التذبذب سمة العلاقة الروسية – الأميركية

ناديا شحادة

شهدت العلاقات السياسة بين القطبين الروسي والاميركي، مراحل عديدة من التوتر، تخللتها محاولات لتخفيف الحدة السياسية بينهما. كما شهدت علاقاتهما الثنائية، العديد من التغيرات والتطورات، منذ انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الاميركية. فبعد تولي أوباما منصبه في كانون الثاني 2009 ، عمد إلى اتباع استراتيجية «إعادة الامور إلى الصفر»، في السياسة الاميركية تجاه روسيا. حيث أكد في تصريح له، على مواصلة التعاون مع روسيا وفي العام ذاته، عقدت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، اجتماعاً مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مقدمة له هدية تمثل «زر إعادة تشغيل العلاقات» التي وصلت لأسوأ مراحلها، زمن جورج بوش الابن. لكن ذلك الزر لم ينتج سوى جهد، ضغطه كلا الطرفين، إذ ظهرت حدة العداء بينهما، حينما سعت الولايات المتحدة إلى تسليح حكومة أوكرانيا، بأسلحة متطورة، لمحاربة الانفصاليين في شرق البلاد ووضع كييف في مواجهة مع روسيا. ووضعت نفسها فى موضع يخالف بعض حلفائها الاوروبيين، الذين يخشون اندلاع حرب كبيرة، في القارة العجوز. فالعلاقات بين موسكو وواشنطن وصلت إلى وضع يذكر بالمواجهة العسكرية في مضيق غوانتانامو، مطلع ستينيات القرن الماضي، التي كادت تصل إلى مواجهة نووية.

وسارت العلاقات الروسية – الأميركية على وتيرة غير مستقرة، لاسباب عدة، منها التصادم المستمر الناتج عن اختلاف التوجهات السياسة للبلدين، لاسيما فيما يخص الحرب السورية، التي صبت الزيت على النار بينهما واختلف الرئيسان، فلاديمير بوتين وباراك أوباما، في رؤيتهما لاسباب هذه الحرب وظهور الارهاب وبالذات تنظيم «داعش». وفيما تحدث الرئيس الاميركي عنها، كما لو أنها ظهرت فجأة من لا شي، شدد الرئيس بوتين، على أن التنظيم لم يسقط من السماء، بل جرت رعايته، كأداة ضد الانظمة غير المرغوب فيها. وإنه تمكن من سد الفراغ الذي نتج عن الفوضى في الشرق الاوسط وشمال افريقيا واستفاد من غزو الولايات المتحدة للعراق، العام 2003 ، باحتواء الآلاف من جنود الجيش العراقي.

العلاقة بين البلدين، يحكمها التوتر، على الرغم من الانفراج الذي يسيطر على جو العلاقات، التي نشهدها، لأن جو عدم الثقة بين الجبارين، هو الذي يسود في العديد من الملفات، التي تسيطر على الساحة الدولية وتفرض نفسها على العلاقات الدبلوماسية، خصوصاً أن النظرة الأميركية نحو روسيا، لا تزال هي نفسها، كما كانت قبل انهيار الاتحاد السوفياتي: نظرة الحذر والترقب. إنها العدو الأول الخطر، بسبب امتلاكها الترسانة نووية والثروات والموارد الحيوية، والأدمغة العلمية، إضافة إلى الاقتصاد الروسي، الذي يتعافى ويستقر والأموال العامة أصبحت تتكدس في خزينة الدولة، بعد الطفرة النفطية في أسعار الغاز والبترول في العالم وتحديدا بعد حرب العراق عام 2003.

استطاعت روسيا، في عهد الرئيس بوتين، أن ترسم سياسة إستراتيجية مستقلة وصاعدة. وهو ما يقلق الولايات المتحدة، التي نصبت نفسها الحاكم الأول على العالم والتي لا تريد أن يشاطرها فيه أحد، أكانت روسيا أو أوروبا. وهي القوى الناهضة التي تحاول تغيير الخريطة السياسية الجديدة للعالم، من خلال التحالفات المقبلة على خط الشرق – روسيا الصين الهند، أو على خط أوروبا – أوروبا القديمة وروسيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى