جنبلاط يقرّر توزيع أصواته بالتفاهم مع بري وحزب الله… والنسب لاحقاً قانصو يلتقي قاسم: لجبهة موحّدة وتفاهمات تطال الحكومة وقانون الانتخاب

كتب المحرّر السياسي

كشفت مصادر دبلوماسية عربية مطلعة لـ «البناء» عن وجود متابعة وإحاطة على المستوى الدولي للاستحقاق الرئاسي في لبنان، يتجسّدان بتحوّل الانتخابات الرئاسية إلى بند من بنود التشاور الدبلوماسي الذي يجري عادة على مستويات مختلفة بين الدول، وقالت إنّ هذا يطال سفراء ومبعوثي ومسؤولي الدول الكبرى على شكل تبادل معلومات واستطلاع للآراء، لكن المحوري يبقى في عنوان المتابعة محاولة استكشاف ما إذا كان هذا التقارب اللبناني، بين فريقين لبنانيين متخاصمين هما حزب الله وتيار المستقبل حول خيار رئاسي واحد هو العماد ميشال عون، وكلّ من الفريقين يمثل حليفاً رئيسياً لكلّ من السعودية وإيران، يمكن عبره اختبار فرص مشابهة في اليمن وسورية، لتفاهمات غير مباشرة بين الرياض وطهران تخفض منسوب التوتر الإقليمي في ظلّ المصاعب والتعقيدات التي تعترض فرص التفاهم المباشر بين الدولتين المنخرطتين في صراع مرير وشامل في ساحات الصراع في المنطقة كلّها.

بينما يحضر الملف اللبناني على مستوى الاستكشاف والاختبار، يبقى ما يجري في سورية واليمن تحت الضوء، حيث تتواصل المعارك ويثبت الجيش السوري وحلفاؤه، كما يثبت الجيش اليمني واللجان الشعبية، أنّ اليد العليا في الميادين العسكرية هي لهم بينما تنشط مساعي التهدئة، عبر محاولات تفاهم وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، وما أعلن من موسكو عن اتفاقهما على تزخيم عمل الخبراء في جنيف، بهدف التقدّم في ملف الفصل بين جبهة النصرة والجماعات المسلحة، بينما كان المبعوث الأممي في اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد يزور صنعاء وسط أجواء تفاؤلية لفريقه بأنّ الورقة السياسية الأمنية التي قدّمها ستشكل هذه المرة فرصة جدية لإحداث اختراق في جدار المفاوضات المجمّدة منذ شهور.

لبنانياً، مع اقتراب الساعة الصفر المنتظرة الاثنين المقبل، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بات محسوماً أنه العماد ميشال عون، تسارع القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب لحسم خياراتها، خصوصاً تلك التي تربطها علاقات تحالفية مع كلّ من المرشحين، وعلاقات وطيدة بصاحبَي الخيارين المختلفين في التصويت الرئاسي بين المرشحين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، حيث يبدو رئيس المجلس النيابي نبيه بري ماضياً بخيار التصويت للنائب سليمان فرنجية، بينما معلوم أنّ حزب الله يسعى لتوسيع دائرة التصويت لحساب العماد عون، وفي هذا السياق ينتظر هؤلاء عودة الرئيس بري لاستكشاف الفرصة الأخيرة، التي تبدو صعبة المنال، لتوحيد خيار التصويت الرئاسي بين الحلفاء حول العماد عون تمهيداً لإقلاع أشدّ سلاسة للعهد الجديد، وكذلك لحسم الخيارات التي سيسلكها هؤلاء الحلفاء يوم الانتخاب، وفي طليعتهم النائب وليد جنبلاط الذي بدا اتجاهه لتوزيع التصويت بين المرشحين عون وفرنجية، من دون أن يحسم النسب التي سيعتمدها لهذا التوزيع بانتظار عودة بري، بينما يستعدّ الحزب السوري القومي الاجتماعي لحسم قراره، بعدما قام بتجميع المعطيات والتشاور مع الحلفاء. وفي هذا السياق التقى رئيس الحزب علي قانصو بنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم داعياً بعد اللقاء إلى جبهة موحّدة وتفاهمات تطال الحكومة وقانون الانتخابات النيابية.

«الاشتراكيون» لعون والحرية للكتلة…

خمسة أيام فقط ويطوي لبنان مرحلة قاسية من الفراغ الرئاسي دامت قرابة العامين ونصف العام أنهكت المؤسسات والإدارات والقوى السياسية والشعب بكامل فئاته وأطيافه، وأصابت المؤسسات الدستورية الرئيسية بداء الشلل، ووفقاً لما بات محسوماً فإن جلسة الانتخابات المقررة في 31 تشرين الأول المقبل ستتوّج العماد ميشال عون رئيساً في قصر بعبدا، إذا لم يؤخذ بالحسبان حدوث مفاجآت تغيّر المسار في ربع الساعة الأخير، لكن ما لم يُحسَم حتى الآن هو إن كان عون سيحظى بإجماع المجلس النيابي أم بالأكثرية فقط، بانتظار المساعي على خط عين التينة الرابية والموقف النهائي لكتلة اللقاء الديمقراطي التي ستجتمع خلال اليومين المقبلين.

ولهذه الغاية ترأس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أمس، اجتماعاً لنواب حزبه خصص للتباحث بالاستحقاق الرئاسي، وبحسب المصادر المتوفرة، فإن الحزب ناقش ودرس كل الخيارات المطروحة والمتاحة وسيتخذ القرار النهائي في غضون أيام بعد لقاءين بين العماد عون والنائب جنبلاط وبين الأخير والحريري، وعلى ضوء الاجتماعين يتقرّر الموقف. ورجحت المصادر أن يصوّت نواب الحزب الاشتراكي لصالح عون فيما يترك الخيار لأعضاء الكتلة.

ورأى جنبلاط، في تصريح على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، أنه «أياً كانت الاعتراضات فإن التضحية والتسوية من أجل المستقبل أهم من كل شيء». وأرفق التصريح بصورة لحرج صغير مليء بالأشجار الخضراء.

وكان جنبلاط قد نشر قبل هذا التصريح عبارة «أنا وأوسكار نقول لكِ تصبحين على خير جميلتي تاتيانا، قبلاتنا». ولم يُعرَف مَن هي المدعوّة تاتيانا أو ماذا قصد جنبلاط، قبل أن يقوم بحذف تصريحه.

وكان قد نشر أيضاً على حسابه على تويتر صورة للطبيعة وعلّق قائلاً: «الطبيعة جميلة، لكن لا بدّ من المطر والثلوج، والأمور هادئة».

وفي ظل الغموض الذي يسم الموقف السعودي إزاء التطورات الرئاسية وتصعيد المملكة ضد حزب الله في الأيام القليلة الماضية، أفادت مصادر أن الرئيس الحريري التقى ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان وخرج مرتاحاً حيال الموقف السعودي تجاه التطورات في لبنان.

بري: إلى «الجهاد الأكبر»…

وبانتظار عودة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى بيروت السبت المقبل تنشط الاتصالات لمحاولة إيجاد مخرج توافقي للجلسة المقبلة وتوفير الإجماع على انتخاب عون، إلا أن لا جديد حتى الآن يغيّر من موقف بري حيال انتخاب عون. ومن جنيف أكد بري «أننا على بعد خطوات من انتخاب رئيس للجمهورية في 31 الشهر الحالي، آملين أن تتحقق هذه الخطوة لأنّ لبنان بحاجة ماسّة اليها من دون الدخول في الحساسيات التي عوّدتنا دائماً أن نؤخر أمورنا لدرجة أننا أصبحنا منذ أكثر من سنتين ونصف من دون رئيس للجمهورية»، وتابع: «طبعاً هذا الأمر وحده ضروري، ولكنه غير كافٍ، لأن بعده هناك «الجهاد الأكبر» المتعلّق بالاستحقاقات اللبنانية، خصوصاً ما يتعلق بقانون انتخاب يقوم على العدالة بالنسبة للمرأة، وفي الوقت عينه يكون قائماً على النسبية لنصل الى مستوى حضاري معيّن».

قانصو: للتفاهم حول المرحلة المقبلة

وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو أهمية أن ننجز الاستحقاق الرئاسي، وأن نولّد مجتمعين كقوى سياسية أوسع التفاف وتفاهمات حول المرحلة المقبلة، وتحديداً في ما يعني الحكومة، وفي ما يعني قانون الانتخابات النيابية.

وأضاف قانصو خلال لقائه ووفداً من قيادة «القومي» نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: «لا شك في أنّ المرحلة المقبلة على لبنان هي مرحلة على درجة كبيرة من الدقة والحساسية مما يقتضي تظافر كلّ الجهود وقيام جبهة واحدة تؤدّي دوراً يخدم مصلحة لبنان ويعزز الأمن والاستقرار».

العودة للحوار أحد المخارج

وتحدّثت مصادر في التيار الوطني الحر لـ «البناء» عن «محاولات تجري من حزب الله والقوى الحليفة عن إيجاد طرح يشكل مخرجاً للوصول الى إجماع فريق 8 آذار على انتخاب عون لا سيما الرئيس بري والوزير سليمان فرنجية»، موضحة أن «العودة الى طاولة الحوار أحد المخارج، لكنه ليس الوحيد بل يجري البحث عن مخارج أخرى كالاتفاق على بعض العناوين السياسية الأساسية التي تؤدّي الى تبريد الأجواء والتحفظات التي رافقت الوفاق حول انتخاب عون وتوسيع قاعدة التوافق الميثاقية في الرئاسة والحكومة».

ولم ترَ المصادر «أيّ مانع لدى العماد عون للقاء جديد مع الرئيس بري بعد عودته لتبديد الهواجس، لكن بري أبلغ عون خلال لقائهما الأخير بأن لا مشكلة معه بل المشكلة مع الرئيس سعد الحريري».

ورفضت المصادر التعليق على ما قاله الوزير فرنجية خلال مقابلته أمس الأول، لكنها «لم تستبعد حدوث تقدّم إيجابي على صعيد العلاقة بين الرابية وبنشعي إنْ من خلال لقاء ثنائي بين عون وفرنجية أم عبر وسطاء»، موضحة أنّ عون «يقدّر موقف فرنجية وظروفه وهو منفتح على الجميع ولا يغلق الأبواب في وجه أحد». وأكدت المصادر حصول لقاء قريب بين عون وجنبلاط، مرجّحة أن يصوّت نواب الاشتراكي الى عون.

وأكد تكتل التغيير والإصلاح عقب اجتماعه الاسبوعي، أنّ «أيّ كلام عن تأجيل الجلسة الرئاسية أصبح وراءنا بدليل تأكيد مختلف الأطراف حضور الجلسة وعدم مقاطعتها».

ولفت الى أنّ «التكتل يسعى الى استكمال التفاهمات للوصول الى إجماع وطني حول الرئيس العتيد»، معتبراً أنّ «ما نشهده من مبادرات داخلية ألغى الحدود الفاصلة بين 14 و8 آذار وضيّق هامش التدخلات الخارجية لمصلحة لبننة الاستحقاق الرئاسي».

وفي غضون ذلك سُجّلت زيارة للسفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد الى قصر بسترس، حيث التقت وزير الخارجية جبران باسيل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى