ريابكوف: تهديدات واشنطن تخدم الإرهابيين وتدل على إصابتها بانهيار عصبي

أعلن نائب وزير الخارجية الأميركي، توني بلينكن، أن الرئيس الاميركي باراك أوباما، طلب من جميع وكالات الأمن القومي الأميركية، بحث كل الخيارات بخصوص سورية. وقال: هذه الخيارات تراجع الآن بنشاط كبير.

بلينكن، اتهم، خلال جلسة استماع في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، أمس، موسكو ودمشق، بإلغاء اتفاق الهدنة، الذي تم التوصل إليه في جنيف. مشيراً إلى أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات السورية وروسيا، باتت تهدد بتقويض المبادرة الحالية وبالتالي، تدمير أفضل أفق لإنهاء الحرب الأهلية. وقال: «نحن ندرس خيارات أخرى للتوصل إلى هدفنا المتمثل في إنهاء الحرب الأهلية وبداية التحول السياسي في سورية»، من دون الخوض في التفاصيل.

وأعلن أن روسيا والسلطات السورية ستواجه «عواقب» في حال فشل خطة السلام، مشيراً إلى أن بلاده تتطلع إلى الخطة «ب» في سورية، في حال لم يتم تنفيذ الخطة «أ»، فستبدأ روسيا والنظام والحكومة السورية يشعرون بالعواقب، مؤكداً أن بلاده تعمل على هذه المسألة وسيتم الإعلان عن القرارات في الوقت القريب.

وفي وقت سابق، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر في البيت الأبيض، أن واشنطن شرعت في بحث سبل توسيع الدعم للمعارضة السورية وتوجيه ضربات عسكرية للجيش السوري، فيما أعرب الرئيس أوباما عن رفضه لاستخدام قوات بلاده في سورية.

وأكد المصدر أن المشاورات، بهذا الصدد، مستمرة، في الوقت الراهن، على مستوى الخبراء والرئيس أوباما لم يتلق حتى الآن، أي مقترحات بهذا الشأن. مرجحا إرسال واشنطن قوات خاصة لمؤازرة فصائل المعارضة المسلحة، في قتالها الجيش السوري. واستبعد احتمال استهداف واشنطن القوات الجوية السورية، تفاديا لوقوع القوات الروسية هناك، في مرمى النيران الأميركية.

وشرح المصدر احتمالات الحل العسكري في سورية، لافتا النظر إلى إمكانية إتاحة توريد بلدان الخليج، المطالبة برحيل «النظام السوري»، أسلحة متطورة عالية الدقة إلى فصائل المعارضة، لتغليبها على «قوات النظام». حتى ولو تطلب الأمر تقديم الدعم الجوي الأميركي، لإنجاح عمليات إيصال السلاح إلى المعارضة.

كما أشار، إلى استمرار رفض واشنطن، المطلق، لوصول أسلحة الدفاع الجوي، المحمولة على الكتف، إلى مناطق القتال في سورية، تفاديا لوقوعها في أيدي الإرهابيين واستخدامهم لها في استهداف الطائرات المدنية وغيرها.

جاء ذلك، في وقت اعتبر الكرملين، على لسان الناطق باسمه ديميتري بيسكوف، أنه لا داعي للتعامل بجدية مع تهديدات أطلقتها مصادر في واشنطن، بشأن «سيناريوهات» استخدام القوة في سورية.

وقال بيسكوف، تعليقا على تصريحات تناقلتها وسائل إعلام عن مصادر في واشنطن، لم تكشف هويتها، حول توجه الإدارة الأميركية لدراسة «سيناريوهات» قوة أكثر قسوة لحل الأزمة السورية: «إنها أنباء لا مصدر معينا لها. ولذلك، لا داعي للتعامل معها بجدية». واصفاً تصريحات الخارجية الأميركية حول احتمال تعليق التعاون مع روسيا، بشأن سورية، بأنها «غير ملائمة».

وكشف الناطق الروسي، إن واشنطن التزمت وفق اتفاقها مع روسيا، بالفصل بين المعارضة السورية والإرهابيين، في غضون أسبوع. لكنها فشلت في إحراز هذه المهمة. واستدرك قائلا: بدلا من طرح أسباب ما، ندعو الجميع لقراءة نص الاتفاقات، حيث كتب بوضوح أن الولايات المتحدة التزمت القيام ذلك. لكنها لم تفعل ذلك للأسف الشديد.

وفي معرض تعليقه على تصريحات السياسيين الأميركيين، قال بيسكوف: إن موسكو تأسف للخطاب الأميركي غير البناء، خلال الأيام الأخيرة، لكنها ما زالت مهتمة بالتعاون من أجل تسوية الأزمة السورية. مؤكدا أن الجانب الروسي، ما زال يأمل بوفاء واشنطن بالتزاماتها.

وبشأن تعليقات المتحدث باسم الخارجية الأميركية، جون كيربي، الذي حذر روسيا من أنها قد تتعرض لهجمات إرهابية جديدة، على خلفية فشل اتفاق الهدنة بسورية، قال بيسكوف: إن الاستخبارات الروسية تواصل التصدي لمخططات الإرهابيين دائما، وتتخذ كل الإجراءات اللازمة.

من جهته، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن تهديدات واشنطن وتحذيراتها بشأن «خطر إرهابي يحدق بروسيا» بعد فشل الهدنة في سورية، تصب في مصلحة الإرهابيين وتدل على إصابة الإدارة الأميركية بانهيار عصبي. وهي دليل على انحدار الإدارة الأميركية الحالية لممارسة سياسة وضيعة، وتمثل «دعوة موجهة للإرهابيين لمهاجمة روسيا».

وشدد المسؤول الروسي على أن بلاده تشعر بالاستياء من نبرة الإشارات التي ترسلها واشنطن والتي تأتي بشكل إنذارات أخيرة، وصولا إلى تهديدات سافرة بحق روسيا وبحق أولئك الذين يحاربون الإرهابيين فعلا في سورية. وشدد قائلا «لا يمكن أن نصف هذا الأمر إلا بأنه في الواقع دعم للإرهابيين من جانب الولايات المتحدة».

واستدرك قائلا «نكرر كل يوم، إننا لا نرى حلا سوى التسوية الدبلوماسية. أما ما يحصل حاليا، بسبب عجز واشنطن عن الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها، فهو أمر سيؤنب ضمير أصحاب القرار في واشنطن».

وأكد ريابكوف أن «هذه اللهجة غير مناسبة للحديث مع روسيا. ونحن إذا استمعنا باهتمام إلى ما يقوله شركاؤنا الأميركيون، بمن بهم المتحدثون الرسميون، سنتوصل إلى استنتاج أنهم يصبون الماء على طاحونة الإرهابيين».

واستدرك قائلا «إنها ليست إلا دعوات مستترة بصورة سيئة، لاستخدام أسلحة الإرهابيين ضد روسيا. وهو أمر يدل على حد الرذالة الذي انحدرت له الإدارة الأميركية الحالية، في مقارباتها من شؤون الشرق الأوسط وتحديدا من الوضع في سورية».

وفي سياق متصل، أكد المسؤول الروسي، إن بلاده ترفض اقتراح واشنطن إعلان هدنة لمدة سبعة أيام في حلب، باعتبار أن الإرهابيين قد يستغلون مثل هذه الفترة الزمنية، لإعادة نشر عناصرهم.

وأعاد ريابكوف، إلى الأذهان، أن موسكو اقترحت، أكثر من مرة، إعلان فترات هدنة لمدة 48 ساعة، في حلب وما زال هذا الاقتراح على الطاولة. مشدداً على عدم وجود أي بديل لطريقة استعادة استقرار الوضع، التي تنص عليها الاتفاقات الروسية – الأميركية، داعياً واشنطن إلى التركيز على تطبيق الاتفاق بالصيغة التي استغرق وضعها أشهرا عدة، بدلا من توجيه إنذارات أخيرة إلى موسكو.

بدورها، اعتبرت وزارة الدفاع الروسية، أن التصريحات الأميركية، اعتراف صريح بإدارة واشنطن نشاط الإرهاب الدولي. وقال إيغور كوناشينكوف، الناطق باسم الوزارة: «إنني على يقين تام، بأن جون كيربي، الذي خلع البزة العسكرية مؤخرا وارتدى زي الناطق باسم الخارجية الأميركية، يدرك تماما الآثار التي ستترتب على تصريحه».

وتابع كوناشينكوف: «في ما يتعلق بما أشار إليه كيربي، حول عودة عسكريينا جثثا في الأكياس واستهداف طائراتنا في سورية، أقول: نحن على علم كامل بعدد من تسميهم واشنطن «الخبراء» في سورية عموما، وفي محافظة حلب حصرا. ولا يخفى علينا أنهم يعكفون هناك على وضع خطط العمليات العسكرية ويشرفون على تنفيذها. ونحن على علم، كذلك، باستمرارهم في العمل الدؤوب والفاشل هناك، على تفريخ إرهابيي «جبهة النصرة» مما يسمى بـ«المعارضة». لكنه، إذا ما تعلق الأمر بتهديد روسيا وحياة جنودنا في سورية، فإن المسلحين لن يعثروا هناك، حينها، على الأكياس لوضع أشلائهم فيها، ولن يتسنى لهم الهروب من هناك».

المتحدث الروسي ختم بالقول: «نجدد التأكيد، مرة أخرى، على استعدادنا التام لمواصلة الحوار مع الجانب الأميركي وصياغة الخطوات المشتركة لمكافحة الإرهاب في سورية، فيما ذلك يتطلب استثناء أي تلميح بتهديد عسكريينا ومواطنينا. نحن لا نساوم على أمن وسلامة مواطنينا، أينما كانوا في العالم، حيث أن حمايتهم على رأس أولوياتنا».

إلى ذلك، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على ضرورة توحيد الجهود لتنفيذ الهدنة في سورية، على أساس الاتفاق الروسي – الأميركي.

وأعلن الكرملين، أن بوتين جدد التأكيد، في اتصال هاتفي مع ميركل، على أهمية وفاء واشنطن بوعودها بعزل المعارضة عن الإرهابيين، في سورية. مضيفا: إن روسيا ستواصل جهودها الرامية إلى تحقيق هدنة صامدة وتحسين الوضع الإنساني هناك.

وكانت المستشارة الألمانية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكدا في اتصال هاتفي، في وقت سابق، على أهمية فرض وقف لإطلاق النار فورا، في سورية.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، إن الجانبين ناقشا الوضع في سورية، خلال اتصال هاتفي، وقالا، إنه «في الآونة الأخيرة، تهاجم السلطات السورية حلب، بدعم من روسيا، وهذا يؤدي إلى مزيد من التدهور في أوضاع السكان المدنيين»، مشيرين إلى تقارير عديدة تتحدث عن «انتهاكات للقانون الدولي، وهو أمر غير مقبول».

كما كانت الخارجية الإيرانية، أعلنت قبل يومين، عن اتفاق تعاون مع تركيا لإنهاء الأزمة السورية وإرسال المساعدات الإنسانية إليها، إثر زيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف لأنقرة. مشيرة إلى أن الاتفاق بين البلدين، يعد إنجازا مهما لزيارة ظريف القصيرة، لأنقرة.

جاء ذلك، في وقت أكد فيه السفير السوري لدى روسيا، رياض حداد، استعداد دمشق للانخراط بمفاوضات مع المعارضة، من دون شروط مسبقة وأن لا مانع لدى الحكومة من التفاوض المباشر.

ميدانياً، واصل الجيش السوري عملياته العسكرية في مدينة حلب، واستعاد سيطرته على مخيم حندرات الاستراتيجي، شمال شرق المدينة، بعد معارك عنيفة مع إرهابيي «جبهة النصرة» وما يعرف بـ«جيش الفتح».

وحدات الجيش السوري ثبتت نقاطها في المخيم، في حين واصلت وحدات أخرى التقدم باتجاه مشفى الكندي، الذي يقع على التلة الاستراتيجية المقابلة للمخيّم وتشرف على المقطع الجنوبي من شمال المدينة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى