تسليح أكراد سورية والعلاقات الأميركية ـ التركية

حميدي العبدالله

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية معلومات تفيد بأنّ إدارة الرئيس أوباما «تدرس خطة عسكرية لتسليح الأكراد السوريين بشكل مباشر ضدّ داعش»، ووصفت الصحيفة هذا «الأمر بالتحوّل الكبير في السياسة، ويساهم في تسريع الهجوم ضدّ الجماعات الإرهابية» ولكن الصحيفة قالت أيضاً إنّ ذلك «سيساهم في تصعيد حادّ في التوترات بين تركيا والولايات المتحدة».

ومما لا شك فيه أنّ هذه المسألة تشكل معضلة مزدوجة تواجه الاستراتيجية الأميركية في سورية.

ذلك أنّ الولايات المتحدة عجزت عن توحيد حليفيها الكردي والتركي، فأنقرة تصرّ على أنّ أيّ مساندة يمكن أن تقدّمها للولايات المتحدة لمحاربة داعش في سورية شرطها الأساسي ابتعاد الأكراد عن الجبهة التي يمكن أن تشارك فيها القوات التركية ضدّ تنظيم داعش. كان هذا موقفاً دائماً لتركيا، وأعادت التأكيد عليه عندما عرضت مجدّداً عبر تصريحات مسؤوليها أنها مستعدّة لإرسال قوات للهجوم على الرقة لإخراج داعش من هناك، إذا وافقت الولايات المتحدة على أن لا يكون هناك أيّ دور لوحدات الحماية الكردية في العملية العسكرية في الرقة. لكن من المعروف أنّ الأكراد، وتحديداً وحدات الحماية الكردية يعارضون أيّ دور لتركيا، ويعتبرون أيّ مشاركة تركية في سورية حتى لو كانت ضدّ داعش هي غزو تركي لأراضي سورية، وأنّ المشاركة التركية هدفها الأخير الهجوم على الأكراد وليس على تنظيم داعش. الأكراد يخشون بقوة الدخول التركي إلى محافظة الرقة لأنّ من شأن ذلك أن يؤثر سلباً على التوازن في محافظة الحسكة ويقلب الأوضاع في غير مصلحة الأكراد الذين يسيطرون سيطرة شبه كاملة على المحافظة وعلى ثروات هذه المحافظة، ولا سيما الحقول النفطية.

إذاً من الصعب على الأكراد السوريين قبول المشاركة التركية في معركة الرقة، وإذا ما وافقت الولايات المتحدة على المشاركة التركية فإنها ستخسر حليفها الكردي، وهو مكوّن سوري، وسيكون موقفها السياسي صعباً لجهة تبرير قيام الجيش التركي بغزو منطقة سورية واسعة والسيطرة على عاصمة محافظة سورية، لأنّ المكوّن الكردي السوري يوفر لها غطاءً للتدخل لا يمكن أن يوفره الدخول العسكري التركي الذي سينظر إليه بالقانون الدولي على أنه غزو لدولة ذات سيادة، لا سيما أنّ الدور التركي لم يحظَ بموافقة الدولة السورية وهي كيان معترف به من قبل الأمم المتحدة.

من شأن هذه المعضلة أن تعطل بدء معركة الرقة، ولعلّ هذا ما يفسّر استبعاد القضاء على داعش في سورية، كما جاء في تصريحات المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في أول مناظرة لها مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب، عندما وعدت بالقضاء على داعش في العراق وحصره في مناطق محدّدة في سورية، وبكلّ تأكيد هذه المناطق المحدّدة هي الرقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى