تفاهم روسي ـ أميركي حول حلب خلال ساعات

كشَّف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أمس، عن قرب إنجاز تفاهم كبير حول مدينة حلب السورية، مشيراً إلى اجتماع سيجمع مسؤولين روس و أميركيين في الساعات المقبلة من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي بهذا الشأن.

تصريحات ريابكوف جاءت في وقت، أعرب فيه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أثناء زيارته إلى للهند عن أمله في أن تتاح الفرصة لإحراز تقدم باتجاه وقف العنف في سورية، وقال «آمل في أنه في حال تمكنا من حسم بعض المسائل خلال مناقشاتنا التي نجريها اليوم، ستكون هناك فرصة للتقدم نحو وقف العنف في سورية»، واصفاً مباحثاته مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بـ«الحوار الجيد».

وفي السياق، أكَّد الكرملين أنَّ الرئيسين الروسي والأميركي سيتبادلان الآراء حول عملية التسوية بسورية، خلال مشاركتهما في قمة العشرين في الصين الأسبوع المقبل.

وقال دميتري بيسكوف الناطق باسم الرئيس الروسي «في الوقت الراهن لا توجد هناك خطط لعقد لقاء بوتين وأباما منفصل كامل النطاق. لكن يمكننا أن نرجح أن تتاح لـ بوتين وأوباما فرصة الحوار، ولا شك في أنهما سيتبادلان الآراء بشكل مفصل أو باقتضاب».

في غضون ذلك، شددت الخارجية الروسية على ضرورة أن تنسق تركيا عمليتها العسكرية في سورية مع الحكومة السورية، حيث قالت المتحدثة الرسمية باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، أنه «من الضروري القيام بأي عمل عسكري في أراضي الدولة الأجنبية بالتنسيق مع حكومة هذه الدولة».

ودعَّت زاخاروفا إلى عدم توجيه الضربات للمجموعات الكردية السورية، وقالت «إننا ندعو الشركاء الأتراك إلى توخي الحذر في اختيار الأهداف في سيَّاق إجراء عملية محاربة الإرهاب في شمال سورية ، وتجنب توجيه ضربات إلى مناطق توجد فيها فصائل معارضة أو مجموعات أثنية، بما في ذلك أكراد سورية الذين ينخرطون أيضاً في الحرب ضد «داعش».

وأكَّدت الدبلوماسية الروسية أنَّ الجانب الروسي يراقب عن كثب العمليات العسكرية التركية في شمال سورية. وشددت بالقول «يكمن الهدف الأهم والأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن في الشروع في محاربة الخطر الإرهابي بجبهة موحدة بمشاركة جميع الأطراف المعنية».

زاخاروفا أكَّدت أنَّ الفصل بين المعارضة السورية المعتدلة والإرهابيين في سورية، يمثل الهدف الرئيس للمشاورات الروسية-الأميركية بشأن سورية. وأوضحت أنَّ بقاء فصائل من المعارضة السورية « المعتدلة» في المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين، يعرقل التنفيذ الكامل لما جاء في الوثائق التي أقرَّتها مجموعة دعم سورية بشأن نظام الهدنة. واستطردت قائلة «من المستحيل الشروع في تصفية الإرهابيين فعلاً حتى تتمكن دول معينة من إخراج المعارضة من محيط العصابات الإرهابية».

بدوره، أعرب المتحدث بإسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي عن قلقه إزاء استمرار العمليات العسكرية التركية في الأراضي السورية ، مطالباً الجيش التركي بوقف إجراءاته العسكرية في سورية بأسرع وقت ممكن.

وأكّد المتحدث على ضرورة احترام جميع الدول لحق سيادة ووحدة أراضي سورية، مضيفاً أنه «رغم أنَّ مكافحة الإرهاب والسعي لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، يعد مبدأً ثابتاً ومهماً في السياسة الخارجية للدول المحبة لتحقيق السلام في المنطقة، إلاّ أنَّ هذا الموضوع لا يمكن ولا يجب أن يكون مبرراً لانتهاك سيادة البلدان الأخرى والقيام بعمليات عسكرية في أراضي بلد آخر بدون التنسيق مع الحكومة المركزية، وعدم الإكتراث لحق السيادة الوطنية لذلك البلد».

وأكد قاسمي أنَّ استخدام أساليب تنال من السيادة السياسية واقتدار الحكومة المركزية في عملية محاربة الإرهاب، يعد أمراً مرفوضاً، مشيراً إلى أنَّ استمرار التواجد العسكري التركي في الأراضي السورية سيؤدي إلى المزيد من تعقيد الأوضاع في المنطقة.

بدورها، أعلنت الرئاسة التركية، أمس، أنها لن توقع أيَّ اتفاق لوقف إطلاق النار مع المقاتلين الأكراد في شمال سورية.

وقال إبراهيم قالين المتحدث باسم الرئيس التركي «لا وجود لأي كلام عن اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الاتحاد الديمقراطي، أو مع وحدات حماية الشعب الكردي»، مضيفاً أنَّ «الجمهورية التركية دولة شرعيَّة وذات سيادة ولا يمكن وضعها على قدم المساواة مع منظمة إرهابية».

هذا وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد أكَّد في وقتٍ سابق رفض أنقرة وقف إطلاق النار مع الأكراد في شمال سورية، نافياً بذلك تقارير تحدثت عن إبرام هدنة مع المقاتلين الأكراد.

وقال جاويش أوغلو، إنَّ إعلان واشنطن التوصل لهدنة في سورية غير مقبول، مطالباً الإدارة الأميركية بالإيفاء بتعهداتها بانسحاب قوات حماية الشعب الكردي إلى شرق الفرات.

و كانت مصادر في الخارجية التركية أشارت أمس، إلى أنَّ جاويش أوغلو أطلع نظيره الروسي في اتصال هاتفي على العملية العسكرية التي تنفذها تركيا في سورية. وأبلغ لافروف بأحدث المستجدات المتعلقة بالتقدم الذي أحرزته المعارضة السورية في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي.

وفي السياق، أكَّد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم استمرار الهجوم التركي في سورية إلى حين ما أسماه «زوال التهديدات».

إلى ذلك، اعتبر الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي لأكراد سورية صالح مسلم، أنَّ تركيا بتوغلها في سورية بذريعة محاربة «داعش»، أنقذت هذا التنظيم من الهزيمة على أيدي المقاتلين الأكراد.

وتابع مسلم، في تصريحات صحفية، أمس، أنَّ التدخل التركي جاء بعد أن أدركت أنقرة أنَّ عصابات «داعش» عاجزة عن إيقاف المشروع الديمقراطي الفدرالي الكردي في شمال سورية. واعتبر أنَّ الحكومة التركية أقدمت على هذه الخطوة، لأنها مازالت تصر على حرمان الأكراد من حقوقهم القومية المشروعة.

مسلم أكَّد أنه بعد تحرير منبج، لم تعد هناك سوى خطوة واحدة تفصل تلك القوات عن طرد الإرهابيين نهائياً من شمال سورية، لكن التوغل التركي منع التحالف من الإقدام على هذه الخطوة الضرورية.

ووصف السياسي الكردي العمليات العسكرية التي أطلقتها أنقرة منذ أسبوع في محيط جرابلس، بأنها تمثل «احتلالاً حقيقياً موجهاً ضد الأكراد، الذين يشكلون نحو نصف سكان المدن والقرى شمالي حلب».

وأكَّد مسلم أنَّ وحدات حماية الشعب الكردية ستركز على طرد «داعش» من الرقة، باعتبار تحرير هذه المدينة هدفاً ذا أولويَّة بالنسبة للدول الكبرى. وبشأن مواعيد إطلاق العملية لتحرير الرقة، قال السياسي إنها ترتبط بـ«التحضيرات الجارية على الأرض».

ميدانياً، أكَّدت الدفاع الروسية تصفية المتحدث باسم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو محمد العدناني في غارة جويَّة على منطقة معراتة أم حوش في محافظة حلب، شنتها طائرة روسية من طراز «سو-34».

وقالت الدفاع الروسية في بيان، أمس، «وفقاً لمعلومات تمَّ تأكيدها عبر عدة قنوات استخبارية، كان من بين الإرهابيين الذين لقوا مصرعهم القائد الميداني أبو محمد العدناني الذي نال شهرة بصفته متحدثاً رسمياً باسم تنظيم داعش».

وفي ما يخص ملف التسويات، تمَّ التوصل، أمس، لاتفاق في حي الوعر في حمص ينص على الإفراج عن المعتقلين ويقضي بوقف القصف وخروج المسلحين مع عائلاتهم من الحي، تزامناً مع اتفاق معمضية الشام الذي ينصّ على إخلاء المسلحين الذين انتقلوا من داريا إلى المنطقة وترحيلهم إلى ادلب.

و من المنتظر أن يقدّم ممثلو الوعر لوائح بأسماء المسلحين الراغبين بتسليم السلاح أو الخروج من الحي، على أن يتمّ تنفيذ عملية إخراجهم خلال مدة لا تتجاوز خمسة وعشرين يوماً، على أربع دفعات، أما اذا تمّ الاتفاق فإن ذلك يعني أنَّ مدينة حمص كاملة ستكون خالية من المسلحين.

هذا و نص اتفاق المعضية على دخول مؤسسات الدولة إلى البلدة وانضمام بعض من يبقى وتتم تسوية أوضاعه إلى وحدات الدفاع الوطني، إضافة لإخلاء المسلحين الذين انتقلوا من داريا إلى المعضّمية وترحيلهم إلى إدلب.

وفي السياق، يجري إعداد قوائم بأبناء معضّمية الشام غير الراغبين في تسوية أوضاعهم من أجل ترحيلهم إلى إدلب مع سلاحهم الفرديّ، إضافة لتسليم السلاح كاملاً إلى الدولة السورية وعلى مراحل.

ويأتي اتفاق المصالحة الذي تعقده الحكومة السورية مع الجماعات المسلحة في حي الوعر والمعضمية، في سياق اتفاق الهدنة الذي انعقد في داريا، حيث خرج المسلحون وأخلوا المنطقة الواقعة جنوب غرب دمشق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى