أنقرة توسِّع «درع الفرات» وموسكو قلقة: تؤثر سلباً على جهود التسوية

أكدت موسكو أن خبراءها يواصلون العمل مع شركائهم الأميركيين، لصياغة آلية مشتركة بشأن سورية، ستكون كفيلة بمحاربة الإرهاب وإنجاز التسوية السياسية على حد سواء.

وقالت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم الخارجية الروسية: «يركز عمل الخبراء، على صياغة آلية ستسمح بالشروع في محاربة الخطر الإرهابي. أما الهدف النهائي من هذه الآلية، فيكمن في تحقيق تسوية متكاملة للأزمة السورية، على أساس أحكام القانون الدولي التي اتفق بشأنها المجتمع الدولي».

واعتبرت أن التسريبات الصحافية، حول استعداد واشنطن للخروج من العمل المشترك في أي لحظة، ليست إلا صنيعة صحافيين غير نزيهين، أو عبارة عن محاولات من بعض ممثلي النخبة السياسية الأميركية، استخدام وسائل الإعلام لتحقيق أهداف سياسية ما.

واستطردت زاخاروفا: «يعمل خبراؤنا بمثابرة. وعندما يتوصلون إلى نتائج أولية ما، تتراكم بموازاة ذلك، طبعا، مسائل عالقة من المستحيل حلها على مستوى الخبراء. ولذلك، تجري اتصالات على مستوى أرفع. وعلى سبيل المثال، على مستوى وزيري الخارجية». مؤكدة أن اللقاءات بين لافروف وكيري، تركز على التنسيق بشأن المسائل الأكثر حدة وتعقيدا.

وعلى ضوء الترقّب الدولي والإقليمي لفرص التفاهم الروسي ـ الأميركي ولقاء كيري ـ لافروف، أكدت موسكو أن الوزيرين، لافروف وكيري، سيجتمعان في القريب العاجل، لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق جديد حول الهدنة، واستئناف المفاوضات السورية.

ولم يستبعد غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن ينضم المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، إلى اللقاء. موضحا، أن اللقاء سيعقد في جنيف، في القريب العاجل، على الرغم من أنه لم يتم تحديد الموعد النهائي له بعد.

وتابع: «تجري حاليا اتصالات دبلوماسية بين روسيا والولايات المتحدة. وفي حال التوصل إلى نتائج إيجابية، خلال تلك المفاوضات، سيساهم ذلك كثيرا في تسريع عملية اتخاذ القرار، بشأن إجراء الجولة الجديدة من المفاوضات السورية».

وفي الوقت نفسه، شكك غاتيلوف، في إمكانية استئناف المفاوضات السورية، قبل حصول النقاش حول القضية السورية، المقرر في مجلس الأمن، أواخر الشهر الحالي.

من جهته، أشار نائب وزير الخارجية الروسية سيرجي ريبكوف، إلى أن موسكو أبدت الإرادة السياسية المطلوبة، وأوضحت موقفها تماما على لسان رئيسها فلاديمير بوتين، الذي تحدث عن سورية على هامش قمة العشرين في الصين. وقال: إن «الطرفين باتا قريبين جدا، لكن أهمية المسألة وحساسية الموضوع، لا تسمح بالتنبؤ بدقة حول الجهود المستقبلية التي سيتطلبها التوصل إلى هذا الاتفاق». مضيفاً: «لكننا لا نرى ما يهدد بإفشال هذه المفاوضات».

وأكد المسؤول الروسي، أن الخارجية الروسية على اتصال دائم بالشركاء الأميركيين، معيدا إلى الأذهان أن وزيري خارجية البلدين أجريا، على هامش قمة العشرين، مفاوضات لساعات طويلة حول سورية.

وفي الوقت نفسه، حذر ريبكوف واشنطن من إجراء «لعبة مزدوجة». وتابع: أن التصريحات المثيرة للقلق التي تصدر من «مسؤولين مجهولين» في الإدارة الأميركية، حول كون المفاوضات معلقة بقشة، «لا تساعد في إحراز الهدف»، و«تزعزع بحد ذاتها، آفاق التوصل إلى الاتفاق المرجو».

واعتبر أن تسريب رسالة بعث بها المبعوث الأميركي إلى سورية، مايكل راتني، إلى المعارضة السورية، دليل آخر على انخراط واشنطن في «لعبة مزدوجة». وتابع «من الصعب التوصل إلى اتفاق في مثل هذه الظروف». واستطرد قائلا: «يثير ذلك لدينا أسئلة مشروعة. ويجب علينا أن نتأكد ممن يقف فعلا وراء تأكيدات الإدارة الأمي ركية حول استعدادها لعقد الاتفاق».

وحسب التسريبات الصحافية، فقد أبلغ راتني المعارضة السورية، في رسالته، بأن مسودة الاتفاق الروسي-الأميركي حول سورية، تنص على أن تمنع روسيا الطائرات الحربية، التابعة للحكومة السورية، من قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المدعومة من واشنطن.

كما تتضمن انسحاب القوات الحكومية من طريق الإمداد، شمالي حلب.

جاء ذلك في وقت، قال «المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات السورية» رياض حجاب، إن الهيئة سترفض أي اتفاق تتوصل إليه روسيا والولايات المتحدة، بشأن مصير سورية، إذا كان مختلفاً عن رؤيتها.

حجاب أكد من لندن، أن على الرئيس السوري بشار الأسد، أن يترك السلطة بعد ستة أشهر من بدء المفاوضات بشأن تشكيل حكومة انتقالية، حيث تبدأ العملية المقترحة، بمفاوضات تستغرق ستة شهور، من أجل تشكيل إدارة انتقالية تضم شخصيات من المعارضة والحكومة والمجتمع المدني. وبعد ذلك، ستدير الإدارة الانتقالية البلاد لمدة 18 شهرا، بعدها يتم إجراء انتخابات.

وتلا حجاب الخطة التي حملت عنوان «الإطار التنفيذي للحل السياسي وفق بيان جنيف 2102»، التي تتضمن ثلاث مراحل.

وأوضح أن المرحلة الاولى «عبارة عن عملية تفاوضية تمتد ستة أشهر، تستند إلى بيان جنيف لعام 2012، يلتزم فيها طرفا التفاوض بهدنة مؤقتة». مشيراً الى ان هذه المرحلة يجب ان تتضمن «وقف الاعمال القتالية وجميع انواع القصف المدفعي والجوي، وفك الحصار عن جميع المناطق، وعودة النازحين واللاجئين الى ديارهم».

أما المرحلة الثانية، فتمتد 18 شهراً وتتضمن «وقفا شاملا ودائما لاطلاق النار، وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي، التي تستوجب رحيل بشار الاسد وفريقه، ويتم العمل على صياغة دستور جديد واصدار القوانين لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية». واكد على ضرورة ان «تتمتع هيئة الحكم الانتقالية بسلطات تنفيذية كاملة».

ووصف حجاب المرحلة الثالثة للخطة، بأنها «تمثل انتقالا نهائيا، عبر إجراء انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية، تحت إشراف الامم المتحدة».

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وجود إمكانية للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف لإطلاق النار في سورية، خلال أربع وعشرين ساعة. مشيراً إلى أن ذلك سيختبر جدية الرئيس الأسد في الالتزام.

وفي شأن متصل، أعلن نائب رئيس الوزراء التركي نور الدين جانيكلي، أمس، أن قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا، قد تتوغل لعمق أكبر في سورية، في إطار عملية «درع الفرات».

وقال جانيكلي، بعد اجتماع لمجلس الوزراء، إن الرئيس التركي أبلغ نظيره الأميركي، بأنه ينظر بشكل إيجابي إلى مسألة القيام بعملية مشتركة في الرقة ، معقل «داعش» في سورية.

وذكر أن 110 من مسلحي تنظيم «داعش» والمقاتلين الأكراد، قتلوا منذ انطلاق «درع الفرات» قبل أسبوعين. مشيرا إلى أن خسائر قوات بلاده ضمن عملية «درع الفرات» بلغت، حتى الآن، أربعة قتلى و19 جريحا.

أضاف جانيكلي: إن القوات المعارضة السورية المدعومة بالقوات التركية، تمكنت من «تطهير» 772 كلم مربع حتى الآن، من سيطرة «داعش»، وباتت هذه الأراضي تحت سيطرة ما اسماه «الجيش الحر». كما قامت بتأمين شريط حدودي بطول 90 كلم بين تركيا وسورية.

من جهته، قال نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، إن بلاده غير منزعجة من الوجود الكردي شمالي سورية. مؤكداً أن القوات التركية في سورية، في إطار عملية «درع الفرات» ليست قوة احتلال.

وأشار قورتولموش، إلى أن تركيا لديها ثلاثة خطوط حمراء، فيما يتعلق بالملف السوري، هي: حماية الحدود الجنوبية لتركيا من الأنشطة الإرهابية والهجمات التي تستهدف أراضيها، الحيلولة دون تشكيل تنظيم «ب. ي. د» الإرهابي، الذراع السوري لمنظمة «بي. كا. كا» الإرهابية، حزاما له على طول الحدود الشمالية لسورية وحماية وحدة أراضيها، وانسحاب عناصر «ب. ي. د» إلى شرقي نهر الفرات.

ونوه بأن تركيا ليست منزعجة من وجود «الأخوة الأكراد» في المنطقة، غير أنها ضد قيام تنظيم بإقصاء الآخرين، واحتكار السيطرة على تلك المنطقة «في إشارة إلى «ب. ي. د».

وفي تعليقها على العملية التركية، أعربت الخارجية الروسية عن قلقها البالغ من توغل القوات التركية وفصائل المعارضة السورية، المدعومة من أنقرة، في عمق الأراضي السورية.

ولفتت الوزارة في بيان، إلى أن هذه العمليات العسكرية تجري بلا تنسيق مع السلطات السورية الشرعية، ومن دون تفويض من مجلس الأمن الدولي. وتابع البيان: «بذلك تُوضع سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها في خانة الشك». واعتبرت موقف دمشق الرافض للعمليات العسكرية التركية في الأراضي السورية، عادلا ومبررا من وجهة نظر القانون الدولي.

وجاء في البيان «إننا ننطلق من أن العمليات التركية قد تؤدي إلى تعقيد الوضع العسكري والسياسي الصعب في سورية، بالإضافة إلى تأثيره السلبي، المحتمل، على الجهود الدولية الرامية إلى وضع قاعدة للتسوية السورية، تضفي طابعا أكثر استقرارا على نظام وقف الأعمال القتالية، وإيصال المساعدات الإنسانية بلا انقطاع، باعتبار ذلك كله، يؤسس لمصالحة متينة وتجاوز الأزمة في هذه البلاد».

ودعا البيان أنقرة إلى «وضع الأهداف المذكورة في البيان نصب أعينها، قبل التفكير بالأهداف العسكرية التكتيكية الآنية». وحثت تركيا على «الامتناع عن أي خطوات تزعزع أكثر الاستقرار».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى