موسكو: الرئيس الأسد مستعدّ لبحث اقتراحات دي ميستورا

أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً تشريعياً يقضي بالعفو عن كل من حمل سلاحاً وكان فاراً من وجه العدالة، إذا بادر إلى تسليم نفسه وسلاحه وكل من بادر إلى تحرير المخطوف لديه بشكل آمن دون أي مقابل، خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي سواء بوشر في الإجراءات القضائية بحقه أو لم تتم المباشرة بها بعد.

وفي السياق، أصدرت الرئاسة السورية بياناً جاء فيه أنّ الرئيس الأسد يدعو جميع أبناء الشعب السوري إلى الوقوف صفاً واحداً مع الجيش السوري المصمم على استئصال الإرهاب، مؤكداً أنّ المصالحة الوطنية هي الطريق الأهم لوضع حد لما يعصف ببلدنا من عنف وقتل ودمار.

واليوم وبعد أن غدا واضحا للجميع أخطار هذا الاستهداف لوطننا، فإن السيد الرئيس يدعو الجميع إلى العودة إلى حضن الوطن والقاء السلاح، وسيجدون أن سورية كما كانت دائماً هي الأم الحاضنة للجميع والحانية عليهم والحريصة على أمنهم وأمانهم ومستقبل أجيالهم، وبذلك يمكن لنا جميعا أن نعود إلى الأمن والأمان الذي طالما كنا نفاخر به العالم.

البيان أضاف أنّ «الفرصة سانحة لكلّ من حمل السلاح أن يعبّر عن انتمائه للوطن، وأن يلقي السلاح وينخرط في عملية إعادة إعمار البلاد»، واعداً أنّ «يكون التسامح سيّد الموقف وأن تكون سورية الأم الحاضنة للجميع».

جاء ذلك في وقت، أعلنت قيادة الجيش السوري عن فرض الجيش سيطرته الكاملة على حي بني زيد الذي كان يعد أحد أهم معاقل تنظيم «جبهة النصرة» في حلب، والواقع في شمال المدينة.

الجيش السوري أضاف، أنّ وحدات الهندسة قامت بإزالة المفخخات والعبوات من الساحات والشوارع في الحي، و أنّ عمليات تأمين حلب أسفرت عن السيطرة على كراجات عفرين والسكن الشبابي، وجميع كتل الأبنية والمعامل في الليرمون الواقعة على الأطراف الشمالية لمدينة حلب.

هذا، وأكدت مصادر ميدانية أن الجيش اقتحم بني زيد بعد معارك دامت لساعات مع المسلحين، في وقت منعت فيه الجماعات المسلحة الرجال تحت سن الـ 50 من الخروج من أحياء حلب الشرقية، وذلك بعد عبور العشرات منهم إلى مناطق الجيش.

كما أكّدت المعلومات عن التوصل إلى تسوية بين الجيش السوري و3 فصائل مسلحة من أحياء حلب الشرقية لتسليم أسلحتهم، حيث سيخرج المسلحون من الكلاسة وبستان الباشا وسيسلمون أسلحتهم للجيش السوري وسيغادرون إلى ريف حلب غرباً.

في غضون ذلك، واصل الجيش السوري عملياته في حلب، حيث بدأت وحداته باقتحام مخيم حندرات، و أكّدت المصادر العسكرية تمكن الجيش، من قتل، كل من القائد العسكري لـ«حركة نور الدين الزنكي» الإرهابية، عمار شعبان، و عمر سلخو أحد القادة العسكريين في الحركة، في معارك حندرات، و هما من الذين شاركوا في ذبح الطفل الشهيد عبدالله العيسى قبل أيام في حي المشهد في مدينة حلب.

هذا و أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أنّ الحكومة السورية والجيش الروسي أطلقا، أمس، عملية إنسانية واسعة النطاق في مدينة حلب، موضحاً أنّ العملية تجري بتفويض من الرئيس فلاديمير بوتين.

الوزير الروسي أكد أنه سيتم فتح 3 ممرات في حلب لخروج المدنيين والمسلحين الراغبين في إلقاء السلاح، بالإضافة إلى ممر آمن رابع نحو طريق الكاستيلو لمسلحي «الجيش الحر» الذين مازلوا يحملون السلاح.

وقال «بغية مساعدة المدنيين الذين أصبحوا رهائن لدى الإرهابيين، والمسلحين الراغبين في إلقاء السلاح، يتعين على المركز الروسي المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة بالتعاون مع السلطات الروسية، فتح 3 ممرات إنسانية، ونشر في محيط هذه الممرات مراكز لتقديم الوجبات الساخنة والمعونة الطبية الأولية».

وأردف قائلاً «مع إنّ الشركاء الأميركيين لم يقدموا لنا حتى الآن بيانات حول الفصل بين تنظيم «جبهة النصرة» والجيش السوري الحر، يجب فتح ممر آمن رابع باتجاه طريق الكاستيلو لعبور المقاتلين من الجيش الحر وهم يحملون السلاح».

كما دعا شويغو المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى المشاركة في العملية الإنسانية بحلب. واستطرد قائلاً «لقد دعونا الأطراف المتنازعة أكثر من مرة إلى المصالحة، لكن المسلحين خرقوا نظام الهدنة مرة بعد أخرى، وقصفوا مناطق مأهولة وهاجموا مواقع القوات الحكومية، في نهاية المطاف نشأ في مدينة حلب وفي ضواحيها وضع إنساني صعب للغاية».

كما كشّف شويغو أنّه أمر بالشروع في إيصال المساعدات الغذائية والمستلزمات الأولية إلى حلب جواً وإسقاطها للمدنيين الذين يحاصرهم المسلحون داخل المدينة. وكلّف العسكريين الروس بإيلاء اهتمام خاص، لإيصال مستلزمات رعاية الأطفال والمرضى ومستلزمات النظافة الشخصية.

كما يجب إبلاغ سكان المدينة بفتح الممرات الآمنة للخروج من المدينة، وذلك عن طريق إلقاء المنشورات من الجو، والرسائل القصيرة للهواتف المحمولة، ومكبرات الصوت، كاشفاً عن أنّ 77 بلدة سورية أخرى انضمت إلى عملية المصالحة خلال الأيام الثلاثة الماضية، إذ بلغ عدد المدن والبلدات التي يشملها نظام الهدنة 294 بلدة. كما قدم قادة 61 فصيلاً مسلحاً طلبات للانضمام إلى نظام وقف الأعمال القتالية.

وزير الدفاع الروسي أكّد أنّ وزارته ستوفد مجموعة خبراء برئاسة الجنرال حجيمحمدوف، إلى جنيف لإجراء مشاورات مع خبراء أميركيين من أجل وضع إجراءات مشتركة لاستعادة الاستقرار في حلب، كاشفاً أنّ هذه الخطوة تأتي استجابة لطلب شخصي من وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

من جهته، نفى الكرملين، قطعياً، مزاعم حول استعداد الجيشين، الروسي والسوري، لعملية عسكرية في حلب تحت غطاء العمل الإنساني.

وقال دميتري بيسكوف، الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي «تجري الاستعدادات للعملية الإنسانية. ولا يوجد أي أساس للتشكيك في طابعها الإنساني».

بدوره، قال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إنّ موسكو تدعو واشنطن وشركاءها الآخرين إلى التركيز على حل مسائل عملية تتعلق بالتسوية في سورية، بدلاً من السعي لكسب نقاط سياسية، مؤكداً أنّ مقترح واشنطن وقف العملية في سورية دون توضيح من هي المعارضة المعتدلة مكر سياسي.

وأعرب ريابكوف، عن تمني موسكو أن لا يصبح الحوار العملي بينها وبين واشنطن، مجدداً، «موضع مضاربات سيئة النية وشائعات من كل نوع»، داعياً زملاءه في واشنطن وعمان وجنيف ومدن أخرى تتم فيها مناقشة هذه الموضوعات، «إلى التركيز على حل عملي للمسائل، لا على محاولات لكسب هذه النقاط السياسية أو تلك، عن طريق تسريبات إعلامية».

كما أعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، أنّ موسكو تنتظر من الأمم المتحدة تأييد العملية الإنسانية الجارية في حلب، لافتاً إلى أنّ أيّ تدابير تتيح تسهيل إيصال المساعدة الإنسانية إلى أحياء حلب ستكون موضع ترحيب وستسهم الأمم المتحدة بذلك، بصورة فعالة وهذا ما يتكلم عنه المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا.

وفي تعليقه على إعلان بدء العملية الإنسانية المشتركة في حلب ، قال المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إنه «لم تكن هناك مشاورات معنا» بشأن هذه العملية.

وذكر أنه ينوي التشاور مع المقر الرئيس للأمم المتحدة، وخاصة مع ستيفن أوبراين، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وذلك من أجل معرفة «رؤيته الشخصية» لهذا الموضوع.

وفي رده على سؤال يتعلق بقرار وزارة الدفاع الروسية إرسال خبراء إلى جنيف لبلورة خطوات مشتركة من أجل إعادة الوضع في حلب إلى استقراره، ذكر دي ميستورا «حسب فهمي، فهناك عدد من الخبراء العسكريين والمدنيين من روسيا، وربما من الولايات المتحدة، في طريقهم إلى جنيف».

دي ميستورا، حذّر من تبعات فشل موسكو وواشنطن في التوصل إلى اتفاق حول التعاون العسكري في سورية، وقال «أنّ ذلك سينعكس بصورة سلبية للغاية على إمكانية إنجاح المفاوضات» الجارية بين الحكومة السورية والمعارضة.

وتابع الدبلوماسي أنّه «في كل حال من الأحوال ستكون المفاوضات صعبة، لكن علينا أن نعطيهم أطراف النزاع أقصى قدر من الفرص»، نافياً عزمه إلغاء الجولة الدورية من المفاوضات السورية المخطط لها في آب المقبل في حال عدم نجاح المشاورات الروسية الأميركية.

إلى ذلك، أعلن مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف أليكسي بورودافكين أنّ الرئيس السوري بشار الأسد مستعد لبحث اقتراحات المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا حول تطبيع الوضع في سورية.

وقال بورودافكين، إنّ موسكو تعوّل على أنّ دي ميستورا سيسرع إجراء المفاوضات السورية في جنيف بعد بدء العملية الإنسانية في حلب، معرباً عن أمله في أنّ استعداد الأسد لمناقشة اقتراحات المبعوث الأممي، وإيجاد قرارات حول حلب سيساعدان دي ميستورا في المضي قدماً نحو تسوية الأزمة.

وأوضح الدبلوماسي الروسي أنّ الرئيس السوري وجه دعوة إلى رمزي عز الدين رمزي نائب دي ميستورا، الذي ينوي زيارة دمشق في 30 تموز، مؤكداً أنّ عملية الانتقال السياسي بمشاركة المعارضة المعتدلة في إصلاح مؤسسات الدولة، تمثل الطريق الوحيد لتسوية الأزمة السورية.

جاء ذلك في وقت، دعّت فرنسا وبريطانيا، أمس، حلفاء دمشق إلى إنهاء حصار مدينة حلب السورية.

وجاء في بيان مشترك نشر عقب لقاء جمع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت مع نظيره البريطاني بوريس جونسون، في باريس، أنّ استمرار حصار المدينة يجعل استئناف مفاوضات السلام مستحيلاً. وتابع البيان أنّ التداعيات «الكارثية» لحصار ثاني أكبر مدينة سورية، من شأنها أن تثير موجات جديدة من النازحين من حلب.

واعتبر الوزيران أنّ «روسيا وحدها قادرة على إقناع نظام بشار الأسد بإنهاء الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات».

من جانبه، اعتبر الناطق باسم معارضة الرياض، رياض نعسان أغا، أنّ العملية الإنسانية المشتركة بين موسكو ودمشق في مدينة حلب السورية لن تسهل الطريق إلى حل سياسي للأزمة السورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى