ما بين مخيمَيْ حندرات وعين الحلوة أهمية الدور الفلسطيني في محاربة الإرهاب

شارل أبي نادر

لا شك في أنّ المعركة الشرسة المفتوحة لاستعادة السيطرة على مخيم حندرات على المداخل الشمالية الشرقية لمدينة حلب من قبل وحدات من الجيش العربي السوري وحلفائه مع وجود دور لافت للواء القدس الفلسطيني، والمترافقة مع تنفيذ مخابرات الجيش اللبناني عملية نوعية داخل مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان والتي أدّت إلى توقيف أمير داعش عماد ياسين في المخيم المذكور، أيضاً مع وجود دور مفترض لأجهزة أمنية فلسطينية كان مساعداً، ولو بشكل ثانوي لإنجاح العملية، جاءت لتسلط الضوء على أهمية الدور الفلسطيني في مواجهة الإرهاب عبر أو من خلال المخيمات الفلسطينية في كلّ من لبنان او سورية بشكل عام.

بخصوص عملية توقيف ياسين في مخيم عين الحلوة، جاءت العملية لتشكّل مفصلاً ونقطة تحوّل في تعامل الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية مع المخيمات الفلسطينية في لبنان وخاصة مع مخيم عين الحلوة الذي كان دائماً مسرحاً لتواجد مجموعة ليست بسيطة من الخارجين عن القانون والمطلوبين المتهمّين او المحكومين غيابياً لقضايا جنائية او لارتباطات إرهابية معينة، وحيث كان أغلب مسؤولي الفصائل الفلسطينية يعتبرون الدخول الى المخيم وبمعزل عن الملاحقة الجنائية والأمنية لهؤلاء المطلوبين من قبل الدولة اللبنانية له خصوصية حسّاسة لأسباب تاريخية، سياسية وديبلوماسية، إقليمية أو دولية حتى، لها علاقة بالصراع ضدّ العدو «الإسرائيلي» وبدور المقاومة الفلسطينية وما شُرّع لها من خصوصية مسلحة عبر الجامعة العربية في اتفاق القاهرة أو عبر رعاية مباشرة او غير مباشرة لمنظمات دولية على خلفيات إنسانية واجتماعية أعطتها هذه الخصوصية الدولية.

أما بخصوص مخيم حندرات في شمال شرق حلب، والذي يتمتع بأهمية استراتيجية مهمة في ربط ريف حلب الشمالي الشرقي مع المدينة ميدانياً وجغرافياً، وحيث لا بدّ من استعادة السيطرة عليه لتقوية تماسك الحصار على المسلحين داخل أحياء حلب الشرقية، ولتأمين حماية واسعة وثابتة لمواقع الجيش العربي السوري على طريق الكاستيلو ومحيطها، وأيضاً للتأثير على المسلحين وتشكيل نقاط ضغط ميدانية عليهم في معركة استعادة حلب بالكامل، فقد برزت أهمية دور الوحدات الفلسطينية التابعة للواء القدس في دعم ومساندة الجيش العربي السوري وحلفائه في معركة استعادة السيطرة عليه، وحيث برهنت وتبرهن هذه الوحدات عن فعالية واسعة والتزام وجهد مهمّ خلال هذه المعركة التي ما زالت مفتوحة وعلى الطريق لتكتمل وتصل الى خواتيمها بهزيمة المجموعات الإرهابية واندحارها عن كامل المخيم المذكور.

من هنا، ونظراً لأهمية وحساسية وخصوصية مخيم عين الحلوة لناحية تواجد مجموعات خارجة عن القانون لارتباطات جنائية او إرهابية، جاءت أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه أجهزة الأمن الفلسطيني داخل المخيم، أو حتى خارجه في مخيمات أخرى، حيث لا يمكن فك ارتباط المجموعات المسلحة الإرهابية أو غيرها عن بعضها بين أكثر من مخيم على الأراضي اللبنانية أو السورية، هذا الدور الحساس في تحقيق أمن ومناعة سكان المخيم أولاً والأمن اللبناني القريب في صيدا ومحيطها على طريق الجنوب، وما يعنيه ذلك أمنياً لوحدات الجيش اللبناني في كامل انتشارها جنوباً او لبيئة المقاومة والتي هي مستهدفة، كما الجيش اللبناني من المجموعات الإرهابية بشكل عام.

وعطفاً على الدور الأمني الفاعل للأجهزة الفلسطينية في المخيمات اللبنانية في مساعدة أجهزة الأمن اللبنانية والتنسيق معها، مع الدور الإيجابي من الناحية الميدانية لوحدات لواء القدس الفلسطيني في معركة استعادة السيطرة على مخيم حندرات، ظهرت أهمية الدور الفلسطيني في توجيه وتثبيت بوصلة مجموعة مهمة أساسية كانت عماد نبض المقاومة ضدّ العدو «الإسرائيلي»، حيث أثبتت الأحداث والوقائع الميدانية في سورية أنه أي العدو «الإسرائيلي» داعم ومساند ومنخرط بالكامل في دعم المجموعات الإرهابية في حربها على سورية ولبنان. وبالتالي هذا ما يعطي ضرورة وأهمية للدور الفلسطيني في كشف ومواجهة هذه المجموعات الإرهابية التي هي عملياً في أحضان الدول المعادية للقضية الفلسطينية. هذه القضية الأمّ التي خُلقت على أساسها المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية، والتي على أساسها شُنّت الحرب على سورية بالأساس لوقوفها داعمة لمحور المقاومة التي هدفها كان دائماً ولا يزال مواجهة العدو «الإسرائيلي» وقتاله حتى استعادة الحقوق العربية والاسلامية في فلسطين وفي غيرها.

وأخيراً… ربما سيكون للتنسيق الأمني الفلسطيني مع الأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية دور مهمّ وفاعل في مواجهة الإرهاب، وسيكون أيضاً للمشاركة الميدانية والعسكرية لوحدات فلسطينية في مواجهة المجموعات الإرهابية أقله في حماية مخيماتها بعد التنسيق مع الجيش العربي السوري دور مهمّ ومؤثر، ولكن يبقى لوقوف الشعب العربي الفلسطيني الذي عانى ويعاني ظلم العدو «الإسرائيلي» وإجرامه، الدور الاستراتيجي الأساس في دعم محور المقاومة ضدّ هذا العدو ومساندته ومؤازرته في مواجهة هذا العدو، وفي دعم الجيش العربي السوري في حربه ضدّ مختلف الدول الإقليمية والغربية، والتي لا يمكن فصل معركتها في سورية وعدوانها على شعبها عن معركة وعدوان العدو «الإسرائيلي» على فلسطين وشعبها بشكل خاص، وعلى العرب والمسلمين بشكل عام.

عميد متقاعد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى