الخبر الثقافي

أمسية شعرية لشعراء من ثلاثة أجيال أحياها الدكتور جابر سلمان وبديع صقور وريم معروف في المركز الثقافي في أبو رمانة، دمشق، وحفلت بقصائد وطنية تعكس آلام المشاركين حيال الأزمة التي أثقلت الشعب السوري طوال سنوات ثلاث، فضلاً عن قصائد وجدانية.

ألقى الشاعر الدكتور جابر سلمان قصيدة «وطن الخلود» معتبراً فيها عن حبه لسورية وعن صمود الشعب السوري لما يتعرض له من مؤامرات، معتبراً أن الوطن متماسك وقائم على مبادئ تاريخية… أسلوب شعري ارتكز على بحور الخليل وتفعيلات مجزوء الكامل الذي توافق مع حرف الروي الباء والعاطفة المتدفقة يقول:

«وطني أبي وإليه انتسب/ ودمشق أمي والهوى حلب

سحر الطبيعة في مرابعه / والعزة القعساء والقصب

والجدول الرقراق منسدل / يوحي إليك الشعر أو يهب»

كما ألقى سلمان قصيدة غزلية عنوانها «فاتنة» على مجزوء الكامل مع اختلاف حرف الروي بسبب اختلاف الموضوع، فحرف الحاء يتلاءم مع الغزل والطبيعة والكون، قائلاً:

«الحسن يرقص في أعطافها مرحـا / والنور يمتح من أهدابها فرحا

تزيل كل هموم الأرض إن نظرت / وهي التي كل هم عندها انشرحا»

وقدمت الشاعرة والإعلامية ريم معروف تلت قصيدة «يا موطني» وفيها أن الوطن أسمى وأغلى من كل شيء، فوشت تعابيرها بالفراشات والأغاني ورشت عليها من عبير الطفولة، محاولة أن تكمل بنيان القصيدة على أساس العاطفة والحب والانتماء: «يا موطني… ما عدت أخشى الموت… خذني بين جفني ضفتين فراشة أو أغنية لي صرخة ردة صداها غيمة… شتت على قبر الطفولة أدمعاً… ودماً على قبر لأم غافية». إلى قصيدة «مساويك العشق» محاولة أن تجمع فيها بين الحب والفلسفة بأسلوب هادئ قريب من الصوفية والالتزام بالعاطفة والموسيقى: «قالوا… تصلي في القصيد طقوسها… قلت القصيدة في الصلا محرابي… لي عالم بدم التراب دفنته ورضيت نقد الصــد والأصحاب».

إلى قصيدة الشاعر بديع صقور «أبانا الذي على قيد غياب» في أسلوب نثري يرتقي إلى مستوى الشعر ويحمل المأساة التي يعيشها السوريون بأبعادها فعوضاً عوض عن الموسيقى يعتمد الدلالات العفوية والرموز التي ساهمت في تكوين النسيج الشعري وارتقاء الصور، قائلاً: «أبانا الذي في الطين… لنا بيت على شكل تابوت… ولهم بين على شكل قبر… لنا سماء على شاكلة امرأة تغازل نجماً… ولهم كهف على شاكلة سيف»، رافضاً في قصيدته الثانية «على هزيع موت أقص عليك» أشكال الحرب والموت، فالشعب السوري هو عنوان الحضارة وعنوان المحبة وجمال التاريخ: «في هزيع الحرب الأخيرة… رأيت على ثغر الصباح… ما يشبه ابتسامة يابسة… رأيت حقولاً من قبور… وأمهات يحملن أعواد آس… رأيت ضفافاً تحترق… ناراً تطال كل الأجنحة».

إن القصائد التي قدمها الشعراء الثلاثة مختلفة الأساليب لتشكل لوحة فنية قوامها شعر الشطرين والتفعيلة والنثر، إلا أنها تلتقي عند محور الألم والأمل، وغالباً تحلق في فضاء الشعر لتخوض تعب المسافات وتصل إلى حب الوطن.

«تدمر حكاية الشمس» معرضاً لابراهيم دندل

التراث التدمري بشخوصه وتفاصيله كان حاضراً بقوة في معرض «تدمر حكاية الشمس» للفنان التشكيلي إبراهيم دندل الذي أقامه اتحاد الفنانين التشكيليين في صالة الشعب في دمشق.

وعبر أكثر من ثلاثين لوحة في معرض الدندل، معظمها بأساليب الحفر على الخشب والمعدن، قدم قراءات تاريخية تدمرية وما تركه الفنان التدمري في النحت والزخرفة معتمداً على الألوان البيضاء والسوداء، مكثفاً الرموز والعناصر، فضلاً عن التأليف الشكلي والبانورامي عبر استخدام الأكريليك.

توفيق الإمام، معاون وزير الثقافة، قال خلال افتتاح المعرض إن هذه الفعالية جزء من النشاطات التي تدعمها الوزارة، معتبراً أن المعرض رسالة للآخرين بأن سورية صامدة وولاّدة ولديها الكثير من المواهب من خلال أبنائها الذين يجسدون صمودها وتاريخها الثقافي، مشيراً إلى دعم الوزارة ومتابعتها للفنانين التشكيليين المشاركين في المعارض الخارجية الذين حققوا حضوراً وجوائز. وأضاف معاون وزير الثقافة أن الفنان دندل قدم الكثير من اللوحات الجميلة التي تمثل البيئة التدمرية بعراقتها وبعدها الحضاري والثقافي والاجتماعي، فجاءت متنوعة صنعت على المعدن والخشب وبريشة الفنان.

الدكتور إحسان العر، رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين، رأى أن أهم ما يميز الأعمال في المعرض العفوية التي عبر عنها الفنان، إذ لم يدرس الفن أكاديمياً وتجربته في الفن عمرها خمس سنوات، في حين أن أسلوب الحفر والطباعة قلما يستخدمه الهواة، لافتاً إلى أن تجربة دندل جديرة بالاحترام إذ عمل على استقطاب المفردات الموجودة بالحياة التدمرية من خلال الأشياء والأشكال وصوغها ضمن تكوينات بطريقة جيدة جداً، إلى حد ما كما أن استخدامه الرمز بكثافة في اللوحات يتيح للمتلقي فهمها برؤى مختلفة، وهذا يغني العمل الفني. وبيّن الفنان دندل أنه استخدم تقانات يدوية للمجيء برموز تصور حياة سيدات تدمريات ومعتقدات الإنسان في هذه المنطقة وعلاقته فيها وموضوع أنسنة للمكان، كما أنها تعكس حالات أسطورية أسقطت فيها حالات متعددة، مستخدماً أسلوب الحفر الغرافيك أساساً لها وتوظيف عوالم الميثولوجيا والتاريخ في اللوحة التشكيلية.

الفنان ابراهيم دندل من مواليد تدمر عام 1973، تابع الفن في دراسة خاصة وشارك مع مجموعة من الفنانين في لوحة الأطفال التي نفذت في تدمر عام 2008 تحت عنوان «تدمر في عيون أطفالها» كما نفذ أطول لوحة في العالم مع الفنان أيمن درويش عام 2009 وبلغ طولها 250 متراً، وشارك في الملتقى الدولي عام 2010 في تدمر ولديه عدد من المقتنيات في وزارة الثقافة ولدى جهات خاصة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى