هل تسود نظرة حزب العمال الكردستاني حول القضية الكردية؟

حميدي العبدالله

في سياق حوار أجرته إحدى الصحف اللبنانية مع ما بات يعرف بوزير خارجية حزب العمال الكردستاني في تركيا، قال جواباً على سؤال حول ما إذا كان الأكراد يطالبون بدولة خاصة بهم ومستقلة عن دول المنطقة: «نحن لا ننظر إلى موضوع القضية الكردية من زاوية قومية وإثنية محددة، بل نعتبرها أساساً لحرية شعوب الشرق الأوسط كلها، وعلى هذا الأساس سيكون الترابط بين مكونات الشرق الأوسط»، وأضاف: «موقعنا بشكل عام مرتبط بالروابط التاريخية والاجتماعية لكلّ مكونات الشرق الأوسط». وبعد رفضه للدولة القومية أشار إلى أنّ تركيز الأكراد «على حلّ يقوم على دمقرطة البلدان تحترم فيه التعدّدية الإثنية والدينية والمذهبية».

لا شك أنّ هذا المفهوم جريء وثوري وفي الوقت ذاته واقعي، المستقبل يعمل في مصلحته، وليس في مصلحة أيّ مفهوم آخر.

لكن هل هذا توجه الأكراد في كلّ مناطق كردستان المنتشرة في أربع دول هي العراق وتركيا وإيران وسورية؟

أو هل هي رؤية أكراد العراق، وتحديداً حزب الملا مسعود البارزاني حاكم إقليم كردستان العراق؟

لا يبدو أنّ هذه الرؤية لواقع المنطقة ومستقبلها ودور ومكانة الأكراد فيها تنطلق من الرؤية التي تحدّث عنها مسؤول العلاقات الخارجية في حزب العمال الكردستاني.

مثلاُ مسعود البارزاني يدعو باستمرار إلى إقامة دول كردية في العراق، بل إنه حاول أكثر من مرة تمرير استفتاء يدعو إلى انفصال الأكراد بشكل نهائي وتم إحباط هذه المساعي من خلال معارضة كردية داخلية ومن خلال معارضة دولية، بما في ذلك من دول حليفة للبارزاني مثل الولايات المتحدة لقناعة هذه الدول أنّ أكراد العراق يخدمون الاستراتيجية الأميركية من موقعهم الحالي أكثر مما لو قرّروا الانفصال عن العراق.

ثم هل صيغة الحكم القائمة الآن في شمال العراق حيث الغالبية الساحقة للأكراد ينطبق عليها التعريف الذي تحدّث عنه مسؤول العلاقات الخارجية في حزب العمال الكردستاني والذي يستند على «التركيز على دمقرطة البلدان التي تحترم فيها التعدّدية الإثنية والدينية والمذهبية»؟ من الواضح أنّ الأنموذج القائم في كردستان العراق يعبّر عن المفهوم القومي الذي رأى فيه مسؤول العلاقات الخارجية في حزب العمال الكردستاني أنه «يضيف مشكلة أخرى إلى القضايا العالقة في المنطقة».

لا زلنا بعيدين جداً عن سيادة هذه الرؤية الصحيحة في صفوف غالبية الأكراد، وقد لا يتحمّلون وحدهم المسؤولية عن ذلك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى