طبارة: الطائف ربط إنشاء مجلس الشيوخ بانتخاب مجلس نيابي غير طائفي لحماية حقوق الأقليات الدينية جريصاتي: إما أن يطبق هذا النظام وإما نذهب إلى نظام جديد نرتضيه جميعاً نعمان: لا فرصة لترميم النظام ويجب عدم إسقاط دور الشارع والتدابير الاستثنائية في الظرف الاستثنائي بقرادوني: قادمون على مرحلة صعبة حتى أواخر السنة وإذا لم تحصل انتخابات رئاسية فنحن ذاهبون إلى المجهول رياشي: لنطرح بكلّ ثقة ومجاهرة للرأي العام أنّ الدستور لا يصلح، كيف نريد أن نصل إلى دولة مدنية وكل شيء فيها طائفي؟

استضافت جريدة «البناء» في مكاتبها، بالتعاون مع الشبكة الوطنية للإرسال «أن. بي. أن» الحلقة الثالثة من ندوتها حول «صيغة مجلسي النواب والشيوخ من أين وإلى أين، وكيف جاءت إلى الطائف، وكيف ولدت، في ضوء الفراغ الدستوري والانسداد السياسي الذي يعيشه البلد الآن».

توصلت الندوة، في حلقتها الثالثة، إلى خلاصات هامة، هي نتاج الافكار التي طرحت فيها، خصوصا أنّ المشاركين في الحلقات الثلاث هم من المهتمين بالشأن العام ومن الفاعليات المعروفة وبعضهم يمثل قوى سياسية وحزبية وازنة. وشارك في الحلقة الثالثة والأخيرة كلّ من الوزراء السابقين: الدكتور بهيج طبارة، الدكتور سليم جريصاتي، المحامي كريم بقرادوني، الدكتور عصام نعمان وعميد القضاء في الحزب السوري القومي الاجتماعي المحامي ريشار رياشي، وزملاء في «البناء» أدلوا بأسئلة في سياق البحث.

توافق الحاضرون على أنّ النظام اللبناني الطائفي القائم عاجز عن عبور أبواب الحلول، التي رسم بعضها «اتفاق الطائف»، وأنّ «أهل» هذا النظام أصحاب مصلحة في تعطيل أيّ عملية تغيير قد تؤثر على نفوذهم وعلى احتكارهم للسلطة. لكن مواقفهم تباينت حول الردّ الممكن للمطالبين بالإصلاح، عبر اللجوء إلى الشارع وتحريكه، مخافة أن يأخذ ذلك منحى طائفياً، فيُردّ على الشارع بشارع مقابل، لكن للشارع دوراً لا يمكن تخطيه ويجب عدم إسقاطه «لأن لا فرصة لترميم هذا النظام».

كان لافتاً أيضاً، القول إنّ لبنان، قبل الطائف، شهد ميزان قوى طاغياً باتجاه الخروج من الطائفية. وبعد تنعّم الطوائف بصيغة الطائف، اختلّ التوازن، فأصبحت المطالبة بتطبيق دستور هذا النظام، بديلا عند البعض عن تغييره، الذي يأتي في مرتبة ثانية، «إذا لم يرض أهل النظام تطبيقه»، خصوصاً أنّ ربط «الطائف» فكرة إنشاء مجلس الشيوخ بوجود مجلس نيابي منتخب على أساس غير طائفي، كان لحماية حقوق الأقليات الطائفية. في حين كان هناك موقف جازم بأنّ مجلس الشيوخ لا يستطيع ترميم النظام وأننا بحاجة إلى نظام جديد يخلف «الطائف». وكانت دعوة لأن نطرح بكلّ ثقة ومجاهرة للرأي العام بأنّ هذا الدستور لا يصلح للخلاص من الطائفية التي تشعل حرباً في لبنان كلّ عقد أو عقدين من الزمن، فكيف نريد أن نصل إلى دولة مدنية وكلّ شيء فيها طائفي؟ إذ أنّ «الطائف» أنشأ نظاماً قوياً بخلط مصالح الطوائف بالطائفية، مقابل إيجاده دولة تافهة وهشة.

وجرى الكشف عن إنّ الأميركيين هم الذين فرضوا علينا إجراء الانتخابات البلدية، وطلبوا ذلك من وزير الداخلية نهاد المشنوق، وأنهم سيفرضون علينا انتخابات نيابية، ولن يكون هناك تمديد. لكننا قادمون على مرحلة صعبة حتى أواخر السنة. وإذا لم تحصل انتخابات رئاسية قبل نهاية السنة، فإننا ذاهبون إلى المجهول. وربط البعض ما يجري في لبنان بما يجري في الحوار، خصوصاً في سورية، حتى في ما يخص وحدة البلد أو تعرّضه للتفتيت، وكان هناك رأي يقول: «إذا استطاع النظام السوري والشعب والجيش أن يحافظوا على وحدة سورية فوحدة لبنان مؤمّنة».

لكن أحداً لم يجد الجواب الشافي على السؤال: إذا فرضت الظروف إما التمديد للمجلس النيابي الحالي أو القبول بانتخابات على أساس قانون «الستين»، ماذا بإمكان المعارضين أن يفعلوا، فكان التباين بين «أم الصبي» القابلة على مضض وبين الداعين إلى إجراءات استثنائية، في ظلّ يأس من أيّ إمكانية للإصلاح، طالما أنّ قوانين الانتخاب لا تحلّ كلّ المشكلات المطروحة، ومنها مسألة استخدام المال في التأثير على إرادة الناس.

هي أشهر قليلة تفصلنا عن استنفاد الوقت اللازم لأيّ إجراء قانوني لوضع الانتخابات على سكة تغيير قانونها، في ظلّ حيرة اللبنانيين بين أن يتمّ انتخاب رئيس للجمهورية قبل الانتخابات النيابية، أو تجري الانتخابات قبل انتخاب الرئيس، هذا إذا ترك لهم الخيار في ذلك.

وقدّم رئيس تحرير «البناء» ناصر قنديل الندوة قائلاً: هذه الحلقة الثالثة من الندوة التي أطلقتها جريدة «البناء» بالتعاون مع الشبكة الوطنية للإرسال «ان. بي. إن» التي نوجه لها التحية وللفريق العامل فيها ومشاهديها، تحت عنوان «صيغة مجلسي النواب والشيوخ من أين وإلى أين، وكيف جاءت إلى الطائف، وكيف ولدت، في النقاش في ضوء الفراغ الدستوري والانسداد السياسي الذي يعيشه البلد الآن».

الحلقة الأولى من الندوة شارك فيها النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو، الوزير السابق زياد بارود والدكتور وسيم منصوري. تناولت الإطار السياسي للنقاش القائم الآن: هل يمكن لصيغة المجلسين أن تؤمّن صحة التمثيل التي يشكو منها تحت عنوان عريض «الفريق المسيحي»، وهل تحقق التلازم الذي يريده المتطلعون نحو الإصلاح على أساس مجلس لاطائفي يمكن أن نذهب إلى انتخابات وفق قانون النسبية والدائرة الواحدة، وبين مجلس يضع الكوابح والضوابط التي تحتاجها الطوائف؟ توصلنا الى الخلاصة الأساسية بعد نقاش ساعتين، انه من هنا حتى تشرين الثاني، ما لم يقرّ قانون جديد للانتخابات فلن يكون بالإمكان إقرار قانون والدعوة على أساسه لانتخابات 2017 في حزيران، لأنّ الهيئات الناخبة يجب أن تدعى وهناك عطل ومهل، وبالتالي هذا يعني أننا ما لم نقرّ قانوناً قبل تشرين الثاني، فإننا ذاهبون إلى أحد خيارين: إما التمديد وإما «قانون الستين»، وفي ظلّ وجود قوى سياسية وازنة تقول إننا لن نذهب إلى قانون الستين مهما كان الثمن، وبعضها الآخر لن يقبل التمديد لا شراكة ولا تشريعاً لما ينجم عنه مهما كان الثمن، قد نكون أمام الفراغ الكبير في الرئاسة وفي المجلس النيابي.

أما في الحلقة الثانية، فناقشنا الإطار الميثاقي وشارك فيها الوزيران السابقان البير منصور وزاهر الخطيب، الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، وعميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية تعبيراً عن التيار العلماني وكيف كان ينظر إلى ميزان القوى عشية الطائف، بين القوى التي تريد إلغاء الطائفية وبين الطائفيين.

وعرفنا من الدكتور البير والاستاذ زاهر أنّ الجو في الطائف كان أفضل من الآن، بمعنى أنه حتى الذين يدعون إلى مراعاة الاعتبارات الطائفية، كانو خجلين بالحديث عن الصيغة الطائفية، بينما نجد الآن أنّ الخطاب الطائفي في صحوة على مستوى كلّ الطوائف وهناك تنافس في الحضور الطائفي. وتوصلنا إلى خلاصة بأنه لا يمكن الرهان على ضغط شعبي لفرض تفاهم على قانون انتخابي، حتى لو كان صيغة من قبل الطائف اتفق عليها اللبنانييون اسمها مجلس نيابي من خارج القيد الطائفي ومجلس للشيوخ تتمثل فيه الطوائف، وأيّ استخدام للشارع سيلبس الثوب الطائفي، وسيردّ عليه بشارع بلون طائفي آخر، ونذهب إلى ما لا تحمد عقباه وبالتالي، قد نكون أمام مرارة اضطرار القبول بأحد الخيارين المرّين: التمديد أو إجراء انتخاب على قاعدة «قانون الستين».

في هذه الحلقة، سنتناول الإطار القانوني والدستوري، ونرحب بمعالي الوزراء الدكتور بهيج طبارة، الدكتور سليم جريصاتي، الأستاذ كريم بقرادوني الذي للأسف لن يكمل معنا كلّ الحلقة لالتزامه بواجب مهني، الدكتور عصام نعمان الكاتب الدائم المقيم في «البناء» وعميد القضاء في الحزب السوري القومي الاجتماعي المحامي ريشار رياشي، بما يعني القضاء من بعد قانوني- دستوري في فهم ومقاربة المسائل، وزملاؤنا في «البناء» الذي سيدلون بأسئلة في سياق البحث المشترك بموضوع الحلقة، التي تضمّ محورين أساسيين، الاوّل: البعد القانوني والدستوري، بمعنى أنه كيف يمكن لهذين المجلسين ان تضمّهما الصيغة اللبنانية، من أين أتت فكرتهما؟ وبالصيغة العالمية من أين أتت؟ هل هما مجرد غرفتان تتقاسمان الصلاحيات لضرورات التشريع، أم هناك خصوصية سياسية فرضت وجودهما؟ في أميركا، مثلاً، يوجد موضوع الولايات والتمثيل النسبي. وفي فرنسا هناك مجلس الأعيان. وفي بريطانيا مجلس اللوردات. هل هذا هو الوضع لدينا وأين نحن؟ وبالتالي، ماذا يعني تقسيم الصلاحيات؟ وماذا يعني ذلك في صيغة النظام البرلماني ككلّ، وإلى أيّ مدى تعدّل هوية النظام أو يحافظ عليها، وهل تفتح نافذة نحو إلغاء الطائفية أم هي الصيغة التي ستكرس الطائفية و«نسكر ونقول كبينا المفتاح في البحر»؟

هي أسئلة لوضع معطيات قانونية دستورية أمام القارئ والمشاهد، لنكمّل ما وصلنا إليه في الحلقتين الماضيتين، إذاً نحن ذاهبون إلى فراغ أو إنتخابات بقانون الستين، سوف يقاطعه نصف اللبنانيين، كما حدث عام 1992، أم إلى تمديد أعرج لا يرضاه نصف اللبنانيين؟ هل هذا يعني أننا ذاهبون إلى المؤتمر التأسيسي لأنّ الطائف، في النهاية، كان شكلاً من أشكال المؤتمر التأسيسي، هذا هو السؤال السياسي الأساسي من وحي النقاش القانوني – الدستوري الذي نبدأه مع الدكتور بهيج طبارة، من أين وإلى أين صيغة مجلسي النواب والشيوخ؟

طبارة: مجلس الشيوخ ظاهرة تتوسع

طبارة: اعتماد مجلس الشيوخ كهيئة من هيئات التشريع تكاد تكون هي القاعدة، اليوم، في معظم الدول. وبحسب الإحصاءات في العام 1975 كان عدد الدول التي تعتمد مجلس شيوخ لا يزيد عن 45 وفي العام 2016 أصبح العدد 75، أيّ إلى إزدياد، لأنّ هناك دولاً تفكر، مثل لبنان مثلاً، بوضع هذه الصيغة «على السكة»، وقد لحظها في الدستور. ويمكن أن تطبق بين يوم وآخر. ومجلس الشيوخ بات جزءاً من النظام البرلماني الديمقراطي.

قنديل: أساس الاهتمام الدولي والرغبة باعتماد هذه الصيغة، ما هي مستندها الاساسي؟

طبارة: تختلف بين دولة وأخرى، كلّ دولة لها إعتباراتها، في الدول الفيدرالية هناك إضافة إلى المجلس النيابي المنتخب من الجميع، كل ولاية لها أهمية بمعزل عن عدد المواطنين فيها. لذلك، في الولايات المتحدة، منذ أن أنشئت، هناك مجلسان: شيوخ ونيابي. في إنكلترا هناك مجلس لوردات نشأته مختلفة، لوجود امتيازات للنبلاء، أيّ فريق الارستقراطيين الذين عندما تعمّم التصويت تقلص دورهم، لذلك أنشئ مجلس لوردات. اليوم نسمع أصواتاً في إنكلترا بأنه لا لزوم له ويجب تطوير النظام. في الدول غير الفدرالية هناك إعتبارات تلعب دوراً في مراعاة الاقليات والاثنيات الموجودة، التي تخشى من الذوبان وطغيان الاكثرية في مجلس النواب. الطائف عندما أقرّ تمّ إنشاء مجلس الشيوخ وربط وجوده بمجلس نيابي منتخب على أساس غير طائفي. أرادوا حماية حقوق الاقليات، لا سيما الطوائف التي تخشى من طغيان الطوائف الأخرى.

قنديل: معالي الوزير جريصاتي، السؤال يطرح في ضوء ما يحكى اليوم عن الغبن المسيحي. هل يمكن لصيغة مجلس الشيوخ، كما تضمذنها الطائف ونصّ عليها الدستور، أن تشكل جواباً طالما أنّ القضايا التي يفكر فيها اللبناني، ويتصرّف تجاهها في مثل أيّ بلد في العالم لديه هويات مركبة، هناك هوية وطنية تقارب فيها مسائل التشريع العامة: قانون الطيران، العمل، وهناك قضايا تثير لدى مقاربتها هويته الاخرى التي هي الطائفية، مجلس الشيوخ بتناوله القضايا التي اصطلح على أنها مصيرية، أيّ التي تستدعي أن تتدخل الطوائف بمقاربتها مباشرة، هل يشكل طمأنة أكثر من فرضية الذهاب إلى قانون إنتخابي على أساس طائفي كالذي يجري الحديث عنه بتعديل رسم الدوائر وبالارثوذكسي أو سواها؟

جريصاتي: مسالك سرابية

جريصاتي: علينا أن نسأل ماذا أعطى الطائف على صعيد السلطات التي أنشأها أو التي استحدثها؟ الطائف استحدث سلطة واقعية شهدناها معاً، مثلاً مجلس الوزراء الذي انتقلت إليه صلاحيات رئيس الجمهورية، هذه سلطة شرعية استحدثها وأناط بها السلطة الإجرائية، واستحدث المجلس الدستوري، وهذا إنجاز عظيم للطائف الذي لحظ أيضاً، ما يمكن تسميته بالمؤسسات أو بالمسالك السرابية يعني المتأتية من السراب، وأنا هنا أدرج، إذا أردنا الحديث عن المسالك، إلغاء الطائفية وليس السياسية بمقتضى المادة 95 من الدستور، وإقرار قانون إنتخاب من خارج القيد الطائفي. ومن المؤسسات السرابية التي أنشئت مجلس الشيوخ. الطائف كرّس المقاربة الطائفية أو ما يسمّى «كونفدرالية الطوائف» التي هي سمة النظام السياسي اللبناني، التكريس أتى بمعرض كثير من المواد التي أنشأت سلطات، وفي الوقت نفسه، لأنه لحظ بنهاية المرحلة الانتقالية التي تدوم منذ سنة 1926، الدستور اللبناني الأول لحظ إمكانية أن نذهب جميعا إلى دولة المواطنة، بمقتصى أنّ المادة 95 من الدستور وبمواد أخرى كالمادة التي أنشأت مجلس الشيوخ، أراد المشرّع أن يخلق سراباً للشعب الللبناني كأن يقول له: «ولا يهمك نحن سائرون إلى إلغاء النظام الطائفي، بدليل أننا يوماً ما نريد أن نقرّ قانون إنتخاب من خارج القيد الطائفي، ويوماً سيتم إلغاء الطائفية وشرح الآلية، ويوماً سنذهب إلى تأسيس مجلس شيوخ». لذلك، كل مقاربة لمجلس الشيوخ، خارج هذا السراب الذي يُراد به تغطية الواقع الطوائفي المتجذر في الطائف، هو خطر في التوصيف ينجم عنه عقد الآمال المزيفة، وإغراق النظام أكثر فأكثر في آمال وكسوف عند الكثير من الطوائف والمكونات، لا سيما أنّ نص المادة صريح.

قنديل مقاطعاً : كأننا نقول إنّ الانتقال من النظام الطائفي إلى النظام اللاطائفي يمكن ان يتمّ دفعة واحدة؟

جريصاتي: لا، كأننا نقول إن الإنتقال من الحال الطائفية إلى اللاطائفية، بمقتضى دستور الطائف، غير ممكن. ونحن لسنا ممن نمنن النفس بالسراب، نتعاطى مع الطائف على أساس مرحلي، والطائف يقول، في نهاية المطاف، هناك دولة المواطنة. أسأل: المادة 95 التي دعت إلى إلغاء الطائفية وليس فقط الطائفية السياسية، بآلية مشروحة في متنها تبدأ بالقول «عند تحقق المناصفة في التمثيل النيابي يصار إلى…» ويشرح هذه الآلية، لماذا لم نبادر إلى هذه الآلية بعد أكثر من 27 سنة من إقرار الطائف؟ عندما بادر أحد كبارنا، وهو الرئيس نبيه بري، إلى هذا الطرح، اضطر بري ولم يكن يناور إلى سحب الطرح معتذراً، هذا يشرح أننا في مأزق حقيقي في الطائف بمرحلة الانتقال من الحال الطائفية الى اللاطائفية؟

قنديل: نحن في الحلقة السابقة الثانية عندما ناقشنا توازنات الطوائف وصلنا إلى استنتاج بأنه عشية ولادة الطائف كان ميزان القوى الإجتماعي والسياسي والإعلامي، وحتى العسكري، طاغياً باتجاه الخروج من الطائفية. وكان عنوان النظام الطائفي أنّ ثمة قوى تدافع عنه وترى وهماً أنه يعبّر عن مصلحة من تمثل، وهي عاجزة عن الدفاع عنه، بينما القوى الأخرى، كما أخبرنا الاستاذ زاهر والدكتور البير منصور، كان الإلحاح عليهم بألا يعودوا من الطائف قبل تحديد مدة محدّدة لالغاء الطائفية. الآن وبعدما تنعّمت كلّ الطوائف بصيغة النظام الذي أنتجه الطائف، لم يعد لإلغاء الطائفية قوة الدفع، المسيحيون، أو القوى السياسية المسيحية، تعتبر أنها مغبونة من التطبيق الأعرج للنظام الطائفي، وتطالب بحقها في تمثيل طائفي. السؤال: هل وصلنا إلى طريق مسدود في ترميم النظام الطائفي؟ وإذا كان لا، ما هو المخرج في قلب النظام الطائفي؟ وإذا كان نعم، فهل يمكن الذهاب إلى اللاطائفية فوراً؟ وإذا كان لا، هل ثمة صيغة أفضل من صيغة مجلس نواب لاطائفي ومجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف؟ إذا قلنا إن نظام الطائف لا إمكانية للإصلاح من داخله وأنه استنفذ ولا إمكانية لترميمه وترقيعه، والبديل يكون بدء التأسيس للخروج من النظام الطائفي، وبدء الخروج لا يتمّ إلا بصيغة المجلسين، واحد طائفي والآخر غير طائفي وتوزيع الصلاحيات بينهما، يصبح من حظنا أنها وضعت في الطائف وأصبحت جزءاً من الدستور. هل لدى الفريق السياسي المسيحي خارطة طريق أخرى لإنصاف المسيحيين من ضمن النظام الطائفي؟ أم أنه واثق بأنّ الخروج من النظام الطائفي هو الأفق والتأسيس له قد تكون أمثل وصفة توصل إليه هي صيغة المجلسين؟

جريصاتي: عنوان الطائف العريض هو الشراكة الفعلية بين المكونات الطوائفية في صناعة القرار الوطني، هل هناك عنوان آخر وهل تحقق؟

قنديل: لا.

جريصاتي: فكيف تريدني أن أستكين إلى يومي وغدي ومصيري، ولم أشارك في هذا النظام يوماً منذ أن وجد؟ أستكين لمصيري ولحقوقي الميثاقية التي ليست منّة من أحد، وشراكتي الفعلية وأنتقل منها مستكيناً إلى دولة المواطنة؟ لو طبّق الطائف، على ما كنّا ندعو من مرجعيات روحية وزمنية بالكامال، وفقاً لمنطوقه وعنوانه العريض وتفاصيله، واستكان كلّ مكوّن إلى يومه وغده ومصيره، لأمكن الخروج بالطائف، ومن ضمن الطائف، من الحالة الطائفية إلى اللاطائفية التي هي مطلب الجميع. لكن نغرّر النفس بدولة المواطنة على أساس أننا سائرون بالطائف لنصل إلى دولة المواطن، نكون نعيش سراباً.

قنديل: أفهم من كلامك أنّ المخرج من المأزق الذي نعيشه اليوم، هو بتطبيق الصيغة الطائفية التي نصّ عليها الطائف لزمن كاف، ليشعر بالسكينة للمكون المسيحي فيتسنى البحث عن مخارج أخرى؟

جريصاتي: أو لنذهب إلى اتفاق آخر.

قنديل: إلى موتمر تأسيسي؟

جريصاتي: لا نريد تسميته تأسيسياً لكي لا يتحسّس مني مكوّن معين.

قنديل: أتحدث عما هي الآلية لذلك؟

جريصاتي: قيل يوماً كيف يمكن أن يأتي الحلّ في الشرق الاوسط، قال جوبير: يأتي من التعب والإنهاك. ويأتي من الواقعية ومن الصدفة، والعناصر الثلاثة متوافرة في لبنان اليوم.

قنديل: ما هي الآلية؟ هيئة الحوار؟

جريصاتي: نفتح الحوار على أشياء أكثر، حوار لا يستثني أحداً، يبحث، ليس فقط باللامركزية، ماذا تعني اللامركزية في ظلّ هذا النظام العقيم، ومجلس الشيوخ ماذا يعني اليوم في القضايا المصيرية، وماذا يعني الحوار في الخطوط التنموية الشاملة، أو بقانون الانتخاب الذي لا يستطيعون الاتفاق على معاييره؟ إما أن يطبق هذا النظام وإما نذهب إلى نظام جديد نرتضيه جميعاً.

نعمان: لعدم إسقاط دور الشارع

نعمان: فهمت منك أنه في الحلقة السابقة توصل المتحاورون إلى أنّ هناك شبه استحالة للجوء إلى الشارع، لانه قد يفسّر من قبل جهة ما على نحو مغاير لما تفسّره جهة اخرى، الآن فهمت مما قاله الوزير جريصاتي، أنّ هناك استحالة في التوصل لتطبيق ما نص عليه الطائف من خلال نصوصه بالذات، وهل يجب العودة أو اللجوء إلى المجلس التأسيسي، قبل ذلك أودّ التنويه إلى أمر معيّن، يجب عدم إسقاط دور الشارع، حيث أنه خلال أربع مناسبات، أو أحداث في لبنان، تبيّن أنّ للشارع دوراً ولو كان أحياناً محدوداً، عام 1943 قامت حكومة بشارة الخوري ورياض الصلح بإلغاء مواد الانتداب وقامت السطات بإعتقال مجموعة كبيرة من أعضاء الحكومة في السجون، وقامت الجماهير حينها. أعتقد أنّ الجمهور اللبناني المعترض حينها، كان يمثل ثلثي اللبنانيين، وتمكّن، مع اعتبارات أخرى، من كسر قرار سلطات الانتداب. مرّة أخرى، الرئيس بشارة الخوري أجرى انتخابات غير عادلة لتعديل الدستور، من أجل تجديد ولايته، وأفلح بذلك. لكن معارضة شديدة واجهته وأكرهته على الاستقالة.

قنديل: القلق هو من تطييف الشارع، بقضايا تحت عنوان الهواجس الطائفية والتطلعات الطائفية. لنتفق على هدف، صيغة المجلسين لكي تنزّل لها شارع يجب أن تتفق على أنها المخرج المتفق عليه. كلام الوزير جريصاتي يضعنا في مكان آخر، إما أن نذهب إلى تطبيق منصف للطائف، وفق صيغته الطائفية، قبل البحث بالخروج من الطائفية، أو تعالوا إلى صيغة لعقد جديد، هل لا زال ثمة إمكانية لترميم الطائف القائم بتسويات؟ هل ترى، كباحث قانوني دستوري سياسي متابع للشأن الانتخابي، فرصة بأنّ هذا النظام لا يزال يتسع لفرص ترميم، أم أنه استهلك واستنفذ، وما نحن بصدده الآن أزمة نظام وليس مجرد أزمة عابرة من أزمات التمثيل السياسي؟

نعمان: لا فرصة لترميم النظام.

قنديل: بناء عليه هل يفتح نظام الطائف نافذة إلى اللاثورة؟ يعني عندما يفلّس النظام، البديل هو الثورة ويأتي بعدها مؤتمر تأسيسي أو سواه. عادة هناك نافذة يفتحها الدستور ويستغلها المصلحون للانتقال السلمي، هل يمكن لنافذة المجلسين أن تكون قادرة على لعب هذا الدور؟

نعمان: نعم من خلال المادة 22 من الدستور التي تنصّ على أنه مع انتخاب أول مجلس نيابي على أساس وطني لاطائفي، يستحدث مجلس للشيوخ تمثل العائلات الروحية فيه.

قنديل: هذه الصيغة العائمة لمجلسين، الاتفاق على الصلاحيات وطريقة تقاسمها بين المجلسين، وما هي القضايا المصيرية ومتى يجتمع المجلسان، ومتى يكون للأول حق النقض على الثاني. هذه تحتاج وحدها إلى حوار ولجان عمل لستة أشهر على الأقلّ. هل هناك متسع من الوقت، قبل الانفجار الدستوري، وقبل أن نصل إلى الاستحقاقات الداهمة؟ وهل هناك وقت لنقوم بكلّ هذه الاتفاقات ومعها التدريب اللازم للناس ووسائل العمل الإداري في الوزارات، لانتخاب مجلسين الآن، أم سنكون مضطرين للتمديد للمجلس الحالي أو للإنتخاب على أساس «الستين»، مع وعد جديد لانتخابات مقبلة على أساس المجلسين؟

نعمان: بالنسبة للعاملين في النظام الحالي ومن ضمنه الطائف، هؤلاء يعتقدون بأنه نعم هناك وقت ضيّق ويجب العمل للترميم والإصلاح قدر الإمكان، وقبل حلول موعد الانتخابات أواخر الربيع المقبل. لكن القوى الوطنية الحيّة لا تقيس الأمور من خلال الاعتبارات والنصوص التي يعمل بموجبها الفريق الأول، يعتقدون أنّ فرصة ترميم النظام يجب العمل لها من خارج الطائف، من أجل هدم أسس هذا النظام، وبالتالي، قيام تجربة جديدة سيكون بالضرورة للشارع دور فيها.

قنديل: إذا وصلنا إلى الحائط المسدود، وبتنا أمام خيارين: إما انتخابات على اساس «الستين»، ثمة من يقول إن «التيار الوطني الحر» و«تكتل التغيير والإصلاح» والمدى الشعبي معهما، لن يشارك، على الإطلاق، في إنتخابات على أساس الستين، هل يمكن أن تؤكد لنا هذا؟

جريصاتي: هذا الكلام غير دقيق، المطلوب أن نرمّم النظام، أيّ نطبقه. أيّ إشغال الموقع الأول في الدولة لتأمين الشراكة الوطنية. ومطلوب شراكة في المجلس النيابي، حينها تفتح الآفاق والاستحقاقات… هل يمكن تصوّر إقرار قانون انتخاب عادل بمفهوم الميثاق بغياب الرئيس؟ وهل يمكن أن يقرّ أيّ قانون تأسيسي منشئ لسلطة، بغياب سلطة الرقابة والطعن؟

قنديل: لكن «التيار الوطني الحر» و«تكتل التغيير والإصلاح» هما اللذان كانا يقولان «هذا المجلس غير شرعي وغير مؤهّل لانتخاب رئيس ونريد انتخابات نيابية جديدة وإن كانت على الستين لينتخب رئيس للجمهورية».

جريصاتي: قالها العماد عون إذا توافقنا على قانون انتخاب جديد أصبحت سلطة الطعن والردّ محصورة. وإذا لم نتوافق نحتاج إلى سلطة احتكام وهي رئيس الجمهورية بالدستور. نحن نقول أحلاهما مرّ لا نريد أن نصل للتمديد.

قنديل: إذاً بات التمديد أمامنا؟

جريصاتي: لن يكون أمامنا التمديد لأنّ الأميركيين فرضوا علينا الانتخابات البلدية، وسيفرضون علينا انتخابات نيابية. من يفرض علينا قائد جيش وانتخابات بلدية يفرض علينا انتخابات نيابية.

قنديل: أنا أناقش قوة سياسية، إذا تمّ التمديد.

جرصياتي: لن يكون هناك تمديد، هذه فرضية.

قنديل: ها نحن أمام تمديد لقائد الجيش للمرة الثالثة ولم يكن أحد يتوقعه.

جريصاتي: هذا موقع في الفئة الأولى في الدولة، عسكري يهمّ الأميركيين. ريتشارد جونز الذي أعطى للوزير نهاد المشنوق الأمر بإجراء الانتخابات البلدية، سوف يصدر أمراً آخر لإجراء الانتخابات النيابية.

قنديل: هذه معلوماتك، أنا لا أناقش معلومات، بل بالاستنتاج السياسي، الطرف السياسي الذي تمثّل إذا كان أمامه أحد الاستحقاقين: التمديد أو «الستين»، يقول لا للاثنين؟ يستقيل من مجلس النواب الممدّد له؟

جريصاتي: إذا الاستحقاق وصل وبنتيجته خراب البصرة نحن أم الصبي. وإذا كانت هناك خيارات أخرى نذهب إليها.

قنديل: حتى تتوضح الصورة أكثر فأكثر بالتعقيدات التي يطرحها أمامنا، وليس بالسهولة التي يمكن أن يتخايلها من يقرأ بأنّ هيئة الحوار دخلت لمناقشة مخرج لقانون الانتخاب عنوانه صيغة لمجلسي النواب والشيوخ، نحن نعيش قصة لا تختلف عن بقية القصص التي تفجّرت فيها الأزمة السياسية، والتي تتناسل بأشكال مختلفة. ويبدو أنّ موضوع المجلسين واحد من تعبيرات الأزمة وليس من مداخل الحلول، وأنت عايشت الطائف وما قبل وحتى اليوم.

بقرادوني: المرحلة تشبه السبعينيات

بقرادوني: أشعر أنني في السبعينيات. أذكر تماماً كان هناك «يسار» يقوده كمال جنبلاط، و«يمين» يقوده بيار جميل وكميل شمعون. كان يقول لبنان كما هو يجب ان تتمثل كلّ الطوائف، والا لا استقرار وكانت هناك نظريتان متواجهتان.

قنديل: كان في الوسط الإمام السيد موسى الصدر وكان يطرح الغاء الطائفية.

بقرادوني: تبيّن أن لا أحد يستطيع أن يحسم فكرياً وحتى انتخابياً، ولا قانون الانتخاب، لأنهم عدّلوا قوانين انتخاب عدة، ولم يتغيّر شيء. وجاء الإمام الصدر ليأخذ موقعاً وسطياً، فقال في قداس في الكبوشية بضرورة انتقال النظام الطائفي، كما يمارس بشكل دراماتيكي، إلى نظام إلغاء الطائفية بشكل متدرّج، في واحدة من الطروحات التي تكلم عنها لإلغاء الطائفية تدريجياً، يقضي أمرين: نحن كمسلمين، صراحة، إنّ لبنان وطن نهائي. وأنتم أيها المسيحيون تؤمنون بهوية لبنان العربية وتذهبون، ولو بخطى، إلى نظام أقلّ طائفية. ولم يتحدّث عن العلمانية، بل القوميون السوريون وكمال جنبلاط تحدثوا عن العلمانية. وكان جنبلاط يقول إنّ العلمانية ليست حلاً وإنّ الطائفية المعقلنة يمكن أن تشكل حلاً.

قنديل: الطائفية المعقلنة تشكل مرحلة، لكن الهدف إلغاء الطائفية.

بقرادوني: في تلك الفترة لم يكن مطروحاً مجلس شيوخ، وطرح مجلس الشيوخ في مرحلة إنهاء حرب لبنان في الطائف. سألت لماذا طرح مجلس الشيوخ، جاء الجواب كالتالي: إذا أردنا أن نرضي «اليسار» أو دعاة الطائفية بإلغاء تدريجي للطائفية، يجب أن يكون هناك مجلس شيوخ تمثيلي لكلّ الطوائف يطمئن. نحن السبب لأنّ لبنان متنوّع بطوائفه، ولا بدّ من تمثيلها. وإذا ذهبنا للعلمنة، هناك مشكلة تمثيل طائفي حقيقية. إعتقادي الشخصي أنّ هذا النظام مأزوم ونفَسه ضيّق وأصبح على النهاية، ولديه صعوبات كثيرة، فهل أن مجلس الشيوخ يرمّمه؟ لا يستطيع، بل يمكن أن يعطيه جرعات. نحن بحاجة إلى إعادة النظر بالنظام السياسي، ونحتاج إلى نظام جديد يخلف الطائف الذي لديه مشكلتان: الاولى أنه لم يطبّق كاملاً. وهناك من يقول لو طبقناه لا يكفي. أعتقد أنّ الإنحراف عن الطائف لم يكن منطقياً، لم يقل الطائف أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تعطى إلى مجلس الوزراء مجتمعاً. والرئيس رفيق الحريري فهم تطبيقه بأنّ الصلاحيات تنتقل إلى رئيس الحكومة، ومارسها وانتقلت في الواقع إلى رئيس الوزراء منفرداً، كما كان رئيس الجمهورية قبل الطائف يتفرّد. المسألة الأخرى هي قانون الانتخاب. وارد في الطائف «قانون صحيح ويمثل»، جرّبوا كلّ أنواع القوانين، منذ الحرب حتى الآن، لم يحلّ قانون من القوانين مشكلة أو معضلة. أنا مع الانتقال من الأكثري إلى النسبي، يجب إنشاء مجلس شيوخ طائفي ومجلس نيابي لاطائفي، ونحافظ على المناصفة فيه، ونذهب إلى النسبية ونكون قمنا بخطوة جدية.

قنديل: هذه نافذة برأيك تبقي الحياة للطائف؟

بقرادوني: مخرج مجلس شيوخ يريح الطوائف وقانون نسبي مع المناصفة.

قنديل: لكن الدكتور البير منصور ضدّ ذلك بالمطلق، وقال إنها نسف لكلّ ما اتفق عليه في الطائف، ويفترض وجود مجلس وطني لاطائفي كلياً.

بقرادوني: ما أطرحه قد يكون متنفساً لتطوير قدرة العيش مع الأزمة. حان الوقت، من دون حرب، أن نطرح موضوع الطائف في مؤتمر وطني. وقد يكون هذا دور رئيس الجمهورية الآتي، وفي غيابه لا نستطيع فعل ذلك. أول عمل يقوم به رئيس الجمهورية المقبل، أو هيئة الحوار الموسعة، أن يدعو إلى مؤتمر وطني لإعادة النظر في النظام الحالي.

قنديل: نحن نعدم عاملين في النقاش، كأنّ الأمر فقط في النصوص، الأول، أنّ موازين القوى تحكم تطبيق النصوص وليس فقط الإرادات الفردية. وموازين القوى التي نتجت مع تطبيق إتفاق الطائف، أنتجت معادلاتها معها، والقوى المسيحية التي كانت عشية الطائف، مقاطعة للنظام الذي ولد منها، أنتج ميزان قوى طائفي وسياسي، والرعاية الإقليمية والدولية أيضاً كانت حاضرة، والآن لا رعاية إقليمية ودولية للنظام الحالي، وبات خارج المعادلة ولا بديل محلي للتعويض إلا رئاسة الجمهورية التي تستطيع لعب دور لكنها غائبة. لبنان جزء من معادلة المنطقة التي تعيش حديثاً عن تقسيم وفدراليات وكونفدرالية ودولة مدنية وإقطاعات جغرافية، إلى إيّ مدى بقراءتك السياسية للمشهد الاقليمي ولموازين القوى السياسية والطائفية الحاكمة في لبنان بلحظة الانسداد التي فيها، أيهما قبل إنتخاب رئيس أم مؤتمر تاسيسي؟

بقرادوني: ما سيحدث في سورية سيحدث هنا، إذا اتجهت سورية إلى ما يسمّى فدرالية أو تقسيم، أو كما تحاول تركيا قضم قطعة من سورية، والأكراد يحاولون بناء دويلة ضمن الدولة في سورية، إذا تكرّست حالات التجزئة هذه أو التقسيم، لبنان في خطر، صيغة لبنان في خطر، أيّ صيغة التعايش. إذا إستطاع النظام السوري والشعب والجيش أن يحافظوا على وحدة سورية فإنّ وحدة لبنان مؤمّنة.

قنديل: واقعياً هل هناك إمكانية للاتفاق على رئيس للجمهورية قبل أن نصل إلى لحظة المؤتمر التأسيسي؟

بقرادوني: نحن ذاهبون باتجاه ميشال عون، ويحتاج إلى وقت ليستوعبه الجميع، وتفكيره إصلاحي وحزبه إصلاحي. كلّ ذلك إذا لم يحصل، نحن قادمون على مرحلة صعبة حتى أواخر السنة. وإنّ غداً لناظره قريب. وذاهبون إلى إنتخابات رئاسية قبل نهاية السنة. وإذا لم يحدث ذاهبون إلى المجهول.

طبارة: أريد أن أعلق على ما قاله زميلي الدكتور جريصاتي في ما يتعلق بالطائف، كما فهمت أنّ الطائف في ذهنه أنّ الأمر الاساسي فيه هو تكريس النظام الطوائفي، الطائف بالعكس، نستخلص انه لتجاوز الحالة الطائفية، وقالها صراحة وقالها بالتطبيق، تلغى الهوية الطائفية وتعيين الموظفين تعتمد الكفاءة فيما عدا موظفي الفئة الأولى، وتنشأ هيئة لاقتراح الحلول لإلغاء الطائفية. فلسفة الطائف تجاوزت الحالة الطائفية، النظام الحالي مأزوم وأثبت في التطبيق أنه يؤدّي إلى كارثة، من الاستقلال 1943 حتى اليوم، وأحداث 1958 أخذت منحى طائفياً واضحاً وإنتهت بلا غالب ولا مغلوب. وفي العام 1969 كانت أطول أزمة وزارية، وأيضاً أخذت منحى طائفياً، وفي 73 و75 قتل على الهوية ومنحى طائفياً واضحاً، كله في ظلّ النظام الطائفي الذي نعيشه، نظام أدّى إلى انهيار أو يكاد، لدولة بكاملها. يجب أن تكون نظرتنا إلى الطائف كيف يمكن أن نتجاوز الحالة الطائفية التي نعيشها؟

قنديل: يعني أن نأخذ هذا المخرج الذي رسمه لنا الطائف للخروج من الحالة الطائفية باعتبار أهمّ ما فيه ما لم نطبقه؟

طبارة: هذا كان مهمة الهيئة التي نص عليها الدستور، الرئيس بري عمل ندوة حينها في مجلس النواب، شاركت فيها عن موضوع الهيئة، كيف يمكن أن تنشأ، حصل مسعى جدي آخر أيام الرئيس الهراوي، قدّم كتاباً إلى مجلس النواب لتشكيل الهيئة الوطنية، لا أحد يتحدث عن المراحل التي نمرّ بها لنتجاوز الحالة الطائفية.

قنديل: أستاذ ريشار، التيار العلماني يمثله القوميون ككتلة أساسية فيه، هل أنّ التعايش مع صيغة من صيغ التنظيم الطائفي في العملية السياسية، وهو مجلس الشيوخ، مقابل ما يقول البعض إنه رشوة للاطائفيين، أن خذوا مجلساً نيابياً على أساس لاطائفي، وشرّعوا فيه قانون السير والطيران والبناء، وأتركوا لنا القضايا المصيرية التي تعني الكيان ومصيره ومستقبله، ليس في يد ممثلي الطوائف، بألعن صيغة يمكن أن تتخيّلوها، هي أن تنتخب الطوائف ممثليها. هل تعتبرون هذا صيغة تنسجم مع عقيدتكم العلمانية كمخرج من الصيغة الطائفية؟

رياشي: لبنان دولة مدنية لا دينية

رياشي: انطلقنا من فكرة الضوابط القانونية لمجلس الشيوخ، الغاية منه ضمانات وضوابط. في أكثر من مكان توجد فيه فدراليات واثنيات وولايات وكونفدراليات، لا شيء يشبه لبنان، نعود الى فلسفة الدستور الذي وصلنا إليه بعد حرب أهلية طاحنة طائفية. الدستور في مقدّمته يقول إنّ لبنان دولة مدنية وليس دينية، وقوانينها الوضعية مدنية، باستثناء الأحوال الشخصية. فلسفة الطائف هي إلغاء الطائفية السياسية. مقدمة الدستور أقرّت هدفاً وطنياً هو الغاء الطائفية السياسية، ويستتبع في المادة 22 بعد انتخاب أول مجلس نيابي وطني يُصار إلى تأليف مجلس شيوخ تناط فيه المسائل الأساسية في البلد. النظام الطائفي لم يولّد الأزمات، وما أسماه الوزير جريصاتي مسالك سرابية، لا أسمّيه كذلك، هناك دستور ونص، لكن تدعو الحاجة إلى تطبيقه لا سيما مقدمة الدستور التي تدعو إلى إلغاء الطائفية السياسية بالمطلق. ومن يقول إنّ إلغاء الطائفية لا يقود إلى العلمنة، أسأله ما الفرق بينهما؟ يكملان بعضهما ويشبهان بعضهما، الهدف على الأقلّ، أن نصل إلى قانون انتخاب خارج القيد الطائفي ولبنان دائرة انتخابية واحدة، ولو لمرحلة أولى. كلّ الفرقاء يريدون الإبقاء على المناصفة، لكن النصوص بالذهنية يجب أن تكون الذهاب إلى قانون انتخابي خارج القيد الطائفي كلياً، وتأليف مجلس الشيوخ نبحث بصلاحياته، جرّبنا كلّ نوع من القوانين يؤدّي إلى ظلامة عند الآخرين، وهذه الصيغ تولد خراباً، والدليل أنّ النظام المأزوم بسبب الطائفية، واليوم تطرح ميثاقية جلسة مجلس الوزراء إذا لم يحضر أحد مكوناتها.

قنديل: أليست هذه واحدة من الأحاجي التي توضع بين أيدينا كلبنانيين، وتنظيم الصلاحيات بين المجلسين وتأخذ سنوات، فيما البلد أمام انفجار، هل هذا ترف فكري وسياسي ودستوري للتلهّي لأنّ ظروف الحلول التي ينتظرها المعنيون لم تنضج، أم أنتم تأخذون الموضوع على محمل الجدّ؟

رياشي: لا نستطيع فصل ما يجري في لبنان عن الوضع في المنطقة، لا نعتبر ذلك ترفاً بل هو هدف أساسي، لكن لا نعزل لبنان عن أحداث المنطقة، نطبّق الاتفاق أو نذهب إلى مكان آخر ونطرح بكلّ ثقة ومجاهرة للرأي العام أن الدستور لا يصلح، وأحد أهمّ أسباب الأزمة الحالية هي الطائفية. كيف نريد أن نصل إلى دولة مدنية وكلّ شيء فيها طائفي؟

نعمان: لا يكفي أن نطرح هدفاً أو مطلباً من دون تحديد كيفية الوصول إليه، الزملاء طرحوا اهدافاً عدة من خلال مواد الطائف والدستور، لكن لم يحدّدوا كيف، اليوم القائلون إنّ مدخل الحلّ هو انتخاب رئيس جمهورية لم يتمكنوا من إنضاج وإنجاح الطرح. كما أنّ القائلين بوجوب التوافق على إقرار قانون إنتخاب أياً كان محتواه، فشلوا في إنجاحه، كيف يمكن الخروج من الموضوع؟ يستحيل ترميم النظام وإيجاد مدخل، لا حلّ من خلال النظام، وهذا يؤدّي إلى التفكير بمدخل للحلّ من خارج الذهنية والأطر المعروفة المتلازمة مع النظام، باللجوء إلى الشارع، بمعنى العودة إلى الشعب وقيام القوى الحية بترتيب وضعها وصولاً إلى مؤتمر وطني. وهذا المؤتمر يقوم بالضغط على الشبكة الحاكمة، وهي ليست فئة حاكمة بل شبكة، ويضغط عليها من خلال العمل الشعبي، من أجل أن تقوم بإيجاد حلّ أو مدخل، ولو تسوية من خلال الأطر القائمة. هناك 17 مشروع قانون في المجلس النيابي، أفضلها، ربما، مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بنتيجة الضغط ربما يتوافق أطراف الشبكة الحاكمة على إقرار القانون هذا، لإجراء انتخابات ونقل البلاد من صعيد إلى آخر. أما إذا أخفقت حتى في ذلك، فالظرف الاستثنائي يقتضي اللجوء إلى تدبير استثنائي بإجراء انتخابات بمعزل عن الشبكة الحاكمة، بواسطة قواه الذاتية والبلديات. في البلد تجري استطلاعات رأي على مستوى الجمهورية، مرات عدة في السنة، وهذه الانتخابات ستكون بمثابة استفتاء، لا يمكن للشبكة منعها.

طبارة: نحن نعيش في نظام ديمقراطي برلماني.

قنديل: يدور النقاش بين فكرتين محوريتين، لا إمكانية للانفتاح على إلغاء الطائفية من بوابة مجلسي الشيوخ والنواب، أو سواها، أو مؤتمر تأسيسي. لا خروج من هذه الأزمة التي تبدو، في الظاهر صغيرة. ورأي آخر يقول: ثمة فئة في البلد تشعر أنها أخرجت عمداً من الحياة السياسية، في غالبها مسيحية، استحقاق رئاسة الجمهورية يعنيها مباشرة، وتقول «لا تضحكوا علينا بمخارج الإصلاح وإلغاء الطائفية، أعطونا حقوقنا وحصتنا ولاحقاً نتكلم». نحن أمام هذه الثنائية تدورنا في المكان نفسه. في القسم الثاني من الحلقة سنعمل جولة سياسية، لكن سأترك المجال لزملائنا في «البناء» للاسئلة.

الزملاء في «البناء»

هتاف دهام سألت بقرادوني: قلت إنّ رئيس الجمهورية الذي سيكون، سيعيد النظر بالنظام الطائفي. ماذا لو لم ينتخب عون رئيساً وأتى رئيس توافقي، على غرار الرئيس ميشال سليمان، الذي وعد في بداية عهده بإقرار قانون انتخاب على أساس النسبية، وانتهت ولايته من دون أن ينفذ وعوده؟

بقرادوني: إذا أعدنا تجربة العماد سليمان، فإنّ البلد يتجه إلى الخراب والمجهول، ويسقط نظامه الطائفي، بل يسقط كله. دور تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية شيء ضروري، ومعها قانون النسبية لبلد مثل لبنان، ورئيس جمهورية من نوع عون يقوم بذلك.

روزانا رمال: أستاذ كريم نحن نتحدّث عن تغيير في البلاد وتغيير في الدساتير والقوانين والطائف. تحدثت عن الارتباط بسورية بينما نلاحظ أنّ الحديث اليوم عن لببنة الحلّ السوري، مطروح في أروقة الدوائر الغربية وطرحه ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي إلى سورية بأنّ الحلّ اللبناني مدهش للأزمة السورية. إلى أيّ مدى يمكن أن نصلح شيئاً في نظامنا الطائفي في لبنان، وإلى أيّ مدى نستطيع إبعاد النفوذ الدولي؟ في أيّ إصلاحات إذا كان النظام الطائفي شكّل مصلحة للسعودية في لبنان؟

بقرادوني: لا أعتقد أنّ النظام اللبناني يطبّق في سورية، والعكس صحيح. لبنان يجب أن يطوّر النموذج الديمقراطي، الذي هو طائفي أكثر مما هو ديمقراطي، كما قال الرئيس الحص بأنّ الحرية لدينا أكثر من الديمقراطية. علينا تطوير النظام بمعزل عما يحصل في سورية. أخشى من أن المخططات الخارجية يمكن أن تأخذنا إلى حرب داخلية في لبنان. هناك مخططات خارجية تحاول استخدام سورية والعراق ولبنان وفلسطين لإنهاك هذه الدول، وبالتالي ترك القضية الفسطينية لإراحة «إسرائيل». عندما يكون حولها «إسرائيليات» صغيرة أو دول دينية وهي الأقوى.

رمزي عبد الخالق: فهمنا من الوزير جريصاتي أنّ الطائف وصل إلى طريق مسدود، بينما العميد رياشي أشار إلى وجود مواد في الدستور يمكن أن تخرجنا من الأزمة، والحقيقة أنّ ما لم يطبق في الطائف هو البنود الإصلاحية، ألا يشكل تطبيق هذه البنود مخرجاً للأزمة التي نعيشها اليوم؟

جريصاتي: الإشكال الأساسي في الطائف هو أنه طوائفي بامتياز، وحمى نظاماً قوياً وأنشأ منذ 1989 إلى اليوم دولة تافهة ونظاماً مصلحياً. وعندما تدمج المصالح بحقوق الطوائف هذا نظام قوي جداً، لا هو مأزوم ولا ذاهب إلى زوال. الطائف أنشأ نظاماً قوياً ودولة تافهة أو هشة، النظام الذي يعطي لرؤساء الطوائف حق مراجعة المجلس الدستوري، نظام فاشل قاهر وفاسد، لكنه قويّ عصيّ على الاختراق. عندما نطالب بانتخاب عون رئيساً للجمهورية لأنه خارج كلّ هذه المنظومة، هذا النظام الذي يتحدث عن التساوي في المجلس النيابي بين المسلمين المسيحيين، وبصورة نسبية بين المذاهب، يكون طوائفياً وهذا النظام الذي يربط أيّ إصلاح بقانون انتخاب خارج القيد الطائفي، كيف سنصل اليه؟ نعيش حالة تمذهب قصوى وصراعاً مكبوتاً، هو صراع في المنطقة ولم ينتقل إلى لبنان حتى اليوم، وقدرنا نحن المسيحيون أن نأخذ بزمام الأمور مجدّداً وسنأخذ بناصية الميثاق مجدّداً، لننقذ الميثاق، ليس إيماناً منا بضغط الطائف بل حق لنا أن نشارك بصناعة القرار الوطني، وحينها أستكين وحينها أذهب إلى دولة المواطنة.

طبارة: نحن نخلط بين المرحلة الانتقالية التي أوجدها الطائف بما فيها معادلة الخمسين بخمسين، بما فيها تأليف حكومة تتمثل فيها كلّ الطوائف، أساساً لهدف الوصول إلى إنهاء الحالة الطائفية. الطائف لم يكرّس الطائفية، بل هي مرحلة انتقالية.

جريصاتي: لكن هذه المرحلة الانتقالية تدوم ومستمرة منذ العام 1926.

طبارة: يجب أن نتجاوزها لتشكيل الهيئة التي نص عليها الطائف، لكي تتخذ تدابير إلغاء الطائفية، ويجب أن تنشأ من أول حكومة بعد الطائف.

قنديل: إلى أيّ مدى تبلغ نسبة التوزان بين المدافعين عن النظام الطائفي، وبين سعاة الخروج منه. الطائف أتى كثمرة غلبة للخروج من النظام الطائفي، الواضح أنّ الطائف بمرحلته الانتقالية أنتج معادلة طائفية لم يعد فيه قوى مستعدة للقتال للخروج من الحالة الطائفية، لأنّ لا مظلومين فيه؟

نعمان: الطائف لم ينتج معادلة طائفية جديدة، المشكلة ليست في الطائفية بل ما بعد الطائفية، وفي المحاصصة، بعد الطائف وتحديداً بعد انتخابات 2005 نتج ميزان قوى جديد، نوع بين تكافؤ بين قوتين رئيسيتين وعلى أساس الواقع الجديد، نوع من معادلة تقوم على محاصصة وتوزع المناصب والمراكز، المشكلة بين أهل السلطة بما هم أهل محاصصة.

قنديل: هؤلاء أهل المحاصصة الذين تتحدث عنهم إذا شاهدنا نتائج الانتخابات البلدية الاخيرة، واقع الحال يتحدث عن الزعامات الشعبية في البلد التي محضها المواطنون أصواتهم كزعامات، يعني المسيحيون انتخبوا العماد عون ولوائحه ليس بصفته كزعيم حزب سياسي، بل بصفته رئيس جمهورية. والشيعة انتخبوا الرئيس بري كرئيس للمجلس النيابي. والسنة انتخبوا الرئيس الحريري كمشروع رئيس حكومة. والوزير جنبلاط زعيم الأقلية التي يمثلها. يعني نحن لا نتحدث عن محاصصة مبنية على التسلط رغماً عن الإرادة الشعبية، بل محاصصة مبنية على موازين قوى أفرزتها عملية انتخابية. والآن إذا أجريت إنتخابات على أساس النسبية ودائرة واحدة، نسبة التغيير لن تتعدّى العشرة في المئة، في الوقت الراهن. المراهنة على النسبية بمداها الطويل أنها تشجع على الحياة الحزبية، وتفجر الطوائف من داخلها. هذا النظام بطبقته وبقيادته السياسية الراهنة، هو الأزمة بسبب القيادة السياسية التي فيه، والمخرج أن يأتي سلمياً. ممرنا الإجباري هو هذه القيادة السياسية وأداتنا الوحيدة هي أن يضغط هذا الشعب الذي توّج هؤلاء الزعماء عليهم.

نعمان: على القوى الوطنية الحية أن تتكتل وتضغط على الشبكة الحاكمة، إذا إستجابت وتراجعت وأقرّت ألطف القوانين الانتخابية كمشروع ميقاتي، وإذا لم تستجب فالظرف الاستثنائي يستوجب تدبيراً استثنائياً.

طبارة: فلنتفق هل أنّ النظام الطائفي نظام جيد أم فاسد، هل أن النظام الطائفي في لبنان هو الضرورة ويجب أن يعمّم إلى دول الخارج؟ قضية قانون الانتخاب، كنت تقول أستاذ ناصر أنه إذا أجريت إنتخابات اليوم لا تتغيّر في النتائج. لكن قانون الانتخاب العادل والمنصف هو ليس فقط قانون النسبية، وهي ركيزة، لكن هناك تأثير للمال على إرادة الناخب، وآخر إنتخابات نيابية وضع فيها مليار دولار. وهناك تأثير الاعلام، قانون ميقاتي لا يلاقي الحلول لقضية تأثير المال على إرادة الناخب.

نعمان: أنا لا أعتبر أنّ مشروع حكومة ميقاتي هو الأمثل، بل هو ألطف المشاريع الموجودة التي من شأنها تجديد القيادات السياسية. وإذا عجزت الشبكة الحاكمة عن التراجع بأخذ الحدّ الادنى، فلا يعقل أن يكون مدخل الحل إلا التدبير الاستثنائي.

قنديل: الواضح أن نسبة حيوية الشارع دكتور عصام ليست كما نتمناها، خصوصا العابرة للطوائف، نحن نتمنى أن يكون الشارع غير طائفي، وله تطلعاته الاصلاحية وقوي ويمثل ميزان قوى حقيقيا قادرا على أن يهز أركان النظام الطائفي. لكن عملياً، هذا تمني أكثر مما هو اقع. نحن أمام معادلة محكومين فيها لتوافق أركان النظام الطوائفي وقدرتهم على إنتاج رئيس جمهورية بالتوافق، وإما على إنتاج قانون إنتخاب بالتوافق، وإما لا شيء. ترمى الكرة في معادلة التطورات الاقليمية والدولية التي قد تأخذنا، وسبق أن أخذتنا مرات عديدة، تفرض تسوية بموازين قوى دولية، سورية ربحت وإيران وروسيا، حلف يتقدم وبناء عليه حزب الله لعب دوراً محورياً في معركة الاقليم مع الإرهاب. وتثمير وزنه السياسي والاقليمي يتمّ في لبنان بمرشح رئاسي من كنفه، ويأتي عون رئيساً، ليس بمعادلة داخلية، ويأتي الحريري رئيساً للحكومة، ليس بمعادلة داخلية، بمعادلة أن السعودية يجب إرضاءها تمثيليا، إذا إتفق السعوديون على أن يمثلهم الحريري، بمعنى إلى إيّ مدى نحن أمام الركود الشعبي الضاغط إصلاحياً، بين خيارين: أن نكون رهائن لأهل السياسة ولكل منهم حق الفيتو، وأن يتفق اللاعبون الكبار، الذين يملك كل منهم حق الفيتو. وإذا طال أمر كلاهما ذهبنا إلى الهاوية؟

نعمان: هناك حقائق جديدة يجب أخذها بعين الاعتبار، صحيح أنّ القوى الخارجية ما زال لها تأثير ولكن ليس كما في الماضي. من هي القوى الخارجية، بصرف النظر إذا كنا نتوافق أو نختلف معها. سورية منشغلة الآن بنفسها، أميركا منشغلة بما إفتعلته من حروب وفتن لمصلحة سياساتها ومصلحة «إسرائيل» وهي إذا لم تكن منشغلة، صعب عليها أن تتصرف كما في الماضي. «إسرائيل» عاجزة عن التدخل لوجود مقاومة يمثلها «حزب الله» قادرة على إلحاق أذى شديد بها، يبعدها عن مغامرة جديدة، والسعودية منشغلة وسلاح المال ليس كما قبل. هذه فرصة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار، خصوصاً القوى الوطنية الحيوية المواجهة بأركان شبكة حية، هم عاجزون عن التفاهم وعن التخلي، ربما يجب على القوى الوطنية الحية أن تشتغل على نفسها وتتوسع حتى تصبح رقما مؤثرا في الوضع الداخلي.

طبارة: لا أوافق على ما قاله الاستاذ قنديل عن الركود الشعبي، بل هناك نقمة شعبية كبيرة عبّر عنها انتخاب البلدية في بيروت. الشارع بمعنى الشعب، إذا أعطيته قانون إنتخاب يمثل التعبير عنه ويقول رأيه بحرية وضوابط للانفاق الانتخابي، يختلف الوضع والنتائج.

قنديل: نحن نتحدث عن ركود في الشارع لفرض قانون إنتخاب، لدينا حركة قابلة للاستجابة؟

جريصاتي: إذا بمعايير قوى التغيير نعم لدينا، في الماضي الحراك المدني لو عرف كيف يميز بين مفهوم الحراك وقوى التغيير التي قد تدعمه كان حقق شيئا.

قنديل: وهل يمكن أن يوسم طائفيا؟

جريصاتي: إذا استفتينا قوى التغيير في إي أزمة لماذا يوصف طائفيا؟

قنديل: القوة الاكبر في الطائفة السنية هي «تيار المستقبل» حتى تاريخه. وإذا كان الحراك القوة الحاملة فيه هي تحالف «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» سنقسم البلد كما يلي: غالبية شيعية- مسيحية في ضفة، وغالبية سنية في ضفة أخرى.

جريصاتي: أؤكد لك بأن شعبنا سوف يستفتى وإن قلنا نحن نتكلم عن الشعب اللبناني، ولا سمة للصراع المهيمن في المنطقة ولا إستهداف لـ«تيار المستقبل»، شعبنا سيستفتى على أساس هل هذا النظام قادر على الاستمرار في ظل إنسداد الأفق، وبالتالي، ما هو دور المكونات في هذا النظام. طرحي من منطلق الحرص على عدم إذكاء نار الفتنة وأنا حريص على حزب الله وأحيّده. الشعب، قوى التغيير، يريدون الالتحاق بنا فأهلاً وسهلاً. وأجلّ حزب الله أن ينزل إلى الشارع، ولا أطلب منه ذلك لضرورات وأد الفتنة. أريد أن أسأل هل النظام قابل للحياة، والا سوف نقوم بالمهمة، وإنْ وسمت بالطائفية، سأقول قانون الانتخاب الذي نريده وبالمواقع كما نفهمها، وأستذكر الآباء المؤسسين وكيف أنّ الطائفية هي الممرّ الإلزامي نحو الطمانة والاستكانة، كي نصل الى دولة المواطنة.

قنديل: في المآل السياسي هل هذا يصنع تغييراً أم يعبّر عن رغبة بالتغيير؟

جريصاتي: هذا يصنع تغييراً لأنه يقول للأهل هذا النظام المصلحي – الطوائفي إننا خارج عنكم.

قنديل: ما هي آليته لكي يفرط؟ إذا لم يستجب الذين من دونهم لا يكتمل نصاب الإنجاز؟

جريصاتي: أنت تفترض أنهم يستطيعون بناء دولة من دوننا؟

قنديل: لكن يمكن أن نبقى كما نحن، ماذا ستفعلون يا قوى التغيير ونحن على هذا الحال؟

جريصاتي: نبقي على قضيتنا بالزخم المناسب.

قنديل: وإذا دعينا إلى انتخابات على «قانون الستين» نذهب. وإذا مدد نذهب لا حول ولا؟

جريصاتي: لا، لم أقل ذلك.

قنديل: من قلب آليات النظام هل هناك إمكانية أن نصل إلى توافقات؟ هل هناك إمكانية لانتخاب رئيس للجمهورية لم ينتخبوه منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، إذا لم يحصل تفاهم خارجي؟ إذا طال التفاهم الخارجي عن قدرة اللبنانيين على التحمّل، ولم تستجب القيادة السياسية التي تشكل الزعامات الطائفية بأوزان شعبية للحلّ، هل يصبح الحديث عن إجراء ثوري، كما حصل في اليمن، وهل نحن في دائرة إجراء ثوري تدفع البلد نحوه؟

نعمان: نحن ذاهبون في هذا الاتجاه.

رياشي: لا حالة ركود شعبي، بل حالة يأس بسبب النظام الطائفي الذي يولّد الأزمات، والذي يعلّب قوانين الانتخاب. إذا لم نذهب إلى قانون انتخاب عادل، خمسون في المئة من الشعب اللبناني لا يشاركون في الانتخابات، وهؤلاء لديهم رأي وأغلبهم علمانيون، إذا الطبقة الحاكمة لا تتحمّل مسوؤلية، يجب على الشعب أن يثور عليها، وإذا الشعب لا يحاسبها فعلى الدنيا السلام.

طبارة: لبنان مرّ بتجربة مجلس الشيوخ عامي 1926 و1927 وكان رئيسه الشيخ محمد الجسر، لكن في النية تقرّر حله لتضارب الصلاحيات مع مجلس النواب فضمّوا المجلسين إلى بعضهما. يجب فصل الصلاحيات بين المجلسين لعدم العرقلة في العمل التشريعي. في فرنسا هناك قضايا يجب أن يتفق عليها المجلسان، مجلس الشيوخ لغرض تمثيل العائلات الروحية يدلنا على طريقة انتخابه، صلاحياته المخاوف الموجودة عند الطوائف، صلاحياته تحدّد بناء على الهدف من إنشائه وهل هي القرارات والقضايا التي تحتاج الثلثين في مجلس الوزراء؟

قنديل: إذا انتخب رئيس للجمهورية غداً بالتوافق والتفاهم، هل تعتبر أنّ القتال من أجل الصيغة الإصلاحية التي تضمّنها الطائف هي مهمة لا يمكن التخلي عنها، لأن القضية الآن ليست فقط البحث عن مخرج للأزمة الراهنة، بل هي ضمان وجود ضمانات استقرار للبلد؟

طبارة: هذا رأيي منذ زمن، الطائف وضع طريقا معيّنا لكننا مشينا بعكسها تماماً، وبدل أن نلغي الطائفية على مراحل، إذا بنا نغوص أكثر في النظام الطائفي.

قنديل: إذا غداً انتخب عون رئيساً للجمهورية ما موقفكم من صيغة المجلسين؟

جريصاتي: إذا انتخب عون رئيساً للجمهورية سنقول بالفم الملآن ستملأ كلّ مساحات الفراغ في الطائف، وسوف يقول لن أرضى بأن يكون هناك تعهّد في الطائف أو نص دستوري أدخل بموجب الطائف إلى مقدمة الدستور ومتنه من دون أن يلقى صدى عملياً وواقعياً لديه.

قنديل: دكتور نعمان؟ إذا بقينا في الفراغ القاتل والمميت ولم تنجح الشبكة السياسية بالاتفاق على رئيس ولا قانون انتخاب، وكما فهمنا منك، أنّ مؤسسات المجتمع المدني والاأحزاب العلمانية تنتظر أن تشاركها الأحزاب الكبرى، التي هي ذات ألوان طائفية، وحتى إذا كانت أهدافها وطنية، بينما ظهور العلمانيين يقدّم رسالة ليس لديها هذه الصبغة، أتدعو هؤلاء لجعل قضيتهم الراهنة أن نبدأ من مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف مفتاحاً للخروج إلى النظام اللاطائفي؟

نعمان: لا الظروف ولا موازين القوى الحالية تسمح بانتخاب عون رئيساً أو غيره. ولا أعتقد أنّ الموازين نفسها تسمح لهذه الشبكة الحاكمة أن تنتج قانوناً للانتخاب ديمقراطياً وعادلاً. وإننا متجهون إلى شكل من ظروف استثنائية تستوجب تدابير استثنائية. ولا أكتمك سراً، بأنّ قوى وطنية وصلت إلى هذا الاستنتاج، وأقامت هيئة التنسيق الوطنية من أجل النسبية، وراجعت جميع القوى والتكتلات الرسمية وفي طليعتها عون وقيادات حزب الله، وقلنا لهم لا سبيل ويجب العودة للشعب من أجل تأطير قواه الحية، فقالوا لنا على بركة الله، قد لا نشارك نحن الآن، لأننا في هيئة الحوار والسلطة قد ينتج شيء عنهما، الجميع سيكونون في الشارع إذا أقفلت أبواب الحلول.

قنديل: أستاذ ريشار، هل يمكن أن نحلم بأن نرى حلفاً علمانياً عابراً للطوائف يحمل راية المجلسين، كحركة علمانية سياسية اجتماعية ثقافية ثم في الشارع؟

رياشي: في حال وصلنا إلى طريق مسدود، يمكن أن ينتج مؤتمر تأسيسي ليس بين أيدينا. نحن كحزب قومي مع تشكيل مجلس شيوخ وإلغاء الطائفية السياسية وقانون انتخاب نسبي ودائرة واحدة، وصلاحيات مجلس الشيوخ تشمل كلّ ما يمسّ مصلحة الطوائف، وكلّ ما يتعلق ببنية الدولة ووحدة اللبنانيين ووحدة المؤسسات وقانون الجنسية وحرية المعتقد والتعليم والحريات العامة. أما صلاحياته كحق النقد والاقتراح والمساءلة للحكومة فهذا يحتاج الى نقاش وطني عام. هناك خوف أمني من الشارع، لكن يجب التحرك وأن لا نترك البلد على حافة الانهيار.

قنديل: بدأنا في انتخاب رئيس وتفاهم على مواصفات رئيس، ثم انتقلنا إلى البحث في التفاهم على قانون انتخاب، وعلى قواعده، ثم البحث في إلغاء الطائفية من نافذة مجلسي نواب وشيوخ، إلى أين يمكن أن نصل بعد؟

طبارة: حسب التسلسل الطبيعي للأمور تنشأ الهيئة الوطنية لتحديد المراحل لإلغاء الطائفية، ولو أنشئت منذ عشرين سنة، كنّا أمام اقتراحات عملية لتجاوز الطائفية، السؤال هو كيف يمكن إلغاء الطائفية على مراحل؟

جريصاتي: أشكر ان. بي. ان وأشكر الأستاذ ناصر لأنه محرك اتقاد ذهننا قبل نشاطنا؟ وأشكر أسرة «البناء» ودائماً إلى لقاءات نجمع فيها الأفكار، لأنّ هذا الوطن وطننا ولا بديل لنا عنه. وصحيح أنّ هناك أزمة في المنطقة تعصف، لكن لدينا التزامنا بالمنطقة والحزب القومي يعرف ما مداه وما هي تضحياته، تحية لكلّ المقاومين ولن نوفر فرصة إلا ونوظفها لخلاص هذا البلد.

الحضور: نثني على كلام جريصاتي.

هتاف دهام: في طاولة الحوار الوطني تمّ الحديث على سلة تفاهمات: رئيس حكومة وقانون انتخاب. اليوم نستطيع القول إنّ قانون الانتخاب هو من يقف سداً منيعاً أمام انتخاب رئيس للجمهورية. اليوم فريق 8 آذار لا يريد النظام الأكثري، بل سحب بساط الأكثرية من «المستقبل» والدولة الراعية له. وفي المقابل، «المستقبل» لا يريد عون رئيساً، هل قانون الانتخاب هو العائق أو التفاهمات والاتصالات للوصول الى الحل؟

قنديل مقاطعاً: لكن لو سار «المستقبل» بعون رئيساً لم يقل له أحد تعال نتفق على قانون انتخاب.

جريصاتي: إذا فهمنا جيداً على الرئيس بري، الذي نحن على تواصل دائم معه، وهو ضابط إيقاع في البلد، نحن نسير في الحلّ بالتزامن وبالمواكبة، قد يكون الرئيس أولاً ونتفق على قانون انتخاب.

قنديل: الآلية في تطبيق أيّ اتفاق، حسب ما قال الرئيس بري، هي انتخاب رئيس جمهورية ومن بعدها توضع الاتفاقات في عهدة الرئيس لتأخذ طريقها نحو التنفيذ.

روزانا رمال: معالي الوزير طبارة، كنت وزيراً للعدل، يهمّك نزاهة نتائج الانتخابات في لبنان ولديك اطلاع في البعد السياسي الدولي، إلى إيّ مدى مسموح للبنان كدولة نامية، من قبل دول الجوار، أن يحافظ على نتائج الانتخابات، ما الذي يضمن في لبنان وفي أيّ قانون للانتخاب أن نحفظ نتائجه؟

طبارة: قانون الانتخاب هو جزء ولا يحلّ كلّ شيء، المهمّ صحة التمثيل وأن يتمثل الشعب بكلّ مكوناته وفئاته بصورة صحيحة، وبلا ضغوط خارجية وتأثيرات. نحن بلد من أعرق الدول بنظامها الديمقراطي ودستورنا عمره 90 عاماً، ولا أتصوّر أن يتخلى لبنان عن حرياته وإلا يصبح دولة كدول المحيط.

محمد حمية: طرحت الميثاقية بعد الموقف الأخير للتيار الوطني الحر في الحكومة، ألا يشكل الوزراء المسيحيون، الذين يحضرون جلسات مجلس الوزراء، الميثاقية المطلوبة لعقد الجلسات؟

جريصاتي: الميثاقية ليست جزئية وليست مزاجية بل عرّفها كبير الخبراء في العلم الدستوري الراحل إدمون رباط، بأن لا شرعية لسلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، وأنها مبدأ خطير جداً، يتيح لكلّ مواطن أن يستعمل سلاحاً حاداً، سلاح المقاومة والمعارضة السلمية عند كلّ اتجاه قد يبديه رئيس الجمهورية أو الحكومة، أو مسؤول يستشف منه رائحة الانقسام الطائفي. وليست الميثاقية حضور فريق من المسيحيين يمثل ستة أو 15 في المئة، بل كنه المكون المسيحي في الوزارة، أين هو الفريق الوازن الذي يمثل الرأي العام المسيحي؟ بدليل أنّ الرئيس بري، وحسناً فعل بجلسة بحث قوانين الانتخاب، رفض عقد الجلسة لعدم توفر الميثاقية لأنّ «المستقبل» رفض المشاركة. ونحن نطالب بالتعامل معنا بالمثل، ومن أنصفك أنصف الوطن في هذه الظروف.

قنديل: أشكر الجميع أساتذة كبار، أغنينا بحضوركم النقاش في الحلقة الأخيرة من ندوتنا، الخلاصة الأساسية والجوهرية نحن في أزمة عميقة يعبّر فيها نظامنا الطائفي عن عجزه في إيجاد مخارج في قلب صيغته الطائفية نفسها، ما لم يكن مفتوحاً على فسح التغيير التي أتاحها الطائف، والمشكلة مع الطائف هي اجتزاء التطبيق وتلافي النصوص الإصلاحية فيه من جهة، ومعايير صحة التمثيل التي تقصدها في قوانين الانتخاب من جهة أخرى. الشارع مدعوّ لأن يكون حاضراً ويقظاً في الدفاع عن حقه في نظام انتخاب عادل وتمثيل صحيح وإرادة سياسية تعبّر عما يريد، انطلاقاً من ذلك، لبنان جزء من المنطقة وفي قلب حروبها، يتطلع للحفاظ على وحدة كيانه ودوره الفاعل بين دول وكيانات المنطقة، التي يأمل أن لا تذهب إلا إلى مزيد من الاستقرار. في قلب هذا نقول صيغة المجلسين هي واحد من النوافذ الإصلاحية التي بشّر بها الطائف، والتي يشكل الأخذ بها خطوة إلى الأمام في دفع البلد للخروج من الصيغة الطائفية.

أشكر محطة إن. بي. إن وأسرة «البناء» وإلى ندوة مقبلة الشهر المقبل في دائرة التحضير لها، تحت عنوان «الانتخابات الأميركية ولبنان والمنطقة وأميركا من الداخل».

تُبثّ وقائع الندوة على قناة NBN الساعة الثامنة والنصف مساء اليوم

تحرير: عدنان الساحلي ـ محمد حميّة

تصوير: أكرم عبد الخالق

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى