كوميديا أميركية.. وباكستانية!

نظام مارديني

يؤكد المراقبون أن آثار الحملة الانتخابية للرئاسة الأميركية ستكون بالغة الخطورة وستؤثر بالضرورة على صنع السياسة الأميركية الداخلية والخارجية على السواء.. ولكن المتابع يدرك أن أكثر سوءات الحملة الراهنة ليس جديداً في طبيعته وإنما في درجته فقط. فليس جديداً في الانتخابات الأميركية، أولاً، أن يتسم أحد المرشحين بالفجاجة ولا أن يضمر بعض الملامح العنصرية.

لكن الجديد في الحملة الحالية هو الدرجة، أي انحطاط المستوى الذي وصلت إليه تلك الفجاجة والعلنية التي يتم بها التعبير عن مثل تلك الأفكار القبيحة من قبل المرشحَيْن دونالد ترامب وهيلاري كلينتون.

فما يحدث من مناوشات بين المرشحين الرئاسيين، أشبه بفصل من فصول الكوميديا الإلهية لدانتي التي تنقسم إلى ثلاثة أجزاء: الجحيم، المطهر، والجنة…

فصل واحد من فصول هذه الكوميديا الايطالية مسلٍّ والبقية رطانات.. إذ لا بدّ ان يتبعه السؤال الجاد: وماذا بعد؟ كان شارلي شابلن يقول: يبدأ الجد حين ينتهي الهزل.. أي لا يمكن للحياة أن تمضي في طريق الهزل واللعب والمقالب الى ما لا نهاية، ولا يمكن لها أن تكون جادة، متجهمة، مُستنفرة على الدوام.

الديمقراطية الأميركية التمثيلية تنتج أبطالها.. سياسيين للهزل أكثر مما تنتج سياسيين للجدّ، وهذا ما يفسر كل هذه الإغواءات للجمهور الأميركي المستسلم الى ثقافة مهزوزة.

عملياً، ولأننا مجبرون، سنتابع سيناريوهات الهزل السياسي والمسرحيات التهريجية ولغة استعراض القوة ذات الرائحة النتنة بالتحشيد الانتخابي حتى 8 تشرين الثاني، حيث ختام فصل الكوميديا. فيا أيها الجمهور العربي ها هي نهاية فصل المواجهات بين كلينتون وترامب الهزلي.. فلا تضيّع وقتك، ولا تخشَ الخروج من الهزل هارباً من استحقاق النقاط والحروف.. وتطلّع الى مرحلة الجِدْ، لتضع النقاط على الحروف.. الخوف من أن تتدحرج الملهاة الأميركية وتنتقل من شوارع واشنطن إلى شوارعنا وينقسم جمهورنا المنقسم بين ولائه للخارج أو ولائه للداخل!

من أطرف الخطب المتابعة للانتخابات الأميركية ما حدث في مسجد باكستاني.. إمام الجامع رفع صورة لزوجة دونالد ترامب حين كانت تعمل عارضة للأزياء، وهي عارية، ودعا المصلين الى التمتع ليس فقط بالنظر الى الصورة، وإنما بوسائل أخرى، ليتوصل الى هذا الاستنتاج: الغانيات هنّ مَن يحكمن أميركا!

ولم يوفر هذا الامام هيلاري كلينتون التي إذ بلغت الثامنة والستين وتفتقد الحد الأدنى من الجاذبية، فهي ستدير أميركا من غرفة النوم.. بل قال أكثر «… وهي بملابسها الداخلية».

ماذا يحدث الآن سوى المحاولة العشوائية للخروج من الثلاجة، ومن خلال مقاربة همجية للنص الإلهي…

ترامب الأكثر صخباً، الأكثر صراحة، في التعاطي مع رقعة الشطرنج. كلينتون الأكثر خبثاً، الأكثر ازدراء لحجارة الشطرنج!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى