خرافة الانقلاب… سيناريو لما قبل الانسحاب

لؤي خليل

يبدو انّ ليلة الحلم ونصف اليوم الذي شهده العالم بين نهاره وليله عن سيناريو المشهد الأردوغاني بين السقوط والوقوف جانباً لم يكن حدثاً استثنائياً، ولم يشهد اي مواقف تستدعي كلّ هذا البعد السياسي والتحليل الناجم عن حجم التبدّل العالمي الذي كان سيحصل ربما في حال كان ما سيحصل واقعاً. ولو أخذنا الحدث بعيداً عن الخيال لوجدنا انّه مع فجر تلك الليلة الساخنة وتبدّد الأماني الفارغة وفظاعة الحدث، تحركت الآلة الإخوانية الصهيونية لتعيد كلّ شيء كما كان وتمسح معارضي أردوغان من أمام بيت «السلطان». فالقاذفات جميعها كانت تحمل توقيع الأطلسي «الاسرائيلي»… نعم انّ كلّ ما حدث هو حجة مدبّرة لإزاحة كلّ معارضي أردوغان من ساحة الصدام المباشر معه، وتغيير مساحات الفرق السياسي بينه وبين ما سيأتي في قادم الأيام من تغييرات ستشهدها الساحة التركية، فالتغيير الواضح في معادلات الإقليم التركي من موسكو الى سورية، هو ما سيتضح في نتائج العملية الهزلية الانقلابية، فهي لم تكن خطة مسرحية بل مدبّرة وواقعية بتحريك بعض مفاصل الانقلاب خارجياً وإزاحتهم من جديد من رأس السلطات القضائية والعسكرية، فالتحليل بات يقول انّ التغيير الأردوغاني آتٍ.

ولكن دوماً يحتاج الى زلزال يغيّر ما نشهده ويفسح الفرصة للبرهنة انّ التراجع في المواقف سببه هزة معينة في بنيان الحكم. نعم هذا ما يحتاجه أردوغان لإسكات مناصريه وحتى معارضيه، هو الضعف القادم في تغيير المشهد التركي وتنسيق التراتبية في التغيير مع الحليف الاميركي والمراقب الروسي، فكلّ مراقب لبرودة الأعصاب لوزيري الخارجية في روسيا وأميركا أثناء مؤتمرهما الصحافي يلحظ ردّ الفعل الهادئ وكأنّ ما يحصل هو في دولة بعيدة عن مفاصل الأزمات، ولكن بالتأكيد كان بترتيب اللاعب الاميركي الذي يحاول إعادة أوراق المنطقة، وربما تنسيق بعض الازمات ليضعها خلف ظهره قبل مشهد الانتخابات، وخصوصاً في سورية واليمن لانّ ايّ غياب اميركي سيضعف الساحة الاردوغانية ومن خلفها الخليج ومرتزقتهم الارهابيين في سورية.

فما حصل شكل ضربة استخبارية عميقة قد لا تقصي أردوغان وحزبه بل ستؤدّبهم وخصوصاً انّ صبر الغرب قد نفذ بعد المآسي الهالكة والضربات المميتة الإرهابية في عقر دارهم .

والدوامة الاستخبارية التي تورّط بها الخليج في لعبة الانقلاب التركي ربما ستضعه في وجه المعادلة الإخوانية الوهابية وستكلفه حظراً سياسياً سيغيّر مفاصل الأزمات من اليمن الى سورية. نتائج الانقلاب الاستخباري ستزيح أزلام المخابرات الخليجية في تركيا، وخصوصاً مفاصل الأمن الحدودي، وسيرتب عليهم مقارنة ما قبل مشهد ليلة الحلم مع ما بعد مشهد نصف اليوم الأردوغاني، هذا ما احتاجه اردوغان، نعم نصف يوم لتغيير كلّ شيء وربما سرقة كلّ مفاصل الدولة التركية من جديد، ليحسم مواقفه ويغيّر اذهان مناصريه.

فتركيا بعد الآن لم تعد مثلما كانت قبل صفيحها الساخن وارضها المغايرة في تضاريسها وبحارها وممراتها، لن تفتح بغير إذن الحاكم الاميركي، هذا ارتباط نفسي جديد يمدّه اردوغان في غير اتجاه ربما ثمن لفاتورة انقلابه الجديد في تغيير سمت الموقف ملتحفاً بالحماية الاميركية لإعادة هيكلة هدوء المنطقة وقفل معابر الرجوع الإرهابي الى أوروبا.

نعم هذا ما احتاجه اردوغان ليلة شرق أوسطية ونصف يوم غربي يغيّر أبعاد قربه ومعاداته بين الوهابية والإخوانية ويقوّي سطوة حزبه على مفاصل الجيش الذي هو رأس التغيير القادم في مشواره الشرق أوسطي الجديد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى