الجيش السوري يعود إلى «الكاستيلو» وواشنطن تقدم لوائح غير مكتملة لموسكو

أكد المبعوث الخاص لوزارة الدفاع الروسية، لجهود وقف إطلاق النار والشؤون الإنسانية، ألكسندر زورين، أن الولايات المتحدة سلمت روسيا، للمرة الأولى، بيانات حول مواقع تمركز مجموعات المعارضة.

وأشار زورين، إلى أن الضباط الروس وممثلي «البنتاغون» والمخابرات الأميركية، أجروا اتصالات في جنيف، حيث قدم الجانب الأميركي بيانات متعلقة بمناطق تمركز الجماعات المسلحة الخاضعة للولايات المتحدة، مؤكداً أن التحليل الأوّلي للبيانات، لم يسمح بفصل المعارضة المعتدلة عن «جبهة النصرة».

ووفقا للمبعوث الروسي، فقد ركز الجانبان، الروسي والأميركي، خلال الاتصالات، على أهمية توفير المعلومات اللازمة لفصل الأراضي الخاضعة لسيطرة الإرهابيين عن تلك الخاضعة للمعارضة.

زورين، أشار إلى أن الجانب الأميركي يتجاهل الأدلة التي تقدمها وزارة الدفاع الروسية، وتثبت خرق المسلحين الهدنة في حلب. وقال: «نعكف يوميا على تسليم الأميركيين البيانات المتعلقة بوقف إطلاق النار. ونشير لهم بضرورة التحقيق الموضوعي واتخاذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون تكرار الانتهاكات».

وذكر أن الجانب الروسي، أعرب للأميركيين عن قلقه حيال احتمال انهيار اتفاقات وقف النار في «الكاستيلو». وتابع: «لم يزودنا الأميركيون، حتى الآن، بأي بيانات موضوعية حول أسباب انهيار توافقات الهدنة. وطلبوا منا منحهم حيزا إضافيا من الوقت، حتى استيضاح جميع ملابسات ما حدث».

من جهته، أفاد فيكتور بوزنيخير، النائب الأول لرئيس العمليات في هيئة الأركان الروسية، بأن الولايات المتحدة لم تقدم، حتى الآن، لروسيا، معطيات دقيقة حول «المعارضة المعتدلة» في سورية.

وأشار بوزنيخير، إلى أن المواد المقدمة من قبل الجانب الأميركي تتضمن، فقط، قائمة الفصائل الخاضعة له. ولا حديث فيها عن المناطق التي تنشط فيها هذه الفصائل، ولا تعداد أفرادها ولا أسماء قادتها الميدانيين. مشدداً على أن هذا المسلك، من جانب الأميركيين، ليس فقط يعرقل محاربة المسلحين المتشددين من «جبهة النصرة»، بل ويهدد عملية نقل المساعدات الإنسانية.

وأشار الجنرال الروسي إلى أن عدد انتهاكات وقف اطلاق النار في سورية، ازداد خلال الأربعاء وبلغ 45 حالة. وساهم في ذلك عدم تنفيذ الجانب الأميركي لالتزاماته المتعلقة بالفصل بين المعارضة المعتدلة والإرهابيين.

وذكر أن الجانب الروسي سجل، منذ بدء الهدنة في حلب، 144 خرقا لوقف إطلاق النار. وقال: «لا نلمس مع الأسف، أي تحسن في صمود وقف إطلاق النار هناك، حيث نسجل زيادة مستمرة في الخروقات التي ترتكبها الفصائل المعارضة».

في غضون ذلك، أبدت وزارة الدفاع الروسية استعدادها لتمديد وقف إطلاق النار في سورية 72 ساعة إضافية، مشيرة إلى أنّ الجيش السوري أعاد قواته إلى طريق «الكاستيلو» بعدما هاجمته المعارضة المسلحة. ولفتت إلى أنّ المعارضة السورية، تعيد تجميع قواتها في حلب وحماه وحمص.

وقال المقدم سيرغي كابيتسين، كبير العاملين في المجموعة العملياتية الروسية في حلب، أنه «جرى ليلة أمس إطلاق نار كثيف من الأسلحة الصغيرة وقذائف الهاون، على الوحدات الحكومية القريبة من طريق «الكاستيلو». ونتيجة للهجمات، أصيب، بجروح خطيرة، إثنان من الجنود السوريين».

وأوضح الضابط الروسي، أنه لمنع استيلاء الخصم على المناطق التي انسحب منها الجيش السوري، تمت إعادة المعدات العسكرية والأفراد إلى مواقعهم الأصلية. وأنه تم تجهيز نقطة تفتيش وعبور عند طريق «كاستيلو»، وسلمت النقطة لمنظمة الهلال الأحمر. وتتم حمايتها من قبل وحدات الدفاع الشعبي.

كابيتسين، أكد تسجيل 16 خرقا لإطلاق النار في أحياء حلب، فضلا عن استهداف القوات الحكومية السورية هناك. وقال: «لقد تعرضت مدينة حلب، أمس، لقصف مكثف بالهاون نفذه المسلحون. والوضع في المدينة مشوب بالتوتر، فيما سجلنا، من جانبنا، 16 خرقا استهدف المدنيين وقوات الجيش السوري».

هذا، وكان مجلس مدينة حلب، قد بدأ بإزالة السواتر من على طريق «الكاستيلو» تمهيداً لايصال المساعدات إلى أحياء حلب الشرقية. وطالب الأمم المتحدة بالوقوف على مسافة واحدة من جميع المناطق المحاصرة، بعد ابتعاد الجيش السوري مسافة كيلومترين عن الطريق المذكورة.

وكشفت مصادر في حلب، أن بعض الجماعات المسلحة طالب بدخول المساعدات من الريف الغربي لحلب، ومن ثم إلى الأحياء الشرقية للمدينة. في حين أعلن ما يسمى «مفتي جبهة النصرة» السعودي عبدالله المحيسني، عدم السماح بدخول المساعدات إلى حلب، مهدّدا باعتقال سائقي الشاحنات.

من جهتهم، قام أهالي بلدتي نبّل والزهراء، في ريف حلب، بحراك شعبي باتجاه طريق «الكاستلو» مطالبين بإدخال مساعدات إنسانية إلى كل المناطق المحاصرة في سورية، في كفريا والفوعة ودير الزور، أسوة بأحياء حلب الشرقية.

وطالب الأهالي، في بيان أصدروه، المعنيّين والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية، تحمّل مسؤولياتهم تجاه الحصار المتواصل على البلدتين، منذ أكثر من عام ونصف العام.

إلى ذلك، أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، أن القوات الحكومية السورية، هي الطرف الوحيد الملتزم بوقف إطلاق النار في سورية، رغم محاولات واشنطن أن تظهر للعالم قدرتها على التحكم بـ«معارضيها» في سورية.

كوناشينكوف، أضاف: أنه «رغم دخول الاتفاقات الروسية – الأميركية لوقف إطلاق النار في سورية، يومها الرابع، تبقى مسألة قدرة ما يسمى «المعارضة المعتدلة» على تنفيذه، مفتوحة». مشيراً إلى أن «الفشل حليف جميع المحاولات التي يبذلها شركاؤنا الأميركيون، لإظهار ولو أدنى درجات السيطرة على «معارضيهم». ورغم أن اتفاق وقف إطلاق النار في سورية، إتفاق ثنائي، فلا يطبقه سوى طرف واحد».

واستطرد قائلا: «على ما يبدو، فإنه يتعذر على شركائنا الأميركيين العثور في حلب على «المعارضين المعتدلين»، الذين كثيرا ما حكي عن مدى انضباطهم والتحكم بهم». ولفت النظر إلى الصمت الأميركي على ممارسات «المعارضين الخاضعين لسيطرتها» في محيط «الكاستيلو».

في غضون ذلك، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى نشر تفاصيل اتفاق الهدنة في سورية، وموافقة مجلس الأمن الدولي عليها، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي جون كيري، أمس.

وذكرت الخارجية الروسية، أن الحديث الهاتفي بين الوزيرين، جرى بمبادرة من الجانب الأميركي. وتركز الاهتمام فيه على سير تنفيذ الاتفاقات، خصوصا مكافحة الإرهاب بشكل مشترك، وإطلاق العملية السلمية وتحسين الوضع الإنساني. في حين ركز كيري كلامه على ضرورة الضمان العاجل لوصول المساعدات الإنسانية إلى حلب.

وردا على توضيح لافروف وشرحه للوضع الحقيقي، في هذا المجال، وعد الوزير الأميركي بأن يدفع قدما عملية حل مشكلات التنظيم الصحيح للقوافل الإنسانية، وفقا لقواعد الأمم المتحدة. وبأن يبت بتهديدات الجماعات المسلحة غير المشروعة، في منطقة حلب، التي تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى الجزء الشرقي من المدينة.

وفي الوقت نفسه، لفت لافروف الانتباه، إلى انتهاك نظام وقف إطلاق النار من قبل الجماعات المسلحة غير المشروعة. وحث واشنطن على الوفاء بسرعة بوعدها بفصل المعارضة المعتدلة عن «جبهة النصرة» وغيرها من التنظيمات الإرهابية، التي لا يشملها نظام وقف النار والهدنة.

وأشار إلى أن قائمة التنظيمات التي وقعت على الاتفاق مع الولايات المتحدة، حول مراعاة وقف النار، التي تم استلامها من الجانب الأميركي، تضم مجموعة كاملة من الفصائل الإرهابية، التي تتعاون علنا وبشكل مفضوح مع «جبهة النصرة».

هذا، وكان لافروف أكد في وقت سابق، أمس، أن شعبية الرئيس السوري بشار الأسد في ازدياد مستمر بين مواطنيه، رغم تأكيدات الغرب أن أيامه صارت معدودة. وأضاف: «أولوية شركائنا في خيارهم، تتمثل في تكرار الأخطاء المرتكبة في العراق، وما حدث في ليبيا. وشركاؤنا الغربيون، ينشدون، مع الأسف، الوقوع في الحفرة نفسها».

وأشار لافروف، إلى أنه رغم ذلك «صار يتبلور – لدى الشركاء الغربيين- فهم حقيقة أن الأمر قد تفاقم كثيرا. وأنه لا بد من اختيار الأولويات، بالاعتماد بشكل أكبر على المصالح القومية التي تتجسد في مكافحة الإرهاب».

وذكّر بأنه «تم مؤخرا تطبيع العلاقات بين بلاده وتركيا. مشيرا إلى أن أنقرة صارت تدرك حقيقة أن الخطر الإرهابي عليها، صار خطرا حاسما ويهدد أمنها القومي. وأخذت، في الآونة الأخيرة، تبدي الليونة في ما يتعلق بالإنذارات الموجهة للأسد، من قبيل أن عليه أن يرحل غدا ومهما كان الثمن، قبل أن نبدأ الحديث عن مستقبل سورية».

وبصدد الاتفاقات الروسية – الأميركية حول سورية، أكد لافروف أن الأولوية الرئيسية في هذه الاتفاقات، تتمثل في تنفيذ الولايات المتحدة «تعهداتها القديمة بالفصل ما بين المعارضة السورية المتعاونة معها، و«جبهة النصرة» وأمثالها. وذلك إن لم تكن المماطلة في تنفيذ هذه الالتزامات نابعة من إرادة جهة معينة في واشنطن، تريد تحييد الضربة عن هؤلاء الإرهابيين».

ومضى يقول: «فيما يتعلق بـ«جبهة النصرة»، فإن لدينا الكثير من الشكوك الجدية بشأنها. لقد تسلمنا من الجانب الأميركي، أخيرا، قائمة تضم المنخرطين في اتفاق وقف إطلاق النار، الأمر الذي يحتم عدم استهدافهم، فيما يتصدر القائمة المذكورة «أحرار الشام».

وأعاد الوزير الروسي إلى الأذهان، أن قيادة هذا التنظيم تحديدا، رفضت تنفيذ الاتفاقات الروسية – الأميركية، لأن هذه الاتفاقات ترمي إلى مكافحة «جبهة النصرة». وهذا يعني أن الأميركيين ألحقوا جزءا لا يتجزأ من «جبهة النصرة» بقائمة المعارضة المتعاونة معهم، رغم تصنيف الأمم المتحدة لـ«النصرة» في خانة الإرهاب».

وتابع: «الولايات المتحدة مترددة في الإفصاح عن فحوى الاتفاقات الروسية – الأميركية حول سورية، فيما نحن مستعدون لإطلاع الجميع عليها». واستطرد قائلا: «نسعى، في الوقت الراهن، إلى الإعلان عن فحوى هذه الاتفاقات، إذ لا نريد السير على طريق الدبلوماسية السرية».

وختم بالقول: «شركاؤنا الأميركيون مترددون، في الوقت الراهن، في الإفصاح عن هذه الاتفاقات، خلافا لما يعرف عنهم، وذلك نظرا لتمسكهم بالرؤى الديمقراطية لتسوية المشاكل، فيما الديمقراطية نفسها، تحتم العلانية».

بدوره، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن اتفاق موسكو وواشنطن حول سورية، لا يشمل مصير الأسد، أو العملية الانتقالية في البلاد، لأن ذلك مسألة سورية بحتة. مضيفا: أن روسيا تبحث مع الأميركيين الكشف عن تفاصيل الاتفاق في مجلس الأمن الدولي.

وأكد بوغدانوف أن موسكو لا تملك أي خطط سرية بشأن حل الأزمة في سورية. قائلا: «على خلاف تصريحات علنية لبعض المسؤولين الغربيين والعرب، حول وجود خطة «ب» لديهم، نؤكد، باستمرار، عدم وجود أي خطط سرية يطلق عليها «ب» أو «ج» لدينا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى