واشنطن أوباما… بين تهديدها ببلقنة سورية ومواجهة عاصفة ترامب

ترجمة وإعداد: ليلى زيدان عبد الخالق

لا سبيل أمام الولايات المتحدة الأميركية بقيادة «البطّة العرجاء» باراك أوباما، سوى أن تفصح علناً عن نيّاتها وأهدافها، وعدم التلطّي خلف شعارات أضحت مكشوفة ومعروفة، بعدما عرّتها روسيا التي تدعم بقوة الحق الجيش العربي السوري في حربه ضدّ الإرهاب.

ولعلّ ما عجّل في هذا الانكشاف الأميركي، التقدّم السوري على جبهة حلب، المدينة الثانية في سورية من حيث الأهمية، والتي يحاصر الجيش السوري الفصائل الإرهابية الموجودة فيها، علماً أنّ الرئيس السوري بشار الأسد أصدر عفواً عن «المتمرّدين» الذين يستسلمون في غضون ثلاثة أشهر. كما ألقى الجيش السوري آلاف المنشورات فوق المناطق المسلّحة في حلب، طالباً من السكان التعاون مع الجيش وداعياً المقاتلين إلى الاستسلام. وأيضاً، فتح الجيش السوري ممرّات آمنة للمواطنين، وممرّاً للإرهابيين الراغبين في الاستسلام. إلّا أنّ ذلك كله لم يرُق لواشنطن، فلجأت إلى خطوات غبية، أهمّها إنكار وجود الممرّات الآمنة، وفكّ التنظيم الإرهابي «جبهة النصرة» ارتباطه بتنظيم «القاعدة»، في سبيل إدراجه على لائحة «المعارضة المعتدلة» التي ـ برأي واشنطن ـ يجب أن تُحيَّد عن الضربات العسكرية.

في تقريرنا المترجم التالي، إضاءة على ثلاثة مواضيع. يسلّط اثنان منهما الضوء على أهمية معركة حلب، وسعي أوباما الدؤوب إلى كسبها. أما الثالث الأخير، فيضيء على معركة من نوع آخر بانتظار أوباما، معركة في عقر داره الأميركي، والمتمثلة بالعاصفة التي تُسمّى دونالد ترامب.

قدّم بادراكومار تحليلاً جاء فيه:

بمثل هذه التصريحات اللاذعة، يدعو رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية «CIA» جون برينان، إلى رسم الآفاق المستقبلية لسورية كدولة ذات سيادة، وذلك خلال لقاء منتدى الأمن في كولورادو السبت الفائت، والذي ينمّ عن المستوى المرتفع للإحباط الأميركي بعد مواجهة الحقائق على أرض الواقع. فقد نجحت القوات النظامية السورية، المدعومة من القوات الروسية والإيرانية ومقاتلي حزب الله، في تطويق مدينة حلب الشمالية الاستراتيجية. فيما حوصرت الجماعات المتطرّفة المدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها في المدينة.

وفي الوقت عينه، أعلنت روسيا عن فتح الممرّات الإنسانية لتسهيل خروج المدنيين من المدينة وللضغط على الإرهابيين للاستسلام. وقد أظهر هذا القرار الروسي، الولايات المتحدة بمظهر الحمقاء إقليمياً، وأثبت أنها تحتال على نحوٍ شامل.

ظنّ وزير الخارجية الأميركية جون كيري أنه سيتمكن من إشراك موسكو في المسار الدبلوماسي من خلال مناقشة وقف إطلاق النار، وإطلاق اقتراح محيّر للقيام بعمليات مشتركة في سورية، ليغنم من جهة موازية بفرصة تساعد الجماعات «المعارِضة» على كسب المزيد من الوقت والاستعداد لاستعادة الأراضي التي خسرتها في حلب. وبينما يؤكد الإعلان الأخير لـ«جبهة النصرة»، فكّ ارتباطها مع تنظيم «القاعدة»، فإن لعبة الولايات المتحدة تهدف إلى كسب الوقت لشرعنة دعمها لـ«النصرة» وعزل مواقع هذه المجموعة عن الضربات الجويّة الروسية. وفي المقابل، يمارس الروس لعبتهم هذه جنباً إلى جنب، من خلال السماح بإكمال مسار العمليات العسكرية المشتركة مع دمشق وطهران للسيطرة على حلب.

يشكل هذا الممرّ الإنساني سيفاً ذا حدّين. فالأوضاع الإنسانية هناك حرجة للغاية، وستساهم هذه المساعدات الروسية في نقل رسالة سياسية للمصالحة. أما وقد حصل ذلك، فستتوجه أنظار اللاجئين الهاربين من حلب، إلى الدول الأوروبية، مع إمكانية انضمام بعض الإرهابيين إلى قوائمهم أيضاً.

وفي ما يلي، مقتطفات من تعليق وكالة فارس الإخبارية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني ، والتي توحي بأن النصر في طهران، معناه حكماً خسارة كلّ من الولايات المتحدة والسعودية الحرب:

ـ محاولة تغيير النظام السوري المدعومة من الخارج، وإقامة «الخلافة الأميركية» في بلاد الشام قد فشلت وذهبت إلى مزبلة التاريخ… إن عدداً كبيراً من الإرهابيين من «جبهة النصرة»، أمثال نور الدين زنكي، «الجيش الحرّ»، «أحرار الشام» في محافظة حلب، قد سلّموا أسلحتهم إلى الجيش السوري هناك، حيث تتسابق هذه القوات المدعومة من حزب الله، المستشارين العسكريين الإيرانيين والضربات الجويّة الروسية، إلى حلب، بعد استكمال حصار المدينة.

ـ عرض الرئيس بشار الأسد عفواً عن المتمرّدين الذين يستسلمون في غضون ثلاثة أشهر. كما ألقى الجيش السوري آلاف المنشورات فوق المناطق المسلّحة في حلب، طالباً من السكان التعاون مع الجيش وداعياً المقاتلين إلى الاستسلام.

ـ حسناً، الصورة تبدو أكثر وضوحاً الآن، فآلة الحرب الإرهابية المدعومة من الخارج أصبحت مشروعاً محكوماً. إنها لحظات تاريخية نعيشها اليوم… فأولئك الذين دعموا «داعش» وغيره من الجماعات الإرهابية، سوف يخضعون لما ستؤول اليه الأمور في سورية والعراق… ومن ناحية أخرى، فقد فشلت الديمقراطية الأميركية وسياساتها العسكرية التوسّعية ودعاياتها المعادية للإسلام، وتوجّهاتها للحرب على الإرهاب، وأزمة اللاجئين، والنظام الأمني، وصدّرت هذه المشكلات جميعها إلى أوروبا. ولو أخذنا فقط أزمة اللاجئين الإنسانية، لوجدناها عميقةً ومريعة بشكل دراماتيكي. إذ إنّ الاعتداءات الأخيرة على كلّ من فرنسا وألمانيا، توضح مدى عدم استعداد هذه الدول لما قد ينتظرها في المستقبل.

أما أكثر الأمور مفارقةً، فسيكمن في مواجهة الدول الأوروبية لشبح الإرهابيين الذي بدأ يطرق أبوابها بإصرار، أولئك الإرهابيون المدرّبون والمعدّون من قبل «CIA». إن تهديد برينان ببلقنة سورية، لَهُوَ تبجّح وهوس وغرور، إذ إنّ أيّ مغامرة من مثل هذا النوع، سوف تلقى معارضة فوريّة وشديدة اللهجة من كلّ من طهران ودمشق وموسكو، لا بل حتى من أنقرة.

هذا، وكانت طهران قد أعلنت أن وفداً من قبل رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن في مجلس الشورى، بقيادة علاء الدين بروجردي ـ أحد أكثر الشخصيات الإيرانية المؤثرة في السياسة الخارجية ـ سوف يذهب إلى دمشق في مهمة تستمرّ خمسة أيام للبحث مع الرئيس بشار الأسد تفاصيل المسارين السياسي والدبلوماسي بهدف البحث في توزيع «أرباح السلام».

السياق الأوسع للهجوم «الجهادي» على حلب

نشر موقع «Moon of Alabama» تقريراً جاء فيه:

من الواضح أن الولايات المتحدة الأميركية قد نجحت في خداع روسيا مرةً أخرى من خلال عرضها التعاون معها ضدّ «داعش». فهذا لم يكن سوى عملية كسبٍ للوقت بهدف السماح لـ«جبهة النصرة» بإعادة رصّ صفوفها، والتحضير مرةً أخرى للهجوم على حلب! فمتى ستفهم روسيا وحلفاؤها أن الولايات المتحدة لم تكن يوماً جادّةً في شأن تسوية المسألة السورية؟

يقود حالياً تنظيم «القاعدة» في حلب والقوات المرتبطة به، هجوماً واسع النطاق في الجنوب الغربي من مدينة حلب. ويهدف هذا الهجوم إلى خلق ممرّ جديد بين المناطق الريفية التي يسيطرون عليها في إدلب/حلب، وتلك المحاصرة في شرق حلب. ويشارك 5000 إلى 10000 من مقاتلي «القاعدة» في القتال. ويبدو أنهم حققوا بعض التقدّم ضدّ القوات الحكومية، غير أنهم يتعرّضون لهجوم شرس من القوات الجويّة الروسية والسورية.

وحذّرت هيئة الأركان العامة منذ نيسان الماضي، من أن «القاعدة» في سورية والتي تُعرف أيضاً بِاسم «جبهة النصرة» أو «فتح الشام» ، وغيرها من الجماعات «الجهادية» الأخرى، تخطّط لهجوم واسع على حلب. وأكد قائد تنظيم «القاعدة» هناك أن هذا التخطيط يجري التحضير له قبل بدء الهجوم الحالي.

وتلقي هذه التصريحات ـ من جديد ـ الضوء على المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره الروسيّ. حيث حاولت الولايات المتحدة إعفاء مواقع تنظيم «القاعدة» من الضربات الروسية والسورية، كما طالب مجلس الأمن بضرورة استئصال مواقع «القاعدة» و«داعش». ثمّ حاولت الولايات المتحدة تقديم عرضٍ لروسيا، يقضي بالسماح بقتال تنظيم «القاعدة» شرط وضع روسيا قواتها والقوات السورية تحت سيطرة الولايات المتحدة. وقد جرى تقويم هذا العرض على أنه هراءٌ خادع. ويبدو أن هذا كلّه، يصبّ الآن في مصلحة التأخير في إطلاق المحادثات بهدف إعطاء «جبهة النصرة» الوقت الكافي للاستعداد لهجوم جديد.

خطوةٌ أخرى في مخطط التأخير، رغم أنها تبدو فاشلة، تكمن في إعادة صوغ أو تصنيف «جبهة النصرة» تحت مسمّى «فتح الشام». وقد نظرت بعض وسائل الإعلام الغربية إلى هذا الانشقاق عن تنظيم «القاعدة»، على أنه تمويه وإعادة دمج لنسخة جديدة من «جبهة النصرة» في سورية. وقد طالب القطريون، وهم المموّلون الرئيسيون لـ«القاعدة» بإعادة الدمج هذه، بهدف تظهير صورة «جبهة النصرة» إلى الحكومات الغربية على أنها من «المتمرّدين المعتدلين». غير أن هذه الصورة فشلت فشلاً ذريعاً. فقد كان واضحاً للغاية أن هذا الخداع ليس بالأمر الجادّ. إذ إنّ على الدعم الغربي لـ«القاعدة» أن يستمرّ، إنما بسرّية تامة وبشكلٍ محدود.

إن الهجوم الحالي على حلب، لأمرٌ خطير وجدّيّ. فالجيش السوري يعاني نقصاً في عديد قواته على الأرض. وقد وعدت طهران بإرسال عدد كبير من القوات البريّة المتخّصصة، التي لم تصل بعد. لا تزال إيران تحلم بتحقيق اتفاق مع الولايات المتحدة، وهي بالتالي تحجم عن المشاركة الفعّالة في سورية. فيما يبدو أن المزارعين الأفغان الذين جنّدتهم طهران ليسوا بديلاً عن القوات المهنية المتخصصة. فمن الصعوبة بمكان، القتال ضدّ عدوّ يستخدم الكثير من المركبات الانتحارية المفخخة ويسعى إلى الموت الجهاديّ ميدانياً. إن كلّ هذا يتطلّب إعداداً دؤوباً وقيادة حاكمة ممتازةً.

وإذا ما كان ممكناً هزيمة هذا الهجوم، فإن الخسارة الكبيرة التي ستتكبدها «القاعدة» ستنحصر في إنهائها أسلوب العمليات العسكرية في الحرب. أما إذا نجحت «القاعدة» في هجومها، فسيكون على الجيش السوري أن يجنّد أعداداً كبيرة من القوات البرّية لاستعادة زمام المبادرة.

لكن، مهما طال أمد هذه المعركة، فإن الولايات المتحدة بدأت تستنشق رائحة الهزيمة في مسألة تغيير النظام. لذا، نراها تعرض الآن «حلّ» تقسيم سورية وانشطارها. وسوف تسعى إلى تحقيق ذلك، علماً أن هذا لن يحصل، غير أن الأضرار التي ستشهدها البلاد إلى حين اعترافها بعقم مخططها وأفكارها سيكون جسيماً. يمكن لروسيا، لا بل عليها أن تتجنّب تفعيل المحاولات الأميركية، بما تملك من خبرة واسعة في مجال الهندسة الاجتماعية.

ومن ناحية أخرى، فعلى روسيا أن تقرّر الآن ما اذا كانت ترغب في التصعيد كفاية في ظلّ المأزق الحالي. لأن هذا المأزق سيتحوّل مع الوقت إلى أن يصبح جامداً بما فيه الكفاية، لينتج هزيمةً نكراء. ومن الواضح أن المواقف التفاوضية للولايات المتحدة لا تتّسم بالخطورة فهي أخّرت السماح لهجمات أوسع نطاقاً ضدّ الحكومة السورية. أما البديل المُتاح لروسيا، فهو إما مغادرة سورية بشكل نهائيّ أو التصعيد بشكل عنيف لهزيمة الجهاديين. وليس هذا بالقرار السهل.

وكان بعض الجهاديين قد أسقطوا منذ أيام قليلة طائرة مروحية روسية فوق الأراضي السورية. وسُحبت جثة الطيار المضرّجة بالدماء من قبل المقاتلين وعُرضت هذه الصوَر في شريط مصوّر بـ«فخر واعتزاز». وهكذا نستنتج، أنه اذا ما احتاجت الحكومة الروسية لأيّ ذريعة للعودة إلى سورية، فها هي تملكها الآن. كما يهدّد تنظيم «داعش» بمهاجمة الحدود الروسية، وهذا سببٌ آخر وجيه جداً لعودة القوات الروسية إلى سورية.

وكان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي قد اعترف قبل أيام قليلة بفشل الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة. بينما لم تصرّح تلك الأخيرة بشيء من هذا القبيل. فالأموال الإيرانية لا تزال مجمّدة في الولايات المتحدة، وما من بنوك دولية ترغب القيام بأعمال تجارية تجارية مع إيران حيث تهدّد الولايات المتحدة دوماً بمعاقبتها. ختاماً، يقول خامنئي، لا يتوفر أيّ اتفاق مع الولايات المتحدة وإيران حول أيّ ملف في الشرق الوسط، وأن جميع المحادثات هي مضيعة للوقت. إن مثل هذا الموقف العلني سيحرّر حكومة روحاني في نهاية المطاف ـ من أيّ قيود وُضعت أو قد توضع في شأن الأزمة السورية. فلِمَ عناء تكبّد الالتزام بأيّ من هذه القيود ما دامت الولايات المتحدة لن تأخذها بعين الاعتبار؟

يعتمد مدى تطوّر هذه المسألة في سورية إلى حدّ كبير على تركيا. فتركيا تعمل على تغيير سياستها الخارجية وتتحوّل نحو روسيا، إيران والصين. لكن، من غير الواضح بعد، إلى أيّ حدّ سيذهب هذا التحوّل بعيداً من الغرب، وكم سيكون لذلك من تأثيرات حتمية على سورية. فإذا ما قرّرت تركيا إغلاق جميع معابرها الحدودية وإمداداتها للجهاديين، فإن الحرب في سورية ستنتهي في غضون سنة أو سنتين على أبعد تقدير. أما في حال استمرّت هذه الإمدادات السرّية، فإن الحرب ستطول لسنوات عدّة مقبلة. وفي كلا الحالتين، ومع الوقت، ستخفض القوات الحليفة لسورية دعمها وإمدادها للحكومة السورية مع الوقت، وقد تنقطع يوماً ما، فيما الحرب لا تزال جارية. سببٌ وحيد كفيل بأن يستحق بذل المزيد من الجهود الإضافية من قبل حلفاء سورية.

فهل ستوافق طهران وموسكو على استنتاج كهذا؟

اغتيال الرئيس المقبل

ويليام بينيت، هو عضو في الحزب الجمهوري، والحزب الديمقراطي الأميركي ومقدّم البرنامج الإذاعي الصباحي الشهير في الولايات المتحدة الأميركية «Morning in America Show»، والذي يُعتبر أحد أهم الأصوات وأكثرها تأثيراً واحتراماً وثقافةً وعلماً. قدّم وجهة نظر حول «العالم المسيحي»، تُعدّ الأبرز والأقوى في العصر الحديث. وفي ما يلي مقتطفات من حواره مع بيل بينيت في برنامجه الشهير:

ما أراه يحصل في رئاسة ترامب، سوف يغتالونه حتى قبل أن يصبح رئيساً. وقد يكون ديمقراطياً أو جمهورياً ذلك الذي سيحرّض على إسكات ترامب.

لا تُفاجأوا فيما لو تعرّض ترامب لحادث ما. فبعض الأشخاص أضحوا متوترين للغاية: باراك أوباما، فاليري جاريت، إريك هولدر، هيلاري كلينتون وجون كورزين، على سبيل المثال لا الحصر.

يتعلّق الأمر بالديناميات غير المقدّسة بين حكومة كبيرة، أعمال كبيرة، وإعلام واسع. يستفيدون جميعهم من بلايين الدولارات بسبب هذه الشراكة، وهي في صميم مصلحتها تحمي إحداها الأخرى. إنها عملية دورية يُغني من خلالها الواحد الجميع والجميع الواحد، يغتني جميع أولئك القذرين الأغنياء، جميعهم، ما عدا الشعب الأميركي. فنحن مفصولون عنهم. نحن مجرّد أغبياء. لكن للمرّة الأولى، نشعر أن عصابة الاشتراكيين الأقوياء والرأسماليين الفاسدين خائفة. فالإفراط في ردود الفعل على ترامب من قبل السياسيين في الحزبين، الإعلام، والمؤسسات الكبيرة في أميركا جاءت سريعة جداً وغاضبة بجنون ما يوحي أنهم جميعاً مهدّدين وخائفين.

يمكن لدونالد ترامب أن يموّل نفسه بنفسه. ومهما يكن، فإن الإعلام، التجارة، والنخبة السياسية تدرك جيداً أن ترامب ليس مجرّد مزحة. وليس من قبيل المصادفة أن يتّفق الجميع على تدمير الدونالد، ذلك لأن معظم السياسيين الآخرين هم جزءٌ من نادي الفتيان القدامى. يتحدثون بفوقية، ويرفضون تغيير أيّ شيء. يدينون جميعهم بالفضل للمانحين الكبار. يخضعون لسلطة جماعات الضغط والنقابات والمحامين والمنظمات البيئية الضخمة، والشركات المتعددة الجنسيات للأدوية والنفط. أو يملكون البضاعة المقفلة الخاصة بالأجانب، كمثل جورج سوروس الذي يموّل أوباما، أو كما تمتلك الحكومات الأجنبية هيلاري كلينتون ومؤسساتها الخيرية المتعدّدة.

جميع هؤلاء السياسيين هم مجرّد دمى في أيدي أصحاب المال. إنما هناك شحصٌ واحد فقط لا يخضع لأيّ أحد شخصٌ لا يحتاج إلى الأجانب، أو الحكومات الأجنبية، أو جورج سوروس، أو اتحاد السيارات، أو نقابة المعلّمين، أو اتحاد موظفي الخدمة الدولية، أو نقابة المحامين لتمويل حملته الانتخابية.

فالملياردير المستقلّ دونالد ترامب لا يحتاج إلى مساعدة أحدٍ البتّة. ما يشير إلى أنه لا يهتمّ مطلقاً لما تقوله عنه وسائل الإعلام، ولا حتى النخب الرأسمالية، وهذا هو تحديداً ما يجعله خطيراً بالنسبة إلى أصحاب المصالح الراسخة، كونه يشكّل لهم تهديداً كبيراً. يمكن لترامب أن يدمّر كلّ السياسيين المرتشين المدلّلين، العبيد لأموالهم.

أتساءل الآن، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، لماذا لم يسعَ الحزب الجمهوري مطلقاً لمغازلة أوباما؟ أليس من العجب أن يلعب كلّ من جون بوينر وميتش ماك كونيل لعبةً كبيرة، ولم يحاولا مطلقاً إيقاف أوباما؟ ألم نتساءل أبداً لِمَ لم يموّل الكونغرس مشاريع أوباما للعفو عن الأجانب غير الشرعيّين؟ هذا غريب، أليس كذلك؟ بل ويتحدّى المنطق، أليس كذلك؟

أولاً، أعتقد أنّ هناك رشوة لعدد من الجمهوريين. ثانياً، أؤمن بأن هؤلاء يتعرّضون أيضاً للابتزاز. وسواء كانوا يعانون من مثل هذه الأمور، أو يمارسون الشذوذ سرّاً، أو يسرقون أموال دافعي الضرائب، فإن وكالة الأمن القومي تعلم كلّ شيءٍ عنهم.

فلْنسأل رئيس مجلس النواب السابق دينيس هاسترت عن ذلك. فالحكومة كانت تدرك جيداً أنه قد سحب مبالغ طائلة من حسابه المصرفيّ الخاص. تراقب وكالة الأمن القومي، المجلس الأعلى للتعليم، مصلحة الضرائب، وسائر الوكالات الحكومية كلّ زعيم سياسي جمهوريّ. يبقونهم باستمرار تحت دائرة المِجهر. ثالثاً، يُطلق على عدد من الجمهوريين لقب العنصريين، لذا، فهم يرتعبون من فكرة انتقاد أوباما أو رمي التهم في وجهه، أو حتى المطالبة بمحاكمته. رابعاً، لمَ يكلّفون أنفسهم عناء رجّ الوعاء؟ فبعد الهزيمة أو التقاعد، وإذا كنتَ من أولئك الشبّان الجيدين، ذوي السيرة الحسنة، سوف تجني خمسة ملايين دولار في السنة وأنتَ على لائحة الانتظار. هناك نظامٌ تصوّريّ للمصالح المالية الكبيرة. وفي حال ربحوا أم خسروا، هم دائماً رابحون. غير أن ترامب لا يلعب مطلقاً وفقاً لأيّ من هذه القواعد. فهو يكسر هذه العلاقة الجميلة، الحميمة، بين الحكومة الكبيرة، الإعلام الكبير، والتجارة الكبيرة. كلّ هذه القواعد سوف تصبح حبراً على ورق فيما لو تولّى ترامب الرئاسة.

سوف يقوم سياسيون آخرون بحماية أوباما ومساعديه، لكن ليس ترامب. ولْنتذكر: أن ترامب هو ذلك الرجل الذي تجرّأ وشكّك علناً في شهادة ميلاد أوباما. حتى أنه شكّك في سجلات أوباما الجامعية، وتساءل حول قدرة هذا الفتى المتوسط الحال الذهاب إلى جامعة «Ivy League». أما الآن، فإنه يقوم بأمور لا يجرؤ الجمهوريون فعل شيءٍ حيالها. إنه يتساءل عن العلاقة مع مكسيكو وحول فتح الحدود بين البلدين وعدم بناء أيّ جدار عبر الحدود يتساءل عن مصلحة الأميركيين في السماح للملايين من المهاجرين الدخول إلى الولايات المتحدة يطالب بفتح تحقيق حول كمّ الجرائم التي يرتكبها هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، والذين لا يتمّ ترحيلهم ويثير أيضاً الصفقات التجارية مع المكسيك، روسيا، والصين، ويصفها بـ«السيئة للغاية».

يتمتّع ترامب بكامل الجرأة ليطلق الصوت عالياً متسائلاً حول سبب حصول العمال الأميركيين على التحلية فقط من الحصص الكبيرة! إنه لسؤالٌ جيّد! فإني واثقٌ من أن ترامب سوف يتساءل عن مصير المليار دولار في تزوير عقد المناقصة لأصدقاء ميشيل أوباما في الجامعة والتي ذهبت إلى شركات أجنبية عملت على بناء موقع «Obamacare». وبالمناسبة، فإن علامة التبويب قد ارتفعت الآن لتبلغ خمسة ملايين دولار. سوف يتساءل أوباما حكماً عن إمكانية توجيه الاتهام إلى المهندسين المعماريين لمؤسسة «Obamacare» بسبب احتيالهم في البيع عن طريق الكذب. سوف يجتهد ترامب ليحقّق في مؤامرة أوباما واسعة النطاق في مصلحة الضرائب، ناهيك عن سجلاته الجامعية. سوف يلاحق ترامب كلاً من كلينتون وأوباما لتورطهما في الاحتيال في بنغازي قبل الانتخابات. فضلاً عن جرائم الغشّ التي ارتكبها موظفو الدولة في وزارة العمل في تقريرهم الأخير حول وظائف العمل والمتضمّن أعداداً هائلة وذلك قبل انتخابات 2012.

على أوباما، الشركات المتعدّدة، ووسائل الإعلام العمل على إيقاف ترامب. فقد اعتبروا أن هذا سيكون خارج نطاق السيطرة. وإذا تُركت الأمور على حالها، فإن الجميع سيخاف من قول الحقيقة الخام وطرح الأسئلة، يمكن لترامب أن يوقظ ذلك العملاق النائم. إذا ترشّح ترامب للانتخابات سيكون ذلك بمثابة كابوس. فأوباما قد ارتكب عدداً من الجرائم، ولن يجرؤ أحدٌ سوى ترامب على المطالبة بمساءلته ومحاكمته. لن يتردّد في القيام بذلك.

سيُقطع التمويل عن مؤسسة «Obamacare» ويُجرى تفكيكها. أوباما نفسه قد ينتهي خراباً في نهاية المطاف، لا شكّ في أنه في حالة يُرثى لها. ترامب سوف يطالب بالتحقيق، سوف يحاكِم، ويلاحق كلّ من يثبت تورّطه. لهذا، بدأت كلاب الجحيم تنبح في اتجاه ترامب. إنه موسم ترامب المفتوح. فاليمين واليسار مصمّمان على فتح كافة الجبهات في وجهه لمحاربة سياساته، أذيّة تجارته، وإذا أمكن، إبقاءه بعيداً من المناقشات المقبلة. غير أنهم لن يستطيعوا إسكاته، كما أنهم لن يتمكّنوا من تخويفه. فكلّما حاولوا أكثر، كلّما شعر الرأي العام أن ترامب هو الوحيد الذي ينطق بالحقيقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى