دي ميستورا يعلن انحيازه للجماعات المسلحة… والجعفري «يصفعه على فمه» العونيون يأملون… وحردان لحلّ داخلي… والحريري عاد لكن «جيوبه فارغة»

كتب المحرر السياسي

لم تكن حماوة المعارك على جبهة حندرات أقلّ من السخونة التي شهدها مجلس الأمن الدولي في جلسته المخصصة لبحث الوضع في حلب، والتي أرادها الأميركيون محاكمة لدور روسيا وفتحاً لباب هجمات منسقة عليها تتهمها بجرائم حرب، وفقاً لكلام وزير خارجية بريطانيا، والردّ الروسي الذي لم يتأخر ولم يهادن على لسان المبعوث الروسي الدائم في محلس الأمن فيتالي تشوركين، سأل عن معنى الالتزام الكلامي بالحرب على الإرهاب، بينما تحظى جبهة النصرة والذين يقاتلون معها بهذه الحماسة وهذه التغطية من أعضاء في مجلس الأمن الدولي الذي صوّت مطلع العام على قرار استثنى فيه النصرة ومَن معها من أيّ أحكام للهدنة ووقف النار.

الجديد كان كلام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي قال إنّ الذي يجري في حلب، قاصداً روسيا والحكومة السورية، يرقى إلى مستوى جريمة حرب، وتبعه المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا الذي تحدث كناطق رسمي بلسان الجماعات المسلحة، مهدّداً بحرب عصابات في أحياء حلب إذا دخلها الجيش السوري، ما استدعى رداً رادعاً، يحاكي عمليات الجيش السوري والحلفاء في مخيم حندرات لإغلاق الطريق والأمل بالتواصل بين الجماعات المسلحة شرق حلب وبين شركائهم الذين يستعدّون بدعم تركي للتقدّم نحو مدينة الباب، وبمثل ما يشكل قطع الأمل من حندرات أمام الجماعات المسلحة في حلب عسكرياً، جاءت كلمة مندوب سورية السفير بشار الجعفري بمثابة صفعة على الفم لدي ميستورا، بتفنيد الجعفري لكلمة الأمين العام ومبعوثه وسائر موظفي وكالاته، بالحرب المعنوية والنفسية التي يخوضونها لرفع معنويات الجماعات المسلحة ومنحها الأمل لمزيد من الصمود، واعداً بأنّ سورية ستستعيد بجيشها ودعم حلفائها كلّ حلب.

بين حندرات ومجلس الأمن علقت المحادثات الروسية الأميركية سواء على مستوى الخبراء أو وزيري الخارجية، بما يتخطى الأسباب التقليدية لعطلة الأسبوع، ويمثل برأي المتابعين، ترقباً لمسار المعارك في حلب وحندرات، وما ستسفر عنه، فكلما بدا أنّ الإنذار باستعادة الدولة السورية لشرق حلب يقترب من التحقق تغيّرت اللهجة في مجلس الأمن لصالح تسوّل العودة للتفاهم الروسي الأميركي، وعادت الحرارة الأميركية نحو استئناف جدي للمحادثات مع موسكو، وقالت مصادر عسكرية متابعة إنّ المهلة الأميركية لنهاية ترقب الوضع العسكري ربما تمتدّ ليومين إضافيين حتى صبيحة الأربعاء، حيث تتوقع عودة اللقاءات وربما انعقاد جديد لمجلس الأمن لمنح الضوء الأخضر مجدّداً للتفاهم الروسي الأميركي قبل أن يبدأ قطاف حلب.

عربياً وعالمياً، كانت جريمة اغتيال الكاتب المقاوم ناهض حتر موضوعاً شغل الرأي العام، الذي صعقه النبأ، خصوصاً بعد المساهمة التي وفرتها الإجراءات الحكومية والأمنية والقضائية الأردنية بحق حتر، من تمهيد إعلامي ونفسي وسياسي، وربما أمني لعملية الاغتيال، بتوجيه اتهام الإساءة للذات الإلهية لحتر، بما اعتبر ضوءاً أخضر لجعله هدفاً للقتل، والإفراج عنه دون توفير حماية له، والترويج لكونه يتلقى تهديدات بالقتل، ليأتي الاغتيال تصفية حساب مع كاتب سلاحه كلمته وحبره، دافع بشراسة عن مفهوم الدولة المدنية، وعن المقاومة، ووقف بلا تردّد إلى جانب الدفاع عن سورية بوجه الاستهداف، رغم مخاطر مواجهته لموقف حكومي أردني يستضيف غرف عمليات يقودها الأميركيون و»الإسرائيليون» لخوض الحرب في سورية وعليها.

لبنانياً، شكلت عودة الرئيس سعد الحريري محوراً للتكهّنات حول تطورات قد يشهدها الملف الرئاسي، حيث لم يُخفِ العونيون آمالهم بمواقف جديدة للحريري تنفتح على خيار السير بالعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية مقابل رئاسة الحكومة للحريري، بينما توجه عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان إلى الأطراف اللبنانية للبحث عن حلول داخلية تستطيع اكتشافها إذا امتلكت الإرادة وتحرّرت من وهم انتظار التطورات الخارجية بينما قالت مصادر تيار المستقبل ونواب مقرّبون من الرئيس الحريري، إنّ عودته لا تحمل الجديد الذي يجري الحديث عنه، فلا مبادرات في جيوب الحريري ولا شيء آخر، فقد عاد وجيوبه فارغة، ويأتي الكلام على الجيوب الفارغة سياسياً للحريري متقاطعاً مع الأجوبة التي تلقاها موظفو مؤسسات الحريري من مستشاريه الماليين حول سداد متأخراتهم، بأن لا جديد على هذا الصعيد، وتكرّر الجواب نفسه، الحريري عاد لكن جيوبه فارغة، والجديد في وصف عودة الحريري هذه المرة من مصادر المستقبل القول، لقد عاد كمواطن لبناني إلى بلده.

حردان: الظرف الراهن مؤاتٍ للحلول الداخلية

اعتبر عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، أنّ اعتماد منطق الحوار بين القوى في لبنان، يوصل في نهاية المطاف إلى تفاهمات وحلول سياسية تحصّن لبنان على المستويات كلّها. وهناك ضرورة وطنية لمواصلة الحوار حول مجمل الملفات، ولإنجاز الاستحقاقات، حتى لا تتراكم الأزمات في رُدهات انتظار ظروف المنطقة.

ولفت حردان خلال استقباله وفوداً من منطقة المتن الأعلى ومنطقة الحصنية ـ عكار، وضمّت رؤساء بلديات حاليين وسابقين وفاعليات، إلى أنّ أجندة الخارج ممتلئة ومضغوطة، بدءاً من الولايات المتحدة الأميركية المنشغلة بانتخاباتها الرئاسية، وبما يشهده المجتمع الأميركي من جرائم عنصرية وعمليات قتل، وأيضاً فإنّ حلفاء أميركا في المنطقة، دولاً ومنظمات، أوضاعهم غير مريحة على الإطلاق، ويواجهون تحديات وصعوبات داخلية وخارجية. في حين أنّ الظرف الراهن مؤاتٍ للقوى السياسية اللبنانية مجتمعة لكي تنتج حلولاً، وتُنهي أزمات، بإرادة ذاتية ومن دون الحاجة إلى الاستعانة بالخارج المنشغل، استقواءً أو استجداءً.

وحذّر حردان من أنّ الإنهاك السياسي على الساحة اللبنانية، يضاعف نسبة المخاطر الإرهابية، لافتاً إلى أنّ حجم العمليات الإرهابية التي كان يُعدّ لها الإرهابي الداعشي عماد ياسين لتفجير الوضع برمّته في لبنان، تشي بوجود خلايا إرهابية منتشرة، وخطر إرهابي محدق. ومواجهة هذا الخطر تحتم على الجميع الالتفاف حول مؤسسة الجيش لتمكينها من مواصلة إنجازاتها الأمنية في المعركة ضدّ الإرهاب وحماية لبنان من أخطاره.

لا جديد في جعبة الحريري

رغم عودة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى لبنان ليل أمس الأول، إلا أنه لا يحمل في جعبته أي جديد كما ولا معطيات داخلية وخارجية جديدة تشي بقرب التوصل الى حلول للأزمات إن على صعيد رئاسة الجمهورية عشية جلسة 28 الشهر الحالي التي ستكون الموعد الفاصل لتحرك التيار الوطني الحر في الشارع، وإن على الصعيد الحكومي التي ستبدأ الاتصالات بشأنها اليوم بعد وصول رئيس الحكومة تمام سلام الى بيروت عائداً من نيويورك.

وأشارت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ «البناء» الى أن «عودة الحريري الى لبنان ليست مرتبطة بظهور معطيات جديدة في الملف الرئاسي، بل هو أعلن منذ عودته في شباط المنصرم أن إقامته ستكون في لبنان وإن اضطر الى السفر لكنه لن يتأخر في العودة الى بلده، موضحة أن «رئيس تيار المستقبل قدم الكثير من المبادرات لانتخاب رئيس للجمهورية وإخراج البلد من أزماته ولا يحمل مبادرة جديدة اليوم رغم أن عودته قد تحرك المياه الراكدة وستفعّل الاتصالات واللقاءات التي سيعقدها والجهود التي سيبذلها والتي إذا ما تلاقت مع جهود الطرف الآخر ستصل الى نتيجة».

«التيار» يرمي كرة التعطيل في ملعبنا

ولم تستبعد المصادر لقاء الحريري مع العماد ميشال عون، ولفتت الى أن «الحريري لا يضع حائطاً مسدوداً أمام أحد والتواصل مطلوب وموجود مع الجميع، لكن يرفض منطق التيار الوطني الحر الذي يشيع أجواء بأنه ينتظر إجابات من الحريري في الرئاسة بهدف رمي كرة التعطيل في ملعب المستقبل وإظهاره وكأنه يمنع انتخاب الرئيس بينما حزب الله وعون نفسه هما المسؤولان والسؤال يجب أن يوجه اليهما».

وعن احتمالات التوصل الى تسوية توصل عون لرئاسة الجمهورية والحريري للحكومة، أكدت المصادر أن ذلك مرتبط بإرادة حزب الله بانتخاب الرئيس أم لا، أما مَن هو اسم الرئيس فهذا يحدد في المجلس النيابي، ولفتت الى أن لا شيء جديد رئاسياً ولا زال الحريري متمسكاً بتأييد ترشيح رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية».

.. والسعودية لم تتخلّ…

ونفت المصادر علمها بلقاء الحريري مع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مستبعِدة أن تكون السعودية قد تخلّت عن الحريري، كما يسوق في الإعلام، أو أن تكون قد أوعزت اليه العودة الى لبنان، لأنها لا تتعاطى مع لبنان بهذا المنطق، مؤكدة أن الحريري «لا يزال يحظى بغطاء المستقبل كرأس هذا التيار والأقوى سعودياً في لبنان».

وعن الانتقادات التي توجه للحريري من داخل تياره ومن الوزير المستقيل أشرف ريفي قالت المصادر: «من حق أي شخص أن يسعى الى الزعامة وأن يحظى بتأييد الشعب، لكن الشعب هو من يقرّر، لكن الحريري كان ولا يزال هو زعيم المستقبل الذي لم يدّع يوماً أنه يمثل الطائفة السنية بل انتشاره على مستوى الوطن وعابر للطوائف».

العونيون: ننتظر موقف «الشيخ»

ودعت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح الى انتظار الـ48 ساعة المقبلة لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولرؤية ماذا سيقدم الرئيس الحريري على صعيد حل الملف الرئاسي والأزمة السياسية بشكل عام، متحدثة لـ «البناء» عن مؤشر إيجابي في الموقف السعودي الذي يعلن أنه لا يتدخل في الشأن الرئاسي، ملمحة الى أن المملكة قد تكون أبلغت الحريري أمراً ما سيتظهر في موقف الشيخ سعد قريباً.

ورأت المصادر أن على الحريري أن يبدأ بتسوية الأزمة الرئاسية ثم الاتفاق على قانون الانتخاب أما إذا لم يتمكن من ذلك، فلا نعرف الى أين ستصل الحركة الميدانية التدريجية في حل الملفات التي سيكون محورها الرئاسة وقانون الانتخاب ولا أحد يعلم ما هي حدود التحرك في الشارع، ولفتت الى أن العماد عون حريص على الوضع الأمني، لكن لن يسمح هذه المرة بأي حالة قمع تمارس ضد المتظاهرين في الشارع وأي حالة قمع سيبنى على الشيء مقتضاه، وتساءلت: «أين الميثاقية وهل ممنوع أن نواجه بعد أن وصلنا الى دولة متحللة وطبقة سياسية أمعنت في سرقة المواطن؟ مؤكدة أن قرار التحرك في الشارع قد اتخذ من قيادة التيار، لكن لم نلزم به حلفاءنا الذين لكل منهم حرية الاختيار وسنبقى في الشارع حتى إعادة تكوين السلطة التي تصب في مصلحة جميع الاطراف والطوائف».

لا اتصالات بشأن الحكومة

ونفت المصادر أي اتصالات مع عون في الشأن الحكومي، كما ولا الى تفاهمات حول التعيينات الأمنية، مؤكدة أن التمديد لقائد الجيش ولرئيس الأركان مخالف للقانون، وتساءلت: إذا كان منصب قائد الجيش مختلفاً عليه فلماذا لا يتمّ التعيين في رئاسة الأركان؟ ودعت المصادر الى إجراء التعيينات في المجلس العسكري وقيادة الجيش ورئاسة الاركان، مؤكدة أن «وزراء التكتل لن يطرحوا أي اسم في الجلسة ولا حجة لديهم ليتذرعوا بها كما حصل العام الماضي، فليطرحوا أسماء الضباط لنعين أحدها وفقاً للمعايير المعتمدة».

المشنوق: ظروف اضطرارية تستوجب التمديد

وأكد وزير البيئة محمد المشنوق لـ «البناء» أن «انعقاد جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل حتى الساعة غير مؤكدة، فرئيس الحكومة لم يوزع جدول الأعمال على الوزراء حتى الآن، ودعا الى انتظار ما ستؤول إليه الاتصالات اليوم وغداً والتي ستوضح أجواء الأفرقاء.

وفي موضوع التعيينات العسكرية اعتبر المشنوق أن «هذا الملف حساس ودقيق، فهناك ظروف اضطرارية تستوجب التمديد لقائد الجيش الحالي بفتوى، كما يقول وزير الدفاع سمير مقبل، لكن لا أستطيع أن أحكم في ما يتعلق باستدعاء رئيس الأركان وليد سلمان من الاحتياط بانتظار اتصالات مطلع الأسبوع».

دو فريج: استدعاء رئيس الأركان وارد

وأكد وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج لـ «البناء» «أننا لم نتبلّغ حتى الآن أي دعوة من رئيس الحكومة الذي يستطيع في الوقت نفسه أن يدعو الى جلسة قبل 48 ساعة من يوم الخميس، لأن جدول الأعمال موزع على الوزراء من الجلسة الماضية، ولم يستبعد دو فريج استدعاء رئيس الأركان من الاحتياط، مؤكداً ضرورة أن تعمل الحكومة جاهدة وتستأنف جلساتها في تسيير شؤون المواطنين.

وفي ما يتعلق بجلسة 28 أيلول أشار دو فريج الى أنها «لن تحمل أي جديد»، مشيراً الى أنه لم يطلع حتى الساعة على ما يحمله الحريري في الملف الرئاسي.

قاسم: تفعيل المؤسسات يحصن الاستقرار

وأيّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم كل المساعي التي تساعد على عودة المؤسسات الدستورية إلى نشاطها وعملها الفعّال، لأن هذه المؤسسات سواء مجلس النواب أو مجلس الوزراء أو أي موقع من المواقع التي نستطيع أن نعمل من أجل تنشيطها، ستكون في خدمة الناس واستقرار البلد أكثر حتى لا يزداد التدهور، كما أننا نشجع على أشكال الحوار كلها، سواء كانت ثنائية أو جماعية، لأننا محتاجون أن نحاور بعضنا البعض في لبنان، إذ لا يمكن لأي فريق أو بعض الأفرقاء أن يأخذوا لبنان إلى حيث يريدون وحدهم، أو أن ينجزوا ما يقتنعوا به، فلا بد من التعاون وتشابك الأيدي، لأنه بالحوار يمكن أن نتفاهم على بعض الانجازات والمكتسبات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى