ألغازٌ لبنانية…؟

خليل إسماعيل رمَّال

يعرف العالم كله أنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية هي الأكثر ابتذالاً في تاريخ أميركا، فهيلاري كلينتون سياسية فاسدة ستُعيد عهد أوباما السيِّئ الذكر، ودونالد ترامب لا يعرف «كوعه من بوعه»، لكن عرف كيف يُحدِث هزات في النظام الأميركي ستبقى ارتجاجاتها مدوِّية. لكن لا شيء هناك يُشبه الكيان اللبناني بسبب الألغاز التي تستعصي على الفهم…

قلنا أكثر من مرة إنَّ لبنان غير قادر على حكم نفسه بنفسه، فهو وُلِدَ ميتاً، واستمرّ طيلة عقود على حافة الهاوية، ومن الشواهد ما رأيناه في موضوع التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي، ومع كلّ الملفات التي تصطدم بالعجز عن حلها..

النائب سعد الحريري انتظر سنتين ونيّفاً ثم عاد وأيّد ترشيح الجنرال عون، لكنه للأمانة كان فتح قنوات تواصل مع الرابية، لكن وزير خارجية السعودية السابق الراحل سعود الفيصل، قطع عليه الطريق.

ربَّما «احتاج» سعد الحريري لخسارة «سعودي أوجيه» وموت الفيصل حتى يتخذ هذا القرار! وهو رغم الكلام الإنشائي والمعسول الذي أطلقه من بيت «الوسط» حول حماية النَّاس لا المركز، سيتبوأ المركز وسيعود رئيساً للحكومة، وما ساعده على القرار هو العجز المقيم في العائلة الحاكمة التي تبدو بلا قرار وقد هدّتها الحروب الخاسرة وهدّدت عروشها.

طيلة فترة المماطلة، بذل الحريري ومعه سمير جعجع كلّ ما في وسعهما للتحريض على المقاومة، لكن المقاومة كانت وظلت داعمة لعون منذ البداية، ووفاؤها يجب أنْ يكتبه التاريخ بأحرف من ذهب. وعلى عون أنْ يقدِّر هذا الوفاء كلّ لحظة وهو في قصر بعبدا، وأن يحاذر الذين حرّضوا العونيين على المقاومة واتهموها بعدم الجدية بالسير بعون!

فارس سعيد العاطل عن العمل بعد فرط «الأمانة العامة» لقوى 14 الشهر، والذي هنّأ محمود عبَّاس على «أخلاقه»، بحضور جنازة السفَّاح بيريز، أصدر فرماناً قال فيه إنَّ الحريري وجعجع استسلما لحزب الله! ما هذا الاكتشاف الفظيع من ديناصور سياسي لا يملك ظهراً ولا غطاء من دون سعد. لكن المشكلة ليست عند فارس سعيد بل عند الإعلامي نديم قطيش الذي كان «يوضاس» مزروعاً في تلفزيون «المستقبل» للتصويب على عون والحزب. وماذا عن حسن صبرا يا تُرى الذي سبّ وشتم بعون ببذاءة قلّ نظيرها في الإعلام المعاصر؟

لا عَجَب بعد ذلك أنْ تنشط وسائل التواصل الإعلامي لتُبرِز المفارقات الأخيرة التي هي غريبة الأطوار حتى بالمقاييس اللبنانية! والمُستغْرَب انفجار الاحتقان وهذه الفورة والحماسة المتَّقدة بهذا الشكل لدى الجميع، من مؤيدين ومعارضين، والتي كانت كامنة ولم تظهر وقت التظاهرات من أجل قوت النَّاس وسلسلة الرتب والرواتب للمعلمين والعمال والموظفين.

قد يفهم المرء موقف الرئيس بري حيال تصرف الحريري الصفقوي، لكن ما هي مشكلة فؤاد السنيورة وتأزُّمه ومما هو خائف…؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى