«بوادر تصدّع الأردن»

حميدي العبدالله

تحت هذا العنوان وقبل حوالي أسبوعين من جريمة اغتيال المناضل الوطني ناهض حتر نشر «معهد واشنطن» دراسة حول الأوضاع في الأردن أشار فيها إلى تنامي خطر الجماعات الإرهابية في موازاة الفساد الذي يعصف بالأجهزة الأمنية الأردنية.

وبعد استعراض مظاهر الفساد داخل الأجهزة الأمنية الأردنية التي بلغت مستوى «اختفاء 87 ألف رصاصة عيار 5.56 من رصاص حلف الناتو المعيارية والتابعة للجيش البريطاني من إحدى المستودعات خلال تدريبات مشتركة في الصحراء مع الأميركيين في شهر نيسان الماضي» ودخول «مهاجم منفرد مقراً لإدارة المخابرات العامة يقع على بعد 20 دقيقة شمال عمّان وقام بإطلاق النار على الضباط المتواجدين فيه، وأودى بحياة خمسة منهم قبل أن يلوذ بالفرار»، يقول «معهد واشنطن» إنّ «الأمر الأكثر إثارة للقلق من هذه الثغرات الأمنية هو المعلومات التي تتسرّب بطيئاً عن وجود ما يشبه الفساد المستشري في صفوف المخابرات الأردنية». بعد كلّ ذلك يصل «معهد واشنطن» إلى الخلاصة التالية «أظهرت أحداث العام الماضي أنه لا يمكن اعتبار الأمن في الأردن أمراً مفروغاً منه، ونظراً إلى المسار الحالي، أصبح من المؤكد أنّ الأردن سيشهد تكثيفاً في الأعمال الإرهابية من قبل تنظيم الدولة الإسلامية خلال أشهر أو ربما في السنوات المقبلة».

وعندما تفشل الدولة الأردنية بأجهزتها الأمنية المختلفة التي «استشرى فيها الفساد» كما يقول «معهد واشنطن» في حماية أحد مواطنيها أمام القصر العدلي، فهذه بداية لما توقعه هذا المعهد قبل أسبوعين من احتمال «تكثيف الأعمال الإرهابية». المشكلة ليست فقط في عجز الدولة وفشلها في مواجهة الإرهاب، وتوفير الحماية للمناضل الوطني ناهض حتر، بل إنّ الدولة الأردنية بشكل أو بآخر ساهمت بتوفير المناخ الملائم للمجرمين لارتكاب فعلتهم الشنيعة، عندما قام الادّعاء العام بتوقيف حتر والرضوخ لضغوط الجماعات المتشدّدة والإرهابية.

قد تكون جريمة اغتيال ناهض حتر مجرد البداية، فما ينتظر الأردن أكثر بكثير. ففي الأردن وفي مدنه الكبرى مثل الزرقا ومعان وحتى السلط وإربد بيئة حاضنة للإرهابيين، وأعلام داعش ترفرف في كثير من التظاهرات والاحتجاجات التي شهدها الأردن، كما أنّ عدد الأردنيين الذين يقاتلون إلى جانب التنظيمات الإرهابية في سورية تجاوز عددهم 2500 إرهابي، كما يقول «معهد واشنطن»، وهؤلاء مستعدّون لنقل خبراتهم ونشر أفكارهم، والاستفادة من القدرات التي حصلوا عليها في سورية لزعزعة استقرار الأردن، ولعلّ هذا ما قصده عنوان البحث الذي نشره «معهد واشنطن» عن «بوادر تصدع الأردن»، وجريمة اغتيال المناضل ناهض حتر ما هي إلا الطلقة الأولى، التي ستعقبها هجمات وهجمات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى