الرمي العشوائي للنفايات.. كل مواطن خفير

منى الحاج شحادة

لطالما استفزني وما زال.. مشهد شوارعنا المزروعة بنفايات متراكمة على جوانبها.

والسؤال الذي يطرح دائماً: إلى متى؟

إلى متى ستبقى هذه الأزمة تهدّد الوطن برمته وصحة المواطن؟

وفي معرض مناقشتي هذه الأزمة لا أريد الدخول في الزواريب السياسية لهذه القضية الشائكة، لكنني سأحاول تسليط الضوء على الجانب المواطني منها.

فإذا عدنا الى أصل الموضوع، فإننا لا بد ان نحمّل المواطن جزءاً من هذه المسؤولية، حيث يساهم بتفاقم هذه المشكلة عن قصد أو عن غير قصد ومن حيث لا يدري أو يعي.

فأنّى التفتنا فإننا نصادف مواطناً يرمي نفايات وهو يسير في الشوارع او وهو يستقل إحدى وسائل النقل من دون أن يحاسب نفسه على ما تقترفه يداه من جريمة بيئية تعود بالأذى عليه وعلى من حوله من مواطنين. فترى هنا سائق تاكسي، وبعد أن يفرغ من عبّ فنجان من القهوة الممزوجة بمرارة الأيام وهو يمارس عمله، يرمي بالكوب الفارغ خارج السيارة بكل ما أوتي من قوة وكأنه يحاول أن يتخلص من أعبائه الثقيلة مع تخلّصه من فنجانه التعيس…

ولا يخلو شارع من رجل أو امرأة او مراهق يرمي على الأرض مخلّفات وجبة سريعة تناولها أثناء سيره. والأرض صامتة تكتم صرختها داخلها رفضاً لما يمارسه هؤلاء عليها من تصرفات لا حضارية.

إن هذه التصرفات غير اللائقة لا يمكن حصرها بشريحة معينة من الشعب، حيث الفقر والعوز يمثلان الشمّاعة التي يعلقون عليها معظم أخطائهم وعيوبهم. لربما سوء التربية المدنية وفقدان روح التعاون هما السبب في الكثير من التصرفات التي تعكس سلوكاً لا أخلاقياً يؤذي الأفراد والمجتمع والوطن برمته. فالعديد من المواطنين الذين ينتمون الى ما يعرف بـ «الطبقة الراقية» يشاركون مواطنين من اوساط مختلفة المستوى الاقتصادي، في جريمة الإساءة الى البيئة.

فكم من هؤلاء الأشخاص الذين يستقلون السيارات الفارهة ولا يتورعون عن إلقاء بقايا مأكولاتهم او مشروباتهم او غيرها من خلال نوافذ سياراتهم من دون حرج. علماً أنهم وللمفارقة من أشد الناس التزاماً بالقوانين والأنظمة، ولكن ليس في وطننا، وإنما في الدول الأجنبية التي يجولون فيها اثناء رحلاتهم في اطار عمل او رحلات استجمام.

والمضحك الموجع انك اذا حاولت لفت نظر احد هؤلاء الأشخاص بأن لا تجوز الإساءة لشوارعنا والقاء النفايات فيها تجد الجواب حاضراً «شو ..وقفت عليّ!!. بعدين وين الدولة حتى تحاسب؟؟». هنا لا بد من كلمة حق تقال: هل من واجب الدولة أن تعين رقيباً من قبلها على كل مواطن؟ أوليس من واجب المواطنين الحفاظ على شوارعهم نظيفة؟ ألن تتأثر صحتهم سلباً نتيجة انتشار الأوبئة جراء تراكم النفايات في كل حي وشارع؟؟ هل علينا فقط المحافظة على نظافة منازلنا دون الالتفات إلى نظافة الشوارع التي هي ملك للجميع؟؟ إن هذه الظاهرة السلبية منشأها المنزل أولاً.

فعندما يغيب الإرشاد والتوعية من قبل الأهل، فإننا حتماً سنصل الى نتيجة سيئة كهذه. وعندما نزرع روح المسؤولية في نفوس ابنائنا ونوجههم التوجيه السليم ، ساعتئذ سنقضي على هذه الآفة المشوهة لوطننا. كذلك لا يجب أن نغفل دور المؤسسات التربوية من ناحية توجيه الطلاب في المراحل التعليمية كافة إضافة الى تكثيف دور الجمعيات والمؤسسات البيئية في إظهار أهمية الحفاظ على نظافة البيئة والتي تؤدي الى قيام مجتمع سليم معافى.

أخي المواطن.. لبنان، هذا الوطن العزيز يستصرخك أن تحافظ على ما تبقى من لمسات جمال بعد أن سلبته الحروب والكوارث والمآسي الكثير من جماله.. فلنتكاتف جميعاً للحفاظ عليه وطناً لنا جميعاً ولا وطن لنا سواه.. نتفيأ ظله.. نعيش في كنف ترابه الغالي..

أخي المواطن .. كلنا خفير ومسؤول فهل نصحو؟؟؟

ناشطة إعلامية في موقع حرمون – طرابلس

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى