حلب: الجيش يدخل بستان الباشا ومخيم النيرب ومشفى الكندي ومحطة الضّخ ارتياح في مثلث عون ــ الحريري ــ حزب الله للقاء الرابية… والسكة سالكة

كتب المحرر السياسي

لا يزال الموقف الروسي على ثباته وتتواصل إنجازاته باعتماد الخطين المتوازيين ذاتهما لحركة موسكو مع نهاية العام الأول لبدء عمليتها العسكرية النوعية في سورية بدعم الجيش السوري، وتصويب مسار الحرب على الإرهاب الذي اتخذته واشنطن شعاراً للعبث بأمن سورية ووحدتها ونشر الفوضى فيها، وجعلت من بعض الإرهاب حليفاً لها لإسقاط الدولة السورية. فموسكو منذ عام رسمت لحركتها إطاراً عسكرياً يتمثل بالحرب على الإرهاب ممثلاً بتنظيم داعش وجبهة النصرة، وإطاراً للحركة السياسية عنوانه دعوة واشنطن لتنشيط عملية جنيف بجذب أطراف المعارضة الذين تدعمهم للابتعاد عن جبهة النصرة وجلبهم إلى المشاركة في المفاوضات السياسية، كمقدمة للتعاون في ترجمة شعار الحرب على الإرهاب الذي يغطي الحضور العسكري لكلّ من واشنطن وموسكو في سورية.

أنجزت موسكو الكثير من المهمة التي تصدّت لها قبل عام، فالخطر على تقسيم سورية لم يعد قائماً، واللعب التركي في مستقبلها صار تحت السيطرة، والتشكيلات المسلحة تتلقى ضربات قاسية، والجيش السوري يحقق الإنجازات تلو الإنجازات، وواشنطن لم تستطع التملص من توقيع وثيقة تفاهم تتضمّن المبادئ الروسية للتعاون في الحرب على الإرهاب والسعي لحلّ سياسي سوري سوري يسقط حق التدخل الخارجي في مَن يحكم سورية، رغم مساعي واشنطن الدؤوبة للتملص من تطبيقه.

مع نهاية العام الأول تقترب الإنجازات الروسية من اللحظة الحاسمة، فتدنو ساعة دخول الجيش السوري وحلفائه مدعوماً بقوة من روسيا إلى الأحياء الشرقية من حلب، حيث تقدم الجيش بعد حي الفرافرة في حلب القديمة نحو مخيم النيرب، وبعد سيطرته على مخيم حندرات تقدم نحو مشفى الكندي، ومحطة سليمان الحلبي لضخ المياه، ومن حي بستان الباشا، بينما أعلنت موسكو عن وصول المزيد من طائراتها المقاتلة وقاذفاتها إلى سورية لضرورات الحرب المستمرة على التشكيلات الإرهابية، من دون أن تقطع شعرة التواصل مع واشنطن التي واصلت الحديث عن «التفكير الجدي» بوقف التعاون حول سورية مع روسيا، ومقابله «تفكير جدي» آخر ببدائل غير دبلوماسية، بينما موسكو تؤكد أنّ التفاهم الموقع لا يزال ساري المفعول وينقصه قرار «التنفيذ الجدي» بدلاً من «التفكير الجدي» بالبدائل.

مساران في سورية ومساران في لبنان، فالحراك الرئاسي الذي بدأه الرئيس سعد الحريري تمهيداً لتسمية العماد ميشال عون مرشحاً رئاسياً للوفاق الوطني، توّج بلقاء العماد عون بعد طول انقطاع وطول انتظار، بعدما عرّج الحريري على معراب قبل الوصول إلى الرابية والتقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. ومقابل المسار الذي مثله لقاء عون والحريري مسار ثانٍ لتفاوض حول السلة الوفاقية ينتظر الشريكين في الطريق الرئاسي، ومسار السلة كما المسار الثنائي بحال جيدة والسكة سالكة بأمان حتى الآن، رغم المتاعب والتعقيدات والمواقف التي تكثر فيها التأويلات والتفسيرات، كما قالت مصادر مطلعة، وأضافت أنّ الارتياح تجاه ما يجري بهدوء وثبات على المسارين، هو الصفة المناسبة لتقييم ما يجري لدى أطراف مثلث الحريري عون وحزب الله الذي كان عراب تثبيت ترشيح عون الرئاسي، والمجيء بالحريري إلى خياره، وسيكون عراب التسوية حول السلة من موقعه الجامع لحليفيه الاستراتيجين العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري. ويضيف المصدر، لقد جعل حزب الله الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية تنتظر ثلاثين شهراً حتى جاء بهم ينصفون حليفه ميشال عون فلماذا الاستعجال عليه، في واجبه وحقه بإنصاف حليفه الرئيس بري والأمر ثلاثون يوماً وليس ثلاثين شهراً، وما يطلبه يهمّ حزب الله بمقدار ما يهمّ الرئيس بري، كما يهمّ كلّ الفريق الذي التقى حول طاولة الحوار الوطني مطالباً بقانون انتخابات عصري يوفر تمثيلاً عادلاً وصحيحاً.

عون قاب قوسين من بعبدا

من المبكر الغوص في العمق قبل محاكمة المآل النهائي من المفاوضات الجارية، لكن الأكيد أن الجنرال ميشال عون بات قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح رئيساً للجمهورية، فالفرصة العونية لم تصل يوماً الى ما وصلت اليها اليوم.

واصل أمس، رئيس تيار المستقبل سعد الحريري جولة مشاوراته. والتقى المعني الاول بالملف الرئاسي الجنرال عون في الرابية، بحضور مدير مكتبه نادر الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

لقاء عون الحريري إيجابي جداً

وعلمت «البناء» من مصادر المجتمعين لـ «البناء» ان اللقاء دام ساعتين ونصفاً، وان الأجواء كانت ايجابية جداً، وتم الاتفاق على معاودة الاجتماع بعد استكمال اتصالاته وعودته من جولته الخارجية. وأشارت الى أن إعلان الحريري عن السير بترشيح الجنرال سيكون بعد إنهاء مشاوراته.

وقبل الرابية، زار الحريري معراب. وأعلن رئيس حزب القوات سمير جعجع «أن الاجتماع كان عميقاً وننتظر أن يستكمل الحريري جولته، حتى يأخذ موقفه النهائي»، مشيراً إلى «أن آخر 4 أو 5 أشهر كان هناك خلاف بوجهات النظر مع الحريري، وهذا الخلاف بدأ يضيق». وشدد جعجع على «أن الانتخابات الرئاسية دخلت في مرحلة جديدة وأنا متفائل، أما النتائج فستظهر قبل الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس»، معتبراً «أن المقصود من تأجيل الجلسة لفترة طويلة هو ترك المجال حتى تأخذ المفاوضات مداها وتصل الى نهايات سعيدة»، مشدداً على «أنه ليس مقبولاً وضع شروط على المرشح الرئاسي ومبدأ السلة بالنسبة لنا غير مطروح».

وأمس، حاول النائب الأسبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري تلطيف الأجواء بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، وأكد من الرابية أن العلاقة بين الاثنين، لم تكن يوماً في أي ظرف إلا علاقة جيدة وفي أعلى درجات الانسجام والتوازن. لكن المكتب الاعلامي للرئيس بري أكد بعد ظهر أمس أن الطروحات التي قدّمها ويضعها بتصرف الجميع تعكس تمسكه بجدول أعمال الحوار الوطني، وهي لا تستهدف أيّاً من المرشحين بعينه، ولكنها في نظرنا الممر الإلزامي لاستقرار الوضع السياسي والحفاظ على المؤسسات الدستورية وللحل المتكامل بدءاً بانتخاب رئيس الجمهورية.

استدعى كلام عين التينة تعليقاً من العماد عون قائلاً: «نحن أيضاً، حين نعلن إيماننا وحرصنا على الميثاق والدستور، لا نكون نهدف إلى انتقاد أي مسؤول. بل إنقاذ النظام وحفظ حقوق الجميع»، مشيراً الى أنه «في كل الأحوال، كنّا ولا نزال، نلتزم ما يُجمع عليه اللبنانيون، عبر مؤسساتهم الشرعية، كما على طاولة الحوار. أما الباقي، فيتكفل به افتراض حسن النيات وسلامة المقتضيات الوطنية». وسأل عون: «ماذا تعني كل تلك المواقف؟ كأنها رسائل مشفرة، لا يحلها إلا المعنيون بها»، لافتاً الى أن «المهم هو الجواب على السؤال الأساسي: هل هناك مَن يريد تسوية، ويبحث عن أفضل صيغة لمعادلتها؟ أم هناك من يريد إجهاض التسوية، ويبحث عن أفضل الذرائع لوأدها؟ الجواب في الأيام المقبلة، خصوصاً بعد اختتام جولة الرئيس الحريري».

بري لا يقطع الطريق على عون

ونفت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية أن يكون الرئيس بري يعمل على قطع الطريق على وصول العماد عون الى قصر بعبدا، صحيح أنه يميل الى ترشيح الوزير سليمان فرنجية، لكن ما يحصل حملات إعلامية تطال الحقيقة وتطال الباطن. وشدّدت المصادر على أن الرئيس بري يرفض التفاهمات الثنائية ويتمسك بالسلة المتكاملة التي طرحت على طاولة الحوار وتتوّج بانتخاب الرئيس، ويرفض العمل على «القطعة» ويعمل على تجنّب تكرار تجارب تشكيل الحكومات السابقة التي كانت تستغرق أكثر من 8 أشهر.

الرئاسة والسلة الوطنية

وأكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» «ان هناك مجموعة من العناوين تتطلّب التفاهم بين المعنيين، لا يكفي أن يؤيد الحريري العماد عون لتسلك الأمور، هناك مجموعة من التفاصيل لها علاقة بربط الرئيس بري الرئاسة بالتفاهم على سلة وطنية، النقاش حول الهامش الزمني الذي يمكن أن يحافظ على الايجابيات التي تظهر حالياً، دون أن تذهب هذه الإيجابيات مع الزمن أدراج الرياح».

وشددت المصادر على «ان تبني الحريري لخيار الجنرال هو تبنٍّ حاسم، والأمور على السكة الرئاسية، لكن متى يتحول من الهمس الى العلن؟ فهذا سيكون ربطاً بقوة دفع تتعلّق بالتفاهمات السياسية المترافقة مع الخيار الرئاسي، والتي من شأنها أن تحصّن الرئيس الجديد وتؤمن له مساحة أمان لانطلاقة قوية، وتسمح له بالدخول الى مرحلة حل أزمة وليس إدارة ازمة».

وفيما لفتت المصادر إلى «أن الحريري تراجع خطوة عن ترشيح فرنجية»، أشارت إلى أنه يحتاج في خطوة ترشيح الجنرال إلى موافقة الأطراف التي ذهبت معه في تأييد فرنجية بري وجنبلاط ، ودعت المصادر إلى «انتظار عودة الحريري من جولته الروسية والسعودية والتركية. فالمشاورات التي أجراها سيحملها معه على أن يبنى على الشيء مقتضاه فور عودته».

وتؤكد أوساط سياسية لـ «البناء» أن «خيار الحريري السير بانتخاب الجنرال جدي، فهذا الخيار بدأ بلقاءات ومفاوضات الوزير جبران باسيل والسيد نادر الحريري، ومستمرّ من خلال المشاورات التي يجريها الحريري اليوم وستستكمل في مرحلة لاحقة تمهيداً لإعلان التبني رسمياً». وتشير المصادر الى ان الحريري أبلغ رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية أنه يتحمّل مسؤولية فشل ترشيحه، فهو لم يستطع والرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط التسويق لذلك.

وأشارت الأوساط لـ «البناء» إلى أن حزب الله سينتظر تشكل المشهد بناء على الموقف الذي سيضع الجنرال عون السيد حسن نصر الله في صورته، لجهة ان الحريري أبلغه دعم ترشيحه، ليقرب وجهات النظر بين عين التينة والرابية، متحدثة عن معلومات شبه أكيدة عن سعي للقاء ثلاثي بين السيد نصر الله والعماد عون والرئيس بري، مشيرة إلى «أن حزب الله سيعالج التباينات داخل فريق 8 آذار». ولفتت المصادر إلى أن «حزب الله يثق بالجنرال ميشال عون في الوقت نفسه حريص على يكون بري راضياً، لكن الاطراف معنية أيضاً أن تتحاور في ما بينها».

التباين سينتهي مع قرار الحريري النهائي

وأكد عضو كتلة المستقبل النيابية جان أوغاسبيان لـ «البناء» «أن الامور لم تنضج بعد»، داعياً الى «انتظار ما ستسفر عنه المشاورات التي يجريها الحريري مع المكونات السياسية». وشدّد اوغاسبيان على أن التباين في الآراء من ترشيح الجنرال عون داخل الكتلة، سينتهي مباشرة مع القرار النهائي الذي سيتخذه الحريري.

كاغ لا تحمل مبادرة

وبالتوازي مع الحراك الحريري، تزور المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ يوم غد الأحد المملكة العربيّة السعوديّة وروسيا في وقت قريب لمواصلة الحوار وتشجيع الحلول الممكنة. والتقت كاغ أمس، كلاً من رئيس تيار المستقبل ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله السيد عمار الموسوي على حدة، وناقشت معهما المستجدات المتعلقة بالتطورات في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية.

وأكد مصدر مطلع على جولتها لـ «البناء» أنها مخصصة للبحث في الملف الرئاسي ومتابعة التسوية الرئاسية. ولفتت الى أن الامم المتحدة ليست طرفاً في التسوية الرئاسية ولا تلعب اي دور، لذلك فهي تأتي في إطار المساعدة لكنها لا تحمل اية مبادرة.

البحث عن مفاوض جدّي

من ناحية أخرى، أعلن المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم «أننا لا نزال نبحث عن مفاوض جدي في ملف العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش»، مشيراً خلال زيارته منزل الأسير المحرر طلال طالب في قضاء زحلة الى ان «الطرف الآخر لا يزال يرفض التفاوض لكننا كدولة لبنانية مستعدون للتفاوض في اي لحظة نجد فيها مفاوضاً». وعما اذا كان الاسرى لدى «داعش» أحياء، قال: «لا أستطيع أن اطمئن ولا استطيع ان أقول إنهم اغتيلوا. ليست لدينا معلومات دقيقة».

مجلس الوزراء الخميس؟

وكان اللافت أمس، نجاح الاتصالات في موافقة وزراء التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق أمس، على توقيع مرسوم تكليف اللواء الركن حاتم ملاك تسيير مهام رئاسة الأركان في الجيش اللبناني. وكان أصدر وزير الدفاع الوطني سمير مقبل قراراً كلّف بموجبه ملاك تسيير مهام رئاسة الأركان في الجيش بعد صدور مرسوم ترقيته الى رتبة لواء ركن. ورجّحت مصادر وزارية لـ «البناء» أن يدعو رئيس الحكومة الى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، يكون على جدول أعمالها تعيين ملاك رئيساً للأركان بالأصالة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى