عليها تغييراً طفيفاً تجميلياً، وفشلت قوى المعارضة التي تدّعي تمثيل الشعب السوري إثبات وجودها بشكل وازن يمنحها فرصة الحضور في مؤسسات الدولة.

الهدنة والعملية السياسية ستنتظران حتى النصف الثاني من آب ليستكمل دي ميستورا وفريقه المعاون مهمتهما، في التواصل مع الأطراف السورية، خصوصاً على ضفة المعارضة، التي تحتاج لإعادة تشكيل وفدها وضمّ أطراف جديدة إليه تمنحه الصفة التمثيلية الشاملة، وإخراج الأطراف التي تصرّ على التموضع مع جبهة النصرة في الحرب التي تدور رحاها وستشتدّ خلال الأيام والأسابيع التي تسبق جولة المحادثات المقبلة وتتبلور خلالها المواقف، ويفرز الجسم المعارض الذي يلتقي على القبول بالانخراط في أحكام الهدنة، ودخول العملية السياسية، تحت عنوان الحرب على الإرهاب، الذي يشكل جوهر التفاهم الروسي الأميركي، بعد انتقال الأميركيين من أولوية إسقاط النظام والرئيس في سورية واعتبار الإرهاب من الأعراض الجانبية التي ستزول حكماً، بإسقاط النظام والرئيس كما صرّحت عام 2012 وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون يومها، إلى أولوية إسقاط الرئيس وحفظ النظام كضمانة للفوز في الحرب على الإرهاب وإنجاح العملية السياسية، وتأمين الاستقرار في سورية، وفقاً لما قال وزير الخارجية الحالي جون كيري خلال السنوات الماضية وبقي يكرّر حتى قبل شهور قليلة هذا الكلام، ليصل اليوم إلى التسليم بأولوية الحرب على الإرهاب، وما تقتضيه من فرز للقوى السورية حكماً ومعارضة على أساس موقفها من هذه الأولوية، وترك الشأن السوري الداخلي للسوريين، سواء لجهة قدرة المتفقين على المشاركة في الحرب على الإرهاب وعلى التلاقي في حكومة موحدة تسهّل تعاونهم وتسهّل مهمة الخارج في هذه الحرب، أو لجهة مستقبل صياغة دستور جديد وإجراء إعادة تشكيل المؤسسات والمناصب الدستورية على ضوئه بمساعدة دولية تتيح تقديم الضمانات والمصداقية، وبالتالي التسليم بالنتائج.

ترجح مصادر تتابع محادثات دي ميستورا في جنيف أن يتأخر إلى ما بعد نهاية آب، بسبب غياب معارضة تملك الاستقلال والشجاعة لخوض محادثات تطابق مضمون هذه الشروط الجديدة من جهة، ولكون تبلور مشهد معارض مناسب لاستئناف العملية السياسية ويحسم مصير الجماعات المسلحة المتورّطة في التموضع مع جبهة النصرة والمنضوية في تشكيلات المعارضة من جهة أخرى، يحتاجان أن يكون الميدان قد قال ما يكفي للتأشير على الحرب الخاسرة التي تربط بها المعارضة مصيرها، ليبدأ الفك والتركيب في صفوفها.

الميدان يبدو متجهاً نحو المزيد من الوقائع المتسارعة، التي تقع فيها جبهات حلب وريف دمشق في الواجهة، حيث يحقق الجيش السوري والحلفاء نقلة نوعية تضع مصير المعاقل التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة تحت ضغط نوعي يفرض حسم مصيرها خلال الأسابيع المقبلة، ففي حلب بدأ الجيش انطلاقاً من تقدّمه على محاور الكاستيلو والليرمون بتمشيط الأحياء القريبة، وتوجيه رسائل علنية للمسلحين للدخول في تسويات تنتهي بتسليم سلاحهم والبقاء في المدينة أو تأمين ممرات للراغبين بمغادرتها، بينما تتساقط القرى الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة في الغوطة وسائر مناطق ريف دمشق تحت سيطرة الجيش تباعاً.

لبنانياً، تسجل المصادر المتابعة لعمل الحكومة واللجان النيابية سيادة معادلة رفع العتب، فيستمرّ انعقاد الجلسات وتتواصل مناقشة الملفات، ولكن دون تسجيل أيّ تقدّم، وكلما استعصى ملف جرى الانتقال إلى ملف جديد، تمريراً للوقت، وتشاركاً في عدم إعلان العجز، وتعبئة للفراغ بالمواضيع المناسبة، لتنعقد بعض الآمال على نجاح هيئة الحوار الوطني بتخطي هذا الفراغ واجتراح معجزة تحدث اختراقاً في أحد الملفين الكبيرين، رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات. ومن هنا الاهتمام بمشروع قانون يعتمد مجلسين للنواب والشيوخ فتح الطريق نحوه رئيس المجلس النواب نبيه بري في ختام جلسة الحوار الأخيرة، بينما يسود القلق من أن تقع هيئة الحوار في متلازمة الحكومة، فتح الملفات وعدم إقفالها، والانتقال من ملف إلى آخر على قاعدة رفع العتب وعدم إعلان العجز.

اللجان المشتركة تنتظر خلوة آب

عقدت اللجان المشتركة أمس جلسة رفع عتب. كانت على وشك ألا تلتئم وألا يتوفر نصابها لولا حضور نواب الكتائب الأعضاء في اللحظة الأخيرة. خطوات النواب «إجر لقدام إجر لورا». لا شيء جديد يقولونه. لذلك اتفقوا على عدم التصريح بعد انتهاء الجلسة. النقاشات عود على بدء تنتظر خلوة آب. تكررت الآراء والمواقف نفسها في الجلسة التي ترأسها نائب رئيس المجلس فريد مكاري. أعيد النقاش إلى المربع الأول. لم يعط حضور سفراء الاتحاد الأوروبي الى البرلمان اول امس وتأكيدهم على أهمية القانون النسبي المعتمد في دولهم، أي حافز للنقاش في النسبية الكاملة لأصحاب السعادة. بقي كل فريق متمترساً خلف موقفه، لا سيما ان كل القوانين الانتخابية كانت تفصَّل على مقياس زعمائهم الطائفيين.

التصويت على المختلط

حاول النائب جورج عدوان والنائب انطوان زهرا خلال الجلسة تجديد الدعوة إلى التصويت على اعتبار أن الاقتراح المختلط متفق عليه من حيث المبدأ، وأن القانون يجب أن يكون مختلطاً واستندوا إلى المادة 78 من النظام الداخلي « لكل نائب حق اقتراح قفل باب المناقشة في أي موضوع تكلم فيه على الأقل نائبان في تأييده ونائبان في رفضه أو تعديله باستثناء المواضيع المتعلقة بالدستور والثقة ومناقشة الموازنة مناقشة عامة».

مَن يرفض النسبية يضع نفسه في مواجهة مع الرأي العام

استدعى ذلك رداً من النائب علي فياض ونائبي التيار الوطني الحر ألان عون وإبراهيم كنعان. وقال فياض إن هذا الموقف استغلال لموقفنا الإيجابي في الاستعداد لمناقشة النظام المختلط بهدف استكشاف فرص التوافق، رغم تشبثنا بالنظام النسبي. واعتبر أن ما نناقشه هو طبيعة المختلط وليس مبدأ المختلط. وبالتالي فإن التلويح بمضمون المادة 78 الذي يعطي النائب إقفال النقاش، يشكل تهديداً في إقفال النقاش على المختلط وهو في غير محله، ولا أعتقد أن أحداً يريده. هذا فضلاً عن أن نص الدعوة للجان المشتركة وموقفنا في نقاش المختلط. كل ذلك يؤكد أننا ملتزمون مناقشة المختلط. وسأل ما هي القيمة الفعلية للتصويت على تبني المختلط من حيث المبدأ. وذكر بموقف حزب الله من تأييد النسبية الكاملة، مشيراً إلى «أن النخب والمجتمع المدني واتجاه عريض في الرأي العام يؤيدون النسبية. لذلك مَن يرفض النسبية يضع نفسه في مواجهة الرأي العام».

رفض عوني لطرح القوات

أيّد كنعان وعون موقف فياض. ورفضا الدعوة القواتية للتصويت على المختلط. أعاد التذكير أن اللجان المشتركة سبق أن صوتت على الاقتراح الارثوذكسي وان لا حاجة جديدة للتصويت طالما ان اللجان المشتركة ملتزمة بجدول أعمال القانون المختلط. الاتفاق على مناقشة المختلط لا يعني ان القوى السياسية تخلت عن مشروعاتها الأخرى.

ودعا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى عقد جلسة جديدة للجان المشتركة يُعطى فيها نائبان من كل مشروع عرض مشروعه الأكثري، النسبي، المختلط وأن هناك حاجة لقيام صاحبي المشروعين المختلطين بجهد لتوحيد المشروعين. وأيّد الجميل الدعوة إلى التصويت في الهيئة العامة في حال عدم الاتفاق.

وأعاد النائب أحمد فتفت تكرار معزوفته المعروفة أن النسبية جيدة ومقبولة، لكنها مرفوضة طالما هناك سلاح غير شرعي، كما وصفه، في يد حزب الله. ولفت إلى «أن القانون القائم ليس قانون الستين إنما الدوحة، متهماً الفريق الآخر بأنه لا يقدم أفكاراً جديدة ولا يقوم بأي دور إيجابي.

التخابر غير الشرعي إلى الأسبوع المقبل

أما مجلس الوزراء، فأرجأ مجدداً ملف الاتصالات الى الخميس المقبل لعدم جهوزية التقرير حول التمديد لعقود الخلوي الذي يعده الوزير المعني بطرس حرب، إذ إن المطلوب من الوزير حرب ليس وارداً في تقرير أعدّه من 774 صفحة، متعمّداً تشتيت الوزراء وتضييعهم، ما حوّل جلسة أمس الى حلبة سجالات وزارية لم تُفضِ ولن تفضي الى نتيجة في ملف الانترنت غير الشرعي، على غرار لجنة الاتصالات النيابية طالما أن مدير عام اوجيرو في أيادٍ أمينة. ويبدو أن كل هذه المهاترات لن توصل الى اعلان الحقيقة، طالما ان الشركاء أو المتورطين الحقيقيين في ملف الانترنت غير الشرعي معروفون رؤوسها التي تحظى بحماية لا أحد يجرؤ على تطييرها.

وقال وزير التربية الياس بو صعب لـ «البناء» إن هذا التقرير يتضمن كل المعلومات الا التي طلبها مجلس الوزراء. 95 من محتوى التقرير تكرار لتقارير سابقة وضعها مدير عام اوجيرو عبد المنعم يوسف في 2011. سبق أن عرض على مؤسسات عدة. مطلبنا اليوم مختلف، يتعلق بما حصل بالتخابر غير الشرعي وبالإنترنت غير الشرعي والعقد الموقع بين الوزير بطرس حرب وأوجيرو بـقيمة 176 مليار ليرة بطريقة غير قانونية. ولفت إلى «أن التقرير لم يتضمن أي جواب على هذه التساؤلات المشروعة والقانونية. هناك تخابر غير شرعي. هذا الأمر ليس من صلاحية وزارات التربية او الصناعة او الزراعة او الأشغال أو العمل. وحدها وزارة الاتصالات المسؤولة وتحديداً عبد المنعم يوسف هو المسؤول أن يراقب اذا كان هناك من تخابر غير شرعي لأن التكنولوجيا تغيّرت وباتت تسمح للمواطنين ان تدخل عبر الانترنت وتقوم بتخابر غير شرعي. وسأل لماذا حصر التخابر غير الشرعي بشركةstudio vision؟ لافتاً الى انه من 15 سنة الأمر ذاته، فلماذا أثير اليوم؟ رغم أن «ال ام تي في» لا تشكل 0.1 من قيمة الهدر، فأين 99.9 .

أما وزير الاتصالات جبران باسيل فقدّم خلال الجلسة مطالعة علمية بالأرقام من منطلق إمساكه بالملف عندما كان وزيراً للاتصالات. وأشار بحسب ما علمت «البناء» إلى مجموعة تساؤلات هل توجد السعات في وزارة الاتصالات لتحجب عن المواطنين، لذلك يضطرون للذهاب نحو الانترنت غير الشرعي؟ هذا السؤال يجيب على المشكلة؟ اذا كان ذلك صحيحاً لماذا؟ واذا كانت غير متوفرة لماذا لا تعلن الوزارة ذلك؟ وتابع كيف يمكن لوزير اتصالات أن يوقع عقداً مع شركة اوجيرو من دون المرور بمجلس الوزراء، رغم ان القانون يقول إن هذا يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء؟ وكيف لعبد المنعم يوسف أن يوقع العقد وينفذه ويراقب التنفيذ في الوقت نفسه.

واتفق الوزيران وائل ابو فاعور والوزير أكرم شهيب مع الوزير باسيل حول كيف يمكن ليوسف ان يتولى حقيبتين متناقضتين! وطالبا باتخاذ قرار بشأن المنصبين اللذين يشغلهما لنزعهما منه. وهدد ابو فاعور بالانسحاب من الجلسة المقبلة اذا لم يحصل أي تقدم في هذا الملف، ويأتي قرار ابو فاعور عقب مطالبات من وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله والاشتراكي أن الوقت حان لأخذ قرار.

درباس: تبادل الاتهامات لطمس الحقيقة

وفيما لفت الوزير حسين الحاج حسن إلى أن مجلس الوزراء منذ 11 سنة هو مَن عيّن يوسف في المناصب التي اوكلت اليه وهو الذي يتحمل المسؤولية، أكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «البناء» انه طرح على الوزير حرب خلال الجلسة امس نقطتين: الاولى اذا كان قيام مدير عام اوجيرو بوظيفتين مخالفاً للقانون كيف لمجلس الوزراء أن يعينه؟ وكيف لمجالس الوزراء المتتالية أن تسكت عن هذه المخالفات؟ والنقطة الثانية اذا كان هناك من انترنت في وزارة الاتصالات لماذا لا يفرج عنها عبد المنعم يوسف؟ ورأى أن تغيير يوسف هو استنساب سياسي وإداري، فالفساد لا يُحكى عنه الا في القضاء ولا ارى عنواناً للحقيقة الا حكم المحكمة ما عدا ذلك نحن نتعدى على صلاحية القضاء. لا أحد يغطي السموات بالقبوات، اذا كان عبد المنعم مرتكب مخالفات فهناك جريمة كبرى تُغطى من خلاله، والمآخذ على يوسف ذريعة للتغطية على الجريمة. واعتبر ان ما يحصل حول ملف الانترنت من تبادل الاتهامات في شأن محطة الزعرور وصاحبها ميشال غبريال المر ووزارة الاتصالات بشخص مدير عام أوجيرو هدفها طمس الحقيقة. وهذا ليس نابعاً الا من الفجور السياسي ورفض التوسع في الحديث حول مسؤولية الاجهزة الامنية في موضوع إدخال التجهيزات، رغم تحميل نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل مسؤولية الإنترنت غير الشرعي الى الأجهزة الأمنية التي تشمل الجمارك والقوى الامنية في موضوع إدخال التجهيزات وتساءل عن تباطؤ القضاء في بت الموضوع.

الموسوي: عون رئيساً

الى ذلك، برز امس موقف لحزب الله عبر عنه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي، مؤكداُ خلال احتفال تأبيني في جبشيت، «أن ما فشل حليف النظام السعودي الطاغوتي الصهيوني في فرضه على أهلنا بالحديد والنار، لن يستطيع أن يفرضه علينا لا بالمال ولا بغير المال، وأن الفشل والهزيمة سيكونان في انتظاره». أما في الملف الرئاسي، فرأى الموسوي «أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون سيكون رئيسا للجمهورية لأن لديه الأكثرية اللازمة لانتخابه، شرط أن تتحرر كتلة «المستقبل» من اعتقال النظام السعودي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى