صبرا وشاتيلا: تحضرين… مهما أسرفوا في التجاهل

د. محمد بكر

هي حاضرة في الوجدان وراسخة في ذاكرة الأجيال التي تشرّبت الانتماء لفلسطين من أثداء الأمهات، ذكرى مريرة خطت أحرفها السوداء في سجلات القضية الفلسطينية وذاق مرارتها الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في مخيمي صبرا وشاتيلا في العام 1982، الذين تمّ قتلهم والتنكيل بهم على أيدي الاحتلال الاسرائيلي وبمؤازرة من جيش لبنان الجنوبي / جيش لحد/ المشكّل والمصنع حينها على طريقة «الجيوش الحرة» هذه الأيام، إضافة إلى المئات من مسلحي حزب الكتائب.

في تلك الذكرى المؤلمة لا يسعنا إلا أن نوجه التحية لأرواح شهداء الشعب الفلسطيني عامة وشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا خاصة الذين غابوا وغابت قضيتهم العادلة عن الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تلك المنظمات التي انشغلت بالتآمر والتحريض وإذكاء الفتن بين أبناء الوطن الواحد تحلّل تظاهراً هنا وتحرّمه هناك، وتبيح القتل في سورية وتسبح في دماء الأبرياء على امتداد جغرافيا الوطن العربي، وتهرع إلى عقد المؤتمرات والاجتماعات باسم صداقة الشعوب، وقد غابت تلك الصداقة وليس من باب الصدفة بالتأكيد عن الشعب الفلسطيني وحضرت بقوة في مشهدية يندى لها الجبين وقد أصبحت أميركا وبريطانيا وفرنسا والقائمة تطول، أصبحوا أصدقاء الشعوب العربية.

أيّ انحطاط وصلت له هذه الأمة تستجدي المحتلّ، وتستعدي بعضها بعضاً في ربيع على الطريقة الأميركية الخالصة والهوى الصهيوني المصفى، طلعه رؤوس الشياطين وثمره الأُكل الخمط، تغيب فيه القيم ويموت الوازع الديني في مشهدية حبلى بالتعصب والتطرف، تحضر فيه غربةٌ فريدة عن الوطن وجعجعةٌ ونباحٌ خارج حدوده تسقط معها الأقنعة وتنجلي الوجوه السافرة على حقيقتها وهي تفاخر بالتبعية لمن كان سليل الإرهاب والقتل، وقد أصبح اليوم المخلّص الأوحد للشعوب يقود ثوراتها تحقيقاً لحريتها وكرامتها.

كلّ التحية للوطن الفلسطيني الذي مهما أسرفوا في نسيانه وتجاهل آلامه ونداءاته إلا أنه حاضرٌ على الدوام في ذاكرتنا وبوح أقلامنا، كلّ التحية لتراب فلسطين، وحجارة فلسطين والسلام على الأبطال الأحرار الذين يمتشقون سلاحهم دفاعاً عن فلسطين، لا يضيعون بوصلة ًولا يحرفون مساراً وحناجرهم تصدح: فلسطين لا ربيع إلا ربيعك ولا ثورة إلا على ترابك.

كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا.

Dr.mbkr83 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى