الأمة في رحلة الألم والأمل

معن بشور

في 28 أيلول من كلّ عام تنتصب أمامنا أربع مناسبات، بينها أكثر من صلة، ولترسم لنا لوحة الألم التي تعيشها الأمة وفسحة الأمل التي عليها ولوجها.

ففي 28 أيلول 1961، وقع الانفصال المشؤوم في وحدة رائدة قامت بين مصر وسورية شباط 1958 الانفصال الذي فتح الباب واسعاً أمام كلّ مشاريع الانفصال والتقسيم وصولاً إلى التفتيت والتشظي تأكيداً لمقولة ذكرها مؤسس البعث الراحل ميشيل عفلق إثر الانفصال «الانفصال يجعل من التجزئة حقيقة وحقاً».

وفي 28 أيلول 1970 غاب قائد الوحدة والثورة العربية المعاصرة جمال عبد الناصر لتشعر أمته بعده بقدر كبير من اليتم أخذت تتضح ملامحه في ما بعد بأجواء الردّة التي سادت في مصر والأمة كلها، ففقد القطر الأكبر دوره في أمته والعالم، وفقدت الأمة برحيل ناصر قائدها نحو مشروعها القومي العربي النهضوي.

في 28 أيلول 1982، كان الاندحار الصهيوني من بيروت، عاصمة المقاومة والحرية والإشعاع الثقافي والقومي، وبفعل المقاومة الباسلة التي انطلقت من شوارعها، فدخلت الأمة معه في عصر الانتصارات في زمن انعدام التوازن بالقوى بيننا وبين عدوّنا، وارتسمت أمامنا معالم طريق الأمة للخروج من محنة الانفصال وغياب القائد…

في 28 أيلول 2000، انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، انتفاضة الأقصى المبارك، وبرعاية متميّزة من قائد الثورة الفلسطينية المعاصرة الشهيد ياسر عرفات، لتستكمل الطريق الذي ولجته المقاومة في لبنان، التي كانت بدورها تحمل روح المقاومة الفلسطينية نفسها وتقودها كوادر تعلمت المقاومة على يد «فتح» وغيرها من منظمات المقاومة الفلسطينية، ولتعيد ربط فلسطين بمشروع نهوض الأمة ذاتها لا سيما حين استشهد الطفل محمد الدرة، أيقونة الانتفاضة، وأول شهدائها قرب جدار كتب عليه شعار خالد أطلقه أبو خالد جمال عبد الناصر «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة».

بين الانفصال وغياب قائد الوحدة، عنوانا محنة التشظي والاحتراب الذي تعيشه امتنا هذه الأيام، وبين المقاومة والانتفاضة اللتين ترسمان معالم الردّ على أبرز تحديات عصرنا العربي الراهن، التحدّي الصهيوني، يمكن أن نرسم لأمتنا خارطة طريق للخروج من محنتها تقوم على ثنائية الوحدة والمقاومة، الوحدة القومية بغضّ النظر عن الشكل التي تحصن الوحدة الوطنية وتحترم حرية الإنسان وخصوصيات الأقطار والجماعات، في أقطار الأمة، والمقاومة التي تشكل رأس حربة في مقارعة العدو التاريخي للأمة الصهيو استعماري… بل المقاومة التي نتوحد حولها كأمة، والوحدة التي تصون المقاومة كحركة تحرّر…

ذكرياتنا هي مدارس نتعلّم منها دروس الماضي لنفتح أمام امتنا آفاق المستقبل، بل هي سلاحنا نجابه عدواً يريد أن يكوي ذاكرتنا، ليفصل حاضرنا عن ماضينا، وليفصل الاثنين عن مستقبلنا…

لقد باشرت الأمة فعل المقاومة منذ عقود، فهل تباشر فعل استعادة الوحدة، وطنية أو قومية، لا سيما الوحدة بين مصر وسورية والعراق التي لا بدّ من استعادتها…

هذا هو السؤال الذي ينتظر جواباً؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى