الحاج حسن: لمواكبة المرحلة السياسية الجديدة بسياسة اقتصادية واضحة تساعد على تخطّي الصعوبات

افتتح وزير الصناعة حسين الحاج حسن ممثلاً رئيس الحكومة تمام سلام، «المنتدى الثاني عشر للتكنولوجيا والإبداع» الصناعي في قصر الأونيسكو، وهو من تنظيم برنامج إنجازات البحوث الصناعية اللبنانية «ليرا»، وبالتعاون بين وزارة الصناعة ومصرف لبنان والمجلس الوطني للبحوث العلمية وجمعية الصناعيين اللبنانيين ونقابة المهندسين في بيروت.

بداية، قدم المنسق العام لبرنامج «ليرا» سعيد حمادة عرضاً موجزاً عن المشاريع المشاركة واختصاصاتها، مشيراً إلى أنّ «عددها 51 مشروعاً، ضمت 10 جامعات لبنانية، وشارك في تنفيذها مجموعة من الصناعيين قدموا أيضاً مساهمات مالية».

وأشار رئيس اللجنة الإدارية لبرنامج «ليرا» ماهر صقال من جهته، إلى أنّ «الصناعة في أي نشاط اقتصادي، عمادها المنتج الصناعي، والمنتج يحتاج لنجاحه عنصرين أساسيين هما المواصفات الفنية والجودة، والسعر. وكل مصنع مهما كانت نوعية إنتاجه، يواجه التحدي ذاته والمتمثل بأفضل مواصفات مع أعلى جودة لمنتجه بأقل كلفة، وبالتالي بأفضل سعر للمستهلك. كذلك فإنّ لكلّ منتج صناعي ما نسميه عمراً افتراضياً، يجب بعده على الصناعي إما الانتقال إلى مواصفات أعلى وإما إحلال منتج آخر مكانه ليكون مادة الإنتاج الجديدة».

ورصد اتجاهات كثيرة للرؤية المستقبلية للبرنامج، منها: «تطوير البرنامج من خلال وجود خلية أو ناد له في كل جامعة، إمكان إيجاد وظيفة إضافية ثانوية له وهي مساعدة الطلاب في التواصل مع الصناعيين لايجاد فرص عمل، تطوير البرنامج وتحويله الى مؤسسة مستقلة بما يفتح الباب أمام الدعم الخارجي المباشر لهذه المؤسسة».

أما الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة، فرأى

أنه «لم يعد ممكناً أن يبقى لبنان خارج تأثير التوجه العالمي إلى مجتمع المعرفة الذي جعل المنافسة عنواناً رئيسياً للعلاقات الاقتصادية العالمية، ما يضعنا أمام تحديات جدية لا بد من مواجهتها، كما يوفر في نفس الوقت طيفاً واسعاً من الفرص الحقيقية التي لا بد من الإمساك بها بالارتكاز على ميزة لبنان التنافسية الأولى المتمثلة بقدراته البشرية عالية الاختصاص والكفاءة والمبادرة والإبداع. في هذه الأجواء لا بد من التركيز على أهمية المبادرات العلمية المبنية على رؤية واضحة وإبعاد تطبيقية ، والتي تتصف بالمصداقية من خلال الالتزام الواضح بشرعة المبادىء الأخلاقية في البحوث العلمية في لبنان والتي اطلقت بالتعاون مع 19 جامعة ومؤسسة بحثية خلال الصيف الماضي.

وأشار رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل إلى «ازدياد أهمية البحوث العلمية»، مشدداً على «ضرورة تطوير الابحاث التطبيقية»، لافتاً إلى «أنّ الصناعة اللبنانية تولي أهمية كبرى للبحث والتطوير، رغم الصعوبات والعوائق التي تواجهها وذلك انطلاقاً من حاجاتها التي تحتم عليها التركيز على هذا الأمر لتكتسب ميزة وقدرة تنافسيتين».

أضاف: «إنّ البحوث للتطوير مهما تفاوتت مستوياتها، يلزمها تمويل ودعم، لذلك ندعو المعنيين إلى إيلاء موضوع تمويل الأبحاث العلمية الصناعية الاهتمام والدعم الكافيين، على غرار التعميم رقم 331 الذي أصدره مصرف لبنان لدعم اقتصاد المعرفة، كما نأمل أن تتضمن الموازنات العامة مستقبلاً اعتمادات مهمة للابحاث والتطوير، فالابحاث الصناعية هي جوهر اقتصاد المعرفة».

وأكد نقيب المهندسين في بيروت خالد شهاب أن النقابة «تسعى إلى المشاركة في النشاطات التي من شأنها أن تطور الواقع الاقتصادي والإنمائي والأكاديمي، ونحن نتلقف كل عمل جيد وجدير بالتعامل المسؤول بغية تأطير الطاقات وتذخير القدرات وتطويرها وتنميتها بشكل أكثر لياقة». وقال: «سنذهب إلى النهاية في عملنا ولن نتوقف لأي سبب لأنه بات ملحاً علينا أن ننطلق في قطار الإنتاج الحقيقي، فالهندسة ليست فقط بناء بل هي الإبداع الجديد وإنتاج حركة ديناميكية في توفير الحاجات الأكثر إلحاحاً استناداً إلى المعرفة والفهم العميق لمبادىء الإبداع».

ولفت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أنّ لبنان «يملك طاقات بشرية مبدعة وقطاعات اقتصادية متينة نسعى دائماً إلى دعمها وتطويرها، منها قطاعات الصناعة والتكنولوجيا التي تلعب دوراً أساسياً وريادياً في الاقتصاد اللبناني. فالمصارف المركزية في العالم، وخصوصاً بعد الأزمات التي مرت بها منذ العام 2008، قد غيرت طبيعة أعمالها لتكون في خدمة الاقتصاد وليس في خدمة استقرار الأسعار فحسب. ومصرف لبنان يواصل العمل في هذا الاتجاه، فخلال الأعوام الماضية قمنا بإطلاق مبادرات مهمة لتفعيل الطلب الداخلي، بينما كان الطلب الخارجي يشهد تراجعاً، وبينما كان اللبنانيون في الخارج يواجهون صعوبات».

أضاف: «من أهم القروض المدعومة من مصرف لبنان والتي يستفيد منها الصناعيون القروض المتوسطة والطويلة الأجل للقطاعات الإنتاجية والتكنولوجية وتلك الممنوحة بكفالة من شركة كفالات، القروض الممنوحة لتمويل مشاريع جديدة أو توسيع مشاريع قائمة أو تمويل الرأسمال التشغيلي، القروض لرواد الأعمال والمبادرين وتلك الممنوحة لأغراض الأبحاث والتطوير. كما تحتل مواضيع البيئة والطاقة البديلة حيزاً هاماً من مبادرات مصرف لبنان حيث تمّ إطلاق مبادرة مشتركة مع البنك الدولي ووزارة البيئة للحد من التلوث الصناعي في لبنان. وبما أننا نعتبر أنّ اقتصاد المعرفة هو قطاع واعد في لبنان، قمنا بتوسيع إمكانية استثمار المصارف في اقتصاد المعرفة من 3 في المئة إلى 4 في المئة من أموالها الخاصة. وبينما تتجه المصارف عالمياً وتحت وطأة الأنظمة المصرفية الدولية الحديثة إلى تقليص ميزانياتها بعد أن باتت عاجزة عن زيادة رساميلها لتلبية المتطلبات المصرفية الجديدة، صارت مصارفنا في وضع يتيح لها تلبية المتطلبات العالمية للرسملة مع المحافظة على قدرتها في تسليف الاقتصاد، وذلك بفضل الهندسة المالية الأخيرة التي قمنا بها».

وتابع: «السيولة المتوافرة حالياً سيتم توجيهها نحو تسليف القطاع الخاص وبالتالي تبقى مصارفنا قادرة على تأدية دور مهم في إنماء القطاعات الاقتصادية الحيوية. طبعا النتائج لا تظهر على الفور، وسنعمل مع المصارف لتعزيز دعمنا للقطاعات الواعدة عبر القروض المدعومة من مصرف لبنان. ان التوجه الحالي لمصرف لبنان هو نحو تشجيع التسليف بالليرة اللبنانية، وهو ما تفعله المصارف التي باتت تمنح قروضاً بالليرة أكثر من الدولار، مما يمنحنا مرونة أكبر للتوسع بسياساتنا النقدية، ولتقليل المخاطر على لبنان حين يكون التسليف بعملة نصدرها نحن لا بعملة نضطر إلى استيرادها، فالعملة الوطنية، الليرة اللبنانية، لا تزال حائزة على ثقة الأسواق وخصوصا أن إمكانات الدفاع عن سعر النقد الوطني تعزّزت، إذ بلغ الاحتياطي بالعملات الأجنبية الذي يملكه المصرف المركزي مستويات قياسية هي الأعلى تاريخياً».

وأكد أنّ «المصرف المركزي سيبقى داعماً للاستقرار الاقتصادي».

وقال وزير الصناعة حسين الحاج حسن: «أود أن أوصي الشركاء بأهمية العمل على مأسسة البرنامج كما هو حاصل في العديد من دول العالم. إذ إنّ أهم وظيفة ودور لمؤسسة مماثلة هو إيجاد حل مؤسسي وتمويلي وصناعي وانتاجي لها فتقوم ببلورة وإعطاء قيمة علمية للأبحاث العلمية. في لبنان نبع من العقول لن ينضب، ولكن مشكلته في التصريف. فلا نفع للبحث العلمي ولا جدوى اقتصادية منه إذا لم يتحول الى مشروع اقتصادي وانتاجي يستفيد منه الصناعي والمستثمر. يجب أن يتحول البحث العلمي إذا إلى قيمة اقتصادية، وأحد المداخل لتحقيق هذا الهدف هو تحويل برنامج ليرا إلى مؤسسة تتمتع بمرونة وشفافية وتتعاطى مع المشاريع البحثية العلمية المقدمة من الطلاب بكل مسؤولية، وتتيح المجال أمام المبتكرين اللبنانيين في الخارج أن يعرضوا مشاريعهم البحثية في المعرض المرافق لمنتدى البرنامج. ويتحول المنتدى والمعرض إلى فسحة يلتقي فيها الباحث والصناعي ويكون جامعهما المشروع العلمي المبتكر لتحويله إلى حاجة صناعية وإنتاجية».

أضاف: «نحن على أبواب مرحلة سياسية جديدة أدعو إلى مواكبتها بوضع سياسة اقتصادية واضحة وتساعد على تخطي الصعوبات القائمة، تبدأ بتخفيض نسب البطالة عن طريق ايجاد فرص عمل وتنشيط القطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية وتخفيض الواردات وزيادة الصادرات وفتح الاسواق الخارجية امام المنتجات اللبنانية وتنشيط السياحة والخدمات. قاطرة الاقتصاد في العالم هي الصناعة، لقد دفعنا ثمن سياسات اقتصادية خاطئة في الماضي، ومن اولى اولويات العهد المقبل تصحيح الأمور بسرعة ومسؤولية لأن الوقت ليس لمصلحتنا، والامل كبير والارادة على تصحيح الأوضاع لن تكل ولن تمل».

ثم جرى تكريم حاكم مصرف لبنان بتسليمه درع البرنامج، وجال الحضور في أرجاء معرض أقيم على هامش المنتدى، ويتضمن مجموعة كبيرة من نماذج للصناعات اللبنانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى