أنقرة: مشاركة النظام السوري في محادثات السلام… طبيعيّة

أكَّد نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش أنه من الطبيعي أن يكون للنظام السوري مكان على طاولة التفاوض في محادثات السلام، مشيراً إلى أن حلحلة الأزمة مع روسيا من شأنه تمهيد الطريق لتصور جديد عن السلام في سورية.

التصريحات التركية جاءت في وقت، كشف فيه مستشار رئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبداللهيان، أن طهران وأنقرة بذلتا جهوداً دبلوماسية هائلة من أجل تجاوز الخلافات حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، أكَّد عبد اللهيان إنَّ إيران تشاهد مراجعة أنقرة لسياستها الخارجية بخصوص المستقبل السياسي لسورية، لكنه دعَّا إلى التحلي بـ«الواقعية»، مقراً بأنَّ تعديل موقف تركيا سيستغرق وقتاًمعيناً.

المسؤول الايراني أكَّد أنَّ الحوار الصريح والودي بين بلاده وأنقرة لم ينقطع على مدى السنوات الخمس الماضية، موضحاً أنَّ المشاورات جرت على المستويين السياسي والدبلوماسي، بالإضافة إلى الحوار حول قضايا الأمن في المنطقة. واستطرد قائلاً «في إطار هذا الحوار، كنا نبذل كل ما بوسعنا من أجل مساعدة تركيا في وضع آلية تساعد أنقرة في لعب دور بناء في تسوية الأزمة السورية».

ورجح عبداللهيان أن تكون التحولات في سياسة أنقرة مرتبطة بالأحداث الداخلية الأخيرة، بما في ذلك عواقب الانقلاب الفاشل. وأردف قائلاً «أخذاً بعين الاعتبار الخطط الأمريكية الفاشلة للإطاحة بالرئيس التركي المنتخب شرعياً، من الطبيعي أن يتوجه السيد أردوغان وفريقه إلى مراجعة السياسة الخارجية للبلاد، واتخاذ الإجراءات الضرورية لذلك. ويتعلق ذلك، بالدرجة الأولى، بالمستقبل السياسي لسورية».

وتابع «علينا، في الوقت نفسه، أن نكون واقعيين. على الرغم من زيارة أردوغان إلى روسيا واللقاءات التي انعقدت لاحقاً على مستوى وزارتي الخارجية الإيرانية والتركية، يجب أن يمر وقت معين، قبل أن تصبح التغيرات المبدئية في النهج الخارجي لأنقرة واضحة للعيان. لكنني ما زلت متفائلاً، وواثقاً من أنَّ مجمل التغيرات التي جاءت إلى العقيدة الخارجية لتركيا، ستصب في السلام والاستقرار بالمنطقة».

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن بلاده ستقدم كل الدعم لعملية تستهدف «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية في جرابلس بسورية، مؤكداً أنَّ أنقرة تعمل على وقف وصول مقاتلي «داعش» عبر الحدود وضرب مواقعه بالمدفعية.

وفي شأن متصل، تمَّ التوصل لهدنة شاملة ووقف لإطلاق النار بين وحدات الحماية الكردية والجيش السوري في الحسكة، في قاعدة حميميم الجوية بوساطة روسية، حيث تم بدء تنفيذ الاتفاق عند الساعة الثانية من ظهر يوم أمس.

وتضمنت بنود الاتفاق، الابقاء على قوات الأمن والشرطة والأجهزة الأمنية السورية وقوات الاسايش الكردية داخل المدينة، و البدء بتسليم الجرحى وجثامين القتلى وتبادل الأسرى، إضافة إلى فتح طريق الحسكة-القامشلي والطرق المؤدية إلى أماكن تمركز الجيش السوري داخل المدينة وخارجها.

كما ينص الاتفاق على فتح جميع الطرق في المدينة واستمرار العمل والمساعدة بخصوص حل المشكلة الكردية والبدء بمناقشة أحوال الموظفين المسرحين من عملهم في الدوائر الحكومية.

من جهته، اعتبر ريزان حدو عضو مجلس «سوريا الديمقراطية» أنَّ أي اتفاق يحقن الدماء هو اتفاق مرحب به، مضيفاً أنَّ الاتفاق هو أبرز مثال على إمكانية حل أي خلاف بين المكونات السورية إذا تم الحوار سورياً سورياً وتحت سماء الوطن السوري.

واستطرد قائلاً شرط وجوب أن يكون راعي الحوار السوري السوري «صديقاً للأطراف المتحاورة جميعا كي يكون نزيها» ويدفع باتجاه حل بناء يحافظ على مصالح جميع الأطراف، معتبرا أنَّ لغة العقل والمصالح المشتركة يجب أن تتغلب على لغة العنف.

وفي شأن متصل، أفاد مصدر دبلوماسي روسي، بأنَّ موسكو اقترحت إنشاء آلية لتجنب وقوع حوادث بين الطيران السوري والقوات الجوية الأميركية في المنطقة وإشراك دمشق في الاتفاق الروسي الأميركي للتنسيق في سورية.

وذكرت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية نقلاً عن مصدرها في الأوساط الدبلوماسية العسكرية الروسية، أمس، أنَّ «مبادرة وزارة الدفاع الروسية ظهرت بسبب زيادة نشاط الطيران السوري بشكلٍ كبير بعد تسلم دمشق قاذفات من نوع «سو 24 ام2» وإعادة طائرات أخرى بعد صيانتها. وكانت هذه الطائرات قد لعبت دوراً كبيراً في المعارك في محيط حلب، وتستخدم للقيام بتنفيذ مهمات قتالية في مناطق البلاد».

وأضافت الصحيفة أنَّ «زيادة عدد طلعات الطائرات الحربية تهدد بوقوع حوادث لأنَّ السوريين لايملكون قناة اتصال مع الأميركيين تشابه تلك القناة التي يملكها الجانب الروسي»، مشيرةً إلى أنَّ أحد الحلول المطروحة يقضي بإشراك الجانب السوري في اتفاق التنسيق بين روسيا والولايات المتحدة.

وأضافت الصحيفة أنَّ وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري سيبحثان المبادرة الروسية هذه أثناء اجتماعهما في جنيف يومي الـ26 والـ27 من آب.

في المقابل أعلنت الدفاع الأميركية أنها ستواصل حماية قوات التحالف الدولي ووحدات المعارضة الموالية لها في سورية من ضربات الطيران السوري والقوات الجوية الروسية.

وقال المتحدث باسم «البنتاغون» بيتر كوك «سنرسل طائرات إن لزم الأمر، لكن ذلك لا يعني إقامة منطقة حظر جوي»، مؤكداً أنَّ «الولايات المتحدة تمتلك حق حماية تلك القوات في حال واجهت تهديدات شمالي سورية»، داعياً السلطات السورية إلى إبداء حكمة والابتعاد عن مناطق وجود قوات التحالف.

المتحدث الأميركي قال أنَّ واشنطن تركز على مكافحة «داعش»، قائلاً «من يحارب «داعش» ويشاركنا سينال دعم الولايات المتحدة»… «وفي هذا الإطار، سنقوم بما في وسعنا كي تشعر قواتنا بأمان قدر المستطاع، وإحدى سبل ذلك، أن نوصي الجميع بالابتعاد عن قواتنا».

إلى ذلك، قالت وزارة الدفاع الروسية إنه سيعلن عن تهدئة إنسانية في حلب لمدة 48 ساعة فور تأكيد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا تجهيز شحنات المساعدات لإيصالها إلى المدينة.

وقال أناتولي أنطونوف نائب وزير الدفاع الروسي أنه «بالتنسيق مع السلطات السورية، سيعلن عن أول فترة تهدئة إنسانية لمدة 48 ساعة في حلب بعد تلقي طلباً بهذا الشأن، من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا يؤكد فيه الاستعداد لإيصال المساعدات إلى المدينة».

وذكر المسؤول أنَّ وزارة الدفاع الروسية مستعدة لتقديم المساندة في توزيع المساعدات على سكان حلب. واستطرد قائلاً «وزارة الدفاع الروسية مستعدة لتقديم المساندة بالتعاون مع السلطات السورية، في إيصال المساعدات التي تقدمها مختلف المنظمات والشخصيات العادية إلى حلب، وتوزيعها عبر المراكز الإنسانية المنتشرة هناك».

وفي السياق، أكَّد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني بأنَّ الطيران الروسي تدخل مؤخراً في حلب بطلب من عسكريين إيرانيين يقدمون الاستشارة إلى الحكومة السورية.

ونقل عن شمخاني، المكلف بالتنسيق بين إيران وروسيا وسورية، قوله إنَّ تنفيذ عمليات في جزء من حلب، بحاجة إلى دعم جويَّ، مضيفاً «حين يأتي هذا الدعم بطلب من المستشارين الإيرانيين وبمبادرة من روسيا، فهذا مؤشر للاقتدار وليس التبعية».

وأضاف أنَّ «إيران اليوم وبسبب حاجتها لتعاون روسيا والمقاومة للتصدي للفتن التكفيرية.. جعلت روسيا القوية إلى جانبها كمنفذة للعمليات الجويَّة، إلى جانب العمليات الأرضية التي تقوم بلادنا بالتخطيط والاستشارة لها، وهو ما يعد مؤشراً للاقتدار».

وتعليقاً على مغادرة الطائرات الروسية قاعدة همدان الإيرانية، قال شمخاني إنه لم يكن مقرراً أن تبقى الطائرات الروسية في القاعدة، مشدداً على أنَّ «مغادرتها جاءت وفقاً لخطة العمليات الأرضية ولم يكن بسبب ضغوط من دول أخرى»، مؤكداً الطائرات لم تغادر أول أمس الاثنين بل يوم الخميس الماضي وفقاً لخطة العمليات الأرضية.

شمخاني أضاف، أنَّ الدول الأخرى اندهشت وتفاجأت من هذا التعاون الاستراتيجي و«لهذا السبب لم يستطيعوا تحقيق أغراضهم البغيضة في كسر الحصار عن حلب». وقال هناك بعض الدول الغربية والعربية تتوهم أنها قادرة على تغيير المعادلات الإقليمية إلا انها تفاجأت بالمبادرة السياسية والدفاعية والأمنية الإيرانية.

و أشار المسؤول الايراني إلى أنَّ العلاقات الشاملة بين إيران وروسيا، قائمة على ضمان المصالح الوطنية وفي إطار التعاون الاستراتيجي، وأنها لم تقتصر على مكافحة الإرهاب بل تتعداها لتشمل مختلف المجالات.

واعتبر «الصخب الإعلامي» حول التعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا أمراً طبيعياً، موضحاً أنَّ التحالف الدولي الذي شكلته واشنطن ضد الإرهاب في المنطقة لم يحقق أي مكسب بعد مضي عام ونصف العام، «لكن مكاسب التحالف القائم منذ عدة أشهر بين إيران وروسيا وسورية والمقاومة اللبنانية واضح».

وأكَّد شمخاني أنَّ التنسيق الوثيق بين إيران وروسيا وسورية في تنفيذ العمليات الأخيرة لمواجهة الإرهابيين في سورية، «أفشل استراتيجية المماطلة الأميركية في فرض إرادتها على المعادلات الأمنية السورية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى