«إسرائيل» تقرع طبول الحرب… وسورية جاهزة للمواجهة!

د. خيام الزعبي

هذا ليس تصعيداً إعلامياً عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بل انّ دلالات مظاهر ومواقف «إسرائيل» على القيام باستعداداتها لشنّ حرب واسعة على سورية واضحة ولم تعد تخفى على أحد، بعد ان فشلت ويئست من مخططها الإرهابي إثر هزيمتها في سورية، فدفعت عميلها أردوغان الى إصلاح وإعادة العلاقات الدبلوماسية معها والى فتح الحدود أمام المرتزقة المتطرفين للحاق بـ«قافلة الجهاد» في سورية، في خطوة من شأنها إعادة ترتيب الأوراق من جديد كي يتفرّغ هذا الحلف «الإسرائيلي التركي» ومن ورائه دول الغرب للاستعداد للحرب ضدّ سورية، وهم الذين بذلوا كلّ ما في وسعهم وجنّدوا كلّ ما يملكون وعلى كلّ المستويلت وراهنوا على الانتصار بقوتهم المصطنعة داعش وأخواتها على سورية. هذه المحاولة وفشلها يطرحان مجموعة من الأسئلة التي تستحق التوقف والمناقشة، تبدأ بالسؤال: هل هناك حرب وشيكة على سورية؟

مرة أخرى، تنجح الأزمة في سورية في حجب أنظار السوريين عما يحضَّر أميركياً و«إسرائيلياً» بالنسبة إلى سورية، خصوصاً من خلال ما تعدُّه مراكز الأبحاث والدراسات «الإسرائيلية»، والتي تتضمّن أكثر من «سيناريو» لحروب «إسرائيلية» محتملة على سورية، مع شرح تفصيلي لكلّ منها، إضافة إلى خرائط ولوائح بالأسلحة الممكن استعمالها. ففي الأشهر القليلة الماضية شهدت نقاشات كثيرة حول تزايد التوترات بين سورية و«إسرائيل»، فيما حذر شاؤول موفاز رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيسة الصهيوني من اندلاع مواجهة عسكرية مع سورية، وقال في لقاء مع الإذاعة العسكرية «الإسرائيلية» إنّ التهديدات ازدادت على «إسرائيل»، وهناك احتمال بأن تحاول سورية إشعال النار في المنطقة من خلال مواجهة مع «إسرائيل»…

كذلك توقع موقع «ديبكا» الإسرائيلي اندلاع حرب بين سورية و«إسرائيل» في الفترة القريبة، وقال الموقع في تحليله إنّ التصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، وعن القيادة السورية، تشير الى أنهما يستعدّان لحرب إقليمية، كما اعتبر الموقع أنّ تصريحات نتنياهو ومناورات الجيش السوري من المعطيات التي تدعم احتمال تفجّر المواجهة العسكرية في الأسابيع والأشهر المقبلة، وإذا حدث ذلك، فسيكون له أثر تحوّلي هامّ، سواء بالنسبة لـ«إسرائيل» أو بالنسبة لسورية، ومن المرجح أن تكون حرب كهذه مدمّرة وواسعة النطاق.

على صعيد متصل تشير خارطة المنطقة وبحسب التقارير المختلفة إلى عمليات تنسيق من نوع آخر تجري في المنطقة، فالجماعات المسلحة المدعومة من الغرب تتلقى دعماً استراتيجياً ولوجستسياً ذا أهمية كبيرة من مراكز التجسّس «الإسرائيلية» المنتشرة في هضبة الجولان تساعدهم على معرفة أماكن ومواقع انتشار الجيش السوري في المنطقة، ومعارك درعا والجنوب السوري هي خير دليل على ما يجري هناك، فالمسلحون وبدعم إقليمي يحاولون إنشاء منطقة قوية لهم بالمعنى العسكري تكون مرتكزاً ومنطلقاً لهم للتأثير على العاصمة دمشق من الناحية الجنوبية، بعد فشلهم في إحداث أيّ اختراق في جبهات الغوطة بجهاتها المختلفة، وعليه فالمنطقة تشهد تصعيداً عسكرياً خطيراً جداً استطاعت القوات السورية إفشاله، ناهيك عن تسهيل الأجهزة المخابراتية «الإسرائيلية» لعمل هذه الجماعات والقيام بتمويلها ودعمها سراً لخدمة مصالحها وتحقيق أهدافها في سورية، فاليوم تعمل «إسرائيل» على بلورة وتعزيز خطة لاستخدام اللاجئين السوريين لإقامة حزام أمني في جنوب سورية «منطقة آمنة»، حيث يتجمّع فيها اللاجئون بمنطقة محمية تُقام على عرض عشرة كيلومترات من شرق الحدود «الإسرائيلية»، وبطول عشرين كيلومتراً من القنيطرة جنوباً، مع اختيار اللاجئين المجمّعين فيها جهازاً محلياً مستقلاًّ للحكم الديمقراطي.

وفي ذات السياق أغارت مقاتلات «إسرائيلية» على مواقع عسكرية قريبة من القنيطرة قبل أيام، وتعتبر هذه الضربة بداية حملة «إسرائيلية» أكثر شراسة تهدف الى الحفاظ على السيطرة «الإسرائيلية» في المنطقة، من خلال تدمير كافة الأسلحة وخصوصاً الصواريخ السورية، والتي تفيد معلوماتها الاستخبارية أنها ستصل إلى حزب الله الذي يستخدمها لضرب مواقع «إسرائيلية»، كما تحاول «إسرائيل» إضعاف إيران وحزب الله في الداخل السوري، حتى لا يتمكّنوا من شنّ هجمات عسكرية ضدّها في لبنان، فـ»إسرائيل» بذلك تستغلّ الوضع القائم في المنطقة للقضاء على عدوها الرئيسي «محور المقاومة»، ويظهر حجم هذا الاهتمام، من خلال الخوف «الاسرائيلي» من وصول حزب الله إلى أقرب نقطة من شريط الفصل في الجولان، فهي تتابع عن كثب تواجد عناصر حزب الله في الجولان لسببين، الأول بسبب تهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بالانتقال للعمل ضدّ «إسرائيل» من الجولان، والثاني قيام حزب الله بإرسال مقاتلين في الشهور الأخيرة لتنفيذ عمليات ضدّ قوات الجيش الإسرائيلي في الجولان، لذلك تعمل «إسرائيل» على وضع خطة عسكرية كاملة وحديثة لاجتياح جنوب لبنان وضرب حزب الله وشطبه عن خارطة التهديد، ومنعه من إعادة تسليح نفسه لسنوات طويلة. في هذا السياق ستنجلي الأيام والأسابيع المقبلة عن تداعيات هامة وكبيرة لهذه الحرب أهمّها انحسار الهيمنة العسكرية الإسرائيلية على المنطقة لصالح توازن قوى جديد تفرضه سورية ومحور المقاومة، فهناك شرق أوسط جديد سيظهر، لكنه ليس وفق رغبات البيت الأبيض، وإنما وفق توازن القوى الجديد، كلّ هذه التطورات المتوقعة تشكل مفصلاً تاريخياً يؤثر بصورة كبيرة على كلّ المخططات والسياسات «الإسرائيلية» – الغربية في المنطقة، وستدخل المنطقة في مرحلة تاريخية جديدة تهدّد بقاء «إسرائيل» وقدرتها على الاستمرار في السيطرة على الثروات العربية، ولهذا فإنّ مساعدة كلّ من إيران وحزب الله لسورية، بالإضافة إلى القوّة الصاروخية التي يمتلكها الجيش السوري والقادرة على ضرب أيّ مكان على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن قدراته الهجومية التي لا تزال في ارتفاع مستمر، ليس لمصلحة «إسرائيل» فتح جبهة مع دمشق، ليصل الأمر في المقابل إلى اعتبار أنّ سيناريو الحرب المقبلة مع سورية سيكون الأخطر في تاريخ «إسرائيل».

أخيراً ربما يمكن القول إنّ الحرب المقبلة بين «إسرائيل» وسورية ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم «إسرائيل» أكثر مما حصل في حرب تشرين التحريرية، وستغيّر هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، فالجيش السوري لن يفاجئ «إسرائيل» في حجم ترسانة صواريخه وتنوّعها فحسب، بل سيفاجئها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية على مستوى العدة والعديد، لذلك فإنّ «إسرائيل» يجب أن تَخْرُج مهزومة من حربها على سورية وهذه الهزيمة ستصبح حقيقة واقعية، وفي حجم «الهزيمة التاريخية»، لذلك لا بدّ من التوحد خلف استراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الاحتلال وعزله ومواجهته بكلّ أشكال المقاومة سواء كانت عسكرية أو إعلامية أو قضائية إلى أن يزول هذا الكيان عن كامل الأرض العربية والمقدسات الفلسطينية.

khaym1979 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى