إعرِف عدوّك

نورد في ما يلي بعض أبرز التطوّرات حول نشاطات اللوبيات اليهودية في العالم في الأسبوع الأخير، خصوصاً التطورات التي لم تحظَ بتغطية إعلامية وافية، مع تعليق موجز حول آثار هذه التطوّرات على نفوذ المافيا اليهودية الاحتكارية الدولية، سلباً أو إيجاباً.

في الولايات المتحدة

ـ أثارت تصريحات المرشّح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب التي يشكّك فيها بنزاهة الانتخابات، لجهة تزوير الأجهزة التي تستعمل عمليات الاقتراع لجهة إجراء عملية التصويت نفسها وإحصاء عدد الأصوات، استنكار الأوساط السياسية التقليدية في الولايات المتحدة. كذلك الأمر حين تحدّث عن تآمر وسائل الإعلام عليه، وعن طرح استطلاعات للرأي العام غير صحيحة لصالح منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

على أن هناك عدداً من الوقائع التي تؤكد حقيقة مزاعم ترامب وفريق حملته الانتخابية، وأبرزها أن الانتخابات سوف تُجرى في عدد من الولايات المهمة بواسطة أجهزة شركة «سمارتماتيك Smartmatic»، وهذه الشركة من أملاك المضارِب اليهودي المعروف جورج سوروس، المؤيّد بقوة لهيلاري كلينتون، أو أن سوروس المذكور على صلة وثيقة بها. وكانت عدّة تحقيقات أجريت قبل عدّة سنوات بيّنت بالدليل القاطع إمكانية تزوير النتائج التي تعطيها هذه الأجهزة.

ـ أفاد تقرير صادر عن «الرابطة المعادية للتشهير Anti-Defamation League ADL»، وهي إحدى أبرز الجماعات اليهودية المتخصّصة في تعقّب رافضين هيمنة المافيا الاحتكارية اليهودية على المقدرات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة بصورة رئيسة، وفي عدد من البلدان الغربية الأخرى أيضاً حصول تنامي قياسي لعدد «التغريدات المعادية للسامية» على موقع «تويتير» خلال الفترة الممتدة بين أب 2015 وتمّوز 2016. وأشار التقرير إلى أن 800 صحافياً على الأقل تلقّوا رسائل تحمل هذه التغريدات، وذلك استنكاراً من مرسلي تلك التغريدات على ما صدر عن هؤلاء الصحافيين اليهود أو المنصاعين لتوجيهات المافيا الاحتكارية اليهودية. وذكر التقرير أن الحملة الانتخابية لدونالد ترامب كانت من العوامل التي أدّت إلى تنامي «العداء للسامية».

والجدير ذكره أن موقع «تويتير» يتيح إصدار تغريدات من غير الكشف عن الهوية الحقيقية لمن ينشرها على الموقع.

هذا، وكان عدد من اليهود والمنصاعين للّوبي اليهودي قد أعربوا أكثر من مرّة عن قلق بالغ إزاء تنامي «العداء للسامية» بواسطة المواقع الاجتماعية، مع المطالبة باتخاذ إجراءات لردع هذه الظاهرة… بكلام آخر، فإن اليهود يتطلّعون حالياً إلى كمّ الأفواه ومنع التعبير بحرّية عن الآراء في المواقع الاجتماعية بحجّة «محاربة الكراهية والعداء للسامية».

ـ من المفارقات اللافتة التي أمكن تسجيلها في المناظرة التلفزيونية الثالثة والأخيرة بين المرشّحين الأساسيين للرئاسة الأميركية أن أحد ضيوف شرف المرشح الجمهوري دونالد ترامب كان مالك أوباما، الأخ غير الشقيق للرئيس الأميركي باراك أوباما، علماً أن الرئيس أوباما هذا مؤيد بقوة للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وهو موضع للانتقاد الشديد من جانب ترامب.

هناك ولا شك اعتبارات شخصية وخلافات عائلية جعلت ترامب يوجه الدعوة إلى مالك، وحملت هذا الأخير على تلبيتها بسرور، مع قول ترامب «إنّ مالك أوباما أفضل بكثير من باراك أوباما»، في حين أن مالك أوباما دعم بقوة ترشح ترامب.

على أن الأمر اللافت، أنّ مالك أوباما المذكور مؤيد بقوة أيضاًًُ للقضية الفلسطينية، وتحديداً لحركة حماس، وهناك صورة له برفقة عدد من الناشطين وهو يرتدي وشاحاً فلسطينياً مع شعارات «القدس لنا ـ إننا قادمون».

وقد أعادت صحيفة «إسرائيلية» نشر هذه الصورة، على أنه لم تقم ثائرة اليهود على الأمر، خلافاً للعادة في أميركا على مثل هذه «الفضائح»… وقد يمكن تلخيص هذا «الاعتدال اليهودي» للاعتبارات التالية:

ـ عدم الرغبة في إحراج الرئيس أوباما نفسه.

ـ عدم إثارة جدل حول القضية الفلسطينية أمام الرأي العام الأميركي، خصوصاً أنّ الرأي العام الشعبي الأميركي بات معادياً لكل ما هو يهودي على نحو متزايد في السنوات الأخيرة.

ـ الرغبة بعدم قطع «شعرة معاوية» بين اليهود وترامب، علماً أن الغالبية الساحقة من الفاعليات اليهودية تساهم بقوة وحماسة في الحملة الإعلامية الحالية ضدّ هذا الأخير.

وكان من الأمور اللافتة أيضاً أنه لم يصدر أيّ «توضيح» أو «اعتذار» من جانب ترامب بسبب توجيه هذه الدعوة على حدّ علمنا، وقد يعود السبب في ذلك أن ترامب اقتنع أخيراً بأنه لن يحصل على أيّ دعم يهوديّ مهمّ لحملته، وذلك رغم إطلاقه مواقف متطرّفة منحازة إلى «إسرائيل» من قبيل التعهد بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وما شابه.

بالمقابل، فإن ترامب لم يتراجع، بحسب علمنا، عن موقف لافت له تعهد فيه بالتزام الحياد الإيجابي في التوسط بالنزاع اليهودي ـ الفلسطيني، واليهود لا يغفرون له ذلك، ولو أنهم يفضّلون عدم التركيز على الأمر لأسباب عدّة من بينها تلك المستعرضة أعلاه.

في فرنسا

يتعرّض النائب الفرنسي جان فريديريك بواسون لحملة يهودية مركّزة، مع احتمال أن تتمخض هذه الحملة عن رفع دعاوى ضدّه بتهمة «معاداة السامية» و«العنصرية» وما شابه.

واللافت أن هذه الحملة لا تقتصر على اليهود بل تشمل كذلك عدداً من كبار المنضمين إلى تيار «الجمهوريون Les R publicains» الذي ينتمي إليه بواسون نفسه، مع العلم أن هذا الأخير مرشخ للاقتراع التمهيدي التي ينظّمه التيار المذكور لتحديد مرشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية. تجمّع «الجمهوريون» يمثل الاتجاه اليميني الليبرالي في السياسة الفرنسية، والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي نصف اليهودي من أبرز مؤسّسيه وأركانه .

أما الجريمة الكبرى التي اقترفها بواسون، فتتلخّص في أنه قال إن هيلاري كلينتون قريبة من كبار المتموّلين في «وول ستريت»، وأنها «خاضعة للوبيات الصهيونية «soumission aux lobbies sionistes»، جاء ذلك في سياق تعليق نشره النائب الفرنسي حول الانتخابات الرئاسية الأميركية أعرب فيه عن تفضيله ترامب على هيلاري للسبب المذكور أعلاه .

والمعروف أن مجرد تسمية الأمور بأسمائها ـ وتحديداً اعتماد عبارة «لوبي صهيوني» يُعتبر ممارسة «معادية للسامية» في فرنسا تعرّض صاحبها للملاحقة.

العالم العربي

أفادت معلومات صحافية في مصر أنه تم عقد لقاء بين الرئيس المصري السابق محمد مرسي ـ من جماعة الإخوان المسلمين ـ وممثل عن «الموساد» عشية استلام مرسي الرئاسة المصرية في 2012، حيث أكد مرسي أنه لا يعتبر «إسرائيل» بمثابة العدو لمصر. وقد عادت الصحف «الإسرائيلية» نشر الخبر مع تأكيد صحته، أو على الأقل عدم نشر أيّ تكذيب له… وتأتي هذه الأخبار لتؤكد على الطبيعة الاستراتيجية للعلاقة القائمة بين «إسرائيل» وعدد من الجماعات التي تدّعي الالتزام بأصول الديانة الإسلامية، وهي العلاقة التي تبرز بصورة خاصة في الحروب داخل الجمهورية العربية السورية حيث تتلقى الجماعات «الأصولية»، وعلى رأسها جماعة «النصرة» «فتح الشام» الآن ، دعماً ومساندة كاملة من جانب الكيان اليهودي.

إعداد: نديم عبده

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى