لافروف: اتفاقنا مع واشنطن لا زال سارياً وخطة أميركا تقضي باستخدام «النصرة»

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن بلاده لا تستبعد أن تكون نيّة واشنطن استخدام الإرهابيين، كجزء من خطة ب في المعركة ضد الرئيس بشار الأسد، في سورية. وقال: أخذت واشنطن على عاتقها التزام فصل المعارضة، لكنها لم تقدر على القيام بذلك، حتى الآن. وهناك عدد متزايد من الدلائل، يدفع بنا للاعتقاد بأن خطتهم، منذ البداية، كانت تكمن في تجنيب «النصرة» الضربة والحفاظ عليها احترازياً، لاستخدامها في الخطة «ب» عندما سيحين الوقت لتغيير النظام.

وقال لافروف، في مقابلة مع «بي بي سي» إن الاتفاق حول سورية سيأتي بثماره، في حال نجاح مهمة الفصل بين المعارضة والإرهابيين. واستدرك قائلا: لم يكن نظام وقف إطلاق النار يشمل «داعش» و«جبهة النصرة» أبدا. وإذ دعمت الولايات المتحدة ذلك، فسيتم إحلال وقف إطلاق النار، لكن باستثناء «النصرة»، طبعا».

واعتبر لافروف، أن الأوضاع في حلب تتطور وفق السيناريو الحالي، بسبب عجز التحالف الدولي بقيادة واشنطن، عن فصل المعارضة عن إرهابيي «النصرة». وترى روسيا أنه بدلا من التنصل من «النصرة»، التف عدد متزايد من فصائل المعارضة حول التحالف بقيادة هذا التنظيم.

وأردف قائلا: في كل مرة، عندما نوجه ضربة إلى «النصرة»، يقولون لنا، إن أشخاصا طيبين يوجدون وسط مواقع «جبهة النصرة». إنها حلقة مفرغة. ولا يمكننا محاربة الإرهابيين، طالما لم نتفق أن أولئك الذين يريدون أن يكونوا جزءاً من حل النزاع ونظام وقف العنف، يجب أن ينسحبوا من مواقع «النصرة».

أضاف: إن روسيا لا تريد أن تُخدع من جديد. ولذلك، يتطلب استمرار تعاونها مع واشنطن، تنسيق خريطة مواقع «النصرة» من قبل العسكريين الروس والأميركيين. مؤكداً، أن موسكو مازالت تنتظر من واشنطن، رد فعل على تصريحات للهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة عن «معارضة الرياض»، التي أعلنت، على لسان رئيسها رياض حجاب، أن «جبهة النصرة» ليست منظمة إرهابية وأصرت على أن هذا التنظيم، الذي قطع علاقاته بتنظيم «القاعدة»، يجب أن يصبح مشاركاً محترماً في العملية السياسية، قائلا: سألت كيري، أمس، ما إذا كان يشاطر الهيئة هذا الموقف. وأجاب كيري بالنفي. وسألته: لماذا لا تطرحون هذا الموقف علنا؟ ومازلت أنتظر الإجابة حتى الآن.

وأكد لافروف، أن التهديدات الأميركية «غير مقبولة»، مشيراً إلى أن، هذه التهديدات، باستهداف الطائرات والجيش الروسي ومواقعه، قد تكون إشارة إلى «أنه يمكن لهؤلاء الذين يريدون القيام بذلك المباشرة به».

وأشار لافروف إلى أن الاتفاق مع الولايات المتحدة حول سورية، ما زال سارياً. كاشفاً عن عقد محادثات أخرى، الجمعة، مع جون كيري. مشيراً إلى أن «محور المحادثات مع الأخير، سيتضمن فصل المعارضة السورية المعتدلة، عن «النصرة».

وأوضح أن روسيا تتخذ جميع التدابير اللازمة، لكي لا يتضرر السكان المدنيون في سورية، أثناء الحرب، لافتاً إلى أنه لا يمكن استخدام طريق «الكاستيلو» لإيصال المساعدات إلى حلب، بسبب تهديدات الإرهابيين. كذلك، أكد أن «رحيل الأسد» لم يكن شرطاً في أي اتفاق حول سورية.

في هذا الوقت، كشفت الخارجية الروسية أن وزيري الخارجية، الروسي والأميركي، أجريا، أمس الأول، مكالمة هاتفية حول سورية. وأن الوزير الأميركي طلب عدم الإعلان عن هذه المكالمة.

وأكدت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن المكالمة الهاتفية، جاءت بطلب أميركي، معربة عن دهشتها من إعلان نظيرها الأميركي، جون كيربي، عن المكالمة الهاتفية، بقولها: «طلب منا وزير الخارجية الأميركي عدم الإعلان عن هذه المكالمة. وماذا حصل بعد ساعة؟ خرج السيد كيربي إلى الصحافيين وتحدث عن هذه المكالمة».

وفي السياق، أكدت زاخاروفا، أن الهدف الوحيد للعملية العسكرية الروسية في سورية، هو محاربة الإرهاب بأشكاله كافة. وردا على الاتهامات الأميركية باستغلال هذا الهدف المعلن، لتحقيق غايات مخفية أخرى في سورية وضرب «المعارضة المعتدلة»، التي ما زالت غير منفصلة عن «جبهة النصرة»، دعت الدبلوماسية الروسية واشنطن، مجددا، إلى تزويد العسكريين الروس بخرائط تظهر مواقع المعارضة المعتدلة.

وبشأن محاولات كيربي تبرير تصريحاته، حول «هجمات على مدن روسية»، شددت زاخاروفا على أنه، بغض النظر عن المعنى الذي حاول الدبلوماسي الأميركي التعبير عنه، فإن الإرهابيين قد يفسرون هذه التصريحات كأوامر لشن هجمات. معتبرة أن هذه التصريحات، لا تتناسب مع مبادئ الإنسانية وغير لائقة على الإطلاق، بالنسبة لدبلوماسي كبير.

وكان المتحدث الأميركي، أصر على أن تصريحاته السابقة، عن احتمال تعرض مدن روسية لهجمات إرهابية، لم تكن تهديدا، بل «تقديما للحقائق المعروفة». وقال «لا، إنني قدمت حقائق فقط. ولم تكن هذه الحقائق جديدة، إذ سبق لنا أن أشرنا إليها. وكنت أجيب عن سؤال حول العواقب بالنسبة لروسيا. وكان كلامي مجرد تكرار لما قاله سابقا جون كيري: المزيد من الحرب، المزيد من الدماء».

كيربي، في مؤتمره الصحافي، لم يشر إلى الموعد المحتمل لتعليق التعاون مع موسكو، بشأن سورية. لكنه شدد على أن تلويح واشنطن بهذا الخيار «ليس تهديداً فارغاً». مؤكداً في الوقت نفسه، أن الخارجية الأميركية ما زالت تفضل إيجاد حل دبلوماسي للقضية ومستعدة، «لحد معين»، لمواصلة جهودها على هذا المسار.

وردا على سؤال حول الخطوات التي تنتظرها واشنطن من موسكو، لإنقاذ الاتفاق الروسي – الأميركي، أكد كيربي أن الإيقاف الفوري لطلعات الطيران الحربي السوري، قد يمثل «خطوة مهمة تعطينا الثقة، بأن روسيا تتعامل بجدية مع جزئها من الالتزامات»، رافضاً، رفضاً قطعيا، التعليق على موضوع إمكانية تسليم صواريخ مضادة للجو، للمعارضة السورية.

في غضون ذلك، ذكرت الخارجية الروسية، أن مدير وكالة الاستخبارات الأميركية، جون برينان، وعد، خلال زيارته لموسكو، بعزل المعارضة عن الارهابيين في «أقرب وقت ممكن»، لكنه لم يف بالوعد.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إنه خلال اتصال هاتفي جرى الخميس 29 أيلول، أبلغ وزير الخارجية الروسي نظيره الأميركي، بوعد برينان هذا، خلال زيارته لموسكو، في 29 شباط.

أضاف: من الواضح أن واشنطن ليست حريصة على محاربة إرهابيي «جبهة النصرة»، في محاولة للتغطية على هذه المجموعة التابعة لتنظيم القاعدة، لتصبح درعا للجماعات المسلحة غير المشروعة الأخرى، التي تسميها الولايات المتحدة بـ «المعتدلة»، على الرغم من أن الكثير منها لم يلتزم باتفاق الهدنة الأميركي الروسي، واندمج، عمليا، مع المتطرفين سيئي السمعة.

إلى ذلك، حذرت الأمم المتحدة، من أن انهيار الاتفاق الروسي الأميركي، من شأنه أن يؤثر سلبا على العمليات الإنسانية في سورية. ودعت إلى هدنة إنسانية لـ 48 ساعة أسبوعيا، في حلب.

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، أمس، إن «انهيار الاتفاق، سيدفع بنا إلى الوراء». وعبّر عن أمله في أن يتمكن أعضاء مجلس الأمن الدولي، من التوصل إلى «إرادة مشتركة» لإنهاء سفك الدماء بسورية واستعادة نظام وقف إطلاق النار.

أوبراين، أوضح أن الأمم المتحدة تحتاج إلى هدنة 48 ساعة، على الأقل، كل أسبوع، لإيصال المساعدات إلى أحياء حلب الشرقية. مشيراً إلى أنه ينتظر من الحكومة السورية، أن ترد على خطة اقترحتها الأمم المتحدة، لإيصال المساعدات الغذائية والمستلزمات الأخرى، لنحو 960 ألف شخص، في المناطق المحاصرة والمناطق التي يصعب الوصول إليها، في تشرين الأول.

كما كشف المسؤول الأممي، أن المنظمة تدرس الخيارات المتاحة لإجراء تحقيق مستقل، في ملابسات الضربة التي استهدفت قافلة مساعدات أممية، في حلب يوم 19 أيلول. وأوضح أن إجراء مثل هذا التحقيق، يتطلب وصول المحققين إلى مكان وقوع الهجوم.

ميدانياً، سيطر الجيش السوري على عدد من كتل الأبنية داخل حي سليمان الحلبي، في الأحياء الشرقية القديمة لمدينة حلب، من ضمنها نادي حلب وبناء الكهرباء والمرآب. في وقت تقدمت فيه وحدات أخرى، داخل حي بستان الباشا وسيطرت على كنيسة ورطان والبرج ومبنى الحريتاني، داخل الحي.

واشتدّت حدّة المعارك بين الجيش السوري والمسلحين، بعد أن تسلل عدد منهم إلى نقاط في مخيم حندرات. في حين تقدمت وحدات الجيش باتجاه مشفى الكندي، إلى الشرق من المخيم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى