تقرير

تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى المقال الأخير، الذي كتبه الأمين العام السابق للناتو أنديرس فوغ راسموسن، الذي لا تروقه سياسة باراك أوباما غير الحازمة.

وجاء في المقال: كتب أنديرس فوغ راسموسن الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي، المستشار الحالي الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو مقالاً في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، انهال فيه بالانتقاد على السياسة الخارجية التي تنتهجها الولايات المتحدة. ودعا فيه واشنطن إلى النضال بفعالية أكبر من أجل قيم الحرية.

وجاء انتقاد الأمين العام السابق على خلفية أزمة الزعامة في السياسة الأميركية حيث لم يتمكن أي من المرشحين المتنافسين الرئيسين على منصب الرئاسة من تقديم رؤية جديدة للناخبين لموقع الولايات المتحدة على الساحة الدولية. وكتب يقول: من موقع خبرتي… أميناً عاماً للناتو، أنا أدرك مدى أهمية الزعامة الأميركية. نحن بحاجة إلى رئيس أميركي يقود وراءه دول العالم الحرّ، والوقوف في وجه أوتوقراطيين من أمثال فلاديمير بوتين.

وبحسب رأيه، إن تردّد زعامة إدارة باراك أوباما أدّى إلى وضع النظام العالمي المبنيّ على قواعد قانونية موضع شك، وإن النتيجة الرئيسة لضعف الرئيس أوباما، سلوك الرئيس الروسي الذي أطلق، عندما كانت أوروبا والولايات المتحدة تغفوان، عملية لا شفقة فيها في سورية لمساندة نظام الأسد، وحاول إظهار روسيا كقوة عالمية قادرة على منافسة الولايات المتحدة في نفوذها.

أوباما من جانبه فنّد الانتقاد الموجّه إلى سياسته. فقد اعترف في خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة بأنه يميل إلى استخدام الدبلوماسية والقواعد الدولية كوسائل لتسوية النزاعات، والتي قد لا تتمتع بشعبية واسعة ولكنه ينظر إلى المستقبل بتفاؤل، وقال: أنا أرى هذه الروح لدى جيل الشباب في العالم، الذي سيكون متعلّماً ومتسامحاً ومضيافاً أكثر منّا. وأضاف أنه يساند العولمة ويعتقد أن القومية العدوانية، والشعبوية هما الخطر الرئيس على مستقبل الولايات المتحدة.

وإذا كانت رؤية أوباما للعالم غريبة، فإن الأمر نفسه يمكن قوله عمّن سيخلفه في منصب الرئاسة. فقد أعلن المرشح الجمهوري دونالد ترامب مراراً أنه لن يغامر بأميركا من أجل أهداف عالمية. وبعد الانفجارات التي وقعت في نيويورك، وعد بالقضاء على «داعش» في الشرق الأوسط. ولكن السؤال الذي حيّر الخبراء هو كيف سيفعل هذا من دون مشاركة القوات البرّية؟ ويبدو أن الجواب على هذا السؤال لا يعرفه حتى ترامب نفسه.

أما وجهة نظر هيلاري كلينتون في شأن القضايا الدولية، وكذلك خبرتها التي اكتسبتها من عملها كرئيسة للدبلوماسية الأميركية بين عامي 2009 و2013، فتثير عدداً من الانتقادات بسبب موقفها المتقلب من مسألة الشراكة عبر الأطلسي تضعفها كزعيمة. فقبل أن تصبح مرشحة لمنصب الرئاسة كانت تدعم اتفاقية الشراكة عبر الأطلسي، ولكنها بعد ذلك غيّرت رأيها وأصبح معاكساً تماماً. وإن رفض التصديق على اتفاقية الشراكة عبر الأطلسي أدى إلى استياء عدد من الشركاء في المنطقة خصوصاً اليابان. كما أن قضية بريدها الإلكتروني تقلق الناخبين، إضافة إلى أن الكثيرين يربطون اسمها بالتدخل العسكري في العراق وليبيا.

يشير أستاذ التحليل التطبيقي للمشكلات الدولية في معهد العلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية في موسكو أندريه سوشينتسوف إلى أن الولايات المتحدة فعلاً تعاني من عدم وضوح استراتيجي في السياسة العالمية، ويقول: أصبح أوباما رئيساً للولايات المتحدة في لحظة لم تكن فيها التغيّرات الدولية تتطلب من الرئيس الأميركي وغيره من رؤساء الدول الرائدة فهم كيف سيكون العالم بعد 25 إلى 30 سنة وأخذها بالاعتبار في نهجهم. لقد جاء أوباما بأجندة جديدة وغير واضحة حيث فشلت الولايات المتحدة في اتخاذ القرارات اللازمة في شأن النزاعات مثلما يحصل في أوكرانيا وسورية وليبيا، وهذا طبعاً تسبب في انتقادات مبرّرة من جانب الكثيرين.

ويضيف أنه ليس من العدل تحميل أوباما كامل المسؤولية عن ذلك، لأن أوباما يدرك أن استخدام القوة ليس الخيار المفضل دائماً في تسوية المشكلات، وأن هناك أموراً لا يمكن للولايات المتحدة القيام بها بمفردها، وتتطلب جهوداً جماعية. وهذا الواقع ساعد الولايات المتحدة في تجنب ضلوعها في نزاعات جديدة.

ويعتقد سوشينتسوف، خلافاً لراسموسن، أن على الولايات المتحدة الابتعاد تدريجياً عن دور شريف الشرطة العالمي، ومراعاة مصالح الدول الأخرى. ويضيف أن موارد الأميركيين قاربت على الانتهاء، ولم يعد بإمكانهم التصرف كما كان الحال في تسعينات القرن الماضي وبداية القرن الحالي.

ويرى الخبير أن الأميركيين إذا سعوا للدفاع عن مصالحهم، فإنهم سيدركون أنه لكي تعمل المنظومة العالمية، عليهم أن يكونوا أكثر شمولية ومراعاة لمصالح البلدان كافة بغضّ النظر عن كيفية تحديد هذه المصالح.

وأشار سوشينتسوف إلى أن هذا النموذج من شأنه المساعدة في العلاقة والشراكة الروسية ـ الأميركية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى