الأب زحلاوي لـ«البناء»: لو مرّت الأزمة الأخيرة على كبريات الدول لانحنت

دمشق ـ آمنة ملحم

«كان سيكون اختياري، لو كنت خيّرت، قبل أن أكون، أين أريد أن أكون، كان سيكون هنا، كان سيكون جوابي لو كنت سُئلت قبل أن أكون عماً أريد أن أسأل، كان سيكون عن أرضي وكلّ الأرض، هنا كان الله، وهنا الإنسان كان، هنا كان الفكر، وهنا الحرف كان».

بهذا النصّ الذي ألّفه الأب الياس زحلاوي، حملت «جوقة الفرح» رسالة فكر وحضارة وفنّ بقلبها، لتقدّمها بصوتها وأدائها المتميز بطريقة جديدة كمسرح غنائيّ راقص حمل عنوان النصّ ذاته «هنا هنا هنا»، مُشعلةً مسرح دار الأوبرا في دمشق وهجاً، ناثرةً فيه فكراً وفناً، بإشراف فنّي موسيقي لرجاء الأمير شلبي، ومشاركة الفنانة المتميزة ديمة قندلفت، ابنة الجوقة، متولياً الإخراج الشاب عروة العربي، الذي استطاع بلمساته الإبداعية تحويل المسرح إلى مكان ينطق بحضارة سورية وتاريخها العريق، محمّلاً العمل نفحات من صور الحرب وقوارب الهجرة التي ألمّت بالبلاد خلال سنوات الأزمة الاخيرة.

وفي حديث إلى «البناء»، أشار الأب زحلاوي إلى أن ما مرّ على سورية خلال الأزمة الأخيرة، لو مرّ على كبريات الدول لانحنت. ولكنّ هناك سرّاً في أعماق الإنسان السوري، وسرّاً في عمق الله الذي شاء لسورية أن تكون مهد الحضارات والأبجدية والديانات. وله اليوم أن يتدخل بطريقته ومن خلال أدواته ليساعد سورية في الوقوف والنهوض وتوجيه العالم توجيهاً جديداً.

وعن العمل، لفت الأب زحلاوي إلى أنه كتب هذا النصّ عام 1993، وشاءت «جوقة الفرح الجامعية» بإشراف رجاء شلبي، أن تحاول ترجمته مسرحياً وغنائياً، فوجدت في المخرج المبدع عروة العربي من يقبل هذا التحدّي. فقام الأب زحلاوي بتحويل النصّ إلى عمل غنائيّ مسرحيّ في تحدّ حقيقيّ.

وتابع الأب زحلاوي: استطاع كلّ من رجاء وعروة وديمة مع الجوقة الجامعية من جوقة الفرح» ومع الفرقة الراقصة، تقديم رسالة تنبع من صميم الأزمة الهمجية التي عصفت وتعصف بسورية. هذه الرسالة حملت معها ربما حزناً عميقاً وأسى كبيراً، لكنها تحمل يقينا بالقيامة الآتية.

وتوجّه الأب زحلاوي بشكر عميق للرئيس بشار الأسد لرعايته الحفل، كما شكر دار الأسد للثقافة والفنون لكلّ ما قدّمته من تسهيلات.

بدورها، أكّدت الفنانة ديمة قندلفت لـ«البناء» أن أكثر ما يميّز العمل أنه من تأليف الأب زحلاوي الذي تصفه بالثروة الحقيقية. واللافت أنّ النصّ كثتب عام 1993 فكأن هناك رؤية مستقبلية للعمل لما يحاك لسورية من مؤامرات، وهي التي طالما حيكت ضدّها مؤامرات منذ آلاف السنين إلى يومنا هذا.

وعن النصّ أوضحت قندلفت أنّ صعوبته تتجلّى بعمقه الفكري والحضاري والإنساني، وصعوبة توليفه بعمل مسرحيّ. موضحة أنّ فكرة العمل بدأت من نصّ الأب زحلاوي، وقندلفت كانت صلة الوصل مع كلّ المشاركين. وتم اختيار المخرج العربي معربة عن فخرها به وبرؤيته التي قدّمها للعمل.

وواصلت قندلقت: العمل يحمل رسالة موجّهة من أبناء سورية إلى كلّ أبناء سورية، وإلى العالمين العربي والغربي، ولا بدّ من استمرار الفعاليات الثقافية واستمرار المسرح والغناء لأن سورية مستمرّة رغم كلّ العدوان على الأصعدة كافة. ومهما اغتالوا الإنسان، واغتالوا الحجر والشجر، لن يستطيعوا اغتيال الفكر والفنّ والحضارة، لأن هذه القيم مغروسة في قلب كلّ إنسان سوريّ.

من جانبها، قالت رجاء الشلبي لـ«البناء» إنهم أرادوا أن يقولوا من خلال العمل أن لا مكان أجمل من هنا، وإن سورية مهما مرّت بظروف صعبة ستبقى وتستمرّ، ولن يكون أبناؤها إلا هنا. لافتة إلى أن الغناء طريقهم في التعبير عن وجودهم وتمسّكهم بالوطن.

وترى الشلبي أن العمل يعدّ نقلة نوعية، حيث خرج الكورال من إطاره المعروف ودخل في إطار المسرح الغنائي. وكون النصّ للأب زحلاوي جعله أكثر تميّزاً.

كما شارك في العمل كل من الفنانين: كفاح الخوص، روبين عيسى، حلا رجب، ويزن الخليل، وكذلك فرقة «آرام للمسرح الراقص» التي أبدعت بعروضها الراقصة المرافقة للعمل.

كما قدّمت الجوقة عقب انتهاء العمل، وصلة من الأغاني رافقتها فرقة «آرام» مع أغنية «دقوا المهابيج»، ليكون الختام بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء سورية، ومع النشيد العربي السوري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى