نصف الطريق لدولة جديدة

حسين حمّود

بإعلان الرئيس سعد الحريري من بيت الوسط تبنّي كتلة «المستقبل» ترشيح رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، يكون الثاني قد قطع أكثر بقليل من نصف الطريق إلى قصر بعبدا، وعليه انتظار جلسة الانتخاب في 31 تشرين الأول الحالي لاجتياز ما تبقّى من مسافة فاصلة عن الكرسي الرئاسية.

لا يمكن التقليل من حظوظ عون في قطع «الماراثون» الرئاسي، إلاّ إذا حدثت مفاجأة جديدة في ربع الساعة الأخير، بعد الأخذ والردّ والسجالات والمواقف العنيفة التي أحاطت به، فتمّ خلط أوضاع وبعثرة أوراق وتحالفات، حتى المباعدة بين الحلفاء أنفسهم. مع ذلك تابع عون سيره بخطى حثيثة نحو هدفه مدعوماً بحلفاء أقوياء في الداخل وغطاء إقليمي ودولي عبّر عنه بعض السفراء في لبنان، علماً أنّ الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، ملتزمتان الصمت حتى هذه اللحظة.

لكن متابعين للملف الرئاسي يعتبرون أنّ معركة أو مبارزة عون لم تنته، حتى بنظر حلفائه المقرّبين وداعميه الأساسيين الذين يؤكدون أنّ الاستحقاق الرئاسي قد ينُجز في نهاية هذا الشهر ويُنتخب عون بالأكثرية المطلوبة، إلاّ أنّ عهده لن يُكتب له النجاح إذا لم يقُم بخطوات عملية تعطي الثقة لمعارضيه. بمعنى آخر، المطلوب من عون، بحسب المصادر عينها، توسيع دائرة التفاهمات، خصوصاً مع الأقطاب السياسيين، بما يسهّل مهمته في الحكم الذي سيفاجأ، عند أول منعطف، بالحجم الكبير للمعارضة وفاعليتها، إن على المستوى السياسي أو في الإدارة فضلاً عن مرافق أساسية أخرى.

وفي السياق أيضاً، أشارت المصادر إلى قوة عون السياسية والشعبية، فهو استطاع تجميد الاستحقاق لأكثر من سنتين ونصف السنة، والأهمّ أنه أجبر الحريري نفسه ومعه معظم أعضاء كتلة «المستقبل»، على العودة إليه وتبنّي ترشيحه، بعدما كان الحريري تراجع عن وعود أو تعهّدات أعطاها لعون في السابق حول ترشيحه أولاً للرئاسة.

وتوضح الأوساط أن قوّة عون تجلّت في ترشيحه من جانب الحريري نفسه، رغم أنّ عون تصدّى للحريري في أكثر من محطة. فوزراء عون في حكومة الحريري كانوا من أكثر المناكفين له، وصولاً إلى إقالة الحريري، بالتعاون مع حلفائه، من رئاسة الحكومة، من خلال استقالة ثلث الحكومة، وصولاً إلى الهجوم العنيف الذي شنّه التيار الوطني الحرّ على سياسة تيار المستقبل الاقتصادية، منذ توليه الحكم في بداية التسعينيات وخلال حكومات السنيورة والحريري الإبن، من خلال الكتاب الشهير الذي وزّعه التيار بعنوان «الإبراء المستحيل».

وبالرغم من كلّ ذلك، رضخ الحريري وسلّم بتبني ترشيح عون لرئاسة الجمهورية. وبحسب المعلومات التي تتردّد، سيكون الحريري بنفسه رئيساً لأول حكومة في عهد عون وربما حتى نهايته.

من هنا، تعتبر المصادر، أنّ محور المقاومة سجّل انتصاراً جديداً ومدوياً في لبنان ملحقاً بالإنجازات والانتصارات الكبرى التي يحقّقها في ميادين القتال في سورية والعراق واليمن. وبالتالي فإنّ لبنان سيدخل عصراً جديداً، يفرمل من خلاله على الأقلّ، أيّ مخططات أميركية و«إسرائيلية» للبنان وإلحاقه بمحورهما الذي يفتك بالمنطقة من تقسيمها وإضعافها والسيطرة على ثرواتها وكلّ ذلك من أجل ضمان أمن العدو «الإسرائيلي».

أما على المستوى السياسي، فإنّ لبنان يتجه نحو تأسيس دولة جديدة من خلال نوع التحالفات والأداء والأهداف، بحسب العنوان الجديد لعهد ستكون تركيبته هي قوته وضعفه في آن معاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى