نصرالله: السعودية شاركت في صنع الوضع العربي السيئ بهدف إقامة علاقة مع «إسرائيل» وأمامها فرصة للتدارك وإلّا ستُهزم

أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنّ السعودية «شاركت في صنع هذا الوضع العربي السيّىء لاستغلاله بهدف إقامة علاقة مع «إسرائيل»، لافتاً إلى أنّ أمام حكّام السعوديّة فرصة للتدارك وإنهاء هذا الوضع، وتوجّه إليهم بالقول: «لا تتكبّروا ولا يعميكم الحقد، بل كونوا شركاء في معالجة أوضاع المنطقة»، منبّهاً إلى أنّ مشروعهم سيُهزم. وشدّد على أنّ الأحلام الإمبراطوريّة سقطت في حلب.

وفي الشأن اللبناني، دعا السيد نصرالله الحكومة إلى معالجة ملفّات الفساد، رافضاً أيّ زيادة على الضرائب والرسوم مهما كانت المبرّرات.

كلام السيد نصرالله جاء خلال كلمة متلفزة له في مهرجان أقامه حزب الله في ذكرى أسبوع القيادي إسماعيل أحمد زهري أبو خليل في ساحة النادي الحسيني في النبطيّة الفوقا.

وحضر الاحتفال الوزير محمد فنيش، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، محافظ النبطيّة القاضي محمود المولى، نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، رئيس جهاز أمن السفارات العميد وليد جوهر، المدير الإقليمي لأمن الدولة في محافظة النبطية العميد سمير سنان، ممثّل الأمن العام العقيد فوزي شمعون، رئيس بلديّة مدينة النبطيّة الدكتور أحمد كحيل، ممثّلون عن الأحزاب والقوى الوطنيّة والإسلاميّة، وعلماء دين ورؤساء بلديّات ومخاتير.

بعد آيٍ من الذّكر الحكيم تلاها وجدي حوماني، استُهلّ المهرجان بالنشيد الوطني ونشيد حزب الله عزفتهما الفرقة الموسيقيّة لـ«كشافة الإمام المهدي»، ثمّ كلمة عريف المهرجان محمد نسر.

العلاقات السعودية «الإسرائيلية»

وبعد كلمة عائلة الفقيد ألقاها فضل زهري، تحدّث السيد نصرالله الذي لفتَ إلى أنّ «الوضع العربي سيّىء جداً، أسوأ من أيّ زمن مضى، لا أمّة ولا دول ولا جامعة عربيّة حقيقيّة ولا مصير مشترك ولا أي شيء من هذا»، مشيراً إلى أنّه «حتى القضيّة المركزيّة، قضيّة فلسطين التي يحتلّها الصهاينة ويزجّ الآلاف في السجون، وفلسطين التي يهدّد الصهاينة من خلال الاحتلال كل شعوب المنطقة، «إسرائيل» لم تعدْ عدوّاً للوضع العربي الرسمي، وفلسطين أصبحت قضيّة رفع عتب، هذا ما عبّرت عنه القمم العربية».

واعتبر أنّ «أسوأ ما في الوضع العربي السيّىء هو هذا التطوّر في الموقف السعودي الذي بدأ ينتقل من العلاقة خلف الستار أو التواصل مع «الإسرائيليّين» في السر إلى العلن. وبطبيعة الحال، عندما يقوم الأمير تركي الفيصل بلقاءات علنيّة مع «الإسرائيليّين»، ومسؤول سابق في المخابرات السعودية يزور الكيان، كل هذا لا يحصل بمعزل عن موافقة الحكومة السعوديّة».

وذكر أنّه «في السعودية إذا غرّد أحد عبر «تويتر» يُحكم عليه بالجلد ألف جلدة، فكيف إذا خالف سياسة استراتيجيّة؟ هذا ليس بداية علاقة تنسيق، بل بداية الانطلاق من السر إلى العلن، وما يقوم به هذا الأمير وهذا اللواء جسّ نبض. الوضع العربي مشتّت، وأنتم الذين شاركتم بصنع هذا الوضع العربي تستغلّون الفرصة المؤاتية لتنقلوا تنسيقكم مع العدو إلى العلن».

ورأى أنّه «بقي عدد من الدول يُعتبر موقفها محافظاً وحريصاً، ويمكن أن يسجّل ذخيرة حتى لأهل المسار السلميّ ومنها السعودية، أي عندما تريد السعودية التطبيع مع «إسرائيل»، فهذا الأمر لمصلحة «إسرائيل». وما حصل أنّه بلا أثمان ولا مكاسب للعرب أو الفلسطينيّين، لا أمنيّاً ولا سياسيّاً ولا على مستوى الحقوق أو المقدّسات ولا مصير الشعب، يقدّم بالمجان تطبيع سعودي مع «إسرائيل»، وهذا سيفتح الباب كليّاً ونهائيّاً».

واعتبر أنّ «السعودية تقدّم نفسها في العالم العربي والإسلامي على أنّها دولة الإسلام والشريعة المحمديّة ودولة القرآن وحكومة الحرمين الشريفين والمؤتمنة على أرض النبوات، إلّا أنّها تقيم العلاقات، وضمناً تنسّق، وغداً تعترف بإسرائيل».

ولفتَ إلى أنّ «المشايخ الذين يقدّمون فتاوى على ضوء رغبات الحكّام بدأوا بالتحدّث عن هذا الموضوع، هذه الفتاوى ستلقى مكاناً في العالم العربي والإسلامي، الذين سبقوا إلى الاتصال بـ«إسرائيل» وإلى العلاقات لم يكونوا بحاجة إلى غطاء فقهيّ كما يحتاج آل سعود، لذلك نحن أمام كارثة فقهيّة، وهذا أخطر ما ستقوم به السعودية، وبعدها أيّ دولة عربية ستقول، السعودية تتّصل وتنسّق وتطبّع وهي دولة الاسلام والحرمين، لماذا ستحمّلوننا ما لا يُطاق؟ هذا أمر خطير».

وتابع «أنا أُثير هذا الموضوع لأقول إنّه على الجميع أن يتّخذ موقفاً، هذا الموضوع ليس من مواضيع المجاملات، ولكن في ما يتعلّق بفلسطين والمقدّسات وبالقبول بـ«إسرائيل» والاعتراف بها، هذا ليس موضع مجاملة العلماء الفقهاء لنخب الأحزاب، هذا السلوك سواء صدر من سعوديّ أو مصريّ أو أردنيّ أو باكستانيّ يجب أن يكون موضع إدانة ورفض، لأنّه يخدم العدو الذي يعتدي على شعب فلسطين والمقدّسات ويهدّد المنطقة».

وقال: «حتى ولو كنّا نعلم أنّ هؤلاء الحكام لا يصغون إلى أصواتنا، فنحن نسجِّل هذا في كتاب أعمالنا من أجل آخرتنا، وأنّ هناك من يرفض اللجوء إلى هذه السلوكيّات، هم لن يبّدلوا مواقفهم ونحن لن نبدِّل خياراتنا، ويزداد تمسّكنا بهذا الخَيار مع الوضع العربي الذي نعيشه. قرأت بيانات عن حركات وفصائل المقاومة الفسلطينية حول السلوك السعودي خارج أيّ مجاملة، وهذا الأمر هو المطلوب».

وشدّد على أنّ «الحقيقة ناصعة، الفلسطينيّون خيارهم محسوم وواضح». وأكّد «أنّنا لسنا قلقين على القناعة والوعي لا لدى الفلسطينيّ ولا اللبنانيّ ولا السوريّ والشعوب التي واجهت، ولكن من حقّنا أن نقلق على ثقافة الأمة».

وأشار إلى «أنّنا أمام هذا الانحدار في الموقف الرسميّ العربيّ والتطور السّلبيّ في السلوك السعودي، للأسف السعودية مصرّة على مواصلة الحروب في كل السّاحات ورفض كل الأيادي الممدوة، يد تمتدّ للحوار من اليمن يُقال لها عليك أن تستلمي، وفي البحرين يقال لها ألغي نفسك، أمّا في سورية فيتم وضع شروط، والسعودية تواصل الحرب على إيران. أين السعوديّة كرقم أساسيّ من معادلة الصراع القائمة في المنطقة؟ هي تفتح الباب فقط مع الإسرائيلي».

إيران تدعو إلى الحوار

وتابع، «بالمقابل إيران كل يوم تدعو للحوار والتفاوض. على المستوى اليمني تستمرّ الحرب والهجوم على المناطق المختلفة، في سورية وحلب البوّابات مفتوحة، ثقافة السعودية والوهابيّة و«داعش» والقاعدة والنصرة، ولو غيّرت اسمها، هي ثقافة القتل والذبح من دون إعطاء فرصة للمصالحة».

وأشار إلى أنّه «في البحرين أسقطوا الجنسيّة عن الشيخ عيسى قاسم وأرادوا ترحيله، ولكن الكثير من أهل البحرين وقفوا معه. آل خليفة أصبحوا لديهم بدعة بشعة هي إذا أخذت زكاة أو صدقة من أي مواطن لتنفقه على الفقراء يصبح الأمر غسل أموال، صورة الشيخ قاسم أنصع من أن يتمكّن أصحاب الوجوه المظلمة أن ينالوا منه».

وذكر أنّ «وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نصّب نفسه وليّاً وحاكماً على الشعب السوريّ، والعرض الذي قدّمه لروسيا حول سورية مهزلة ومثير للضحك، نقول للسعوديّ لا يمكنك أن تنتصر بهذه الحرب وتفرض شروطك».

من جانبٍ آخر، لفتَ السيد نصرالله إلى أنّ «ما حصل في حلب على درجة عالية من الأهميّة ويرتبط بالمعادلات الإقليميّة، الذي سقط في حلب هو الأحلام الإمبراطوريّة، أمّا صمود المقاومة والشعوب هل يظن الجبير أنّهم قادرون على الضحك على الرأي العام العالمي؟ الذي يذبح كاهناً في الكنيسة ابن «داعش» ولكن ثقافته من عندكم، وهجوم في نيس وقتل في الكرادة، وإذلال الطفل الفلسطيني الذي يُذبح، هذه الثقافة وهابيّة مكفِّرة، مشروعكم بلا مستقبل له».

وأكّد أنّ «السعودية وحكّامها أمام فرصة للتدارك، اليمنيّ جاهز للتفاوض والبحرينيّ والسوريّ والإيرانيّ والعراقيّ، لا تتكبّروا ولا يعميكم الحقد، بل كونوا شركاء في معالجة أوضاع المنطقة».

وشدّد على أنّه «اذا أصررتم على استمرار الحروب، فستُهزمون، مشروع آل سعود سيُهزم ويلحق به العار، كل الميادين تقول إنّ المنطقة تسير بهذا الاتجاه».

وتطرّق إلى الوضع في البحرين، و«حماية الناس للشيخ عيسى قاسم من الاعتقال»، معلناً وقوفه وتضامنه مع شعب البحرين وقاسم.

الغجر والملفات اللبنانيّة

وفي الشأن اللبناني، طالب السيد نصرالله الحكومة بأن تبادر وأن تتّخذ موقفاً ممّا يجري في بلدة الغجر المحتلّة، مشيراً إلى أنّ «هناك جزءاً لبنانيّاً من الغجر و«الإسرائيلي» يعمل لتثبيت ملكيّته عليها، ولا أحد يتحرّك»، وذكر أنّها «قرية لبنانيّة تحت السيادة اللبنانيّة، تُعيد «إسرائيل» هيمنتها عليها ولا أحد يتطرّق إلى الموضوع».

وأشار إلى أنّ «هناك مجموعة من الملفّات الضاغطة، ولا يجب التهرّب من المسؤوليّة بحجة أنّ المفتاح هو انتخاب رئيس للجمهوريّة، هذه الملفات خطيرة يجب عدم السكوت عنها، ومنها تلوّث مياه نهر الليطاني وبحيرة القرعون، فهذا الموضوع وطنيّ يعني الجميع».

وأعرب عن أسفه لـ«تطييف البلد، حيث أصبح هناك كهرباء للشيعة وللسنّة والمسيحيّين، ولكن كل الطوائف تشرب من مياه الليطاني، والتلوّث يطال الآلاف في صحتهم وحياتهم وزراعتهم، وقد يؤدّي إلى الموت».

ونبّه إلى «أنّنا أمام كارثة حقيقيّة، ونطالب بأن يكون الصوت عالياً، وأن تتابع اللجنة الوزرايّة هذا الموضوع بجديّة، وليس مسموحاً للأحزاب السياسيّة بتغطية أحد».

ورأى أنّه «إذا كان المطلوب إغلاق مقالع أو معامل فلتُغلق، وعلى المستوى العلميّ والواقعيّ والموضوعيّ، الإجراءت التي تمنع التلوّث يجب أن تُتّخذ، وأيّ تهاون فيها هو شراكة في القتل».

ولفتَ إلى أنّ «الناس على امتداد الليطاني وصولاً إلى البحر لديهم وعليهم مسؤوليّة إنسانيّة وأخلاقيّة وشرعيّة ودنيويّة، لأنّه يؤدّي إلى الإضرار بآلاف الأشخاص، هذه مسؤوليّة الحكومة، ومسؤوليّة الناس التعاون».

أضاف: «أمّا الملف الآخر الضاغط فهو ملف الماء»، مشيراً إلى أنّ «لبنان بلد المياه، إلّا أنّ الكثير من البلدات عطشى، والضواحي تعاني، هذه مسؤوليّة الحكومة وليست مسؤولية الأحزاب خارج الحكومة».

وسأل، «لماذا التمييع والتزييف في ملف الإنترنت غير الشرعيّ؟ بعض الجهات تفكّر كيف ستزيد الضريبة والرسوم». وشدّد على أنّه «لا يمكن أن نوافق على زيادة قرش على أيّ ضريبة مهما كانت المبرّرات. ملف الإنترنت فيه 300 مليون دولار أو 600 مليون دولار لخزينة الدولة، ولا يجوز الزيادة على الضريبة قبل فتح ملفات الفساد واستعادة المال العام، لأنّ هذا ظلم وتأمين مال لفساد جديد».

ودعا إلى «معالجة ملف الفساد، وضبط ملف الإنترنت في ما تستردّونه وفي ما تحصلون عليه، لأنّه ستدخل مئات ملايين الدولارات إلى الخزينة، هناك ملفّات لا تتحمّل أي تأجيل، والحكومة هي المسؤولة ويجب ألّا تتهاون».

وذكر أنّ «كل الحكومة ومكوّناتها وكتلها وأحزابها، مسؤولة، وعلى رأسها رئيس الحكومة تمام سلام الذي يستطيع دفع الأمور باتّجاه الحلول، لأنّ البلد يعاني بما لا يمكن السّكوت عنه مهما كانت الأحداث الإقليميّة».

تضحيات النبطيّة

وعن القيادي إسماعيل زهري، قال السيد نصرالله، إنّ «بلدة النبطيّة ضحّت في أكثر من حرب وعدوان، ولم تبخل، وها هم المقاومون من أبنائها يتواجدون في كل الميادين وحيثما يجب أن نكون».

وذكر أنّ «هذا الجيل لم يكن له حياة خاصة، كثير من شباب هذا البلد وعالمنا العربي والإسلامي، ورغم كل ما جرى على فلسطين ولبنان وعلى المنطقة، كانت لهم ثقافاتهم، ولكن أيضاً كثير منهم وليس فقط شباب حزب الله، هم لم يعيشوا شبابهم كما هو طبيعي، مبكراً حملوا البندقية وغادروا البيوت إلى الجبال، شباب واجهوا أقوى جيش في المنطقة ليصنعوا الانتصار».

وذكر أنّ «أبو خليل ترك بين أيدينا أمانة المقاومة التي تمثّل بالنسبة لنا الضمانة الحقيقيّة والأساسيّة لنبقى في أرضنا التي حرّرناها، والمقاومة جزء من المعادلة الذهبيّة، الجيش والشعب والمقاومة، والتي يجب أن نحميها ونحمي بلدنا وشعبنا والحياة العزيزة في هذا البلد». وشدّد على أنّه «يوماً بعد يوم نتأكّد صوابيّة وصحة هذا الطريق وسلامته، وصحة هذا الخيار على المستوى الوطنيّ والقوميّ والإسلاميّ».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى