قرار أممي بتعويض البقعة النفطية للبنان عن 2006 والعين على 2016

كتب المحرر السياسي

لبنان يكسب ولبنان يخسر ولبنان يقلق ولبنان ينتظر، كلها حقائق، فلبنان ربح قراراً أممياً لتعويضه من «إسرائيل» قرابة المليار دولار لمسؤوليتها عن التسبّب بالبقعة النفطية في مياهه الإقليمية عام 2006، بينما لبنان يرتبك ويتساءل عن الصلة بين المماطلة والتسويف في بدء استثمار ثرواته النفطية، وبين تركه ينتظر هبوط الأسعار العالمية للنفط والغاز، ليخسر عندما لا يجد شركة مستعدة للاستثمار في التنقيب بلا شروط قاسية بعدما صار سعر المبيع يعادل كلفة الاستخراج للسنوات الخمسة الأولى، وبعدما كان ممكناً أن يحصل لبنان على مليارات الدولارات ثمناً لمنح الامتياز للشركة الفائزة بالتنقيب والاستثمار، صار لزوماً عليه أن يساهم ولو بنسبة 25 في المئة بكلفة المرحلة الأولى، التي تقدر أيضاً بالمليارات، كما يقول الخبراء.

لبنان ينتظر عام 2016 الموعد المرتقب للبدء بالتنقيب والاستثمار إذا سارت الأمور هذه المرة خلافاً للمرات السابقة، لكن المشكلة أنّ لبنان في ملف النفط ككلّ الملفات، يعيش مزاجية واستنسابية، في زمن اللامألوف، حيث ملف العسكريين المخطوفين يحمل كلّ يوم جديداً، فقبل أن يجفّ حبر الحديث عن العودة إلى حصرية التفاوض بمدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أعلن النائب وليد جنبلاط عدم توقف الوزير وائل أبو فاعور عن دوره الموازي في الوساطات، والتفاوض، متوجهاً إلى «داعش» و«جبهة النصرة» بطلب عدم احتساب موقفه متطابقاً مع موقف الرئيس سعد الحريري.

لبنان القلق على عسكرييه وأمنه ورئاسته والحوار المرتقب بين تيار المستقبل وحزب الله، هو لبنان الذي ينتظر مفاجأة تحمل الخبر السعيد بتبلور المناخات الإقليمية لإنضاج طبخته الرئاسية التي لا تختلف كثيراً عن طبخة التفاوض حول مصير العسكريين المخطوفين لجهة التدخلات والتداخلات، وكثرة الطباخين.

لبنان ينتظر الفرج، لكنه ينتظر وصول رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، الذي يبدو كما تفيد معلومات «البناء» من طهران أنه المكلف بملف رئاسة الجمهورية في لبنان، انطلاقاً من قراءة إيرانية تقول إن لا مصلحة بتظهير الدور المباشر لطهران في الشأن اللبناني، وطالما أنّ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري سيكون اللاعب المحوري في تظهير الخلاصات الرئاسية اللبنانية فليكن نظيره الإيراني اللاعب المقابل فتصير زياراته ولقاءاته خارج التأويل، كما يبدو أنّ الاختيار الروسي لنائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف جاء انطلاقاً من متابعته لملفي سورية والمنطقة، فتصير زياراته إلى لبنان مرتبطة بصورة مركبة بمهامه المتعددة، وليس على الطريقة الفرنسية الاستعراضية التي تنتمي إلى مدارس الهواة في إرسال مبعوث يقول علناً إنّ مهمته ملف الرئاسة اللبنانية.

وصول لاريجاني

وفي إطار الحراك الدولي والإقليمي اتجاه لبنان، يبدأ رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني زيارة رسمية إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل، آتياً من سورية. وفي جدول لاريجاني لقاءات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة تمام سلام، وعدد من القيادات السياسية، وفي مقدمهم حزب الله.

مواكبة المساعي الدولية لانتخاب رئيس

وتأتي هذه الزيارة، بحسب مصادر مطلعة، في إطار مواكبة المساعي الدولية الرامية للدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، وسيجدد المسؤول الإيراني دعم بلاده لاستقرار لبنان ودعم الجيش اللبناني. كما سيبحث في الوضعين السوري والفلسطيني.

وأشارت المصادر لـ«البناء» إلى «أن زيارة لاريجاني تأتي في سياق الحركة السياسية التي يقوم بها المسؤولون الإيرانيون اتجاه سائر دول المنطقة. وهي تشكل قفزة نوعية في السياسة الإيرانية تعكس الدور الإيراني ما بعد الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة والغرب بالتالي سنشهد الكثير من الزيارات والاتصالات سواء في لبنان أو في دول المنطقة».

وفي سياق الاهتمام الفرنسي المستجدّ بلبنان، وصل إلى بيروت مساء أمس رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرانسوا فيون، بدعوة من رئيس حزب «الحوار الوطني» المهندس فؤاد مخزومي.

ويجري فيون اليوم لقاءات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين وتركز على

«تعزيز الحوار بين مختلف المرجعيات الإسلامية والمسيحية، وتأكيد أهمية التنوع الديني والسياسي في لبنان».

وفي السياق، توقعت مصادر في «14 آذار» أن تثمر الاتصالات الدولية انتحاب رئيس للجمهورية خلال مهلة ثلاثة أشهر».

انعكاس التطورات العراقية على الاستحقاق

من ناحية أخرى، ربطت مصادر في «14 آذار» بين نتائج التطورات الأمنية في العراق والساحة اللبنانية لتستبعد انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور. وأشارت المصادر لـ»البناء» إلى «أن العمل على إنهاء ظاهرة «داعش» في العراق والذي ليس ببعيد، من شأنه أن يؤدي إلى هروب أعداد كبيرة من مسلحي التنظيم إلى سورية وتحديداً إلى شرق الفرات»، لافتة إلى «أن الحدود اللبنانية لن تكون بمنأى عن ضغط الجماعات الإرهابية». وشددت المصادر على «أن الأمن هو الاعتبار الأول لكل اللاعبين الإقليميين والدوليين، كما أن هذا الموضوع الهاجس الأول في الاهتمامات اللبنانية في المرحلة المقبلة ما يعني تجميد كل الاستحقاقات السياسية».

انزعاج «المستقبل»

على خط آخر، أشارت مصادر في «8 آذار» لـ»البناء» إلى «أن لقاء حزب الله تيار المستقبل بات قريباً جداً، لكنها لم تجزم بأن موعداً قد حدد»، لافتة إلى أن اللقاء سيعقد ما بين العيدين أو كحد أقصى في مطلع العام المقبل».

وتحدثت المصادر عن «انزعاج الفريق الآخر المستقبل من التسريب الذي حصل بأن الحوار سيستثني الملفات الخلافية من تدخل حزب الله في سورية، وسلاح المقاومة، والمحكمة الدولية»، وسأل الفريق المذكور عندما عاتب المعنيين بالحوار، «لماذا تم استباق الأمور ولم يتم الانتظار ليخرج هذا الأمر من جلسة الحوار بدل التسبب بإحراجنا أمام جمهورنا؟».

بري: المقايضة قائمة في المبدأ

أما على صعيد قضية العسكريين المخطوفين، فقد أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري لوفد من أهاليهم التقاه في عين التينة، أن موضوع المقايضة قائم في المبدأ، مشيراً إلى أنه ينسق مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. وطمأن الأهالي إلى أن الأمور في هذه القضية باتت أفضل.

وأشار الأهالي من جهتهم، إلى أن «رئيس المجلس أكد العمل على تعيين لجان أمنية في ملف أبنائنا وتمنى علينا أن تبقى جميع التفاصيل سرية». وقالوا: «الرئيس بري وعدنا خيراً وناشدناه التعاون مع جنبلاط في الملف، واللواء عباس إبراهيم هو من يتابع الموضوع».

ومساء، علق جنبلاط على رسالة تنظيم «داعش» أول من أمس بالقول: «عن موضوع الأسرى أقول لم ولن نتخلى عن دور الوساطة تحت مبدأ المقايضة في أية ظرف، ولست أفهم اتهام ممثل «داعش» حول فرنسا وغير فرنسا».

وأكد جنبلاط في تغريدات على «تويتر» أن «لا علاقة لنا بما يفعله أو يقوله الآخرون، وليس هذا الكلام للتجريح برئيس الحكومة السابق سعد الحريري أو رئيس حزب «القوات» سمير جعجع». ولفت إلى أن «وزير الصحة وائل أبو فاعور سيستمر بجهوده للتبادل على قاعدة المقايضة بعيداً من حسابات الآخرين «، متمنياً من «داعش» أن يقدر هذا الموقف».

وأكد جنبلاط «أننا نقوم بواجبنا ومن أجل العسكر المخطوفين بعيداً من حسابات الآخرين».

انتصار جديد للبنان على «إسرائيل»

على صعيد آخر، سجل لبنان انتصاراً جديداً على العدو «الإسرائيلي» يضاف إلى انتصار تموز العسكري عام 2006. فقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار «البقعة النفطية على الشواطئ اللبنانية»، الذي يطالب «إسرائيل» بتعويض لبنان 856.4 مليون دولار بعد قصفها محطة الجية للطاقة الكهربائية خلال العدوان الذي شنته على لبنان عام 2006.

وأشار المندوب الدائم للبنان لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام إلى أن «القرار يمهد الطريق للحصول على تعويضات إضافية عن الضرر اللاحق بقطاعات أخرى مثل الصحة والنظم البيئية كالموئل والتلوث المحتمل للمياه الجوفية بالإضافة إلى التنوع البحري ، التي لم تشملها القيمة المذكورة، ولكن تمت الإشارة إليها في تقارير المنظمات والمؤسسات الدولية المختلفة التي استند إليها الأمين العام في تقريره».

إلا أن موضوعاً حزيناً تزامن مع هذا القرار، وهو الإعلان عن وصول جثامين الضحايا اللبنانيين الـ20 الذين قضوا في حادثة الطائرة الجزائرية التي سقطت في مالي في 24 تموز الماضي، إلى بيروت في السابعة من مساء غد الأحد، وسيرافقها من فرنسا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والمدير العام للمغتربين هيثم جمعة والأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير. فيما أعلن رئيس الحكومة تمام سلام الحداد الوطني العام على الضحايا غداً الأحد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى