رنا شميس لـ«البناء»: الجائزة وسام على صدري… وأهديها لكلّ الأمهات في سورية

آمنة ملحم

رغم الحرب والدمار، رغم الألم وكلّ الجراح التي تحيط عبثاً بأرواح السوريين، يبقى كلّ سوري من موقعه صامداً لم يحنِ هامته يوماً مهما مرّ بعثرات. ولأنّ الفنّ السوري لطالما كان خير حامل رسالةَ شعب يصرّ على البقاء وإثبات الذات، ها هم صنّاعه يحصدون اليوم جوائز عربية تدعو إلى الفخر والاعتزاز بما يقدّمه فكرهم وعملهم من إبداعات .

في مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي بنسخته الثانية والثلاثين، كان للفنّ السوري موقعه الذي يستحقّ، فاستطاع المخرج باسل الخطيب نيل جائزة أفضل مخرج عربي عن فيلم «سوريون»، الذي أبكى الحضور في المهرجان بشهادة منهم، وذلك لعمق فكرته ودقّة صنعه وإتقان الأداء التي أداره المخرج الخطيب بدراية مبدع متقن فنّه.

وأهدى المخرج الخطيب الجائزة إلى كلّ سينمائيّ سوريّ بقي مخلصاً لوطنه الأمّ حتى النهاية.

أما جائزة أفضل ممثلة في المهرجان، فكانت من نصيب الفنانة رنا شميس عن دورها في فيلم «فانية وتتبدّد»، حيث قدّمت شخصية «ثريا» المرأة الناضجة الواعية صاحبة الموقف بقوّة التناقضات الدينية والإنسانية.

خلعت شميس في الفيلم ثوب الأناقة، واستغنت عن الماكياج المبهرج لصالح الشخصية، فكانت حقيقية في أدائها ورسالتها. وبالفعل، استطاعت وبجدارة إقناع مَن تابعوا الفيلم ولجنة تحكيم المهرجان بأحقيتها بتلك الجائزة.

وفي تصريح إلى «البناء»، لفتت الفنانة شميس إلى أن أكثر ما يعنيها من نيل الجائزة، أنها جاءت رغم الحرب التي تعيشها سورية، لتثبت أنّ السوريين قادرون على النجاح والتألق والإبداع والتميّز، وتقديم الفنّ الجميل مهما مرّوا بصعاب ومِحن. كما أنّهم قادرون على الحياة لأنهم شعب يحبّ الحياة، وقادرون على تحقيق ذواتهم كلّ في مجاله.

وأكّدت شميس أن الجائزة دليل على أنّ سورية مستمرّة في عطائها، وأنّ كلّ شخص من موقعه عندما يقدّم عملاً متقناً ومهنياً ومتميّزاً، لا بد أن يكون النجاح حليفه.

ونوّهت شميس أن الجائزة تحمّلها مسؤولية كبيرة كونها الأولى التي تنالها عن أول فيلم تقدّمه. معربة عن فخرها بتكريمها في مهرجان كبير للفنّ العريق في أمّ الدنيا مصر، معتبرة التكريم وساماً تضعه على صدرها.

ووعدت شميس كلّ من وثق ويثق بها، أن تكون على قدر هذه المسؤولية التي تحملها.

وأهدت شميس الجائزة لكلّ الأمهات السوريات الماجدات الصابرات، موجّهةً شكرها للمؤسسة العامة للسينما، ولكاتبة الفيلم ديانا كمال الدين، ولجميع طاقم العمل. ليكون شكرها الأكبر للثقة التي منحها إياها مخرج الفيلم الكبير نجدت أنزور.

وجاءت الجوائز للسينما السورية ضمن مسابقة «نور الشريف للفيلم العربي» التي أقيمت ضمن المهرجان. ويتناول الفيلمان وهما من إنتاج المؤسسة العامة للسينما عام 2016، الحرب الإرهابية التي تُشنّ على سورية، ويكشفان إجرام التنظيمات الإرهابية المسلّحة ووحشيتها بحقّ الشعب السوري، والجرائم التي ترتكبها في سورية.

وشهد المهرجان الذي افتتح في 21 أيلول الجاري على مسرح مكتبة مدينة الاسكندرية في مصر، حضوراً سورياً فعالاً تجلّى في اختيار سورية لتكون ضيف شرف في المهرجان إلى جانب فلسطين والجزائر في هذه الدورة التي تحمل عنوان «السينما والمقاومة»، وتحتفي بالقدس، إضافة إلى تكريم الفنان الكبير دريد لحام والنجمة سلاف فواخرجي والفنان العالمي غسان مسعود، وإقامة ندوات حول الأفلام السورية المشاركة وسط حضور فنّي وإعلاميّ كبير.

يشار إلى أنه شارك في المهرجان 29 دولة قدّمت حوالى 180 فيلماً متنوّعاً من الروائية الطويلة إلى القصيرة، إلى الأفلام الوثائقية تنافست في ما بينها عبر ستّ مسابقات.

تكريم دريد لحّام

وأقام المهرجان ندوة تكريمية للفنان الكبير دريد لحّام. وأدارت الندوة الكاتبة والناقدة المصرية ناهد صلاح، وقدّم رئيس المهرجان للحّام في نهاية الندوة درعاً تكريمية. وسبق الندوة عرض فيلم وثائقيّ طويل أخرجته ماغي أنور، قدّمت فيه الكثير من تفاصيل حياة الفنان الكبير وخباياها، وكان الفيلم بعنوان «المنتمي».

حضر الندوة عدد من نجوم الفنّ السينمائي العربي والمصري من ضيوف المهرجان. وتحدّث بعضهم عن مكانة الفنان الكبير. وتحدّث الكاتب محفوظ عبد الرحمن عن موضوعة «الفنان المنتمي»، وأسهب في الحديث حتى وصل ليحكي عن سورية ومعرفته بأهلها وبها، فكانت مساحة من الشجن والوجد، ما لبثت أن تحوّلت إلى عاصفة من الألق العاطفي، عندما بدأ صوت الكاتب الكبير يرتجف ويتلاشى إلى أن اختفى تماماً، تحت وقع دموعه التي ذرفها من أجل سورية. دموع عبد الرحمن حوّلت المكان إلى حالة من الشجن، تدخّلت الفنانة سميرة عبد العزيز والسيدة سميحة أيوب على إثرها، وتحدّثتا عن المناسبة. وقام الفنان المكرّم للأستاذ محفوظ شاكراً له على دموعه. ودار حديث بينهما.

…وغسان مسعود

كما شهد المهرجان ضمن نشاطاته، تكريم النجم السوري الكبير غسان مسعود، فأقيمت للمناسبة ندوة خاصة عنه، أدارتها الكاتبة السورية لمى طيارة. وحضرها عدد من أهل الثقافة والسينما في مصر والعالم العربي. كما تم تكريم الفنان الكبير على منصة المسرح في حفل الختام، بحضور وزير السياحة المصري ومحافظ الإسكندرية.

…وسلاف فواخرجي

وشهد المهرجان ندوة تكريمية للفنانة المتألقة سلاف فواخرجي، وهي التي حلّت ركيزةً أساسيةً في لجنة «نور الشريف للفيلم العربي»، وحضر الندوة عدد من العاملين والمهتمين بالشأن السينمائي. وأدارها عمار أحمد حامد مدير المهرجانات في المؤسسة العامة للسينما.

كما شاركت الفنانة السورية ميسون أبو أسعد في المهرجان كعضو في لجنة التحكيم، وأيضا كمشارِكة في بطولة فيلم «سوريون».

وعن هذه التجربة في التحكيم تقول أسعد: سعدت كثيراً بهذه التجربة، تعرّفت فيها إلى أفلام سينمائية جديدة. وكذلك إلى زملاء جدد في مجال السينما. أعجبتني طريقة عملهم التي اتّسمت بالجدّية والمهارة. والمكسب الهام جداً تمثّل بمشاهدة المزيد من الأفلام التي توسّع الأفق السينمائي لدى الفنان، وتجعله على تماس مباشر مع ما يقدّمه هؤلاء الشباب من أفكار سينمائية جديدة .

وشكرت أسعد مهرجان الاسكندرية الذي منحها هذه الفرصة، وعبّرت عن سعادتها بها.

النتائج الكاملة

وجاءت نتائج المهرجان على الشكل التالي :

في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة لدول البحر المتوسط فاز بجائزة أفضل فيلم، الفيلم الإسباني «الغذاء والمأوى»، أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة فكانت للفيلم الألباني «كروم».

وفاز بجائزة «يوسف شاهين لأفضل فيلم»، اليوناني «ضفاف النهر»، وبجائزة «نجيب محفوظ لأفضل سيناريو»، الإسباني «الغذاء والمأوى»، وبجائزة «فاتن حمامة» بطلة الفيلم الإسباني «الغذاء والمأوى». وفاز الفيلم اللبناني «كتير كبير» بجائزة «عمر الشريف لأفضل ممثل»، وأفضل إنجاز فنّي «ضفاف النهر».

وحصل المخرج جون إكرام على جائزة «كمال الملاح للعمل الأول» عن فيلمه المصري «روج». وفي مسابقة «نور الشريف للفيلم العربي»، فاز بجائزة «أحمد الحضري للعمل الأول أو الثاني»، الفيلم العراقي «باكو» للمخرج وليد طاهر.

وفاز بجائزة «أفضل إنجاز فني»، الفيلم الجزائري «نجم الجزائر» للمخرج رشيد بن حاج، وبجائزة «أفضل ممثلة»، السورية رنا شميس عن فيلم «فانية وتنبدّد»، للمخرج نجدت أنزور.

كما فاز بجائزة «أفضل ممثل» الكويتي فيصل العميري عن فيلم «حبيب الروح» للمخرج رمضان خسرو، وحصل الفيلم التونسي «خسوف» للمخرج علي الجزيري على جائزة «أفضل سيناريو».

أما جائزة الإخراج، فحصل عليها المخرج السوري باسل الخطيب عن فيلم «سوريون»، كما حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة الفيلم الإماراتي «ساير الجنة» للمخرج سعيد سالمين، وفاز بجائزة «أفضل فيلم» المغربي «اسمي عادل»، إخراج عادل عزب.

وأُعلنت في الختام جوائز «الفيبرسي» وهي: «الاتحاد الدولي للصحافة» التي تقدّمها جمعية «نقّاد السينما المصريين»، وفاز بها الفيلم الإسباني «الغذاء والمأوى» للمخرج جوان ميغيل دي كاستيلو.

وأعلنت جوائز الفيلم القصير في دول البحر المتوسط، وفاز بها فيلم «أعمى الكاتدرائية» من لبنان إخراج نادين أسمر، ثم جائزة لجنة تحكيم الفيلم القصير لدول البحر المتوسط فاز بها الفليم القبرصي «سيميل»، وجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير حصل عليها الإسباني «عمّي رامون»، ثم لجنة تحكيم الوثائقي لفيلم «علوش».

وكان المهرجان قد أعلن جوائز «مسابقة ممدوح الليثي للسيناريو» التي ينظّمها مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط. وكشف عن أسماء الفائزين في مسابقة هذه السنة، التي تقدّمها أسرة الكاتب الكبير الراحل ممدوح الليثي وقيمتها ثلاثون ألف جنيه مصري، والسيناريوات الفائزة هي:

الجائزة الأولى: وقيمتها عشرون ألف جنيه وفاز بها سيناريو فيلم «الحي من الميت» تأليف محمد شاهين .

الجائزة الثانية: قيمتها عشرة آلاف جنيه لسيناريو «الرقص على حافة الهاوية»، سيناريو وحوار وليد نسيم الخولي، عن رواية «تغريدة البجعة» لمكاوي سعيد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى